برلين ـ”القدس العربي”: تكثفت الجهود الدبلوماسية لنزع فتيل الأزمة على الحدود البولندية البيلاروسية، حيث استثمرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفوذهما لحل الجمود الذي خلف آلاف المهاجرين العالقين.
وغداة اتصاله مع المستشارة ميركل، قالت صحيفة فرانكفورتر بيلد شاو الثلاثاء أن الرئيس البيلاروسي بدأ يظهر استعداداً لحلّ أزمة اللاجئين على حدود بلاده مع بولندا. وذكر التليفزيون البيلاروسى الرسمي أن ميركل أجرت اتصالا هاتفيا نادرا مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو استمر حوالي 50 دقيقة، موضحا أن تركيزهما انصب على تهدئة الوضع والدعم الإنساني للمهاجرين.
يذكر أن هذه هي أول مرة تتحدث فيها ميركل مع لوكاشينكو منذ الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في بيلاروس في آب/أغسطس من العام الماضي.
وطبقا للصحيفة الألمانية لم يعد الاتحاد الأوروبي ينظر إلى لوكاشينكو باعتباره رئيسا لبيلاروس بعد الانتخابات الرئاسية التي اعتبرها التكتل مزيفة وبسبب السلوك العنيف لقوات الأمن البيلاروسية ضد متظاهرين سلميين، وقد فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على بيلاروس.
ويتهم الاتحاد الأوروبي لوكاشينكو بنقل أشخاص بطريقة منظمة من مناطق أزمات إلى الحدود الخارجية للاتحاد، وذلك بعد أن كان هدد في أيار/مايو الماضي بأنه سيتوقف عن منع المهاجرين من مواصلة رحلتهم من بلاده إلى بولندا ودول البلطيق، في طريقهم إلى حياة أفضل في “الغرب المريح”، كرد فعل منه على العقوبات الأوروبية المشددة على بلاده.
وكان وزير الخارجية هايكو ماس قد أعلن عن رفضه الواضح لإيواء بلاده لمهاجرين عالقين في بيلاروس. وفي أعقاب مشاورات مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي في بروكسل، قال ماس الاثنين:” سأدعو لإعادة الناس الموجودين هناك إلى أوطانهم” مشيرا إلى أن بالإمكان مشاهدة الناس يسافرون إلى بيلاروس بتذاكر طيران ” بينما غالبية هؤلاء الذين يحصلون على حق اللجوء السياسي لديهم طرق مختلفة يتعين عليهم سلوكها”.
وأعرب ماس عن اعتقاده بأن المهم إظهار أن الأمور لن تسير هكذا وأنه لا ينبغي استغلال الناس كأداة سياسية لحاكم بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو بالتضليل من خلال ادعاءات كاذبة وطالب بأن تكون هناك حملات توعية بهذا الخصوص في أوطان هؤلاء الناس.
وأبدى ماس رد فعل متحفظا فيما يتعلق بالتقارير التي تحدثت عن أن لوكاشينكو بعث بإشارة مفادها استعداده للتنازل في الخلاف الدائر حول المهاجرين، وقال :” نحن لا نرى تهدئة على الأرض بل موقفا يتردى فيه الوضع على نحو مأساوي ” ونتمنى أن يكون هناك تراجع في مينسك”.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين توقع مطلع الأسبوع أن يحدث اتصال بين ميركل ولوكاشينكو، كما أن المهاجرين يعلقون آمالا كبيرة على ألمانيا.
وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عدلوا في وقت سابق من اليوم العقوبات المفروضة على بيلاروس حتى يمكن استخدامها لمعاقبة تسهيل الهجرة غير الشرعية إلى التكتل.
وتعني الخطوة التي جاءت ردا على الأزمة الجارية عند الحدود البولندية البيلاروسية أنه يمكن إدراج الشركات من الآن فصاعدا على القائمة السوداء وبالتالي لا يمكنها القيام بأعمال مع شركات الاتحاد الأوروبي. وهذه الشركات هي على سبيل المثال خطوط الطيران التي تنقل الأشخاص الطامحين للحصول على اللجوء في الاتحاد الأوروبي.
يشار إلى أن وزير الداخلية البولندي ماريوز كامينسكي قال إن بلاده تخطط للبدء في بناء حاجز دائم على الحدود مع بيلاروس، وكتب كامينسكي على موقع تويتر إن البناء، بمجرد البدء فيه، سيتركز في البداية على 4 أقسام، حيث سيستمر البناء على مدار الساعة. وقد أقامت بولندا بالفعل سياجا مؤقتا بطول الحدود لمنع المهاجرين من الدخول بشكل غير قانوني إلى البلاد. وتمت إقامة السياج من أسلاك شائكة بارتفاع يبلغ 2.5 متر.
وتحدثت مصادر في قصر الإليزيه في باريس بعد ذلك عن الدور الذي يمكن أن تلعبه روسيا في تخفيف حدة النزاع الذي بدأ صيف العام الجاري وكذلك محنة المهاجرين.
وذكر الكرملين أن بوتين قال إنه يتعين على قادة دول الاتحاد الأوروبي مناقشة المشكلة مباشرة مع لوكاشينكو.
ويتهم الاتحاد الأوروبي لوكاشينكو بنقل أشخاص بطريقة منظمة من مناطق أزمات إلى الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وهو ما جعل بولندا وليتوانيا ولاتفيا تشدد تأمين الحدود ورغم ذلك فلا يزال الآلاف يتمكنون من الوصول إلى ألمانيا.
من جانبه قال لوكاشينكو أنه سيتوقف عن منع المهاجرين من مواصلة رحلتهم من بلاده صوب بولندا ودول البلطيق، في رد فعل منه على العقوبات الأوروبية المشددة على بلاده.
كان الاتحاد الأوروبي قد فرض عقوبات على بيلاروس بسبب ما وصفه بالتلاعب في نتائج انتخابات رئاسية العام الماضي لصالح لوكاشينكو وقمع المعارضة.