‘خفتت النار التي اشتعلت في بداية الاسبوع على حدود قطاع غزة حتى يوم الاربعاء. فقد بيّن الارتفاع الحاد بنسبة الخسائر قتيل فلسطيني ثم قتيل اسرائيلي ثم صغيرة فلسطينية قتيلة بيّن للطرفين أن الوضع قد يخرج عن السيطرة. كان يمكن أن تنتهي 2013 وهي اهدأ سنة مرت على اسرائيل وحماس في القطاع منذ أكثر من عشر سنوات، الى تدهور عام.
وهنا دخلت القاهرة الى الصورة. فقد نقل المصريون كما كانت الحال في حالات سابقة زاد فيها التوتر في السنة الماضية منذ كانت عملية ‘عمود السحاب’، نقلوا رسائل لا لبس فيها الى قيادة حماس في غزة أن عليها أن تكف النار. بل إن الجيش المصري نشر بلاغا زُعم فيه أنه أحبط عملية لرجل من حماس وهو فلسطيني من القطاع كان ينوي في ظاهر الامر أن يفجر سيارة مفخخة بالقرب من مقر قيادة قوات الامن المصرية في شمال سيناء.
ويبدو أن حماس فهمت الرسالة: لأنه اذا لم يكن يكفي أن تتهمها مصر بنقض التهدئة مع اسرائيل فانها تزعم ايضا أن المنظمة تشارك في الحملة الارهابية التي تقوم بها المنظمات الاسلامية في سيناء عليها. وقد صدت المنظمة بسبب الاملاء المصري عمل الفصائل الفلسطينية التي هي أصغر وواحدة منها مسؤولية عن عملية اطلاق النار التي قتل بها قناص المواطن الاسرائيلي صالح أبو لطيف على حدود القطاع في يوم الثلاثاء. وتراجعت حماس تحت ضغط المقصين الخشية من مواجهة عسكرية مع الجيش الاسرائيلي والخوف أكثر من ذلك من الجنرالات في القاهرة الذين أضر استقرار رأيهم على اغلاق الأنفاق في رفح باقتصاد القطاع ضررا بالغا.
في تشرين الثاني 2012 قُبيل عملية ‘عمود السحاب’ اخطأت قيادة المنظمة في قراءة النوايا الاسرائيلية. كان الفرض أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضعيف وخائف جدا ولهذا يمكن أن يُملى على الجيش الاسرائيلي قواعد لعب جديدة على حدود القطاع بواسطة نشاط هجومي على طول الجدار الامني. وردت اسرائيل بهجوم جوي دام اسبوعا قُتل في بدايته رئيس اركان حماس احمد الجعبري. لم تنته ‘عمود السحاب’ الى حسم عسكري، لكن يبدو أنها فرضت منذ ذلك الحين الحذر على قيادة غزة. وفي الايام التي سبقت المواجهة الاخيرة لاحظ الجيش الاسرائيلي ضعفا في فرض حماس للنظام في المنطقة الحدودية؛ وأُعيد الوضع الراهن الى ما كان عليه قُبيل نهاية الاسبوع.
وبين يدي ذلك ما زالت الضفة الغربية تشتعل وإن يكن ذلك فوق نار هادئة نسبيا. وقد اختُرق في هذا الاسبوع حاجز آخر حينما كُشف عن شحنة ناسفة وضعت في باص في بات يام. وتُسجل في كل بضعة ايام حادثة اطلاق نار على سيارات اسرائيلية في شوارع الضفة أو وقت تنفيذ الجيش الاسرائيلي عملية اعتقال في واحد من مخيمات اللاجئين. ويلاحظ في المعطيات التي نشرها ‘الشباك’ هذا الاسبوع زيادة عدد حالات الرشق بالزجاجات الحارقة وبالحجارة في الضفة وفي شرقي القدس، وهذه ايضا ظاهرة يحسن عدم الاستخفاف بها.
يوجد بين السجناء الامنيين الذين ستفرج عنهم حكومة نتنياهو في الاسبوع القادم باعتبار ذلك جزءا من المسيرة السياسية مع السلطة، يوجد منفذو عمليات نُقشت في الوعي الاسرائيلي برغم أن السلاح الذي استعملوه كان بسيطا نسبيا وهو زجاجة حارقة: قتلة عوفرا وطال موزيس بالقرب من قرية الحبلة في 1987، وقتلة راحيل فايس وأبنائها الثلاثة، والجندي دافيد داليروزا بعد سنة في باص بالقرب من أريحا. واستُعملت في الواقعة الثانية هذه زجاجات حارقة أثرت ايضا في نتائج المعركة الانتخابية في اسرائيل.
معضلة غزة
حاول وزير الدفاع موشيه يعلون أن يربط بين زيادة عدد الحوادث وتعجيل التفاوض مع الفلسطينيين الذي ليس يعلون من أنصاره. ونشك في أن يكون هذا هو السبب الوحيد. يُنبه رجال الاستخبارات وبحق الى أن الصدامات لم تصبح لها الى الآن صبغة شعبية واسعة لحوادث ومظاهرات كبيرة تجري في الوقت نفسه في عدد كبير من المدن والقرى كما في الانتفاضتين الاولى والثانية. إن الهبة التالية لا يجب أن تكون نسخة دقيقة عن سابقتيها، فالتاريخ كما كتب مارك توين لا يكرر نفسه لكنه يُقفي نفسه احيانا.
لم تكن المعضلة الغزية التي وضعت على باب القيادة الاسرائيلية في هذا الاسبوع شاذة أو معقدة بصورة مميزة، فقد قدر نتنياهو ويعلون مسبقا أنه سيكفي التأليف بين ضغط مصري وقصف اسرائيلي واستعمال لغة صارمة لاعادة الهدوء. وقد يصبح هذا نموذج المواجهة الاسرائيلية في السنوات القريبة، أعني إطفاءا دوريا لحرائق صغيرة في عدد كبير من الجبهات لا حرب واحدة كبيرة. لكن مواجهة خاطئة لحريق محلي يكمن فيها احتمال اشتعال واسع.
أصبحت هيئة القيادة العامة للجيش الاسرائيلي تصرف في السنوات الاخيرة زمنا أكبر للتباحث في علاج حزب الله وحماس على حساب الاشتغال بالتهديد العسكري السوري الذي كان يغلب على التباحث قبل عقد أو أكثر. ولا يشغلون أنفسهم الآن فقط بالمنظمات المؤسساتية (حماس في غزة هي بمثابة شبه دولة) بل بعشرات فصائل الجهاد المتطرفة التي تعمل بوحي من القاعدة بل بصلة وثيقة بالمنظمة احيانا.
حينما نسأل رجال الاستخبارات في اسرائيل ما الذي يقض مضاجعهم في السنة الاخيرة يكون الجواب المفاجيء في المكان الاول المنظمات الجهادية. اعتاد رئيس ‘أمان’ السابق اللواء (احتياط) عاموس يادلين أن يتحدث عن ‘الخمسة العليا’، وهي الأخطار الخمسة المركزية التي كانت تقلقه، وفي رأسها المشروع النووي الايراني وحماس، والقائمة اليوم أطول وهي في أكثر من جبهة ومنها الحدود السورية واللبنانية والمصرية. وهذا تهديد جديد أخذت تتعلم اسرائيل كيف تواجهه. وقد بدأ فقط جمع المعلومات عن المنظمات وتحليل بواعثها وطرق عملها، ولأنه ليس لهذه الفصائل ‘عنوان’ معسكرات منظمة أو مناطق سيطرة فمن الصعب ردعها ايضا. وهذا الامر مشتق من الزعزعة في العالم العربي التي قد يكون لها تأثير في وضع اسرائيل الاستراتيجي في العقد القريب.
عرضت الاستخبارات في الشهر الماضي على المجلس الوزاري المصغر تقديرها للسنة القريبة. وقد عُرضت التقديرات السنوية على الوزراء ثلاث مرات منذ بدأ الربيع العربي. فقُبيل بداية 2012 وصفت ‘أمان’ مرحلة انتقالية في الشرق الاوسط وفترة عدم استقرار وعدم يقين.
وكان التقدير الاول الذي عُرض على المجلس الوزاري المصغر قُبيل بداية 2013 أكثر تحديدا ورأى أن المنطقة في وضع قابل للانفجار وأن قوة الأحداث ونطاقها قد يُخرجان اسرائيل من مقام المراقبة المتنحية، وقد تتسرب الأحداث اليها بل قد توجب عليها العمل في اوقات ما (اذا صدقنا الانباء المتسربة من واشنطن التي تحدثت عن ست هجمات جوية اسرائيلية على الأقل على سوريا في السنة الماضية فيبدو أن هذه النبوءة قد تحققت). وتحدثت ‘أمان’ آنذاك عن اربعة صراعات كبيرة: المشروع النووي الايراني والحرب الاهلية في سوريا وصورة مصر والنضال عن صورة الشرق الاوسط كله. وكان لها جميعا تأثير ما في اسرائيل، لكن النشاط الاسرائيلي بقي ضئيلا ما عدا الهجمات على السلاح في سوريا.
صعب على الوزراء في هذه السنة أن يحصلوا من ‘أمان’ على تعريف شامل لجميع الأحداث في المنطقة. ويبدو أن النصف الاول من 2014 سيُعلم بعلامة ‘حراك تسوية’: فثم جهود لحل أو ضبط الازمات على الأقل فيما يتعلق بالمشروع النووي الايراني (اتفاق جنيف)، والحرب في سوريا (المؤتمر الدولي الذي سيعقد في سويسرا في الشهر القادم) والصراع الاسرائيلي الفلسطيني (مبادرة كيري التي دخل الطرفان على أثرها تسعة اشهر تفاوض في التسوية الدائمة). وقد تتضح الصورة قُبيل الربيع القادم. ولا تبدو احتمالات التسوية في القنوات الثلاث كبيرة. تُقدر ‘أمان’ في الحالة الايرانية أن احتمالات احراز اتفاق دائم في غضون ستة اشهر ضعيفة. ويمكن أن توجد سلسلة تمديدات للتسوية المرحلية بغرض منع الصدام.
مواجهة الحركات الاسلامية
إن الموجة الخضراء، الاسلامية، التي ميزت الزعزعة العربية منذ نشبت، صُدت في 2013 حينما نجح نظام الاسد في انعاش نفسه ومنع سقوطه على أيدي المتمردين، وحينما قام الجنرالات المصريون بانقلاب عسكري في القاهرة، وقد أُتيح لاسرائيل الآن فرص أكبر لتنسيق المواقف الاستراتيجية مع مصر والاردن، ومع القناة التي لا يتطرق اليها المتحدثون الاسرائيليون علنا ايضا، وهي السعودية وامارات الخليج.
إن الاستخبارات مختصة بعرض التهديدات لكن التنبؤ لـ 2014 اشتمل ايضا على تطورات ايجابية سوريا في مقدمتها. فقد نُقضت مخازن السلاح الكيميائي هناك تماما تقريبا برغم أنهم في اسرائيل يظنون أن نظام الاسد يحتال على المجتمع الدولي ويبقي عنده احتياطيا كيميائيا صغيرا. وضعفت ايضا قدرة الجيش السوري التقليدية فقد أصيبت وحدات كثيرة منه اصابة شديدة في المعارك مع المتمردين واستعمل الجيش نحوا من نصف ترسانته من الصواريخ والقذائف الصاروخية التي بنيت أصلا لتستعمل على اسرائيل.
إن سوريا ما زالت تنتقض عراها في وقت تسيطر فيه قوات معارضي النظام على نصف مساحة الدولة تقريبا في الشمال والشرق. لكن نظام الاسد ما زال يتمسك بالمدن التي تهمه ويحافظ على ممر واسع نسبيا يشمل المدن العلوية في شمال غرب الدولة: حلب وحمص والعاصمة دمشق ومدينة درعا الجنوبية. بدا الاسد في شهر آذار على شفا انهيار لكنه نجح في انعاش نفسه بمساعدة كثيفة من روسيا وايران وحزب الله.
ومنذ النصر الذي رتبه محاربو حزب الله للاسد في بلدة القصير على الحدود اللبنانية في حزيران، أصبح القتال ساكنا بلا زخم وبلا حسم لصالح أحد الطرفين. ‘ تبدو المعارضة الآن أضعف وأكثر انقساما من ان تستطيع اسقاط النظام في الزمن القريب. وتُبين كل العلامات أن الزعزعة في العالم العربي ستستمر في 2014 ايضا. إن الازمة الاقتصادية الشديدة التي زادت فيها الصراعات العنيفة ستدفع الشباب كما يبدو الى أحضان المنظمات الجهادية التي ستكون لها صدامات متزايدة مع اسرائيل في حواشي نشاطها ايضا.
وفيما يتعلق بايران تلاحظ الاستخبارات صراعا حقيقيا على صورة الدولة في المستقبل بين الزعيم الروحي علي خامنئي والمحافظين وبين مجموعة أكثر اعتدالا برئاسة الرئيس الجديد حسن روحاني، وبحسب تحليل المختصين، لم يكن انتخاب روحاني حيلة من خامنئي ترمي فقط الى تضليل الغرب بل انتخب زعيما أصيلا يجمع حوله مركز قوة مستقلا. ولم يُحسم الصراع الداخلي بين الكتلتين الى الآن لكن روحاني يتمتع بتأييد عام واسع برغم قوة حرس الثورة وكبار قادة الجيش الموالين للزعيم الروحي.
ورد في صحيفة ‘هآرتس’ أنه في ايلول قُبيل شخوص نتنياهو ليخطب في الجمعية العمومية للامم المتحدة سلمه رئيس ‘أمان’ اللواء افيف كوخافي تقديرا يقول إنه يحدث في ايران تغيير استراتيجي عميق عبر عنه فوز روحاني في انتخابات الرئاسة في حزيران.
ويبدو أن كوخافي بقي ثابتا على رأيه. في منتصف كانون الاول منح رئيس ‘أمان’ الجوائز على تفكير خلاق لضباط القسم. وعلى حسب نبأ نشر في صوت اسرائيل فازت مجموعة ضباط من لواء البحث (لاحظت التغيير في ايران) بشهادة تقدير خاصة.
‘من جهة رسمية يقلل مسؤولون كبار اسرائيليون مثل ننتنياهو ويعلون ووزير الخارجية ليبرمان من أهمية التغيير في طهران ويعرضون هجوم ابتسامات روحاني على أنه قناع يلبسه النظام لتخفيف عبء العقوبات الدولية فقط. ويبدو أن الاستخبارات تعتقد خلاف ذلك دون تقليل للحظة واحدة من الخطر النووي والارهاب الايرانيين.
عاموس هرئيل
هآرتس 29/12/2013
لن نعترف لن نعترف لن نعترف بإسرائيل هذا ما نسقيه لرضعنا فصبرا جميل
سئلتکم بالله العظیم هل سمعتم من الکیان الصهیونی صدقاً ، کل ما یقولة هذا
الکیان هو یخالف الحقیقة 100% ، هذا الجماعات قدمت و تقدم اکبر الخدمات
لاسرائیل و تخوض حربا بلنیابة عنها ضد الاسلام و المسلمین ، لو اجتهدت اسرائیل 100 عام لما استطاعت ان تشوه صورة الاسلام مثل ما شوته تلک
الجماعت فی بضع سنین .