أمريكا اتهمت روسيا بخرق أمنها السيبراني فهل يردّ ترامب بضرب مجهود إيران النووي؟

حجم الخط
3

كل شيء في خطر ما دام دونالد ترامب في السلطة.. أشد المخاطر أن يأمر ترامب، قبل انتهاء ولايته في 20 كانون الثاني/يناير المقبل، بضرب منشأة فوردو النووية الإيرانية.. لماذا؟ لأن مكتب التحقيق الفيدرالي F.B.I ووكالة الأمن السيبراني، وادارة الاستخبارات الوطنية، أكدت في بيانٍ مشترك حصول خرق نتيجةَ حملة قرصنة تعرضت لها إدارات ومؤسسات فيدرالية أمريكية، وأن مكتب التحقيق الفيدرالي يحقق ويجمع المعلومات الاستخباراتية لتحديد الجهات المسؤولة عن الهجمات ومتابعتها ووضع حدٍّ لها.
وزير الخارجية مايك بومبيو لم ينتظر نتيجة التحقيق، أكّد علانيةً أن روسيا هي وراء الهجمات السيبرانية التي استهدفت أمن أمريكا. قال إن دور روسيا أمر ثابت ومتكرر، وإنها حاولت التدخل في الانتخابات الأمريكية في أعوام 2008 و2012 و2016.

لا يمكن استبعاد ارتكاب ترامب حماقة ما ضد إيران، فكل الدول تجد نفسها أمام رئيس أحمق واستثنائي في خروجه على الثوابت والقواعد

موقع بوليتيكو الإلكتروني، كما صحيفة «نيويورك تايمز» نقلا عن مصادر في الكونغرس الأمريكي، وفي شركة «فاير آي» أن الاختراق اكتُشف بالصدفة في سياق تحقيق أجرته الشركة المذكورة على خلفية قرصنة تعرضت له شبكتها كما 12 إدارة فيدرالية، بالإضافة إلى معاهد وطنية للصحة ووزارات الخزانة والتجارة والأمن الداخلي والدفاع ومصرف الاحتياط الفيدرالي وإدارة الأمن القومي. في هولندا أكدت النيابة العامة صحةَ ادعاءات الخبير في شؤون الأمن السيبراني فيكتور جيفيرز، الذي كان قد أعلن في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أنه نجح في اختراق حساب الرئيس ترامب على موقع «تويتر» من خلال تخمين كلمة المرور الخاصة به.
اللافت أن بومبيو لم يكتفِ باتهام الاستخبارات الروسية باختراق الأمن السيبراني الأمريكي، بل حرص على دعوة الرئيس المنتخب جو بايدن إلى عدم إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران، الذي كان ترامب قد سحبها منه سنة 2018، كما ندّد بإيران وخطرها على أمن «إسرائيل» ومصالح أمريكا في الشرق الأوسط، وانتقد اعتزام بايدن تعيين بعض كبار مساعدي الرئيس السابق باراك أوباما في مراكز رئيسية في إدارته. غير أن الأمر الاكثر مدعاة للتفكير والارتياب ذلك التزامن بين الإعلان عن اكتشاف الاختراق الحاصل للأمن السيبراني الأمريكي، وقيام وكالة «اسوشيتد برس» الأمريكية بنشر صورٍ مأخوذة من قمر اصطناعي قالت إنها لمنشآت قيد البناء في موقع فوردو النووي الإيراني، بُنيت في عمق جبل لحمايتها من أي غارات جوية محتملة، وأشارت الوكالة المذكورة إلى أن المنشآت الجديدة قد تثير حفيظة إدارة الرئيس ترامب التي توشك على الرحيل. وكانت إدارة ترامب، كما «إسرائيل» قد ندّدتا بقيام إيران، في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، بتخصيب اليورانيوم لمستوى نقاء يبلغ 4.5%، وهو ما يتخطى ما حدّده الاتفاق النووي بنسبة 3.7%، لكنه أقل ايضاً بكثير من نسبة الـ20% التي كانت وصلت إليها إيران قبل توقيع الاتفاق. وقد بدأت إيران أخيراً التخصيب في موقعيّ فوردو ونطنز بأجهزة طرد مركزي متطورة، ما حمل «إسرائيل» على الادعاء بأنه أصبح لدى طهران من اليورانيوم النقي ما يمكّنها من إنتاج قنبلة نووية.
في ضوء التزامن المريب بين هذه الواقعات والملابسات، تزايد الارتياب، وبالتالي التكهن باحتمال أن يقوم ترامب، بعدما تلاشت فرصته بتمديد ولايته في البيت الأبيض نتيجةَ قرار المحكمة العليا بردّ الطعن الذي قدّمه حاكم ولاية تكساس الجمهوري باسم عدّة ولايات يحكمها حكام جمهوريون لإلغاء نتائج انتخابات الرئاسة، بأن يُقدم على ارتكاب حماقة ضد إيران لتأجيج مشاعر مؤيديه في الشارع وإبقاء حملته السياسية معبأة لخوض معركة انتخابات الرئاسة سنة 2024 من جهة، ومن جهة أخرى لتعزيز أمن «إسرائيل» وإرضاء اللوبي الصهيوني في أمريكا.
حماقةُ ترامب قد تتجلّى في استعمال ما كان سماه «سلاح أمريكا الرائع الذي لا يدري به أحد» وهو ما تكهن بعض الخبراء العسكريين بأنه قنبلة نووية تكتيكية تُلحق أضراراً ماحقة في موقع أو بيئة محدودة المساحة فوق الأرض وتحتها، فتصير بعدها أرضاً يباباً. صحيح أن ترامب لم يقرّ بالهزيمة بعد، وأنه ما زال يراهن على أن تنحاز إليه أكثرية الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ، رغم الموقف المعارض لزعيمهم السناتور ميتش ماكونيل، فيرفضون التصديق على قرار المجمع الانتخابي بتثبيت جو بايدن فائزاً في الانتخابات، إلاّ أنه من الصعب جداً، إن لم يكن من المستحيل، أن يُقدم رئيس أمريكي قبل أيام معدودة من موعد انتهاء ولايته على زج بلاده في حربٍ غير مأمونة العواقب ضد دولة إقليمية قوية وقادرة على تدمير معظم القواعد العسكرية الأمريكية في غرب آسيا، وربما إلحاق أذى شديد بـ»إسرائيل» أيضاً إذا ما شاركت في الحرب. مع ذلك، يُقتضى عدم استبعاد ارتكاب ترامب حماقة ما ضد إيران، فالولايات المتحدة، كما سائر دول غرب آسيا، تجد نفسها مسمّرة أمام رئيس نزق، متهور، أحمق ومدمن على الخروج على الثوابت والقواعد، ولا يحدّ من شبقه اللاهب للسلطة والقوة، أيٌّ من الكوابح السياسية والأخلاقية المتعارف عليها في عالمنا العاصر. مَن يجرؤ على الرهان؟
كاتب لبناني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مازن ح - الولايات المتحدة:

    كعربي غيور أتمنى أن يضرب ترمب إيران و لكن لا تقلق لن يحدث ذلك و أظنك تعرف هذا جيداً

  2. يقول ابن الاردن:

    لا يغيب عن البال ان سياسة ترانب المعلنه عند ترشحه للرئاسة هو سحب جميع القوات الامريكية من الشرق الاوسط وانه ضد الحروب وانه عارض غزو العراق عام 2003 واعتبره عملا فاشلا ، من جميع الوجوه ،. وكان ينتهز كل الفرص لسحب قواته من شرق سوريا ،،. الخ
    هو يعتمد على الحرب الاقتصادية والمالية وفرض العقوبات وضد التدخل العسكري الامريكي

  3. يقول د.راشد ألمانيا:

    أعتقد يا عزيزي أن ترامب يأخذ نفس مبدأ إيران بل و تعلم منها ، حيث أن الطيران الصهيوني يقصف معاقلها في سورية و يقتل جنودها و مرتزقتها فيتم الرد الإيراني على مخيمات إدلب و سكان إدلب ،إسرائيل و إيران وجهان لعملة شر واحدة ، فملايين السوريين و العراقيين و اليمنيين التي قتلت و شردت كانت بفعل إيراني مباشر .

إشترك في قائمتنا البريدية