اللافت في معظم التعليقات على ما كشفه تقرير لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي عن أعمال التعذيب التي مارستها أو أشرفت عليها (سي. اي. ايه) هو أنها لم تقم أي رابط بين انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات الأمريكية في الخارج وبين الانتهاكات التي ترتكبها في الداخل. والحال أنه «إذا أردنا أن نعرف ماذا يجري في إيطاليا فعلينا أن نعرف ماذا يجري في البرازيل»، على حد التعبير الشهير لحسني البورزان في مسلسل «صح النوم». أي أنه إذا أردنا أن نعرف ماذا يجري خارج أمريكا – تحديدا على مستوى «مكافحة الإرهاب» بجميع الوسائل التي لا تستثني التعذيب («اللا-إرهابي» طبعا) – فلا بد أن نعرف ماذا يجري داخلها.
وقد تكفل التناول التلفزيوني المكثف لأحداث فرغسون، إحدى ضواحي مدينة سانت لويس بولاية ميزوري في الغرب الأوسط الأمريكي، منذ الصيف الماضي بوضع العالم على بينة من حقيقة الحريات العامة والحقوق الأساسية داخل أمريكا عندما يتعلق الأمر بالفئات المهمشة، مثل السود والفقراء والمهاجرين غير الشرعيين والأجانب المشبوهين، خصوصا إذا كانت أسماؤهم ذات جرس عربي أو إسلامي. ولعل السيدة الليبية المقيمة في واشنطن والتي تغرد على تويتر باسم «هند» قد أوجزت القضية أحسن إيجاز عندما بثت أخيرا تغريدة تقول: «لقد تحولت فرغسون رسميا إلى مصر(كما صارت) في عهد السيسي».
وكانت أحداث فرغسون بدأت أوائل آب/أغسطس الماضي بمقتل شاب أسود اسمه مايكل براون بعد أن أطلق عليه شرطي أبيض عدة عيارات نارية رغم أنه كان أعزل. ومنذئذ لم تتوقف الاضطرابات والمظاهرات التي امتدت من فرغسون إلى أنحاء مختلفة من البلاد شملت مدينة نيويورك التي شهدت نهاية الأسبوع الماضي «مسيرة المليون» احتجاجا على عنف الشرطة وعنصريتها. ومما زاد الأمر تعقيدا على مستوى الوقائع، ولكن زاده توضيحا على مستوى الفهم، أن لجنة المحلفين قررت نهاية الشهر الماضي تبرئة الشرطي الأبيض من تهمة القتل العمد! ورغم أن الشرطي قدم استقالته عقب ذلك، فإن المظاهرات السلمية لم تهدأ في مختلف المدن الأمريكية. ذلك أن مايكل براون إنما هو الأحدث في سلسلة طويلة من الضحايا السود الذين تنتهك الشرطة الأمريكية حقهم الإنساني الأول: الحق في الحياة. إذ قبل مقتله بثلاثة أسابيع قام شرطي أبيض بتعنيف رجل أسود اسمه أريك غارنر حتى وقع قتيلا. والسبب أن الشرطي اشتبه في أن المسكين كان يبيع السجائر على قارعة الطريق بدون ترخيص. أي أن قصة أريك غارنر (الذي اتسع نطاق مظاهرات الاحتجاج على مقتله حتى بلغ لندن هذا الأسبوع) مشابهة، من حيث القهر الملازم لتعذر كسب الرزق، لقصة محمد البوعزيزي مثلما جرت في تونس قبل أربعة أعوام بالضبط.
والحقيقة الاجتماعية الساطعة في أمريكا هي أن الشرطة دائبة منذ عقود على قتل عدد كبير من المواطنين السود كل عام. كما أن عدد السجناء السود يقارب المليون: 841 ألف رجل أسود وأكثر من 64 ألف امرأة سوداء. أما نسبتهم إلى مجموع السجناء (هنالك أكثر من مليوني سجين في الولايات المتحدة!)، فتقارب 40 بالمائة. هذا، مع أن السود لا يمثلون سوى 13 بالمائة من مجموع سكان البلاد. أي أن نسبة السجناء السود إلى مجموع السكان السود في البلاد نسبة هائلة لا مثيل لها بين بقية فئات السكان.
وقد أتيح لي منتصف الثمانينيات أن أزور أحد السجون في ولاية ميزوري ذاتها برفقة محام من ألمع خبراء قانون الإعلام الأمريكي هو الأستاذ دايل سبنسر، الذي كان يحيطني رحمه الله بجميل المودة، فراعني أن معظم السجناء كانوا من السود. الوجه الآخر من العملة أن جامعة كولومبيا- ميزوري بأسرها لم يكن فيها آنذاك إلا أستاذ أسود وحيد هو روبرت تيريل الذي سرعان ما استقطبته جامعة كولورادو. وأذكر أيضا أن لويس، الطالب الأمريكي الأسود الوحيد الذي كان معنا في سمينار «سوسيولوجيا الثقافة»، روى لنا أن أحد البنوك في مدينة كولومبيا رفض فتح حساب لرجل أمريكي وافد من ولاية ساحلية رغم أنه أتى ليباشر عمله الجديد هناك أستاذا في الجامعة. ذلك أن الأستاذ كان… أسود!
صحيح أن الانغلاق والعنصرية متأصلان في ولايات الغرب الأوسط الأمريكي على وجه الخصوص. ولكن الحقيقة الأعم أن سرطان العنصرية منتشر في كامل جسم المجتمع الأمريكي. ولهذا لا يمكن فصل تعذيب المعتقلين الأجانب، في الخارج، بزعم مكافحة الإرهاب عن تقتيل المواطنين السود، في الداخل، بزعم مكافحة الإجرام.
٭ كاتب من تونس
مالك التريكي
تحليل عميق وصحيح تحديدا فيما يخص انتشار السرطان العنصري في كافة ارجاء المجتمع الي درجة ان العنصرية أصبحت لها برامج تلفزيونية كوميدية تكلف هوليوود ملايين الدولارات لجعلها (اي العنصرية) امر مقبولا في الحياة اليومية لجعل المواطن يتقبل الظلم بنفس فرحة
إسمي رائف محمد الويشي : أمريكي من أصل مصري ..
ابني هو سالم رائف الويشي : 15 سنة ومن مواليد أمريكا ومن أم أمريكية ..
تم تعذيبنا بوحشية في مصر بحضور أربعة من موظفي السفارة الأمريكية عدة مرات في مراكز أمنية مختلفة بمصر ( مقر إقامة مبارك – سراديب لاظوغلي – مراكز أمنية أخري ) ، كنت أعذب عاريا بأسلوب بربري ، وكاد ابني القاصر أن يموت من شدة التعذيب ..
السبب في التعذيب : خطأ في جمع المعلومات ، كما أخبرنا بذلك القنصل الأمريكي كريستفر ريتش
أوباما يعلم تفاصيل ما حدث لنا وعندي من مكتبه خطابان ..
يتم ترهيبي الآن في أمريكا كي أغلق فمي ، ربما بسبب تواجد اسم أوباما في القضية وتواجد طفل قاصر أمريكي ، وهي أول مرة في التاريخ الأمريكي ، وربما يعتبر ابني أصغر شخص دخل سراديب لاظوغلي لتعذيبه ، وهو بالطبع يعتبر الغربي الوحيد الذي واجه ذلك..
لا يوجد محامي هنا في أمريكا يجرؤ علي الدفاع عن مظلمتي ..
فمي لن يغلق ، وقصتي بجميع الوثائق منشورة علي موقعي التالي :
http://www.thowarmisr.com