أمريكا تريد القضاء على القاعدة من خلال سوريا

حجم الخط
0

أعطيت الكثير من الآراء والشروحات والتحاليل منذ ما يقارب من ثلاث سنوات مضت عن سبب التقاعس الأمريكي حيال ثوار سوريا، وعدم مناصرتهم بالشكل المطلوب وترك الزمام لروسيا في دعم نظام الأسد وفعل ما تشاء، وفي كل ما قيل من تحاليل كان هناك إجماع على أن أمريكا تريد سوريا بلداً نائماً أبد الدهر، لئلا يوجع باستيقاظه اسرائيل إضافة إلى تفكيك هذا البلد من الناحية الفكرية والثقافية والبنية التحتية، لكن هل كل ما قيل كان صحيحاً أو لم يتم تنفيذه بعد، وتريد أمريكا أكثر من ذلك لتبدأ بلحظة الصفر وتضرب نظام الأسد في معاقله؟ لعل الانسان الناجح هو الذي لا يفكر فقط في يومه بل يفكر في يومه ومستقبله مستفيداً من تجارب الماضي، وأمريكا وهي اليوم قريبة من مجريات الصراع في سوريا لا تفكر بيوم الشعب السوري ولا غده بل بغدها هي وأصدقائها، فهي في نفس الوقت الذي تدير تفاصيل الأحداث وتوصلها إلى الذروة خلال لحظات سورياً، تغيّر في مسارها، وهنا تعود بنا الذاكرة إلى الكثير من المحطات ومنها ما كان فيها الكل متابعاً لجلسات الكونغرس الأمريكي بعد أن أحال رئيسها باراك أوباما قرار الضربة العسكرية ضد نظام الأسد إليه نتيجة قصفه للمدنيين بالكيماوي في ريف دمشق، حيث سرعان ما تغيرت الأحداث وأزيح ملف الضربة عن الأحداث وكأن شيئاً لم يكن. المسؤولون الأمريكيون الذين كانوا يتحدثون عن الضربة حينها لم يكن مسألة وجود قوة متشددة غائباً عن مناقشات قادتها .
من المجحف القول أن كل هؤلاء الإسلاميين الأجانب الذين دخلوا سوريا وغيروا في الكثير من تفاصيل ثورة شعبها كان قدومهم مجرد صدفة، عمل فيها على جلبهم فقط رغبة نظام الأسد بتحويل الصراع إلى طائفي ضد السنة، وأن من دخلوا لم يكونوا في حسابات أمريكا وحدود تركيا التي فتحت لهم حسب تقارير غربية وتركية إذاً فما الذي كان يُخطط له؟
ليست أمريكا التي طلب رئيسها باراك أوباما عقب أول أيام الثورة التونسية اعداد تقرير عن الاضطربات المحتملة في العالم العربي على مسافة بعيدة عما حدث، أو سيحدث في بلاد موبوءة بالأساس بدكتاتوريات – ومن بينها سوريا – هذا لو قفزنا على كل تاريخ هذا البلد في التخطيط لإدارة الحروب والأزمات، وهي التي كانت تتوقع أن ثورة محتملة سوف تحدث في سوريا سوف لن تكون كباقي دول المنطقة، لأن ما سيحدث سيكون بداية لمرحلة تاريخية جديدة ستشرف هي عليها بنفسها، فشاهدنا هذا الدعم الذي كان لأجل ألا تموت الثورة وألا تنتصر إلى أن تصل إلادارة الأمريكية في مبتغاها إلى ما هو مطلوب.
مجيء الاسلاميين إلى سوريا لم يكن مطلقاً من زاوية الحرب التي شنها الأسد على السنة، بل من خلال فتح الحدود التركية لتجميع كل متشددي العالم وهنا نقصد القاعدة ومن يواليها من أرجاء المعمورة – للتخلص منهم في سوريا، ولذلك وجدنا أن الدعم ماكان لينقطع عن هذه الجماعات لا بل أن الأسد وبحسب تصريحات رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الحر، سليم إدريس بأن تنظيم دولة العراق والشام الاسلامية (داعش) مرتبط بشكل مباشر بنظام الأسد من كثرة الأذى الذي خلفه هذا التنظيم من عقبات في وجه ثوار سوريا .
تركيا التي كانت تقتح أبوابها وحدودها للقاعدة في القدوم لسوريا، كانت تتأمل فيهم حليفاً آخراً غير الجيش السوري الحر الذي يستقر قادته في مدن حدودية مع سوريا، بالإضافة إلى أن هؤلاء المتشددين حاجة ضرورية في صراع تركيا مع قوات الحماية الشعبية الكردية التي تعتبرها تركيا وجوداً فعلياً لحزب العمال الكردستاني على حدودها وعلى مسافة تعد بمئات الكيلومترات .
نظام الأسد الذي كان حريصاً على إحداث أي خلخلة في جسد الثورة كان هو الآخر بحاجة إلى إعادة العلاقة مع تنظيم القاعدة الذي اعترف فيه النظام أيام حرب العراق وعلى لسان ضابط كبير بأنهم يستطيعون الضغط على القاعدة ، ناهيك عن الأطراف الأقليمية والدولية التي كانت تجد لها موطئ قدم في سوريا عبر تنظيم داعش، التي حسبما يتضح أنها لم تتوان في بناء علاقة مع أي طرف وقبول مايمنحه له في سبيل أن يستمر.
خلف كل الكواليس التي كان فيها نظام الأسد يتعاون مع داعش التي كانت تحارب الثورة في مختلف أرجاء الخارطة السورية، وتدعو لبناء دولة الخلافة في كل مكان، يتمكن فيه الجيش الحر من طرد النظام منه كالكثير من مناطق مدينة حلب وريفها وإدلب ومدينة الرقة، والتي كانت تركيا وأطراف أخرى تحاول عبر دعم تنظيم داعش وقطع الإمداد عنه أن تتحكم فيها وتسيرها لتخدم فيه مشاريعها، كانت أمريكا تنظر إلى نجاح إدارتها للحرب و في جمع مايزيد عن 11 آألف أجنبي من أنصار القاعدة من كل أنحاء العالم لتكتب نهايتهم في سوريا، فهي لا تود أن ينتهي هذا التنظيم، ولا أن تنتهي الثورة، وكل ذلك لكي ينتهي جزء من القاعدة في ذلك البلد الذي اسمه سوريا وتنتهي سوريا التي هي على حدود حليفتها اسرائيل.

‘ كاتب سوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية