وجه قائد لواء القدس، المفتش دورون ترجمان، تعليماته لرجال الشرطة بمصادرة أعلام فلسطين ومنع رفعها أثناء جنازة الصحافية شيرين أبو عاقلة في القدس يوم الجمعة الماضي، هذا ما قالته مصادر في الشرطة للصحيفة. لم يكن ترجمان موجوداً في المكان أثناء الجنازة، بل كان في ألمانيا في إطار بعثة للشرطة. نائبه، المفتش داني ليفي، حل محله في قيادة نشاطات رجال الشرطة أثناء الجنازة. وجاء من الشرطة بأن “تنفيذ التعليمات تم حسب القانون”، و”مع مشبوهين رفعوا أعلام فلسطين مصحوبة بنداءات تحريض وخرق للنظام”.
حسب مصادر في الشرطة، كان ترجمان أعطى تعليمات للضباط في لواء القدس للعمل على منع رفع أعلام فلسطين في الجنازة، في إطار نقاش جرى قبل يوم من الجنازة، الذي شارك فيه عن بعد. أثناء الجنازة، تصادم رجال الشرطة مع المشاركين في الجنازة، ضمن أمور أخرى، على خلفية رفع الأعلام. طوال مسيرة الجنازة في حي الشيخ جراح، وبعد ذلك في البلدة القديمة، أزال رجال الشرطة الأعلام التي تم تعليقها في الشوارع على السيارات وأخذوها من أيدي المشاركين وصادروا عدداً منها وعملوا بالقوة لمنع رفعها.
ظهر خلال الجنازة رجال شرطة واقفين في مجموعة ويبحثون عن أعلام فلسطين لدى الجمهور عند خروج المشاركين في الجنازة من الكنيسة في شارع يافا إلى مقبرة جبل صهيون. سكان شرقي القدس الذين وقفوا أمام قوات الشرطة على بعد أمتار، بدأوا في تحذير الأشخاص الذين رفعوا الأعلام وطلبوا منهم إنزالها لأن “الشرطة ستعتقل كل من يحمل علم فلسطين”.
“لا يمكن توجيه تعليمات عن بعد دون أن تكون في الميدان”، قال مصدر في الشرطة. “إذا كان هناك علم أو اثنان يمكن أن يؤديا إلى التصعيد على الأرض، فليكن ذلك. ولكن لا توجد أي إمكانية لمحاربة عشرات، إذا لم يكن مئات، الأعلام في حدث حساس جداً، حيث إن أي احتكاك قد يؤدي إلى مواجهة أكثر عنفاً.
بتوجيه من المستشار القانوني للحكومة، تقرر أنه يجب العمل على إزالة العلم فقط عندما يكون هناك “خوف بمستوى احتمالية عالية بأن رفع الأعلام سيؤدي إلى خرق شديد بسلامة الجمهور”. في السنة الماضية، توجه وزير الأمن الداخلي عومر بارليف، للمفتش العام للشرطة وطلب منه تقييد مصادرة أعلام فلسطين في المظاهرات والسماح بذلك فقط في حالات استثنائية.
سياسة الشرطة حول رفع الأعلام غير ثابتة. مثلاً، في مظاهرة لإحياء يوم النكبة، جرت صباح أمس في جامعة تل أبيب، تم رفع أعلام كثيرة، وهكذا أيضاً في المسيرة لإحياء الذكرى السنوية لأحداث عملية “حارس الأسوار” في اللد يوم الجمعة، والتي جرت ضد قانون القومية في ميدان رابين في تل أبيب في 2018 تم رفع عشرات الأعلام الفلسطينية دون تدخل الشرطة. قائد قوات الشرطة في تلك الحادثة كان العميد ليفي، الذي كان في حينه قائد منطقة “اليركون”.
وجاء من الشرطة: “خلافاً لما قيل، فإن تطبيق القانون ضد مشبوهين رفعوا أعلام م.ت.ف مع هتافات تحريضية وخرق للنظام، نفذ حسب القانون والتعليمات حول هذا الشأن. مجمل القرارات والتعليمات قبل العملية وخلالها اتخذها القادة في الميدان بقيادة نائب قائد لواء القدس، الذي حل محل قائد اللواء. وأي محاولة لوصف الواقع بشكل مختلف ستشوه الحقيقة”.
أمس، اعتقلت الشرطة ثلاثة طلاب عرب في مظاهرة لإحياء يوم النكبة، جرت في ساحة مدخل جامعة تل أبيب. تم اعتقال الثلاثة بتهمة مهاجمة متظاهرين من جمعية “إذا شئتم”، الذين أجروا مظاهرة مضادة بعنوان “نكبة هراء”. وحسب الشرطة أيضاً، تمت مهاجمة رجال الشرطة في المكان. وشارك في المظاهرة عشرات الطلاب. بعد ذلك، تم إطلاق سراح اثنين من المعتقلين، وبقي الثالث وسيمثل أمام القاضي لتمديد اعتقاله في محكمة الصلح في تل أبيب.
المظاهرتان اللتان تجريان في كل سنة على التوالي، بدأتا في الساعة العاشرة صباحاً. وقسمت الشرطة ساحة الجامعة إلى قسمين، أحدهما لمظاهرة الفلسطينيين والآخر لمظاهرة مضادة. نتان اشر، المتحدث باسم “إذا شئتم”، الذي قيل بأنه هوجم، قال إن أحد الطلاب العرب اجتاز الساحة من مظاهرة إلى الأخرى وقام بشتم شخص كان يقف وهو يحمل علماً إسرائيلياً وضربه. “طوال حياتي، لم أرفع يدي على إنسان، ولم يرفع أحد عليّ يده”، وأضاف بأنه تعرض للكمة في رأسه. متظاهر يهودي آخر، الون شفارتسر، قال للصحيفة: “لقد تمت مهاجمتي أولاً من قبل المتظاهر العربي. شاهدني وأنا أحمل علم إسرائيل، نظر لي وتقدم نحوي وبصق في وجهي قهوة ساخنة”.
خلافاً لهذا الوصف، قالت الشرطة، وجمعية “إذا شئتم”، وأشخاص تواجدوا في المظاهرة الفلسطينية، للصحيفة بأن من بدأ بالعنف هو أحد المتظاهرين من اليمين، الذي هاجم طالباً عربياً مر في منطقة مظاهرة “إذا شئتم” للوصول إلى المظاهرة الأخرى. “لم تسمح الشرطة بالدخول من أي مكان آخر. عندها قام بالالتفاف عبر منطقتهم”، قالت شاهدة عيان. “رأيت ذلك. هم هاجموا الطالب العربي بالأيدي، وفي ثانية، انقض رجال الشرطة عليه. أراد الطلاب مساعدته، لكن في لحظة كان هناك غاز فلفل في الهواء واعتقالات”. وقالت أيضاً بأن “أحد رجال الشرطة وضع ركبته على عنق أحد المتظاهرين”.
بقلم: ران شمعوني
هآرتس 16/5/2022