القاهرة ـ «القدس العربي»: يمكن القول إن الحكومة تعيش أياما سعيدة تتباهى فيها بإنجازاتها في أكثرمن مجال، وأولها طبعا إعلانها عن وقف استيرادها من الغاز المسال، وحققت وفرا سنويا مقداره مليارين ونصف المليار دولار، ما أشاع جوا من التفاؤل لدى الفقراء والذين يعانون من الارتفاعات المستمرة في الأسعار في حصولهم على نصيب من هذا المبلغ.
وأخبرنا الرسام عمرو سليم في «المصري اليوم» أنه زار جاره البائس فوجده وزوجته يشاهدان نشرة الأخبار في التلفزيون فقال الزوج للمذيع: بتتكلم بجد؟ يعني وقف استيراد الغاز هيوفر 250 مليون دولار شهريا؟ على كدة بقى الواحد يطلع له بكام دولار في الشهر. وفوجئ المسكين بمقدم النشرة يرد عليه قائلا: يخرب بيت اللي يقول لكم حاجة تاني.
كما أعلن وزير المالية الدكتور محمد معيط أنه سيتم خفض الدين العام ليكون 70٪ بالنسبة لحجم الناتج المحلي في مدة أربع سنوات، بزيادة الإنتاج وتعظيم موارد الدولة وخفض نسب الاقتراض الداخلي والخارجي.
أيضا تتباهى الحكومة بالبدء في تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الكشف الطبي على أكثر من خمسين مليون مواطن، ابتداء من سن الثامنة عشرة في عشرات الآلاف من مراكز الشباب والمستشفيات، للكشف عن أمراض فيروس الكبد الوبائي والسكري والقلب وضغط الدم والسمنة، باعتبارها الأمراض المتسببة في معظم الوفيات، بالإضافة إلى استمرار إجراء العمليات الجراحية لأصحاب الحالات الحرجة من غير القادرين، على نفقة الدولة، وبمساهمة من البنك الدولي بمبلغ أربعمئة وتسعة وثلاثين مليون دولار.
وتواصل الحكومة تنفيذ مخططها لزيادة حجم التواجد الاقتصادي لها بأكثر من طريقة، الأولى إصلاح شركات القطاع العام المتعثرة والخاسرة وتطوير الإدارة فيها، وإنشاء مصانع جديدة تتبع جهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، وأيضا الدخول شريكا مع المصانع والمؤسسات الأجنبية التي تنفذ مشروعات للدولة بأن تلزمها بأن تكون وزارة الإنتاج الحربي مكلفة بأن تنتج المكون المحلي للآلات والأجهزة بنسبة 40٪ وهو ما حدث مع تحالف شركتي برافس ماس الروسية المجرية لتوريد ألف وثلاثمئة عربة قطار حديثة. كما أسندت وزارة النقل إلى وزارة الإنتاج المحلي مهمة تطوير مزلقانات السكك الحديد، وإصلاح محركات ومواتير الجرارات، وإنشاء مصانع للثلج ومحطات تحلية مياه ومعالجة مياه الصرف الصحي في مينائي أبو رماد وشلاتين على البحر الأحمر. كما أن الخطة التي ينفذها النظام تستهدف ملكية الدولة بما لا يقل عن نسبة 40٪ من حجم الاقتصاد. ومع ذلك فإن كل هذه التطورات لا تهم إلا قطاعات محدودة، بينما الأغلبية الشعبية لا تزال تركز اهتماماتها على التعليم، والأسبوع الثاني لبدء العام الدراسي الجديد، وخطة التطوير الجديدة ومدى تحقيقها لأهدافها، والصراخ المتواصل من ارتفاعات الأسعار وفقدان أي أمل في توقفها عند حد، وكذلك أزمة رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور مع الكاف، ومباريات كرة القدم. أما بالنسبة للمقالات والتعليقات فالجزء الأكبر منها موجه لذكرى وفاة عبد الناصر والهجوم على أمريكا بسبب ما تثيره حول مشروع جديد لحل الدولتين في فلسطين، كما بدأت الكتابات عن قرب حلول ذكرى انتصارات حرب أكتوبر/تشرين الأول وعن وفاة المفكر والكاتب الدكتور جلال أمين. وإلى ما عندنا…
النظام والإعلام
ونبدأ بالمعارك والردود ومنها ما هو خاص بالإحساس المتنامي بالضيق الشديد من حملات النفاق التي يشنها الإعلام، سواء في الصحافة أو الفضائيات للنظام وتصدر المشهد شخصيات من عهد مبارك وبعضها تمت ادانته في قضايا فساد، وكذلك من عدم مهنية المنافقين الآن وتسببهم في الاساءة للنظام وللرئيس والمطالبة بالتخلص منهم: «هناك وجوه من أزمنة رحلت كان حولها غبار كثيف وكانت لها سجلات من الخطايا والأخطاء، وبعضها ارتكب جرائم وربما قضى في السجون أوقاتا طويلة.. وكان ينبغي أن تختفي هذه الوجوه وتأخذ مكانا بعيدا عن ذاكرة الناس، حسب رأي فاروق جويدة في «الأهرام»، لأنه يكفي ما فعلوه في الماضي خاصة إننا لم نحاسب أحدا رغم ضخامة المسؤولية.. لقد عادت هذه الوجوه تطل علينا في وسائل الإعلام والمناسبات، وهي لا تستحي من أن تتحدث عن أحلام وأفكار كانت سببا في ضياع فرص كبيرة للنهوض بهذا البلد.. لا أدري بأي حق يتحدث أحد عن الشرف وهو مدان، وبأي فكر يتحدث عن الإنجازات ولم يكن يوما شريكا فيها، وبأي حق يتحدث عن الأمانة وخلفه سجلات طويلة من سوء الأعمال والأخلاق والسلوك؟ هناك أشخاص انسحبوا من الساحة بكرامة، منهم من حصل على البراءة أمام القضاء، ومنهم من أدين ولكنهم فضلوا الانسحاب من كل شيء ويعيشون الآن حياتهم بعيدا عن الأضواء.. ولكن بجانب هؤلاء هناك من يتحايل على الناس حتى يبدو في صورة تخالف الحقيقة، لأن الملفات مازالت في مؤسسات الدولة، والأخطاء يعرفها الجميع، وكان على هؤلاء أن يختفوا تماما.. إن الشيء الغريب أن تجد هؤلاء يتصدرون الحفلات واللقاءات إلى جانب كبار المسؤولين، وهنا تختلط الأوراق بين حقيقة مواقفهم وتاريخهم المشبوه، وصورة يحاولون فيها خداع الناس مرة أخرى.
إن الإعلام يشارك في مثل هذه الجرائم حين يخصص الصفحات والشاشات لهم، وهم يتحدثون عن أمجادهم الغابرة، رغم أن التاريخ يحفظ كل الخطايا والأخطاء. ينبغي أن لا يضلل الإعلام الناس مرتين كانت الأولى حين كشف أخطاءهم السابقة وها هو الآن يضلل الناس مرة أخرى حين يتحدث عن أدوارهم.. هناك أشياء وحقائق لا يمكن التغاضي عنها لأنها ثابتة في ضمير الناس، ولا يمكن أن يتساوى من أفسد ومن أصلح أو من كان صوتا للحق.. ومن كان مروجا للباطل.. أمامنا وجوه كثيرة حتى من باب الحياء يجب أن تختفي، لأن اختلاط الوجوه والأدوار يترك آثارا سيئة في صورة المجتمع حين يفقد القدرة على أن يميز بين من يبقى ومن يختفي».
بين الأمس واليوم
وفي «الوطن» سخر مستشارها الإعلامي وأستاذ الإعلام في جامعة القاهرة الدكتور محمود خليل من منافقي النظام الحالي وكراهية الناس لهم وانعدام الكفاءات المهنية بينهم بينما أشاد بالمنافقين في عهد عبد الناصر والعهد الملكي، وأكد أن هناك الآن مشكلة تعاني منها ظاهرة النفاق وقال: «ظهرت أشكال وأنواع متعدّدة من المنافقين قبل ثورة 1952 كان هناك من ينافق حكام أسرة محمد علي ويُدبج فيهم قصائد المديح، وبعد الثورة انبرت هذه الأقلام لكشف عورات الأسرة المالكة واجتهدت في إلصاق كل نقيصة بها نفاقا لحكام العصر الجديد. عرفت الصحافة المصرية في الستينيات أقلاما لامعة لم تكن تجد غضاضة في الدفاع عن الحكم أو الحكومة، لكنها كانت تعرف كيف تؤدي دورها، كانت «تتفنّن» حتى في نفاقها للقائمين على الأمر حينذاك، والتجربة تقول إنهم نجحوا في التأثير في المصريين، انقلبت بعض هذه الأقلام في ما بعد على نظام عبدالناصر، وهي تؤدي دورها بأمانة في نفاق الرئيس السادات، ورغم ذلك بقي أثر نفاقها لعبدالناصر في وجدان الناس، وظل قطاع كبير من المصريين على ولاء تام للعهد الناصري، والفضل في ذلك يعود إلى إجادة الأقلام التي كانت تنافق ومراعاتها لـ«فنون الشغلانة». ولا أريد أن أذكرك بأقلام كبار دافعوا عن عصر السادات من أمثال موسى صبري وأنيس منصور ومصطفى محمود وغيرهم، هؤلاء الذين جمعوا بين كراهية عصر عبدالناصر ومحبة السادات، إلى حد الولع والدفاع عنه إلى حد لا تستطيع أن تفصل فيه بين خطوط النفاق الهادف إلى تحقيق مصالح معينة وخطوط الإيمان الحقيقي بسياسات الرجل، خصوصا بعد الخطوة التي اتّخذها السادات بزيارة إسرائيل وإبرام معاهدة سلام معها. فن النفاق زمان كان أكثر ازدهارا مما هو عليه الحال هذه الأيام، النفاق حاليا يمارس بطريقة يمكن وصفها بـ«الكاريكاتيرية» منافقو اليوم مضحكون ويضرون أكثر مما ينفعون ويزهدون الناس في ما يدافعون عنه، ولا أجدني بحاجة إلى ذكر أسماء لنماذج تعرفها جيدا، ومؤكد أنك تضحك عليها ولا ينطبق هذا الأمر على المنافقين فقط، بل يمتد أيضا إلى المعارضين زمان كان المعارضون أكثر فنا في إقناع الجمهور برسالتهم، أما اليوم فالمعارضون لا يقلون كاريكاتيرية عن المنافقين دفاعا عن الواقع».
حفاظا على الرئيس
واذا تركنا «الوطن» واتجهنا إلى جريدة «البوابة» سنجد بشير حسن يواصل حملته على الحملات الإعلامية التي يشنها بعض أنصار النظام ضد منتقديه ومعارضيه واعتبرهم أكبر خطر على الرئيس السيسي مطالبا النظام بالتخلص منهم حفاظا على الرئيس نفسه ومما قاله:
«هذه النماذج التي أكلت على كل الموائد ونافقت في كل العصور أصبح حماية الرئيس من ادعاءاتها أمانة في أعناق الجميع. نماذج أخرى تحاول الترويج لكبت الحريات وإسكات كل الأصوات التي يشتم فيها نبرة معارضة هؤلاء خطر على الرئيس وحتى لو ادعوا حبه، فلا بد من حمايته منهم هذا إذا كنا أمناء على الرئيس، فقد رصدت بعض التصرفات التي جعلتني على يقين من أن بعض القائمين على القنوات والصحف ملكيون أكثر من الملك ولذلك يتخذون قرارات بحجب آراء وإزاحة أخرى تحت ادعاء رفض النظام لهم، في الوقت الذي لا يعرف النظام شيئا عن حجب هذا أو إزاحة ذاك فهؤلاء متطوعون للإساءة إلى النظام ويتعمدون خلق أجواء يتخذها الإعلام المتربص قاعدة ينطلق منها للهجوم على مصر والرئيس. وظهرت نماذج تدعى قربها من مسؤولين كبار لذلك رأيناهم يواصلون ابتزاز المحيطين بهم بعض هؤلاء «بواقي» فساد أنظمة سابقة، وعلينا مجابهتم لأن السكوت عليهم إخلال بالأمانة وإساءة إلى الرئيس ومن حوله، لأنني على يقين من أنه لا الرئيس ولا المحيطون به يعلمون عن هذه النماذج شيئا. وهناك نماذج سعت للاقتراب من دائرة صناعة القرار ثم عادت لتتاجر بمن اقتربت منهم ومجابهة هؤلاء فرض عين أيضا حتى لو امتلكوا ما يدعون أنه قادر على إسكات من يكشف زيفهم فلن تخيفنا بلطجة يهددون بها ولا صحف ولا قنوات هم قائمون عليها».
تفتيت اللحمة والنسيج الاجتماعي
وفي «الأهرام» اشتكى الدكتور صبحي عسيلة من حالة الإعلام بعد ثورة الثلاثين من يونيو/حزيران، الذي ترك دوره الأساسي في إعلام الناس بالحقائق والالتزام بالمهنية والانشغال بالدفاع السياسي عن النظام وقال: «في الحقيقة فإن أسوأ صور طغيان الدور السياسي للإعلام على دوره المهني في مرحلة ما بعد 30 يونيو، تتمثل في تغليب اعتبارات المصلحة الشخصية الضيقة، سواء لبعض الإعلاميين أو ملاك القنوات والصحف أو القوى السياسية المختلفة على الصالح العام، ومن ثم تفرغ العديد من وسائل الإعلام لإدارة المعارك الشخصية والهامشية، ومحاولة شيطنة المختلف وإثارة العديد من القضايا التي لا طائل منها، مقابل إهمال القضايا التي تهم وتشغل المجتمع، أو على أقل تقدير سوء التعامل مع تلك القضايا، وقد أدى طغيان الدور السياسي للإعلام إلى تسهيل مهمة الهجوم عليه والنيل منه وتحميله مسؤولية ما يحدث من سلبيات في المجتمع، وتصويره على أنه أحد أهم العوامل التي تهدد بتفتيت اللحمة والنسيج الاجتماعي وتحويل المجتمع إلى جزر منعزلة يهدد بعضها بعضا».
التعليم المسلوب
«يتذكر محمد زكي في «الوفد» مشهدا من مسرحية «مدرسة المُشاغبين» والحال والأحوال هذه الأيام.. مثار جدل و«هري مجتمعي» حول مدى نجاح منظومة التعليم الجديدة، هذا المشهد في مسرحية «مدرسة المُشاغبين» كان بين المُدرسة (عفت) سهير البابلي حيث تحدث فصل المشاغبين عن أهمية العلم قائلة: العلم لا يكيل بالمال، فيعلق زعيم المشاغبين بهجت الأباصيرى (عادل إمام) موجها كلامه إلى مرسي الزناتي (سعيد صالح): آآآآآه بيقولك: العلم لا يكيل بالبتنجاااااان هذا المشهد الساخر، لخص بصدق حال التعليم في مصر منذ سنوات طويلة، وما آلت إليه العملية التعليمية، حتى وصل بنا الحال إلى ما نطلق عليه اليوم «السرطان التعليمي» الذي مازال ينهش في جسد الوطن وأبنائه في واقعنا المرير.. لا أحد ينكر أن الدروس الخصوصية، تلتهم الجزء الأكبر من ميزانية الأسر المصرية، والواقع يؤكد إنفاق أكثر من 35 مليار جنيه ما بين الدروس الخصوصية والكتب الخارجية ومجموعات التقوية، لدرجة أن الدروس الخصوصية أصبحت مسألة حتمية، لا يمكن للطالب أن يستغني عنها في ظل تدني المستوى التعليمي، لدرجة أن أولياء الأمور بات لديهم اعتقاد بعدم التنازل عن بند الدروس الخصوصية حتى لو حصل التعليم المصري على المرتبة الأولى عالميا، لذلك أعد عضو لجنة التعليم في البرلمان فايز بركات سؤالا مباغتا لوزير التربية والتعليم أمام البرلمان في دورته الجديدة غدا: ما الحل في ظاهرة انتشار سناتر الدروس الخصوصية؟ يا ساتر يا ساتر.. ذلك الوحش الذي يفترس ميزانية الأسر، وأصبح الدواء المُر الذي تتجرعه أملا في وصول أبنائها إلى بر أمان التعليم الجامعي، ورغم التصريحات النارية لقيادات التعليم عبر منصات الصحافة والإعلام في مواجهة هذه السناتر التعليمية.. فإنها لم تكن سوى فقاقيع ملونة في الهواء.. وما استفزني شخصيا مؤخرا تصريح على لسان أحمد خيري المتحدث الرسمي باسم التربية والتعليم بأن الوزارة ليست مختصة بإغــــلاق السناتر، وإذا كان الوضـــــع كذلك في وزارة التعليم فإننا نطــــالب وزير العدل منح أعضاء قانونيين في مديريات التعليم في المحافظات صفة الضبطية القضائية لإغلاق هذه السناتر بالتعاون والتنســــيق مع مديري الأمن والمحافظين حتى لا نتركها «سبههـــلة» أو خارج السيطرة هنُــــاك حملة مُمنهجة من أعداء النجاح تسعى لإفشــال منظومة التعليم الجديدة من خلال حرب الشائعات والتربص.. هذا هو الوضع الكارثي الذي عبّر عنه وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي في صفحته الشخصية على الفيسبوك.. والسؤال المباغت الذي يطرح نفسه أمام توغل السناتر كجزء مُمنهج لإفشال المنظومة التعليمية: بماذا أنتم فاعلون يا معالي وزير تعليمنا الجديد؟ أم سيأتي يوم نبكى فيه على التعليم المسلوب».
قضية مزمنة
وعن قضية ملاك العقارات القديمة الذين ظلموا نتيجة الإيجارات الزهيدة التي يتقاضونها منذ سنوات، يقول نصر زعلوك في «الأهرام»: «حان الوقت لأن يناقش أعضاء البرلمان في دور الانعقاد المقبل هذه القضية المزمنة التي يجب عدم السكوت عنها، كما كان يحدث من قبل، بحجة تهديد الأمن الاجتماعي وخشية من طرد المستأجرين. فقد أصبحت قضية رأي عام مثل كرة الثلج تشغل الجميع، نتيجة ارتفاع الأسعار والخدمات، ولعدم التصدي لها بشكل جذري يحقق العدالة الاجتماعية. لا بد من نزع فتيل هذه الأزمة المتفاقمة. معظم أصحاب العمارات القديمة يتقاضون ما يعادل قيمة كيلو لحمة لكل الشقق السكنية والمحال التجارية ومنها المغلقة وأصحابها أو ورثتهم يمتلكون شققا فاخرة وفيلات، وما زالوا يحتفظون بشققهم القديمة ولا يتنازلون عنها، بل يضعون قيمة الإيجارات سنويا في المحكمة لتأمين أنفسهم ضد رفع أي قضايا.. أين العدالة؟ هذه الظواهر المجحفة معروفة للجميع ويتم الرد عليها من البعض بأن الملاك تقاضوا أسعار الإيجارات منذ سنوات، وقد غطت هذه القيمة الزهيدة ثمن الشقة أضعافا، ويستمرئون الإقامة بدون أي غضاضة، في الوقت الذي يدفعون فيه قيمة استهلاكهم للكهرباء والمياه أرقاما كبيرة للغاية، تفوق قيمة الإيجار بكثير بصدر رحب وبدون مناقشة، والبعض يصرخون بأن الاقتراب من هذه القضية سيهدد الأمن الاجتماعي وسيؤدي لطرد المستأجرين فأين يذهبون؟ رغم أن الحل بعيد تماما عن فكرة الطرد. ليس هناك عقد إيجار للأبد.. فقيمة الإيجار ينبغي زيادتها تدريجيا وهذا ما يأمل الجميع تحقيقه بشكل عاجل في مناقشات الدورة الجديدة للبرلمان.. فهل ينجح في التصدى لهذه القضية وعلاجها؟».
الدورة البرلمانية الجديدة
أما عمرو هاشم ربيع في «المصري اليوم» فله مطالب من البرلمان في دورته الجديدة يقول: «بعد أيام قليلة تبدأ الدورة البرلمانية الرابعة لمجلس النواب، دورة يرجى منها أمور كثيرة. فكلما قرب الاستحقاق الدستوري لإنهاء البرلمان مهمته، المقرر لها منتصف عام 2020، عظمت المهام في مجال التشريع، ما زال عالقا العديد من مشروعات القوانين التي نص الدستور على سنها ولم تسن بعد. على رأس ذلك قانون الإدارة المحلية، الذي يعتقد البعض عنه عبثا أن تطبيق اللامركزية سيقسم مصر، أكثر دول العالم مركزية، إلى دويلات. تطبيق اللامركزية هو أحد أهم مجالات دعم الاستثمار، لا يقل- وربما يزيد- عن شبكة الطرق والمواصلات التي شهدت تطورا كبيرا. ناهيك عن جدوى القانون في مواجهة الفساد ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وهناك قانون العدالة الانتقالية، الذي حتم الدستور سنه منذ 3 سنوات مضت، لكن تعريف البعض عبثا بأن العدالة الانتقالية تعني العفو، وأن التوقيت المذكور بالدستور تنظيمي وليس جبريا، سد منافذ سن هذا القانون. العدالة الانتقالية تعني العقاب والتعويض والاعتراف بالذنب إلى جانب العفو، كل ما سبق يفتت جماعة الإخوان ويجعل قادتها ينقلبون على بعضهم بعضا. المؤكد أن هناك أمورا أخرى، تخص أوضاعا اقتصادية واجتماعية كثيرة. من ذلك مهمة المجلس كغيره من البرلمانات المتمدينة، وهى مراجعة التشريعات بعد استقصاء رد الفعل لها في الشارع. أحد تلك القوانين قانون الضريبة العقارية الذي سبب خلافا كبيرا بين فئات الشعب، وقانون الجامعات الذي يحتاج إلى تعديل جذري، وقانون التأمين الصحي على ضوء تجربته في بعض المحافظات الحدودية والصغيرة. واحد من أبرز القوانين المطلوب مراجعتها خلال هذه الدورة أو الدورة الخامسة هو قانون انتخاب مجلس النواب نفسه، بعد أن انتهت الكوتات أو الحصص المفروضة للشباب والعمال والفلاحين وغيرهم، ما جعل الحجة في بقاء النظام الفردي أو الأغلب لا محل لها، لا سيما ونحن ننادي بإنعاش الأحزاب السياسية، وهو أمر يستحيل حدوثه إلا بنظام القوائم أو النظام النسبي. في مجال الرقابة، ما زال البرلمان عاجزا عن مناقشة استجواب واحد خلال الفصل التشريعي الحالي، أي منذ ثلاث سنوات. هنا نذكر ببرلمان مبارك الأخيرالذي أتم مدته، أي برلمان 2005- 2010. هذا البرلمان ناقش وحده 107 استجوابات منها 25 تخص ارتفاع الأسعار والفقر، وقتما وصل الدولار 725 قرشأ، ومنها 36 استجوابا يخص الصحة والأغذية الفاسدة والمبيدات المسرطنة، ومنها 10 و9 و18 و6 و3 استجوابات تخص البيئة والتعليم والبطالة والطرق وتصدير الغاز لإسرائيل على التوالي. اليوم كأن مصر خلت من المشكلات، أو أن شئت القول كأن مناقشة استجواب واحد سيسم إدارة البرلمان بأنها غير إيجابية، على الرغم أن ذلك هو العكس، حتى لو كانت الحجج التي يسوقها المستجوب في مذكرته الشارحة محدودة. من ناحية أخرى، ورغم قرب انتهاء الفصل التشريعي للبرلمان، ومدته 5 سنوات، إلا أن عجز مركز البحوث البرلمانية عن أداء مهام تدريب النواب، رغم حصوله على دعم كبير من الاتحاد البرلماني الدولي، أدى إلى مشكلات كبيرة في مجال الرقابة ربما أكثر من مجال التشريع. خذ على سبيل المثال تركيز كافة مجالات الرقابة المقدمة على مشكلات أبناء الدائرة، صحيح أن النظام الانتخابي الفردي وغياب المجالس المحلية كرس ذلك، إلا أن تغليف مشكلات الدائرة بتحويلها لمشكلات عامة، يعطي لها إيجابية في النقاش من قبل البرلمان، وكذلك في التعاطي الحكومي معها. واحد من أبرز القوانين المطلوب مراجعتها خلال هذه الدورة أو الدورة الخامسة هو قانون انتخاب مجلس النواب نفسه».
بناء أسوأ من الهدم
إذا كنت أحد الذين ضايقهم وصفي للأبراج التي تقوم مكان الفيلات المغدورة في المهندسين بأنها «قصة فساد كبيرة»، يتساءل عمرو جاد في «اليوم السابع» فاسأل نفسك أولا لماذا يرتفع سعر المتر في تلك المنطقة ومثيلاتها، وماذا سيكون مصيرها حين تتحول لعلب كبريت ضاغطة على المرافق، سنرى فيها عما قريب مياه الصرف طافحة في الشوارع حين لن تتحمل شبكاتها ذلك الضغط، لست أنا من يقول لك أين تضع أموالك، فمصر مليئة بفرص عقارية تجعلك مليونيرا أو أكثر، لكن ما يشغلني ويشغل آلاف المصريين هو السبب وراء عملية التدمير الذاتي التي نديرها لمعاني الجمال في بلادنا وأعيننا على أرصدة البنوك، ربما لن يفيدنا توجيه اللوم لأصحاب الأموال الذين لا يهتمون بتلك المعاني الجميلة ويعتبرونها تفاهة مثقفين، اللوم هنا كله تستحقه الحكومة ووزارة التنمية المحلية وهيئة التنسيق الحضاري التي تركت البناء يفعل أسوأ مما يفعله الهدم».
«فوت علينا بكرة»
«حتى لا أتهم يقول يوسف أيوب في «صوت الأمة»، بأنني متحامل على جهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة، ورئيسه المهندس عادل النجار، فإنني أتابع نشاطهم في إعادة المظهر الجمالي للمدينة التي فقدت الكثير من رونقها بسبب الإهمال الذي عانت منه لسنوات، لكن هذا لا يمنع من الحديث عن كثير من السلبيات المنتشرة في الجهاز. الأخبار الواردة لنا من الجهاز تؤكد وجود حالة من النشاط غير العادي في الشوارع من العاملين فيه، لإزالة التعديات والمخالفات، لكن فات المهندس عادل النجار ورجاله أن ينظروا إلى ترتيب البيت من الداخل، قبل أن يخرجوا للشارع، والبيت الذي أقصده هنا هو مبنى جهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة والمرافق التابعة له، فمن الواضح أن المهندس عادل لا يرى ما يحدث في المبنى، ولا العذاب الذي يلاقيه كل المتعاملين معه، بسبب عقلية الموظفين التي عفا عليها الزمن، فضلا عن أمور أخرى أعتقد أنه ملم بتفاصيلها، لكن من الواضح أنها لم تدرج على جدول أولوياته. زيارة وحيدة لمبنى الجهاز ستجعلك تدرك أنك مع مؤسسة بيروقراطية لا علاقة لها بالنشاط الذي يظهر خارجه، ولا صلة لها بكل التوجيهات التي يصدرها كل يوم الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء ووزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة، ولكي أكون واضحا ومحددا فإنني أدعو المهندس عادل النجار إلى أن يدخل أيا من المكاتب التي تتعامل مع الجمهور في مبنى الجهاز ليرى بنفسه «البيروقراطية القاتلة والمكبلة» التي تجعل التعامل مع جهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة نوعا من العذاب، سواء في ردود الموظفين، أو ممارستهم هواية «فوت علينا بكرة». الأمر أمتد إلى الهيئات الأخرى التي أدرجت مؤخرا تحت إدارة الجهاز ومنها «محطة المياه» سواء الموجودة في القطامية أو شارع التسعين، فبداخلهما موظفون لا يرقون إلى مسؤولية التعامل المباشر مع الجمهور، وسأضع أمامه مثالا واحدا، فقد باتت مسألة الحصول على عداد مياه لوحدة سكنية في القاهرة الجديدة أمنية صعبة المنال، والرد عليك «لسه الطلبيات ما وصلتش، وإذا كنت عاوز عداد ممكن تروح تشتريه من شركة معتمدة وبعدها نركبه»، وإذا قلت لهم إن الجهاز وشركة المياه قاما بتحصيل ثمن العداد، فيكون الرد «أشتري، واللي أنت دفعته للشركة أو للجهاز هانرجعهولك أقساط من خلال فاتورة المياه، وإذا مش عاجب حضرتك ممكن تستنى 3 أو 4 شهور لحد ما العدادات توصل». هذا مثال لما يحدث في جهاز تنمية مدينة القاهرة الجديدة، والغريب أنك اذا طلبت لقاء مسؤول في الجهاز، سواء كان رئيسه أو أيا من نوابه، فيقابلك مسؤولو الأمن برد واحد «الباشا مش موجود، روح للموظف المختص وهو هايحل المشكلة».. وطبعا «طالما الباشا مش موجود يبقى الموظف مش هايعمل حاجة». أرجو من المهندس عادل النجار أن يلتفت لما يحدث داخل الجهاز، لأن جولاته في شوارع المدينة لن تشفع له إذا أستمر العذاب داخل المبنى».
«كلنا واحد»
وإلى المعارك والردود المتنوعة وأولها في «الأخبار» لحازم الحديدي وإشادته بوزارة الداخلية وهجومه على أمناء الشرطة إذ قال: «لا أعرف من هو «الرجل العبقري» صاحب فكرة مبادرة «كلنا واحد» التي تتبناها وزارة الداخلية لمساندة الناس والتخفيف عنهم مثل هذا الرجل يتمتع بذكاء حاد ورؤية ثاقبة وحس إنساني كنا نشكو غيابه، وفي رأيي أن عنوان المبادرة «كلنا واحد» ينبئ عن نية خالصة ورغبة صادقة في ترميم الشروخ وعلاج السحجات والكدمات والأورام التي خلفتها سنوات العشرة بين المواطن والداخلية، ورغم أنني أدعو من كل قلبي أن تصبح هذه المبادرة هي القاعدة والأساس في مستقبل هذا الزواج «الاضطراري» بين المواطن والداخلية إلا أن هذه الدعوة «بالذات» ستظل معلقة بين الأرض والسماء، إذا لم ينصلح حال أمناء الشرطة الذين يلعبون دور البطولة في تشويه العلاقة بين المواطن والبدلة».
النضال الافتراضي والوهمي
وفي جريدة «روز اليوسف» دافع رشدي الدقن عن وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي وهاجم مهاجميه الذين تكاثروا عليه بسبب خطة التطوير الجديدة وقال عنه: «الدكتور طارق شوقي الذي يهاجمه الفسدة المفسدون ويساندهم مدمنو الجلوس على الكيبورد لممارسة النضال الافتراضي والوهمي، خبير تعليم في اليونسكو ومسؤول عن تطوير أنظمة التعليم في 23 دولة وعالم رياضيات وميكانيكا وعميد كلية العلوم والهندسة في الجامعة الأمريكية واستاذ دكتور في أعرق المؤساسات التعلمية ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT حاصل على الجائزة الرئاسية الأمريكية للتفوق البحثي عام 1989، قاد تنفيذ العديد من المشروعات حول العالم في مجال تطبيقات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في التعليم والعلوم والثقافة، حتى تبوأ منصب مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في الدول العربية، هذا هو العالم الذي نهينه ليل نهار، هذا هو الرجل المسؤول عن 22 مليون طالب يدرسون في 55 ألف مدرسة ويعلمهم نحو مليون و300 ألف معلم، هذا هو الرجل الذي وضع برنامج تطوير التعليم وجدد حلم إعادة صياغة التعليم المصري هذا هو الرجل الذي يهاجمه رعاة الفساد وحولناه بجبروتنا لراجل لا يفهم جاء ليجرب لا نعترف بأنه جاء ليصلح ليغير أخطاء ورثناها ونعيش فيها والعجيب أننا نشكو منها».