الدوحة – “القدس العربي” – إسماعيل طلاي:
يبدأ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الجمعة زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، تلبية لدعوة تلقاها خلال اتصال هاتفي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في شباط/ فبراير الماضي، وجرى خلاله استعراض العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، وسبل توطيدها بما يخدم مصالحهما المشتركة، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء القطرية.
ومن جانبها، قالت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في قطر إن الرئيس دونالد ترامب سيستقبل أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يوم الثلاثاء 10 نيسان/أبريل المقبل.
وأضافت السفارة في بيان تلقت “القدس العربي” نسخة منه: “يتطلع الرئيس ترامب لبحث سبل تعزيز الروابط بين الولايات المتحدة وقطر والدفع بالأولويات الأمنية والاقتصادية المشتركة بين البلدين”.
وذكرت السفارة بأن الرئيس دونالد ترامب تحدث في الثالث من نيسان/ أبريل الجاري مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وشكر الرئيس الأمير على التزام قطر المستمر بمكافحة تمويل الإرهاب والتطرف. كما ناقش الزعيمان سلوك إيران المتهور بشكل متزايد في المنطقة والتهديد الذي تشكله على الاستقرار الإقليمي.
وأضافت: ناقش الرئيس ترامب وأمير قطر العقبات التي تحول دون إعادة الوحدة في مجلس التعاون الخليجي. وقد شكر الرئيس الأمير على التزامه بالمساعدة في استعادة وحدة دول مجلس التعاون الخليجي وأكد أنه من الضروري إنهاء النزاع الخليجي.
وخلص بيان السفارة الى القول: وافق الرئيس والأمير على أهمية الوحدة الإقليمية للتصدي للتهديدات الأمنية ولضمان ازدهار شعوب المنطقة.
هذا، وتأتي زيارة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى الولايات المتحدة الأميركية عقب إعلان مسؤولين أميركيين عن تأجيل القمة الأمريكية الخليجية في “كامب ديفيد” إلى شهر أيول/ سبتمبر المقبل بدلا من شهر مايو.
الزيارة تغطي الاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية
وقالت وكالة الأنباء القطرية إن “زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للولايات المتحدة الأمريكية، والتي تبدأ الجمعة، محطة جديدة على طريق التعاون الاستراتيجي المتميز بين الدولتين، وتعزيز الروابط بينهما وفق رؤية مشتركة تخدم مصالحهما الثنائية، وتسهم في تحقيق الاستقرار والأمن الإقليمي والسلام العالمي.
ونوّهت إلى أنه “على الرغم من أن مجالات التعاون بين الجانبين القطري والأمريكي تغطي العديد من القطاعات الاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية وغيرها، فإن الزيارة تعتبر فرصة مناسبة لاستعراض ما تم إنجازه وما تحقق في هذا المضمار خلال الفترة الماضية، وما يتطلع إليه المسؤولون في البلدين من فتح آفاق جديدة للتعاون والمشاركات الاستراتيجية بين الدولتين، وبما يوفر المزيد من الفرص المثمرة والمنافع المشتركة لهما، خصوصا في المجال الاقتصادي وقطاع الاستثمار والجانب العسكري”.
كما لفتت وكالة الأنباء الرسمية إلى أن “زيارة أمير قطر إلى الولايات المتحدة الأمريكية تأتي في وقت نجحت فيه قطر في التصدي للحصار الجائر المفروض عليها، وفي كسره والانتصار عليه وقد أوشك أن يكمل عامه الأول، في ظل مساندة المجتمع الدولي للموقف القطري المتمسك بضرورة حل الأزمة الخليجية بالحوار والوسائل السلمية عبر الجلوس إلى طاولة المفاوضات، بعيدا عن الشروط والإملاءات بينما عجزت دول الحصار عن تقديم أي دليل على اتهاماتها لدولة قطر بمساندة الإرهاب لأن مثل هذا الدليل لا وجود له أصلا، فضلا عن أن قطر هي أول دولة توقع مع الولايات المتحدة اتفاقية تفاهم لمكافحة تمويل الإرهاب”.
وأوضحت أن “دولة قطر ممثلة بالشيخ تميم بن حمد تذهب إلى واشنطن بمواقف ثابتة وواضحة وقلوب مفتوحة للحوار والتفاهم وأياد ممدودة للسلام والتعاون على قاعدة الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين والمصالح المشتركة المتفقة مع مبادئ القانون الدولي”، مشيرة إلى أن “قضايا المنطقة العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأزمة السورية والأوضاع في اليمن، ستكون ضمن أجندة الموضوعات التي ستتناولها مباحثات أمير قطر في الولايات المتحدة”.
علاقات ثنائية في أوجّها
وتشهد العلاقات القطرية الأمريكية أوجّها، لاسيما منذ بداية الحصار المفروض على قطر في الخامس من جزيران/ يونيو الماضي، حيث أكد الرئيس ترامب أكثر من مرة أهمية الحليف القطري في مواجهة الإرهاب، موازاة مع تصريحات مسؤولين أميركيين حول تمسكهم بالتعاون العسكري والأمني مع قطر، ونفيهم مراراً إي نية لدى واشنطن لنقل قيادتها المركزية من قاعدة العديد. كما وقّع البلدان اتفاقية مشتركة لمكافحة الإرهاب.
وكان أمير قطر زار واشنطن في شباط/ فبراير 2015، كما التقى مع الرئيس دونالد ترامب في نيويورك يوم 19 أيلول/ سبتمبر 2017، وتم خلال اللقاء بحث مجمل القضايا الإقليمية والدولية وفي مقدمتها الأزمة الخليجية والجهود المبذولة لحلها بالحوار وعبر الطرق الدبلوماسية.
حوار استراتيجي الأول من نوعه لواشنطن مع دولة عربية
وكانت حكومتا الدولتين قد عقدتا الحوار الاستراتيجي الأول بينهما في العاصمة الأمريكية واشنطن بتاريخ 30 كانون الثاني/ يناير الماضي، وتوّج بزيادة التوافق والتلاقي في الرؤى الاستراتيجية بين البلدين، وأكد مجددا على الحاجة لبقائهما كحليفين وصديقين مقربين، كما شكل بداية شراكة استراتيجية بين قطر والولايات المتحدة، وتوج بتوقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون أمني ارتقت بالعلاقات إلى آفاق رحبة تشمل مختلف المجالات بشكل غير مسبوق.
وفي إطار الحوار الاستراتيجي أصدرت حكومتا البلدين إعلانا مشتركا حول التعاون الأمني، أكدتا فيه التزامهما المشترك بتعزيز السلام والاستقرار ومكافحة ويلات الإرهاب. وأعربت الولايات المتحدة الأمريكية عن استعدادها للعمل بصورة مشتركة مع دولة قطر بما يتسق وأحكام ميثاق الأمم المتحدة، لردع ومجابهة التهديدات الخارجية لوحدة الأراضي القطرية.
وأكد الدوحة وواشنطن تمسكهما بالشراكة الاستراتيجية، الأولى من نوعها للولايات المتحدة مع دولة عربية، تشمل السياسة والاقتصاد والاستثمار والتعاون الأمني والعسكري والدفاعي، وأظهر أن قطر وأمريكا تخططان لتوثيق العلاقات العسكرية في إطار رؤية سنة 2040، وتشمل استضافة البحرية الأمريكية، وتعزيز قاعدة “العديد” لتصبح قاعدة استراتيجية في المنطقة.
كما اتفق البلدان خلال الحوار الاستراتيجي على ضرورة الحل الفوري للأزمة الخليجية بشكل يحترم سيادة دولة قطر. وعبرت الحكومتان عن قلقهما بشأن التأثيرات الأمنية، والاقتصادية، والإنسانية الضارة للأزمة، كما أعربتا عن القلق كذلك بشأن السلام والاستقرار في الخليج وبشأن الالتزام بالقانون الدولي.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تعد الولايات المتحدة سادس أكبر شريك تجاري لدولة قطر، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الدولتين ما يقارب 6 مليارات دولار في عام 2016، إلى جانب وجود أكثر من 120 شركة أمريكية تعمل في البلاد وخصوصا في مجالات الطاقة. كما أعلنت قطر عن خطة لاستثمار 45 مليار دولار في الولايات المتحدة، وفي يونيو 2017 تم التوقيع على اتفاقية عسكرية تقضي بشراء طائرات مقاتلة من طراز “إف15″، بتكلفة مبدئية تبلغ 12 مليار دولار.