بيروت-“القدس العربي”: في ثاني زيارة إلى قطر، توجّه الرئيس اللبناني ميشال عون إلى الدوحة تلبية للدعوة التي وجّهها إليه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لحضور بطولة كأس العرب 2021 في كرة القدم. وتوجّه عون فور وصوله إلى الديوان الأميري حيث استقبله الشيخ تميم وأكد له أن “قطر تقف الى جانب لبنان، ومستعدة لمساعدته في كل المجالات التي يتطلبها نهوض لبنان من الظروف الصعبة التي يعيشها والتي انعكست سلباً على اللبنانيين في حياتهم اليومية”.
وشارك في اللقاء الموسّع عن الجانب القطري رئيس الديوان الأميري الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، وزير الشباب والرياضة صلاح بن غانم العلي، وزير الدولة لشؤون الطاقة سعد بن شريدة الكعبي، رئيس جهاز أمن الدولة عبد الله بن محمد الخليفي، وزير الدولة للشؤون القطرية سلطان بن سعد المريخي. وحضر عن الجانب اللبناني وزير الطاقة والمياه وليد فياض، سفيرة لبنان في قطر فرح بري، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، والمستشارون الوزير السابق بيار رفول، رفيق شلالا وأسامة خشاب.
وبحسب بيان مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، رحّب أمير قطر في مستهل المحادثات بالرئيس عون، شاكراً له تلبيته الدعوة التي كان وجّهها إليه لحضور افتتاح بطولة كأس العرب وتدشين الملاعب الأولمبية الجديدة، معتبراً أن “لهذه الزيارة معان خاصة نظراً لما يجمع بين البلدين والشعبين الشقيقين من اواصر المحبة”. وقال: “إن قطر كانت وستبقى دائماً الى جانب الشعب اللبناني في كل الطريق التي مرّ بها خلال الأعوام الماضية، وهي علاقة تاريخية متجذرة، وما تقدمه قطر للبنان واللبنانيين هو أقل الواجب”. ونوّه الأمير تميم “بدور اللبنانيين في قطر، وما يقدمونه في مجالات عملهم واختصاصهم”، مؤكداً “الترحيب الدائم باللبنانيين الذين بات عددهم يتخطى 55 ألف شخص”. وتحدث عن “الظروف الصعبة التي يمر فيها اللبنانيون وقدرتهم على النهوض من جديد”، مشيراً إلى أن بلاده “سعيدة جداً بأي تعاون يقوم بين البلدين في المجالات كافة”. وأعرب عن “استعداد بلاده للمساهمة في الاستثمار في لبنان بعد إنجاز القوانين المناسبة لذلك”، مؤكداً “الرغبة في العمل مع لبنان على تجاوز الظروف الراهنة”، وكاشفاً أنه “سوف يوفد وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى بيروت في الفترة المقبلة، لمتابعة البحث في التطورات، وتقديم المساعدة الضرورية للبنان”. كما عبّر عن أمله في أن “تجد الأزمة القائمة بين لبنان وعدد من دول الخليج حلولاً في القريب العاجل، ولا سيما أن لبنان كان دائماً إلى جانب الدول العربية والخليجية كافة”.
وردّ الرئيس عون شاكراً للأمير تميم دعوته، وأعرب عن سروره لتلبيتها، مقدّراً خصوصاً “الدعم الدائم الذي قدمته قطر للبنان والمساعدات التي ساهمت في التخفيف من معاناة اللبنانيين”. كما شكر له “ما تقدّمه بلاده للجيش اللبناني والمؤسسات الامنية”، معرباً عن أمله في أن “يتعزز التعاون بين البلدين أكثر لما فيه مصلحة الشعبين”. ورحّب بأي “استثمار تقوم به قطر لتنفيذ مشاريع انمائية في لبنان في مجالات الطاقة والكهرباء والقطاع المصرفي وغيرها، حيث الفرص كثيرة ومتفرعة”.وعرض للظروف التي يمر بها لبنان حالياً، معتبراً “إنها نتيجة تراكمات تجمعت منذ سنوات، بالإضافة إلى سياسات اقتصادية خاطئة تم اعتمادها”، لافتاً إلى “أن الجهود قائمة حالياً لوضع برنامج للنهوض الاقتصادي في البلاد سوف يعرض على صندوق النقد الدولي لإطلاق ورشة عمل متعددة الوجوه، تعالج الثغرات التي اوصلت البلاد الى ما هي عليه حالياً من أزمات”.
كما تناول البحث بين الرئيس عون والأمير تميم مواضيع عدة، لا سيما منها اعادة تأهيل مرفأ بيروت وتأمين الطاقة الكهربائية والتعاون في مجال النفط والغاز، حيث تقرّر أن يعقد الوزير فياض اجتماعاً مع نظيره القطري لاستكمال البحث في النقاط التفصيلية اللازمة، لا سيما بعدما أطلق لبنان دورة التراخيص الثانية للتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة في كانون الثاني/يناير 2022. واتفق الرئيس عون والأمير تميم على أن تعقد اجتماعات بين الوزراء في كل من لبنان وقطر، للبحث في المواضيع المشتركة التي تهم البلدين وفق الاتفاقات المعقودة بين البلدين.
وبعد خلوة بين أمير قطر والرئيس اللبناني، وصف عون أمير قطر بأنه “صديق لبنان الكبير”، وقال “وجّهت إلى سمو الأمير دعوة لزيارة بلده الثاني لبنان، ولقاء اللبنانيين الذين يكنون له ولدولة قطر كل المحبة والوفاء والتقدير على دوره في بلسمة جروحهم والمساعدة على حل الأزمات، ولا سيما أن الدوحة كانت دائماً مكاناً للتلاقي والحوار”، مضيفاً “تناول البحث الوضع في منطقة الشرق الأوسط حيث كانت الآراء متفقة على ضرورة العمل الجدي للوصول إلى حلول عاجلة للأزمات التي تواجهها الدول العربية، على أمل أن يعود الاستقرار قريبا الى ربوع هذه الدول لتنهض شعوبها من جديد وتسلك مسار التقدم والتنمية المستدامة والخير”.
وتخلل الزيارة سلسلة أحاديث أدلى بها الرئيس اللبناني إلى وسائل إعلام قطرية، فأوضح لقناة “الجزيرة” في موضوع الأزمة مع دول الخليج أنه “لم يطلب الاستقالة من أحد وأن وزير الإعلام جورج قرداحي سيتصرّف على أساس الأفضل للبنان، ونريد أطيب وأفضل العلاقات مع السعودية والدول الخليجية”. ولفت إلى أنه “لا يوافق حزب الله في إقالة المحقق في قضية مرفأ بيروت”، ودافع عن الحزب بقوله إنه “مُلتزم بالقرار 1701 ولم يصدر عنه أي خلل منذ 2017 “.
وحول كلامه عن عدم تسليم الرئاسة إلى فراغ والذي اثار جدلاً، قال عون سأغادر قصر بعبدا عند انتهاء ولايتي ولكن إذا قرّر مجلس النواب بقائي فسأبقى”.
وفي حوار مع صحيفة “الراية”، اعتبر عون “أن عبارة “لن اسلّم إلى الفراغ” استثمرت بشكل خاطىء في إطار الحملات المركزة والمبرمجة للإساءة”، وقال “ما قصدته كان من باب تأكيد عدم حصول فراغ بعد انتهاء الولاية الرئاسية، علماً ان الدستور اللبناني لحظ إمكان حصول الفراغ لأي سبب كان ونصّ على أن مجلس الوزراء يمارس مجتمعاً صلاحيات الرئيس إلى حين انتخاب رئيس جديد من مجلس النواب. سبق ان حصل ذلك مرتين بعد الطائف وآمل في ألا نصل إلى فرضية الفراغ، علماً أن الدستور واضح الحكومة القائمة هي من تتولى مجتمعة صلاحيات الرئيس”.
وعن احتمال التمديد قال: “بالنسبة لي التمديد غير وارد، قلت هذا مراراً واكرّره اليوم. أما الرئيس المقبل، فيجب أن يكون صاحب أكثرية نيابية يعني أن يتمتع بتمثيل صحيح ولديه من المؤهلات التي تمكّنه من تولي هذه المسؤولية الكبيرة ويكون ملمّاً بالتركيبة اللبنانية المميزة ويكون عنصر تلاق لا تفرقة، وليس أكيداً بعد من هو صاحب الأكثرية المقبلة في المجلس النيابي، والصورة تتوضح بعد انجاز الاستحقاق الانتخابي”.
ولفت إلى أنه “منتخب من مجلس النواب، لولاية محددة تنتهي في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2022، وسأبقى أتحمّل مسؤولياتي كاملة حتى ذلك التاريخ . ثم لم أفهم بعد ما هو الموجب الذي يحتّم استقالتي. إن الدعوات التي تصدر من حين الى آخر لا مبرّر واقعياً لها بل تندرج في اطار المزايدات والشعارات الشعبوية التي لو يدرك مطلقوها مدى خطورتها لكانوا أحجموا عن ترديدها”.
وأفاد عون أنه “لا يتدخل في عمل القضاء ولا يعرف ملابسات انفجار المرفأ ولم يطلع على الصور التي وفّرتها روسيا بل طلب تسليمها إلى القضاء. وما يقال عن قيام حركة أمل وحزب الله بربط نزاع بين الحكومة والقضاء، فإن الربط ليس بمكانه. فليس من صلاحية مجلس الوزراء بت موضوع القاضي طارق البيطار، وهذا الأمر متروك للقضاء حصراً”. وقال ” كتبت تغريدة استشهدت فيها بقول للإمام علي يقول “من وضع نفسه في موقع التهمة فلا يلومنّ من أساء به الظن”، وقد استدعت هذه التغريدة ردود فعل غير مبررة. والسؤال هو: لماذا يضعون أنفسهم في موقع المتهم؟ لا مبرّر لخوفهم من القضاء”. وختم “حزب الله ليس معنياً حتى الآن لأن المستدعين إلى التحقيق لا ينتمون إلى صفوفه، وحساسيته حول الموضوع تعود الى تلازم مسارات بين الثنائي”.
حيا الله دولة قطر و أميرها الشيخ تميم الحكيم المناصر لقضايا الأمة الإسلامية والعربية بارك الله جهوده،. وهذا ليس تملقا بل حقيقة واضحة وضوح الشمس