أنا ابن شعب صغير مضطهد

حجم الخط
5

نشرت قبل سنوات مقالة لاذعة في صحيفة امريكية رائدة انتقدت فيها انتقادا لاذعا حكومتي ودولتي على عملية عسكرية عنيفة غير ناجحة هجر خلالها آلاف المواطنين بيوتهم وقتل فيها مئات الأبرياء. ولم يكن من الصعب نشر المقالة. لأن انتقاد اسرائيلي لاسرائيل يهب للكاتب مكان تكريم في الاعلام الدولي. لكن كان من الصعب أن اقرأ بعض الردود المتحمسة على الكلام الذي نشرته. فلم يكن بين الممجدين باحثون عن السلام من السويد وباحثون عن الخير من كاليفورنيا فقط بل كان فيهم معادون للسامية سافرون.
وأدهشني أن نصي تبناه كارهون لاسرائيل من اليمين واليسار، ومسيحيون ومسلمون. وحينما قرأت رسائلهم الكثيرة للقشعريرة نذرت ألا أنسى أبدا مرة اخرى أنني ابن شعب صغير مضطهد يريد كثيرون في العالم القضاء عليه. وأن أتذكر أبدا أن الدولة اليهودية والشعب اليهودي واليهود، أعني الافراد، يثيرون عند ملايين غرائز مظلمة.
رأينا في الشهرين الاخيرين هياج الغرائز المظلمة. فقد عادت الكراهية القديمة وبقوة أكبر. يقول لي طلاب جامعات امريكيون إنهم لم يخبروا قط ما خبروه منذ بدأت عملية الجرف الصامد من معاداة السامية. ويقول لي شباب بريطانيون إنهم لم يظنوا قط أن يعلموا ما علمه آباؤهم وأجدادهم من معاداة السامية. وفي أجزاء كبيرة من اوروبا ايضا – في فرنسا وبلجيكا بالطبع، وفي اسبانيا وهنغاريا، وفي أنحاء العالم العربي والاسلامي.
وثار كل شيء دفعة واحدة وسقطت الأقنعة، وأصبح النقد المشروع للاحتلال نقدا غير مشروع لاسرائيل وتحول الى كراهية خبيثة لليهود. وفقد الحياء كثير من الشعوب التي أرسلت اليهود في دولها الى اوشفيتس. وانقضت مدة الرحمة وعادت كراهية اسرائيل.
ينبغي ألا نتجاهل صورة خدمة اسرائيل لمعادي السامية الجدد. فلا يجوز أن يُحرق فتى فلسطيني حياً في دولة يهودية. ولا يجوز في دولة يهودية ديمقراطية أن تهيج كراهية الأقليات وتتقد كراهية الآخرين وأن يسير الزعران في مسيرات في الشوارع. ويجب على الجيش الاسرائيلي ايضا أن يستعمل قوة نيرانه الضخمة استعمالا أذكى وأكثر حذرا. لكن لا شيء من خطايا اسرائيل يُسوغ عودة كراهية اسرائيل.
قصف ونستون تشرتشل درزدن، وقصف فرانكلين روزفلت طوكيو، وأباد هاري ترومان هيروشيما وناغازاكي. ولا يعتقد انسان عادل في العالم أن هؤلاء الزعماء العظماء يعتبرون مجرمي حرب بسبب تلك الافعال غير المقدرة. وهاجم بيل كلينتون جمهورية الصرب، وهاجم طوني بلير العراق، وهاجم براك اوباما افغانستان، ولا يعتقد انسان نزيه في العالم أن بريطانيا والولايات المتحدة لا شرعية لهما بسبب تلك الهجمات. وفقط حينما تستعمل اسرائيل قوتها استعمالا كثيفا وحينما توجد فقط في اسرائيل ظواهر هامشية قبيحة يكون الرد رفض مجرد وجودها. وحينما يسلك اليهود فقط سلوك كل شعب آخر كان يسلك السلوك نفسه لو تشابهت الظروف – تكون النتيجة غضبا على مجرد وجودها.
إن معاداة السامية ملزمة. فهي أولا تعرض شعوب العالم لتحدٍ وهو أنه لا تجوز العودة الى هناك لأن الحضارة الغربية ستكف عن كونها حضارة اذا أجازت للكراهية القديمة أن تخرجها عن طورها مرة اخرى. لكن معاداة السامية تعرض الاسرائيليين من اليمين واليسار ايضا الى تحدٍ.
وعلى ذلك يجب على القوميين بيننا أن يفهموا آخر الامر أننا لسنا الصين ولا روسيا ولسنا قوة من القوى العظمى. وليس لنا بسبب قيمنا وبسبب وضعنا في الحقيقة روح عامة تؤمن بالقوة والعيش على السيف. ويجب على الليبراليين بيننا ايضا أن يفهموا أننا لسنا الصين ولا روسيا ولسنا قوة من القوى العظمى، فنحن شعب أقلية صغير مهاجَم يشبه انتقاده انتقادا كاسحا للأقلية السوداء أو أقلية المثليين. ونحن ما زلنا يهودا برغم الثورة الصهيونية وبرغم السيادة الاسرائيلية. ويجب علينا بصفتنا يهودا أن ننحمي أنفسنا، ويجب علينا بصفتنا يهودا أن نكون على حق.

هآرتس 21/8/2014

آري شبيط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ثائر:

    اتسائل فقط الى كل من يفخرون بانتمائم الديني أولا أهم بشر اولا ام يهود او مسلمين او مسيحيين او هندوس ……….

  2. يقول عمر جزائري من باريس:

    هل لو كان وعلى سبيل المثال طفلين قاما بعمل شنيع وأحدهما لقيط اي العملين يكون الاشنع في نظرك الذي قام به اللقيط او الاخر قس على هذا واستنتج دولة قامت على الجماجم لا ترحل الا بالجماجم

  3. يقول حمزه:

    هذا اسلوب اليهود على مر التاريخ البكاء واللطم على الصغيره ( مقتل ثلاثة مستوطنين) وابتلاع الكبيره ( مقتل 2000 فلسطينى واكثر ) وهذا الكاتب يدعى انهم ليسوا قوه عظمى وهم من يحكمون امريكا التى تتسلط على العالم عامة والعرب خاصة والفلسطينيين بشكا مثير للحيره فما الذى بين امريكا والفلسطينيين حتى تتركهم لحرب اباده ظالمه

  4. يقول جهاد:

    من السنن الكونية الدائمة المؤكدة
    اى كيان او شبه دولة تمعن بالقتل والابادة لشعب اعزل محاصر وتقتله بالاف الحمم فقط للقضاء على منظمة هزيلة .. اكثر من 5000 هجمة جوية والاف مؤلفة من القنابل المحرمة دوليا بالطائرات والمدافع والغواصات البحرية واكثر من 200 الف جندى مدرب لاجتياح قطاع صغير مساحته 360 كليو متر مربع .. وقتل لشعب اعزل محاصر فقير بائس بلا ادنى اخلاق كل ذلك ينبؤ بحقيقة كونية
    زوال كيانكم ااوشك فهذه قوانين الطبيعة
    لن ينسى احد جرائمكم لقد حرقتم اطفال فقراء بؤساء عزل
    لا يوجد اى قانون كونى او مريخي يجيز ذلك
    زوالكم قد قترب

  5. يقول جهاد:

    مقال يجعل المرء يضحك
    شر البلية ما يبكي
    العالم يكرهكم بسبب جرائمكم وظلمكم
    حرب ابادة ظالمة ضد 2 مليون انسان محاصر فى شريط مكون من 360 كيلو متر مربع
    قتل حرق لاطفال بؤساء فقراء بدون ادنى ادنى مقوم للحياة الادمية وتقتلوهم بنيران حمم وكانهم قوة عظمى؟؟
    بعد ذلك تاتى لتقول العالم يكرهكم لانكم يهود؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    العالم العربى حمى اليهود واولاهم فى وقت كنتم مظلومون
    ثم غدرتم بالعرب وحتتلتم ارضهم وامعنتم فى الظلم والقتل والحرق
    لاااااااااااااا يوجد اى انسان شريف يرى قتل وظلم وقهر للمدنيين فى غزة ويؤيدكم
    انتم من تنتحرون اخلاقيا
    راجع نفسك يا مريض بعقدة الاضطهاد

إشترك في قائمتنا البريدية