أهالي خان يونس يهربون من “خطر إلى خطر”.. المرحلة الثانية من حملة التطعيم ضد “شلل الأطفال” تنطلق جنوب القطاع

أشرف الهور
حجم الخط
0

غزة- “القدس العربي”: على وقع أصوات القصف والانفجارات التي تحدثها هجمات جيش الاحتلال الإسرائيلي، بدأت حملة التطعيم ضد شلل الأطفال، في محافظة خان يونس، جنوبي قطاع غزة.

وتوافدَ الأطفال برفقة أولياء أمورهم إلى مراكز التطعيم في اليوم الأول بأعداد كبيرة، واصطفوا هناك في طوابير طويلة لتلقي الطعومات الوقائية من “شلل الأطفال”.

وتبدأ عمليات التطعيم من الساعة السابعة والنصف صباحاً وحتى الساعة الثانية ظهراً.

نازح غزيّ: كلّه خطر في خطر، نطلع الشارع خطر، ونظل في الدار خطر، ولما ما نطعم أطفالنا خطر

وحسب الجهات المشرفة على الحملة، وهي وزارة الصحة الفلسطينية، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الطفولة “اليونيسيف”، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، فقد جرى تحديد العديد من المراكز والنقاط الطبية في العديد من مناطق المدينة، باستثناء بعض المناطق المصنفة “حمراء”، والتي لم يعط جيش الاحتلال الأمر بوقف الهجمات فيها خلال فترة التطعيم، التي تستمر لساعات قليلة في اليوم.

وقد تم نشر نحو 517 فريقًا، بما في ذلك 384 فريقًا متنقلًا، ومن المقرر أن تستمر الحملة حتى يوم الثامن من الشهر الجاري، وتستهدف ما يقدر بنحو 340 ألف طفل دون سن العاشرة.

وقبل انطلاق الحملة، جرى نقل 490 حاملة لقاح وصندوق تبريد وإمدادات أخرى إلى خان يونس لتوزيعها على مواقع التطعيم.

وسبق انطلاق الحملة قيام نحو 300 عامل في مجال التوعية المجتمعية، بالتواصل مع الأسر في مناطق خان يونس، بهدف رفع مستوى الوعي بالحملة.

واضطرت عوائل كثيرة للسير لمسافات طويلة من المناطق المصنفة “حمراء”، وبعضها من استقل عربات تجرها الحيوانات لإيصال أطفاله إلى مناطق التطعيم.

غير أن بدء التطعيم في اليوم الأول جاء على وقع دوي انفجارات ناجمة عن هجمات لجيش الاحتلال على مناطق تقع شرق المدينة.

وقال محمد النجار، الذي وصل إلى أحد المراكز الطبية وسط المدينة، برفقة اثنين من أطفاله، إنه وصل إلى مكان التطعيم، وهو لا يأمن على نفسه وأطفاله من استهداف إسرائيلي في الطريق.

وأشار، في حديث لـ “القدس العربي”، إلى أن الكشف عن إصابات بهذا المرض دفعه رغم المخاطر لانتظار وصول الحملة لمدينة خان يونس لتطعيم أطفاله، وأضاف: “كله خطر في خطر، نطلع الشارع خطر، ونظل في الدار خطر، ولما ما نطعم أطفالنا خطر”.

هذا الرجل قدم من إحدى المناطق الشرقية لمدينة خان يونس، والتي تعرضت، قبل عدة أيام، لاجتياح بري واسع دام لـ 22 يوماً، وأسفر عن سقوط مئات الضحايا، وإحداث خراب كبير هناك، ولا يزال جيش الاحتلال يصنف العديد من المناطق هناك بأنها “حمراء”، حيث لا تتوفر فيها مراكز للتطعيم.

ووصلت إلى مراكز التطعيم أمهات يحملن أطفالهن الرضع، وبينهم أطفال ولدوا خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من 11 شهراً، وآخرون وضعتهم أمهاتهم قبل أسابيع قليلة.

وقالت إحدى الشابات اللواتي حضرن لنقطة تطعيم طبية، وكانت تحضن طفلها البكر الذي وضعته قبل شهرين: “جئت لخوفي على طفلي من الإصابة بالشلل”، وتضيف: “لكن ما حد بيعرف إن نجا من الشلل هل من الممكن أن ينجو من القصف”، وقد أشارت إلى حوادث كثيرة قضى فيها أطفال رضع بسبب الصواريخ الإسرائيلية.

وكانت دولة الاحتلال رفضت إعطاء “هدنة إنسانية” كاملة خلال فترة التطعيم، وزعمت أنها ستوقف الغارات والهجمات في مناطق مراكز التطعيم فقط، خلال الساعات المخصصة للعملية يومياً، غير أنه سجل قيام جيش الاحتلال بشن عدة هجمات دامية في محيط مراكز التطعيم خلال انطلاقها وسط قطاع غزة.

وتنتشر نقاط طبية لتطعيم الأطفال في منطقة المواصي، غرب المدينة، والتي تشهد اكتظاظاً كبيراً جراء الأعداد الكبيرة من النازحين التي سكنت في تلك المنطقة.

وتجمع النازحون هناك وأطفالهم أمام النقاط الطبية لتلقي الطعومات، ومن بينهم نازحون من مدينة غزة وشمالها، والتي ستنطلق فيها عملية التطعيم الأسبوع القادم، وآخرون من مدينة رفح، التي تتعرض لعملية توغّل برية كبيرة مستمرة منذ ما يقارب الأربعة أشهر، وهي منطقة لن تصل إليها طواقم الحملة، حيث سيجري تطعيم الأطفال في مناطق نزوح عوائلهم.

وحتى قبل ساعات فقط من انطلاق الحملة، كانت قوات الاحتلال قد استهدفت خيمة نازحين في منطقة المواصي، أسفرت عن سقوط شهيد وأكثر من عشر إصابات.

وتستهدف الحملة، التي انطلقت مرحلتها الأولى وسط قطاع غزة، الأطفال حتى سن العاشرة.

وكانت الجهات المشرفة على الحملة أعلنت اكتمال المرحلة الأولى من حملة الطعيم ضد شلل الأطفال في وسط غزة. حيث تم تلقيح أكثر من 187,000 طفل دون سن العاشرة، متجاوزين الهدف المقدر.

وذكرت إيناس حمدان، المتحدثة باسم “الأونروا”، أن أربعة مواقع ثابتة ستستمر في تقديم اللقاح في الأيام الثلاثة القادمة لضمان عدم استثناء أيّ طفل.

اضطرت عوائل كثيرة للسير لمسافات طويلة من المناطق المصنفة “حمراء”، وبعضها استقلّ عربات تجرّها الحيوانات لإيصال أطفاله إلى مناطق التطعيم

وأكدت “الأونروا” أن الجهود مستمرة لتوفير اللقاح لأكبر عدد ممكن من الأطفال، وشددت على أهمية الالتزام بفترات الهدنة المؤقتة في المنطقة، وشددت، في ذات الوقت، على الحاجة إلى وقف إطلاق النار بشكل كامل.

وحسب الترتيبات، ستنفذ المرحلة الثالثة والأخيرة من حملة التطعيم ضد “شلل الأطفال” في شمال غزة خلال الفترة من 9 إلى 11 سبتمبر الجاري، وتستهدف حوالى 150 ألف طفل.

وكان وزير الصحة الفلسطيني ماجد أبو رمضان أعلن عن وصول 350 ألف جرعة جديدة من طعومات شلل الأطفال إلى قطاع غزة، وذلك خلال فترة التطعيم الأولى.

وقال: “إن هذه الدفعة الثانية تم حفظها في مخزن للطعومات خصص لحملة التطعيم بالتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة”.

وأشار إلى أن عدد الجرعات الواصل إلى قطاع غزة بلغ نحو مليون وستمئة ألف جرعة، لافتاً إلى أن هذه الجرعات تكفي لتطعيم كافة الأطفال من عمر يوم وحتى 10 أعوام بجرعتين من المطعوم.

وطالب الوزير الفلسطيني المجتمع الدولي والمنظمات الدولية، بزيادة الضغط على إسرائيل لوقف العدوان على غزة، وتسهيل مهمة الكوادر الصحية في القطاع.

جدير ذكره أنه، في شهر أغسطس الماضي، جرى الكشف عن تسجيل أول إصابة في قطاع غزة بفيروس شلل الأطفال لطفل نازح في مدينة دير البلح، وهي أول إصابة تسجل منذ 25 عاماً، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

وكانت وزارة الصحة أعلنت، بعد إجراء عدة فحوصات، أن تجمع النفايات وبرك الصرف الصحي، وقلة النظافة، وأسبابها الحرب المستمرة على غزة، هي من تسبّب في انتشار المرض الخطير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية