دمشق ـ «القدس العربي»: رغم بسط حكومة تصريف الأعمال، وعناصر العمليات العسكرية، سيطرتهم على العاصمة السورية دمشق، إلا أن مقاتليهم وقوات الأمن الداخلي لم تدخل مدن طوق العاصمة في أرياف دمشق ودرعا، التي لا تزال غير مضبوطة أمنياً، وتعاني من فوضى انتشار السلاح، حيث تتولى زعامات سابقة ووجهاء المدن والفصائل المحلية التي أسست غرفة عمليات «فتح دمشق» أمر ضبط السلاح، وإزالة المخالفات والأبنية العشوائية التي كانت مركزاً لتوزيع وبيع المخدرات.
ما إن ينتهي أوتوستراد المزّة ومطارها العسكري، قادماً من دمشق، تواجهك ضاحية المعضمية أو ما كان يُطلق عليها اسم «كراج السومرية» أهم ثكنة عسكرية كانت تربط دمشق بريفها من الجهة الغربية، حيث مدخل مدينة معضمية الشام. هناك بقايا حواجز عسكرية وأمنية، وأكشاك مخصصة لبيع المخدرات والمواد المهرّبة، تجري إزالتها من الطريق الرئيسي مقابل مطار المزة العسكري، ثم يليها أعمال هدم وترحيل في «الحي الشرقي» تتشارك فيها مجموعة من الآليات الضخمة، التي تواصل عملها ليل نهار لنقل ردم الأبنية بمساهمة متطوعين مدنيين من سكان المنطقة.
أنور سلامة، من أبناء المعضمية يقول لـ «القدس العربي»: إن هدم الأكشاك المخالفة في «كراج السومرية» على مدخل المدينة، والتي كانت مخصصة لبيع أنواع المخدرات وحبوب الكبتاغون، تعود ملكيتُها لشخصيات متنفّذة من ضباط الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، تجري بمبادرة من بعض الوجهاء والزعامات في المدينة، وبتبرع من بلدية مدينة معضمية الشام، وبعض الجهات الأهلية التي تملك آليات ثقيلة».
كما تعمل هذه الجهات الأهلية، حسب سلامة، على هدم كلّ المخالفات والعشوائيات في «الحي الشرقي» القريب، وهو حي استملكه ضباط النظام السابق، وانتزعوا معظم أراضيه من أهالي المدينة.
ويربط «كراج السومرية» الواقع في ضاحية المعضمية، مدينة دمشق بريفها الغربي، ويُعتبر الكراج سابقاً محطةً لانطلاق الخطوط الخارجية إلى لبنان والأردن. حيث يمرّ المسافرون عبر ثلاث نقاط تفتيش أمنية لكل من وزارة الداخلية ومكتب أمن الرابعة وفرع الأمن العسكري. وما إن تعبر هذا الكراج حتى يليه «الحي الشرقي» كما يسميه أهالي المدينة.
في هذا الحي، ينتشر السلاح في يد ضباط النظام وعناصره السابقين، حيث لايزال هؤلاء في بيوتهم إلى الآن.
ويقول الضابط السابق في جيش النظام محمد العطار لـ «القدس العربي» إن الحي يعود إلى مخالفات بناها ضباط الفرقة الرابعة، وعناصر المخابرات العسكرية والجوية ومختلف فروع الأمن، حيث أقيمت البيوت كمخالفات عشوائية، بعدما وضع ضباط النظام يدهم على الأرض، وأجبروا الناس على بيع ممتلكاتهم وأراضيهم تحت الضغط.
مبادرات أهلية لبسط الأمن وسحب السلاح في مدن وبلدات ريف دمشق
ويتابع العطار الذي شغل منصب قائد المجلس العسكري التابع للمعارضة في مدينة معضمية الشام: «التجمعات السكنية لحاضنة النظام مازالت موجودة هناك، وتحيط بالمدينة إحاطة كاملة، وكل سكانها من المسلحين بشتى أنواع الأسلحة، وهم من عناصر الأمن والمخابرات. وما ينتظره أهالي المدينة اليوم وصول عناصر إدارة العمليات العسكرية، لجمع السلاح وضبط المنطقة».
وحول الوضع الأمني في المدينة، يقول العطار: «تنتشر فوضى السلاح ضمن المدينة نفسها» وذلك «ناتج عن عدم اعتراف بقايا المعارضة ممّن شكّلوا غرفة عمليات فتح دمشق، بأي إدارة جديدة، حيث يرفض هؤلاء إلى اليوم تسليم سلاحهم الذي لم يتمكن النظام سابقا من سلبه».
وحسب المتحدث، فإن المدينة تعيش مرحلةً قريبة من الفوضى داخلها وخارجها، لأن «إدارة العمليات لم تدخل المدينة بعد، ولم تفرض سيطرتها الأمنية، بينما تقوم شخصيات بارزة ووجهاء من الأهالي بمحاولة ضبط السلاح رغم عدم وجود توافق أو انسجام بين الزعامات، وهو ما يعرقل عملها».
ويتابع الضابط السابق: «نتيجة خطة مدروسة قام بها ضباط النظام قبل حلّ الجيش وتقهقره، تقضي بأمر العسكر بالتوجه مع السلاح إلى بيوتهم. وبسبب خوف هؤلاء الجنود من مهاجمة فصائل المعارضة المسلحة، فقد ألقوا السلاح على الطرق وفي القرى والمدن التي مروا بها، ما أدى إلى انتشار السلاح بطريقة غوغائية لدى كل الناس، الصغير والكبير والعاقل وغير العاقل».
وبينما تركز السلطة المؤقتة في سوريا على عملها الأمني على مراكز المدن، ومن بينها العاصمة دمشق، تُركت مسؤولية أمن بقية المناطق على عاتق أهالي المنطقة وأبنائها.
مصدر من الهيئة السياسية فضل حجب هويته، يقول لـ «القدس العربي» إن الأولوية اليوم في الضبط الأمني هي للعاصمة على وجه الخصوص، والمدن الكبرى، من حيث تثبيت الأمن وتسيير أمور المؤسسات وفيما بعد المدن الصغرى والقرى.
وكشف المتحدث أنه «لا تواصل فعلي، أو إحكام أمني للقرى والمدن» معتبراً أنه «أمر طبيعي في مرحلة انتقالية ضمن بلد مُنهك حيث تواجه سوريا مهام متشابكة وجملة من التحديات الراهنة، في ظلّ قيادات مفصولة عن الشعب وإمكانيات ضيقة» لافتاً إلى أن الوصول إلى المدن والقرى مسألة وقت.
وفي مدينة درعا جنوب سوريا، يتوزع عناصر الفصائل المحلية على المداخل ومخارج المدينة، لضبط الأمن وحماية الممتلكات العامة من السرقة، ولكن ذلك لم يحم الأهالي ولم يكن كافياً، حيث وثّق المتحدث باسم شبكة تجمع أحرار حوران أيمن أبو نقطة لـ «القدس العربي» إصابة شخصين أمس الأحد، إثر اشتباكات مسلّحة اندلعت في مخيم درعا.
وقال: الاشتباكات نشبت على خلفية خلافٍ قديم يتعلق بعمليات سرقة تورّط فيها أفراد يُعرفون بـ«أبناء شاهة الحرفوش» وعناصر يتبعون للقيادي محمد شلاش «أبو حمزة».
كما قتل الطفلان غيث وليث فنيخر، وهما من عائلة نازحة، نتيجة انفجار قنبلة من مخلّفات الحرب في مدينة الصنمين شمالي درعا. تابع «عثر الأطفال على القنبلة وقاموا بوضعها داخل غرفة في المنزل، وأثناء العبث بها انفجرت، ما أدى إلى مقتل الطفلين على الفور وإصابة سيدتين بجروح متفاوتة جرى نقلهما إلى المشفى».
وكانت وزارة الدفاع التابعة لحكومة الإنقاذ، قالت إنها سوف تحلّ جميع الفصائل السورية «ولن يكون هناك سلاح خارج سلطة الدولة».