الكيان الإسرائيلي يفقد جبروته … ويروِّج أكاذيب الأنفاق لعرقلة اتفاق وقف إطلاق النار

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: إسرائيل التي ظلت طيلة عقود تقدم نفسها للعالم باعتبارها “قبضايا” المنطقة باتت “ملطشة”، الوصف ليس لكاتب عربي، بل لأحد المعلقين اليهود في قناة إسرائيلية بعد ساعات من سقوط صاروخ من اليمن بالقرب من مطار بن غوريون ليصيب مليوني إسرائيلي بالرعب، هرعوا للملاجئ، ليعيش الكيان أزمة وجودية، وتواجه قياداته حقيقة بات يهرب منها منذ فجر طوفان الأقصى مفادها، أن قوة الردع لم تعد حكرا صهيونيا، إذ إن هذه القوى الفتية في فلسطين ولبنان واليمن والعراق، باتت قادرة على ترويع أمن المحتل، وبوسعها أن تكبده الكثير من الخسائر. ولعل أبرزها تبديد وهم مفاده الجيش الذي لا يقهر يوفر لشعبه الأمن المطلق، وبات ذلك الشعب نزيل الملاجئ بسبب كثرة ما يلاقيه من صواريخ ومسيرات تلاحق أفراده. تفقد الفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي قاعدة محمـد نجيب العسكرية، بحضور الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وعدد من قادة القوات المسلحة، يأتي ذلك في إطار حرص القيادة العامة للقوات المسلحة على المتابعة الميدانية لتشكيلات ووحدات القوات المسلحة. وقد استمع القائد العام للقوات المسلحة إلى شرح تفصيلي من اللواء هشام حسني قائد المنطقة الشمالية العسكرية عن قاعدة محمـد نجيب العسكرية، التي تعد أحد أبرز قلاع العسكرية المصرية، بما تضمه من قوة عسكرية ضاربة ووحدات قتالية وإدارية وميادين للرماية والتدريب على الأسلحة المختلفة. وقام الفريق أول عبد المجيد صقر بجوله تفقدية تضمنت المرور على ميادين التدريب التخصصية، وناقش عددا من المقاتلين في كيفية تنفيذهم لمهامهم المكلفين بها، كما قام بالمرور على ميادين الرماية الإلكترونية المزودة بأحدث الأنظمة.
وبقدر حالة الفرح التي انتابت الكثير من المواطنين بالصاروخ اليمني تسبب اصطدام قطارين في مدينة الزقازيق في حالة من الحزن، وأمرت النيابة العامة بتشكيل لجنتين الأولى لجنة خماسية من المهندسين المختصين بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والمكتب الاستشاري في الكلية الفنية العسكرية، والثانية من هيئة السكك الحديدية في القاهرة برئاسة أحد المهندسين الفنيين في محطة مصر، والمسؤول عن الهندسة الفنية لمحطة مصر. وتتجسد مهمة اللجنتين في فحص القطارين لبيان مدى صلاحياتهما وصلاحية أجهزة التشغيل والسلامة الخاصة بهما ومعاينة محل الواقعة لبيان أسباب وكيفية وقوع الحادث والمتسبب في ذلك، وبيان مدى اتباع المسؤولين عنهما للتعليمات واللوائح المنظمة للتشغيل من عدمه. وفي الحالة الثانية تحديد أوجه المخالفات المنسوبة لهم وطبيعتها وسند مسؤولياتهم.
غادر الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، مطار القاهرة الدولي، مُتجها إلى العاصمة السعودية، الرياض، في زيارة يُرافقه خلالها أحمد كجوك وزير المالية، والمهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية. الزيارة تستهدف، بحث القضايا الإقليمية، وبحث سُبل التعاون المشترك مع كِبار المسؤولين السعوديين، وكذا العمل على بحث فرص الاستثمار المشترك.
ومن أخبار الراحلين حرص المخرج يسري نصر الله على نعي الروائي اللبناني والكاتب إلياس خوري، الذي وافته المنية أمس الأحد. وكتب يسري: «نعرف بعض من 46 سنة، أصحاب من وقتها، اشتغلنا سوا، واتناقشنا وعملنا فيلم سوا، ودايما كنت حريص أعرف رأيه في شغلي، وهو حريص يعرف رأيي في شغله». وأضاف: «جمع بيننا حبنا للحياة وللحق وللجمال ولفلسطين مع السلامة يا حبيبي يا إلياس، كل الحب لنجلاء وعبلة وطلال».
يفضحه جيشه

بعد أن ظل الكذاب الأكبر نتنياهو، وفق ما يصفه جلال عارففي “الأخبار” يملأ الدنيا بمزاعمه التي يحاول فيها تبرير انتهاكه الوقح لاتفاقيات السلام وإصراره على البقاء في ممر صلاح الدين (فيلادلفيا)، ومعبر رفح الفلسطينى بحجة أن الأنفاق في هذه المنطقة كانت الطريق المفتوح لتزويد “حماس” بالسلاح، وأن وجود الجيش الإسرائيلي في المنطقة هو الذي سيمنع ذلك ويضمن ألا تتكرر الهزيمة الإسرائيلية الموجعة في 7 أكتوبر/تشرين الأول بعد كل أكاذيب نتنياهو التي كانت – كما قالت مصر- تبريرا لفشله، وتمهيدا لإفشال اقتراح التهدئة، ومحاولة لاستفزاز مصر. ها هو جيش إسرائيل نفسه يفضح الكذاب الأكبر ويعلن على الملأ أنه قام بتدمير كل الأنفاق في منطقة رفح الفلسطينية، ولم يجد نفقا واحدا صالحا للاستعمال يؤدي إلى الجانب المصري. في التفاصيل قال القائد المسؤول عن العمليات العسكرية في رفح العميد إيزاك كوهين، بأن قواته وجدت في المنطقة من الحدود وحتى مشارف مدينة رفح على بعد 300 متر حوالي 203 أنفاق منها تسعة أنفاق كانت – في مرحلة سابقة – تمتد إلى داخل الحدود المصرية، لكنها وفقا لتأكيدات المسؤول العسكري الإسرائيلي- كانت جميعها مغلقة وغير صالحة للاستعمال منذ فترة طويلة. ما أعلنه الجيش الإسرائيلي رسميا قبل يومين كان معروفا لدى قيادات إسرائيل، وأشارت إليه وسائل الإعلام ومنها القناة 12 التلفزيونية قبل أسبوعين، أي أن – الكذاب الأكبر- نتنياهو كان على دراية به وهو يكرر تهديداته ومزاعمه المنحطة حول تهريب السلاح من مصر إلى المقاومة، وحول إمكانية استخدام “حماس” للأنفاق لتهريب قياداتها أو لنقل الرهائن الإسرائيليين إلى اليمن أو إيران.. لم يكن نتنياهو يكذب فقط على العالم لنسف أي فرصة للتهدئة في غزة، وإنما كان يكذب أولا على شعبه ليبرر فشله في تحقيق أي هدف أساسى لحرب الإبادة التي يشنها في غزة، وليتهرب من المسؤولية عن قتل الرهائن واستمرار حرب يقول قادة جيشه إنها انتهت من شهور. مصر أكدت موقفها الحاسم من البداية، وكشفت كل أكاذيب مجرم الحرب، ورفضت أي انتهاك للاتفاقيات الرسمية، وأي وجود إسرائيلي في محور صلاح الدين، أو معبر رفح. الآن تفضح بيانات جيش إسرائيل كل مزاعم الكذاب الأكبر نتنياهو، ويبقى على دول العالم أن تقرر إلى متى يستمر استقرار وسلام المنطقة رهينا بموقف مجرم حرب مثل نتنياهو.

ظاهرها الرحمة

الولايات المتحدة الأمريكية تدرس اقتراحات توصى باستقبال عدد من الفلسطينيين، وتحديدا من النازحين من قطاع غزة بصفتهم (لاجئين)، وهم الذين لديهم أقارب من الدرجة الأولى حاصلين على الجنسية الأمريكية، أو يتمتعون بإقامات دائمة في أمريكا، وتضَمّن أحد هذه المقترحات، حسب بلال الدوي في “الوطن”، استخدام البرنامج الأمريكي لقبول اللاجئين المعمول به منذ عقود لاستقبال الفلسطينيين الذين تربطهم علاقات بأمريكا، وتمكنوا من النزوح من غزة. وسيتمكن من يجتاز سلسلة من الاختبارات الأهلية والفحوصات الطبية والأمنية من السفر إلى أمريكا بصفة (لاجئ)، التى تمنح المستفيدين منها الإقامة الدائمة ومزايا إعادة التوطين من قبيل المساعدة في الحصول على سكن، وتمهيد الطريق أمام الحصول على الجنسية الأمريكية. هذا هو الخبر الذي أشعل الموقف بين أرجاء السياسيين الأمريكيين، وأشعل الموقف بين السياسيين العرب والأمريكيين وانقسموا ما بين مؤيد ومعارض للاقتراح الذي تستعد أمريكا لتطبيقه، البعض اتهم أمريكا بأنها بهذا الاقتراح تدعو لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، تمهيدا لتصفية القضية الفلسطينية، بعد أن تصدت «مصر» لهذه الفكرة ورفضتها وعملت على إفشالها، فتم البحث عن وسيلة أخرى لإفراغ قطاع غزة من سكانه بعدة طرق منها هذه الطريقة. المؤشرات تقول إن أمريكا وضعت عدة شروط لكي يكون الفلسطينيون النازحون من قطاع غزة مؤهلين لدخول أراضيها ومنها: يجب أن يثبت المتقدمون أنهم فارون من الاضطهاد القائم على أسباب من قبيل الاضطهاد الذي لحق بهم من (إسرائيل) واعتبار أن الحكومة الإسرائيلية هي (جهة الاضطهاد).

باطنها العذاب

المقترحات الخاصة باستقبال بعض الفلسطينيين ومنحهم صفة (لاجئين) في أمريكا ستمثل بالنسبة لبلال الدوي تحولا في سياسة وممارسة الحكومة الأمريكية، حيث إن برنامج اللاجئين الأمريكي لم يقُم بإعادة توطين الفلسطينيين بأعداد كبيرة مثل التي يتم اقتراح توطينها، هذه الاقتراحات يدعمها الحزب الديمقراطي، لكنها تلقى رفضا شديدا من الحزب الجمهوري، والديمقراطيون يعتبرون القبول بفكرة استضافة الفلسطينيين كـ(لاجئين) قد يضع إدارة الرئيس بايدن، أمام مواجهات جديدة مع الحزب الجمهوري، لكن الحزب الديمقراطي أراد من وراء ذلك مُغازلة طلبة الجامعات الذين انتفضوا دفاعا عن غزة وتظاهروا لمدة طويلة، وأحدث ذلك انقساما شديدا داخل صفوف المجتمع الأمريكي فأرادوا تبني هذا الاقتراح لرأب الصدع الذي حدث، وترميم العلاقات بين الطلبة والحكومة الأمريكية، والإحصائيات الأمريكية الرسمية تقول: منذ (10) سنوات أعادت أمريكا توطين أكثر من (400) ألف لاجئ فروا من جحيم العنف والحرب في جميع أنحاء العالم، وكان من بينهم (600) فلسطيني. أمريكا تستعد لقبول (125) ألف لاجئ فلسطيني من المقيمين في قطاع غزة. بايدن أعطى تعليماته باستقبال الأطفال الفلسطينيين من المقيمين في قطاع غزة المعرضين للخطر، والذين يعانون من مشكلات صحية، خاصة مرضى السرطان ومعهم عائلاتهم. تفريغ قطاع غزة – خلال الفترة المقبلة – من سكانه خطر كبير، خاصة أنه سيتم تعميم هذا الاقتراح الأمريكي في عدد من الدول الأوروبية والافريقية، حيث سيتم فتح الباب أمام سكان قطاع غزة للخروج واختيار دول بعينها للذهاب إليها ومنها كندا – تفتح باب الهجرة بصفة دائمة طول العام – وأستراليا ورواندا وأوغندا والعراق.

سايكس بيكو للأسف

فى العقود التي تلت الحرب العالمية الأولى، كانت اتفاقية «سايكس- بيكو» حسبما ذكّرنا عبد اللطيف المناوي في “المصري اليوم”، رمزا لتقسيم العالم العربي وتفتيته لصالح القوى الاستعمارية الغربية. الاتفاقية، التي وُقّعت سرّا عام 1916 بين بريطانيا وفرنسا، قسّمت الأراضي العثمانية العربية إلى مناطق نفوذ، وقُسمت حدود الدول الحديثة في الشرق الأوسط بناء عليها، بشكل اعتبره العديد من المفكرين العرب والإسلاميين في القرن العشرين أساسا للتجزئة والضعف العربي. لكن مع مرور الوقت وتغير الظروف، بدأ البعض ينظر إلى هذه الحدود التي رسمتها الاتفاقية كضرورة لا غنى عنها لضمان الاستقرار النسبي في المنطقة. أصبح التحول في النظرة إلى اتفاقية سايكس- بيكو مفهوما للأسف في ضوء الأوضاع الراهنة في العالم العربي. هناك عدة عوامل دفعت إلى هذا التغيير في الموقف. الواقع العربي المهدد بالتفتيت هو أحد أهم عوامل التحول، فقد شهد العالم العربي منذ عام 2011 موجة من الثورات والاحتجاجات، سُميت زورا «الربيع العربي»، ظن البعض أنها ستحقق تغييرات ديمقراطية واجتماعية، لكن النتائج جاءت كارثية، حيث غرقت دول مثل سوريا وليبيا واليمن في أتون حروب أهلية مدمرة. وظهرت على السطح دعوات إلى تقسيم هذه الدول إلى كيانات أصغر على أسس عرقية أو طائفية. على سبيل المثال، فكرة تقسيم سوريا إلى دويلات على أسس طائفية أو تقسيم ليبيا إلى دويلات شرقية وغربية، أصبحت تُطرح كأحد الحلول «الواقعية» لمشكلة النزاع المستمر.

حد أدنى للوحدة

انضمت إلى تلك الدول التي حدثنا عنها عبد اللطيف المناوي حينئذ دولة كبيرة مثل السودان، التي تواجه مستقبلا مجهولا، تبدو فيه السودان مفتتة. كان صعود الهويات الفرعية وإضعاف الدولة المركزية التي ظهرت في سياق الحروب الأهلية والتوترات الطائفية، مثل الانتماء الطائفي أو العرقي على حساب الهوية الوطنية الجامعة. على سبيل المثال، في العراق، تصاعدت الهويات الشيعية والسنية والكردية، ما أدى إلى تفكك النسيج الاجتماعي وإضعاف الدولة المركزية. هذا الصعود يُعزز المخاوف من أن أي محاولات لتغيير الحدود ستؤدي إلى تفتيت الدول إلى دويلات طائفية أو عرقية ضعيفة غير قادرة على حماية سيادتها، أو مواجهة التحديات الإقليمية. وكان الخوف من فراغ السلطة أحد المخاطر الحقيقية. تجربة ما بعد سقوط أنظمة قوية في العالم العربي مثل العراق وليبيا وسوريا، أظهرت أن انهيار الدولة المركزية يؤدى غالبا إلى فراغ في السلطة يُملأ بواسطة جماعات مسلحة أو تنظيمات إرهابية كـ«داعش» و«القاعدة». هذه التهديدات بالتقسيم جعلت البعض يُعيد التفكير في اتفاقية سايكس- بيكو، إذ رأوا أن الحدود التي رسمتها، رغم عيوبها، حافظت على وحدة الدول العربية لفترة طويلة. ومع تفاقم الانقسامات الداخلية، أصبح الحفاظ على الوضع القائم، حتى لو كان نتيجة اتفاقية استعمارية، أهون الشرَّيْن مقارنة بخطر انهيار الدول بالكامل. إنها مفارقة تاريخية محزنة أن الاتفاقية، التي كانت تُعتبر لسنوات رمزا للتجزئة، أصبحت الآن تُعتبر خيارا للحفاظ على الحد الأدنى من الوحدة والاستقرار.

أكاذيبهم مفضوحة

نفق «تل السلطان» الذي أعلن عنه الجيش الإسرائيلي مؤخرا جنوب رفح زاعما أنه يصل إلى الأراضى المصرية، يصفه كرم جبر في “الأخبار” بالخبر الملفق اذ تفضحه الصور نفسها، اعترف المتحدث الإسرائيلي نفسه بأن المصريين قاموا بغلقه من ناحيتهم.. فماذا تريدون من مصر؟ إذا روجت إسرائيل أكاذيب الأنفاق، نعرف جيدا أنها تعرقل اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن، وتلقي فشلها على مصر، ومزاعمها ليست جديدة لأن مصر أكدت أكثر من مرة أنها أغلقت فتحات الأنفاق من جانبها، وإقامة منطقة آمنة على الحدود مع غزة.. فما الجديد؟ ولم يسمح الجيش الإسرائيلي للمراسلين الذين اصطحبهم الاقتراب من النفق الكاذب، وفضحت الصور ضحالة الدعاية الإسرائيلية، وتعمد إثارة عراقيل كلما اقتربت مباحثات وقف إطلاق النار من نقاط الاتفاق. وتؤكد مواقف نتنياهو أنه لا يريد تبادل الرهائن حتى لو لقوا حتفهم جميعا نتيجة الظروف المعيشية القاسية، ويواجه ضغوط الرأي العام الإسرائيلي بتأجيج الغضب بشأن الرهائن المتوفين، لخلق حالة من الرغبة في الانتقام من المدنيين في غزة، وتمرير عمليات القتل اليومية، التي تجاوز ضحاياها أكثر من 41 ألف شهيد ومئة ألف جريح، معظمهم من النساء والأطفال. ويبدو أن نتنياهو يعتبر الأنفاق الكاذبة طوق نجاة لاستمرار الحرب والهروب من الضغوط الدولية المتزايدة من أجل وضع حد للمأساة المروعة في غزة، ويستهدف تمسكه بالبقاء في محور فيلادلفيا، وعدم الانسحاب منه، وبدأت فرق هندسية إسرائيلية في تمهيد الطريق، وهو ما تحذر منه مصر بشدة، وتنبه إلى خطورة المساس ببنود معاهدة السلام.

عقدة قديمة

يردد الأكاذيب نفسها وزراء اليمين المتطرف بن غفير وزير الأمن القومي، وبيني غانتس وزير الحرب السابق، بينما يؤكد زعيم المعارضة يائير لابيد أن نتنياهو يفعل ذلك للتغطية على فشله الشخصي. وتتجدد الأكاذيب كما أخبرنا كرم جبر، كلما تلوح في الأفق بوادر الانفراج، وتجيء في هذا التوقيت بالذات للتغطية على اجتياح الضفة الغربية، على غرار ما حدث في غزة، لتشتيت انتباه الرأي العام وإيجاد مبررات لإفشال صفقة تبادل الرهائن، والاستمرار في سياسته العدوانية التي تضع المنطقة كلها على شفا الحرب. وأخطر من أكاذيب الأنفاق حرب الكراهية التي يؤججها نتنياهو واليمين المتطرف وعلى رأسهم بن غفير، الذي يطالب بتطبيق عقوبة الإعدام على الأسرى الفلسطينيين الذين سماهم «المخربين»، لحل مشكلة الازدحام في السجون، بعد أن وافقت حكومته على بناء جديد يتسع لألف سجين، ويتيح استقبال المزيد. والأسوأ أنهم يجعلون حلم السلام والاستقرار في المنطقة بعيد المنال، في ظل جماعة عنصرية تحكم إسرائيل، وترتكب جرائم الإبادة المنظمة، في وقت تتزايد فيه الجهود للتهدئة وعدم توسيع نطاق الصراع، وإحياء فكرة حل الدولتين.عاشت إسرائيل على «عقدة المظلومية» بعد الحرب العالمية الثانية، لكسب التعاطف واستثمرت ما سمته محرقة الهولوكوست لمزيد من الدموع الزائفة على حائط المبكى، حتى انكشف الوجه العنصري القبيح في أحداث غزة، وتوالت التصريحات الأكثر قبحا لوزراء بدرجة سفاحين.

وثيقة الصلة

لا يرى الاب رفيق جريش في “الشروق”، جدوى من تلك المناظرات إذ عادة أن ما يقوله المرشحون يغيرونه أو تتغير الأحوال فتتغير معها الوعود التي وعدوا بها، ولكن لا بأس أن نعمل مقارنة بين الاثنين، إن كامالا هاريس تميل نحو الليبرالية اليسارية فهب تتعاطف مع الطبقة الوسطى والفقراء فتعدهم بوعود تخفيض الإيجارات وتوظيف أكبر عدد منهم وزيادة تأميناتهم الاجتماعية والصحية مع مزيد من الإعفاء الضريبي، أما علاقتها مع إسرائيل فهي ليست وثيقة الصلة، كما كان رئيسها بايدن الذي أعلن جهارا صهيونيته، ونزل بثقل الولايات المتحدة الأمريكية على إسرائيل حيث أغدق عليها المال والسلاح، رغم معارضتة العلنية لبعض القتل والتدمير الذي ألحقته بغزة، فكامالا تعلن تمسكها بحماية إسرائيل ولكن لها تعليقات قوية تجاه قتل الأبرياء في غزة، فهي مع حل الدولتين حتى ينعم العالم ببعض السلام، ولكن يجب أن ننسى أن لا اللوبي الذي يعضدها ويعضد المظاهرات، التي تخرج في كل أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية مطالبة بوقف الحرب في غزة هي في المقدمة، الأولى اتفاق إيران لأن من مصلحة إيران العودة إلى النووي الذي أبرمته لصالحها مع إدارة أوباما والذي نقده وألغاه دونالد ترامب في بداية رئاسته الأولى 2016، أما من جهة المواضيع الأخلاقية فهي متحررة تماما، مخالفة بذلك عاداتنا وتقاليدنا وأدياننا المختلفة، إذ تؤكد على حق المرأة في التحكم في جسدها ومن ثم الإجهاض والموت الرحيم وحق المثليين في الإعلان عن ذاتهم، وقد استقبلتهم في البيت الأبيض وكانت الصورة قميئة لأبعد درجة.

الأب ترامب

من جهة أخرى الرئيس دونالد ترامب يهتم بالمواضيع الأخلاقية خلافا لغريمته، ويلعب على وتر الدين، إذ له أقوال تشعر منها أنه من المبشرين في الكنائس الأمريكية الكبيرة المسماة megachurch ولكن هذا ليس معناه من وجهة نظر الأب رفيق جريش أنه شخص طاهر من أي معصية، ولكنه يلاطف اليمين المسيحي الأمريكي، الذى يعد تقريبا 75٪ من عدد السكان لذلك يؤازر إسرائيل في كل ما تفعله، وهو ذاته الذي قال عن غزة إنها ضيقة ويفكر كيف عليه توسيعها، وهو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي نقل سفارة بلاده إلى القدس ولا يرى في العرب، خاصة الدول البترولية إلا ما يفيد الصفقات التجارية والسلاح، وهو المشجع الأول للاتفاق الإبراهيمي لإجبار الدول العربية قبول إسرائيل كدولة في المنطقة، وشريكا تجاريا وسياسيا، ولكن من ناحية أخرى في ظل مدته الرئاسية الأولى، أنعش الاقتصاد الأمريكي من خلال الإعفاءات للمؤسسات المالية والاقتصادية مما زادها غنى على حساب مصلحة صغار الموظفين والعمال. فإذا كنت أمريكيا من أصحاب الأصوات المتأرجحة قد أكون متحيرا فمن اختار؟ فالاثنان يوعدان بوعود لا أعرف مدى جديتها في التطبيق، فالسياسة الأمريكية تتغير تغيرا شبه شامل كل أربع أو ثماني سنوات، حسب ساكن البيت الأبيض فلا استقرار فيها أو بها حسب المصلحة القصيرة الأمد فلو كنت أمريكيا لازدادت حيرتي أكثر وأكثر.

حالنا لا يرضي الرسول

ماذا لو عاد رسول الله، وماذا تبقى لدينا مما أخذناه وتعلمناه من الهدي النبوي، وما زال بيننا متمسكون به حتى الآن؟ الإجابة ليست صعبة، واكتشاف ما آل إليه حالنا السيئ لا يحتاج إلى مجهود حسب سامي أبو العز في “الوفد” في حال أمة الإسلام في عهد الرسول وحالنا الآن بعد أكثر من 14 قرنا من الزمان. المقارنة صعبة ولن تكون في صالحنا، لأننا نسينا الله وظلمنا أنفسنا ظلما بينا، أغلبنا يحمل من الإسلام اسمه فقط، مجرد كلمة في خانة الديانة نزين بها هويتنا، مظهر بلا جوهر وشكل بلا عقيدة، أما جوهر الدين فهو ليس موجودا بيننا.. ولو رجعنا للسؤال الجوهري ماذا لو عاد رسول الله، هل سيعجبه ما آلت إليه أحوالنا؟ الوضع الواهن الذي تعيشه أمة الإسلام المترامية الأطراف في جميع أنحاء العالم، حتى زاد عددنا إلى أكثر من ملياري مسلم، في ضعف وشتات، يدفعنا للتساؤل، أين ذهب الإرث الذي تركه لنا رسول الله وشدد عليه في خطبة الوداع قائلا «إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا من بعده: كتاب الله وسنتي». الحقيقة أننا ينطبق علينا الآن الشق المتعلق بالضلال، وهذا يعني ببساطة أننا لم نتمسك بكتاب الله تعالى وسنة نبيه المصطفى. أما كتاب الله فبات من وجهة نظر الكاتب في أغلب صدور المسلمين كلاما محفوظا تنطقه ألسنتهم، قولا لا عملا، وتتزين به رفوف مكتباتهم للتبرك، وقد لا تلمسه أيديهم ولا يحكم بينهم أو ينظم حياتهم وأمورهم الدنيوية ولا يحكمونه في دساتيرهم لضمان آخرتهم.

لا يقيمون حدود الله

تجاهلنا من وجهة نظر سامي أبو العز كنوزا ثمينة تركها لنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في سنته الكريمة وهديه، وحال الأمة الذي يدعو إلى الغمة يكشف ما آلت إليه أحوال المسلمين، تلك الأمة الواحدة التي تركنا عليها الرسول، الدستور الإسلامي الحقيقي لا يطبق في غالبية بلاد المسلمين، وتحكمنا دساتير تحكمت فيها أهواء البشر وأغراضهم الدنيوية، بعيدة عن الدستور والقانون الإسلامي المشرع في كتاب الله، لا يقيمون حدوده ولا يأتمرون بأوامره ولا ينتهون بنواهيه، ولا بما جاء به من آيات وأحكام فاصلة ودستور ينظم الحياه الدنيا والآخرة. حال الأمة الإسلامية اليوم يدعو إلى الحزن والإحباط على ما وصلت إليه أحوال البلاد والعباد، وما تتعرض له دول من وطننا الأكبر لاحتلال الأعداء، وسفك الدماء وهتك الأعراض وما تتعرض له المقدسات الإسلامية من تدنيس وما تتعرض له الأقليات المسلمة في دول العالم، من مجازر ومحارق وما يتعرض له الأشقاء في الأراضي المحتلة من عمليات إبادة جماعية. بلاد الإسلام يا رسول الله ضاع فيها العدل والحق والنخوة والكبرياء وحدود الله والصدق والكرامة والعزة وتحول الأشقاء إلى الإخوة الأعداء، فتقاتلوا وتناحروا ونصروا الظالم وتحالفوا مع الشيطان. عذرا سيدي رسول الله، في يوم مولدك نتوارى منك خجلا، فما وصلت إليه أمة الإسلام من ضعف وهوان وانقسامات وانشقاقات ونزاعات وحروب أمر يندى له الجبين وتسقط معه هيبة الأمة وكرامتها بين الأمم. ما أحوجنا إلى العودة لكتاب الله وسنة نبيه المصطفى لننعم بالدارين.. وتبقى ذكرى مولدك سيدي يا رسول الله أجمل الأعياد.

لعلها تثمر

تأخرت مبادرة الرئيس السيسي لإعادة بناء الإنسان كثيرا، لكن المثل الذي يستشهد به أشرف راضي في “المشهد” يقول “إن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا”. تضمنت المبادرة عددا من المفاهيم والمرتكزات التي تعبر عن تحول في فلسفة التنمية، بعد عشر سنوات تركزت فيها الجهود التنموية للدولة على مشروعات البنية الأساسية، بشكل رئيسي، وعلى نحو حجب التقدم الذي تحقق في مجالات ركزت النهوض بالبشر، من خلال مبادرات استهدفت العشوائيات والرعاية الصحية والنهوض بالقرية. أفرزت التجربة، خلال السنوات العشر الماضية عددا من الفجوات التي جرى رصدها وتحليلها. أولى هذه الفجوات، هي الفجوة بين ما تحقق من إنجازات خلال السنوات العشر الماضية وشعور المواطنين بالعوائد الإيجابية لهذه الإنجازات. وإذا شئنا الصراحة في هذه النقطة تحديدا، يمكن القول بدرجة من الثقة من واقع المعطيات التي يمكن لأي مراقب أن يلمسها يوميا، بمقارنة متوسط مستويات الدخل للقطاعات الأوسع للمواطنين، بمستويات أسعار السلع والخدمات المنفلتة. لقد تضاعفت تكاليف العيش في السنوات العشر الماضية عشر مرات أو أكثر، إذا ما قارنّا مستويات الأسعار، ولم تتحسن الدخول على نحو يواكب هذه الزيادات، ومن شأن هذا الوضع أن يعزز اقتناع المواطنين بأن مشروعات البنية الأساسية كانت على حسابهم، ولم تعد عليهم بأي نفع، بل كانت سببا في ارتفاع الأسعار، لاسيما أسعار الخدمات. وتكفي نظرة خاطفة على ما يتحمله المواطن من أعباء لتوفير الدواء والغذاء والتعليم، وما يدفعه مقابل الحصول على خدمات أساسية، كالكهرباء والمواصلات. والبيانات التي يصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن تكاليف المعيشة قد تعطي لمحة للمسؤولين لقياس هذه الفجوة. ثاني هذه الفجوات، هي الفجوة بين القاهرة بوصفها العاصمة والمركز والمدن الكبرى في الوجه البحري ومحافظات الصعيد والقرى، أو ما يعرف إجمالا بالفجوة بين الريف والمدينة من حيث مستوى المعيشة وفرص العمل والدخل.

مزيد من الفجوات

بالتأكيد والكلام لا يزال لأشرف راضي، وضع محافظات الصعيد كاشف لعمق هذه الفجوة على الرغم من كل الجهود التي بذلت، إلا أن برامج التنمية لم تجعل هذه المحافظات منتجة لفرص العمل والدخل، بعيدا عن القطاعات التقليدية في الزراعة. فمعروف عن هذه المحافظات أنها طاردة لقوة العمل وتعاني تهميشا. ثالث هذه الفجوات هي الفجوة الطبقية المتزايدة والملحوظة التي تكشف عن عمق الهوة التي تفصل بين السواد الأعظم من الشعب من محدودي الدخل، والقلة الثرية المترفة التي تمادت في إظهار البذخ والإسراف في تجمعاتهم، في ظل مجتمع يعاني اقتصاديا وتعيش أعداد كبيرة منه في بؤس، اعترف بها بيان المبادرة المنشور على صفحة الهيئة العامة للاستعلامات، الذي أشار إلى وجود أكثر من ثمانية ملايين مواطن، أي نحو 8 في المئة من السكان منتفعين ببرنامج تكافل وكرامة، إضافة إلى العمالة غير المنتظمة في قطاعي التشييد والبناء، علاوة على الأسر الفقيرة والأولى بالرعاية. إن تجسير هذه الفجوة مقدمة ضرورية للمضي قدما في تنفيذ المبادرة، ويتماشى هذا مع منطق برامج التنمية الدولية التي جعلت مواجهة الفقر المدقع في مقدمة أهدافها. رابع هذه الفجوات وأخطرها، هي الفجوة بين الإصلاح الاقتصادي والإصلاح السياسي. لقد أظهرت تجارب المجتمعات، بل تجربة المجتمع المصري، أن أي إصلاح اقتصادي لا تصاحبه أو تتبعه إصلاحات سياسية يخلق أوضاعا خطيرة. وأظن أن الدولة تمضي في اتجاه معاكس بخصوص هذه الفجوة، بإصرارها على تمرير قانون الإجراءات القانونية الذي يعصف بالحريات الأساسية للمواطنين وفي مقدمتها حرمة المسكن الخاص، إذ تضمن مواد توسع من صلاحيات موظف السلطة العامة لتفتيشها دون إذن من القضاء، من خلال حذف النص على حالتي الخطر الذي يجيز له التفتيش، في مشروع القانون، الذي أوشكت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب على تمريره للتصويت في المجلس رغم المعارضة المتزايدة للقانون.

خبز يناير

“عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية” عبارة حفظها المصريون خلال ثورة يناير/كانون الثاني 2011، بغض النظر عما آلت إليه الأمور، لاحقا ولا يهم من وجهة نظر أمينة خيري في “المصري اليوم” مَن أشعل ماذا ولماذا؟ يبقى الشعار محفورا في الأذهان، لكن قلما بتنا نربط بين الشعار والمطالبات من جهة، وكيفية تحقيقها. العيش يعني الاقتصاد، والاقتصاد لا ينتعش بين غالبية نشأت على ثقافة تعطيل العقل، بأمر مَن احتكر الدين، والمدرس الذي يؤمن أن السؤال خارج المنهج قلة أدب أو مضيعة للوقت، أو مؤلف المنهج الذي يعمل على ترسيخ الجمود والتحجر وصناعة قوالب مستنسخة تقوم على النقل لا النقد، أو الوزارة التي تهدف إلى «تستيف» أوراق الناجحين والمنقولين من عام دراسي إلى آخر. ومَن نشأ على الحفظ وثقافة «اسكت» ومنظومة «لا تجادل أو تناقش يا أخ علي»، ومَن نشأ على الحلال والحرام فقط بتفسير رجال بأعينهم صاروا في منزلة القديسين، مع تجاهل تام لمنظومة الأخلاق والصح والخطأ، لن يَعِي معنى الحرية، وإن فعل، فسيعتقد أنها حرية البلطجة، أو حرية الصوت العالي، أو حرية اضطهاد الآخر، أو حرية خرق القوانين، أو حرية شتم الآخر والقوس مفتوح. أما العدالة الاجتماعية، فاتضح أن البعض يعتقد أنها توزيع الثروة في المجتمع بحيث يغترف مَن لا يملك من جيب مَن يملك. أما المساواة في الحقوق والفرص الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والمساواة في الحقوق والواجبات، والعدالة في الامتيازات، وصوابية واستدامة الخيارات الاقتصادية على مستوى الدولة، واعتناق مبدأ العمل الإنمائي، وكفاءة نظم الحماية الاجتماعية للفئات الأضعف فلا تشغل بال كثيرين، وإن شغلت، فسرعان ما يتغلب عليها مبدأ الاغتراف من جيوب الأغنياء. وكل ما سبق يدور ويلف ويعود إلى منظومة التربية والتعليم، ومعها الإعلام، وبالطبع البيت، حيث التنشئة الأولية. ولأن الغالبية أجمعت قبل سنوات على أن إصلاح التعليم أولوية لإصلاح الأمور، ولأن كثيرين فهموا أن إصلاح التعليم ليس مجرد بناء المزيد من المدارس، أو إضافة مادة إلى المجموع وإزالة أخرى، أو طلاء سور المدرسة، بل هو إصلاح الفكرة التي يقوم عليها التعليم، ونقلها من الحفظ والتلقين والحشو، وتناقل السرديات إلى تطوير المهارات العملية، وتعليم الطالب كيف يفكر على أسس المنطق والنقد، وليس في ما يفكر.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية