بادئ ذي بدء لا بد من الإشارة إلى أن الشعب الفلسطيني والأمة العربية جمعاء – باستثناء عرب الردة – لا يمكنهم أبداً ان يقدموا الدعم لشخص الرئيس الأوكراني، الذي أيد وشجع قصف الطيران الإسرائيلي لقطاع غزة، وهدم المباني السكنية وقتل وتشريد الأطفال والشيوخ والنساء، لتحقيق مكاسب شخصية ضيقة. ومرة أخرى ولتحقيق مكاسب شخصية ضيقة اتخذ الرئيس الأوكراني كل القرارات التي فتحت الباب على مصراعيه للهجوم الروسي على أوكرانيا، وتهجير مئات الآلاف من الشعب الأوكراني. لكننا وبلا أدنى شك نقف مع الشعب الأوكراني، لأننا نؤمن بمقولة مارتن لوثر كنغ “انعدام العدالة في أي مكان هو تهديد للعدالة في كل مكان”.
عدم وضوح الرؤية لدى الرئيس الأوكراني وجهله التام بالخطوط الحمر، التي لا يمكن تجاوزها، وطموحه الشخصي دفع أوكرانيا إلى أحضان الدب الروسي
حين يشاهد الأوروبيون اللاجئين الأوكرانيين يفرون من الموت، ويطلبون اللجوء في بلاد أخرى، فإنهم يتعاطفون معهم ويمدون يد العون لهم، ولكن حين يشاهد الفلسطينيون اللاجئين الأوكرانيين، فإنهم يحزنون حزنا شديدا ويبكون بحسرة وألم على اللاجئين الأوكرانيين، لأنهم يعلمون علم اليقين أن اللاجئين الأوكرانيين يحملون مفاتيح بيوتهم تماما كما فعل الفلسطينيون، حينما أجبروا على ترك بيوتهم في فلسطين، وهنا تمتزج الذكريات الفلسطينية مع الواقع الأوكراني المرير، فلا يعود هناك حاجز يفصل بين مأساة الأوكراني ومأساة الفلسطيني، ويصبح الألم واحدا وحلم العودة واحدا.
أوكرانيا على صفيح ساخن
كان انهيار الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو علامة فارقة في السياسة الدولية، وكان من المفروض أن يصبح حلف الناتو جزءا من الماضي، أو بقايا الحرب الباردة، ولكن حصل العكس، حيث فتح الناتو أحضانه لمعظم الدول التي كانت أعضاء في حلف وارسو، وانضم معظمها للاتحاد الأوروبي، وبدأت سياسات القطب الواحد.
إن سياسات القطب الواحد تعني تجاهل الآخرين واحتياجاتهم الأمنية الحقيقية والمفترضة، وهذا ما فعلته الولايات المتحدة حين شجعت أوكرانيا على الانضمام لحلف الناتو والاتحاد الأوروبي. لقد ارتكب الرئيس الأوكراني خطأً كبيرا، حين ظنَ أن الولايات المتحدة ستدافع عن أوكرانيا. لقد أعلن حلف الناتو أنه لن يتدخل في الحرب، ولكنه سيدعم أوكرانيا ماليا وعسكريا وهذا يعني أن أوروبا وأمريكا ستحاربان روسيا حتى آخر رجل أوكراني. هذا هو الواقع الحي والمرئي في أوكرانيا، ولكن قد يكون الرئيس الأوكراني عن قصد، أو من دون قصد قد ضحى بأوكرانيا لإعادة صياغة عالم جديد. إن العالم قبل الأزمة الأوكرانية لن يكون العالم نفسه بعدها، لأنه يجب الإجابة على أسئلة عديدة وكثيرة، نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر:
*هل ستقبل روسيا والصين ودول أخرى استمرار السيطرة الأمريكية على السوق المالي العالمي؟
*هل تقبل روسيا ودول أخرى استمرار سيطرة أمريكا على مراكز الاتصالات؟
*هل سيعود العالم إلى الحرب الباردة والحروب بالوكالة؟
*هل سنشهد ظهور حلف روسي صيني ودول أخرى؟
*الدول الأوروبية هي الخاسر الأكبر بعد أوكرانيا، فهل سيؤثر ذلك في العلاقات الأوروبية الأمريكية؟
*هل سيواجه الدولار تنافسا في التعامل التجاري الدولي؟
رغم كل ما قيل وسيقال عن الحرب الأوكرانية الروسية، إن طالت أو قصرت، فإن النتيجة والحل واضحان وضوح الشمس، سيتم الاتفاق على حياد أوكرانيا وسلامة ووحدة أراضيها خالية من السلاح النووي، واختصارا للوقت والجهد، قد يستخدمون نسخة من الاتفاقية الروسية الأمريكية التي تم توقيعها لحل أزمة الصواريخ الكوبية. وهنا لا بد من طرح سؤال مهم جدا: هل كانت الحرب الروسية الأوكرانية حتمية؟ أم كان من الممكن تجنبها؟ إن وضوح الرؤية في اتخاذ القرارات السياسية، أمر في غاية الأهمية والخطورة، فعلى سبيل المثال قد يتخذ الطبيب قرارا خاطئا يؤدي إلى وفاة مريض، وقد يتخذ مهندسا قرارا خاطئا يؤدي إلى إنهيار بناية سكنية، وهذا ينطبق على كل النشاطات الإنسانية، باستثناء النشاط السياسي، فقد يتخذ سياسي مثل هتلر قرارا سياسيا يؤدي إلى قتل الملايين من البشر، وقد يتخذ سياسي آخر قرارا بتوقيع اتفاقية مثل اتفاقية أوسلو تدمر البلاد والعباد. أما في أوكرانيا فإن عدم وضوح الرؤية لدى الرئيس الأوكراني وجهله التام بالخطوط الحمر، التي لا يمكن تجاوزها، وعدم فهمه شخصية من يتخذون القرارات في الطرف الآخر، وعدم معرفته إلى أي مدى يمكن أن يشد شعرة معاوية، من دون أن يقطعها، وإذا اضفنا إلى ذلك طموحه الشخصي نحصل على نتيجة واحدة وهي أن الرئيس الأوكراني دفع أوكرانيا إلى أحضان الدب الروسي. إن الفضاء الإعلامي الذي يتعامل مع الحرب كسلعة قابلة للتسويق يثير الاشمئزاز والقرف، إن كل ما يقال في هذا الفضاء الإعلامي يبدو تافها أمام عجلة الموت والدمار، التي تعصف بأوكرانيا. نحن الشعب الفلسطيني يؤلمنا ان يعيش الشعب الأوكراني المأساة نفسها التي عشناها وما زلنا نعيشها حتى اليوم.
أخي أيها اللاجئ الأوكراني تذكر دائما أن هناك على الطرف الآخر من العالم لاجئا فلسطينيا عاش المأساة نفسها وعلى استعداد لمساعدتك.
*كاتب فلسطيني
موقف يقفه اي نبيل من مأساة شعب يحياها شعبه!
كان ادوارد سعيد كثيرا ما يقارع انصار اسرائيل بالقول: كيف لضحية أن تعامل ضحية بأساليب من كانت هي له ضحية!
لا يمكن لاي انسان سوي ان يسعد لمأساة انسان ، فضلا عن أن يكون مصدر مأساته.
وأنا أقرا هذا المقال القيم تمكنت بصعوبة فائقة من حبس دموعي وكتم مشاعر حزني على روسيا المسكينة التي هاجمها الظالم فلاديمير…عفواً فولودومير زيلينسكي وهدم مدنها على رؤوس ساكنيها وحاصر موسكو لما يقرب من شهر وهجر ثلث سكانها وقتل أطفالها بلا رحمة ولا شفقة مستعملا كل أسلحته الفتاكة متوجاً همجيته باستعمال الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت بخمسة أضعاف ومع كل هذا العنف والحقد المتفجر لازال الرئيس الوديع
والمسالم فولودومير…عفواً فلاديمير بوتين الذي لم يُذكر اسمه في المقال ولو مرة واحدة لازال صامداً يدافع عن أرضه وشعبه وراجياً توقف القتال والجنوح للسلم والسلام ولكن الظالم زيلينسكي لن يقنع بأقل من الاستسلام…
“الخطأ ” الجسيم الذي ارتكبه زيلينسكي هو عدم تسليمه ﻷوكرانيا بما فيها كما فعل بشارون أسدوف (شكراً أسامة كلية) ويادار ما دخلك شر…وهكذا سيُفصل بوتين دولة أوكرانيا إلى دويلات تابعة له ويصول ويجول في أوكرانيا المنزوعة اﻷسنان كما يتجول في حديقة قصره وينشئ قواعد عسكرية على غرار حميميم وطرطوس يقصف انطلاقاً منها كل من رفع رأسه وطالب بشئ من الحرية والكرامة. الرئيس الأوكراني سيصبح مجرد كومبارس أو قائم مقام يتم استدعاؤه/جلبه كلما تطلب اﻷمر إلى قصر الكريملين على وجه السرعة في طائرة عسكرية من أجل إجراء بعض الترتيبات في المحمية أو جلبه ﻹحدى القواعد العسكرية في أوكرانيا لحضور مراسيم استقبال القيصر والسير خلفه وهو يتفقد ضباطه وجنوده..أليس.الاستسلام والاستزلام والانبطاح وجهاً من وجوه المقاومة والممانعة ؟
استفزاز روسيا للعالم بالقرن العشرين باحتلالها عدة مناطق بمظلة إتحاد سوفياتي أدى لتكاتف دولي حاصره وعزله عن العالم وصولاً لانهياره اقتصادياً واجتماعياً وانسحابه من 15 دولة محتلة وتحجيمه بالإتحاد الروسي، والآن بالقرن 21 تعود روسيا لإستفزاز العالم لكن بمظلة الإتحاد الروسي باحتلالها مناطق خارجه ابتداء بجورجيا وسوريا وأوكرانيا وسيقود ذلك لتكاتف دولي لحصاره وعزله عن العالم وصولاً لانهياره اقتصادياً واجتماعياً وتفكيكه واستقلال مناطق القوقاز وقوميات أخرى محتلة وإبعاد روسيا عن بحر الأسود وقزوين والبلطيق.
اتفق مع الكاتب الكريم في مجمل ما ذهب إليه غير اني اعتقد انه ما ينبغي تحت يافطة الاستجابة للاحتياجات الأمنية لدولة كبرى أن نحرم الشعوب المجاورة من حرية اختيار حلفائها و الحق في تدبير أمورها الأمنية والعسكرية وفق مصالح بلدانها، هل يعتقد عاقل بلدا أيا كان يمكن أن يفكر في مهاجمة عسكريا بلدا من حجم روسيا؟ أظنها فوبيا وليست مخاوف مبررة. الخطا الذي ارتكبه الزعماء الاوكران السنوات الماضية في نظري أنهم لم يأخذوا على محمل الجد متطلبات الانضمام للاتحاد الأوروبي خاصة محاربة المحسوبية وترشيد النفقات وتعميم الحريات مما سبب تأخر انضمامهم لهذا التكثل الاقتصادي الكبير.
لقد ورد التالي (واختصارا للوقت والجهد، قد يستخدمون نسخة من الاتفاقية الروسية الأمريكية التي تم توقيعها لحل أزمة الصواريخ الكوبية.) تحت عنوان (أوكرانيا إلى أين؟)، وأحب أن أضيف إلى ما ورد من أسئلة وتفاصيل ومقارنة وحلول، بداية من خزعبلات أوسلو، التي أوقعتنا فيها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، حتى تتجاوز مسألة المقاطعة (الحصار) عليها،
بسبب أنها وقفت مع خطأ (العراق) في ابتلاع الكويت في عدة ساعات يوم 2/8/1990، بينما (روسيا) بكل قوتها، لم تستطع الوصول إلى شيء مشابه مع أوكرانيا خلال شهر حتى الآن، سبحان الله.
لاستيعاب ما يحصل، من أجل الاستفادة، دقائق تفاصيل (رائعة كالعادة) لتكبير زاوية الرؤية جمعها (د وسام سعادة) تحت عنوان (ماريوبول والحرب الأهلية الروسية الجديدة) وأحب إضافة ما لاحظت من زاوية أخرى، أن مذهب الأرثوذكسية نشأ في أوكرانيا، وأصبح مقره (موسكو), الفكر (الإشتراكي/الشيوعي) نشأ في ألمانيا، وكان التطبيق العملي له في روسيا (الإتحاد السوفييتي)، أي أن روسيا هو أرض خصبة، لتسويق أي شيء، مثلها مثل أهل ما بين دجلة والنيل، بمعنى آخر، أليس كذلك؟!