شنت القوات الأوكرانية هجمات داخل الأراضي الروسية، واستهدفت منشأة تخزين وقود، كما قالت لجنة تحقيق روسية إن طائرتي هليكوبتر أوكرانيتين انتهكتا المجال الجوي الروسي وشنّتا غارات على مبان سكنية.
بعد مرور أكثر من خمسين يوما على بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، بدا الموقف على الأرض محتدما، بالرغم من أن بعض التصريحات الروسية الرسمية حاولت أن تُبشر بقرب نهاية العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا (وهو الاسم الروسي الرسمي لاجتياح أوكرانيا). فقد صرح أندريه كليموف، رئيس لجنة مجلس الاتحاد (وهو مجلس الشيوخ في البرلمان الروسي) يوم الخميس 15 نيسان/ابريل الجاري بالقول: «من أجل حماية سيادة الدولة في روسيا، ستنتهي العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا قريبا». وأضاف: «العملية العسكرية الخاصة الروسية ستنتهي قريبا جدا، ولن نمدها عمدا». وأوضح إنه «بمجرد أن نجعل أوكرانيا آمنة لروسيا وللعالم بأسره، ونضمن سلامة المختبرات البيولوجية وسلامة المنشآت النووية، عندها سنرى ما سيحدث هناك، وبعد ذلك ستتوقف العملية العسكرية» بالمقابل أشار كليموف إلى التأثير السلبي على الوضع على الأرض نتيجة استمرار دول الغرب بإمداد أوكرانيا بالسلاح.
من جانب آخر يبدو أن هناك تداولا لإشاعات عن ضربات كيميائية نفذتها القوات الروسية في أوكرانيا، وإن بدا الأمر غير مثبت بالوثائق حتى الآن، إذ اتهم أندريه بيلتسكي قائد فوج آزوف، روسيا باستخدام أسلحة كيميائية «مجهولة المصدر» تم إسقاطها باستخدام طائرة بدون طيار على مدنيين في ماريوبول. وقال بيلتسكي لصحيفة «كييف إندبندنت» إن ثلاثة أشخاص ظهرت عليهم علامات التسمم الكيميائي، ولكن يبدو أنه لا توجد «عواقب وخيمة» على صحتهم. وقد تلقف الغرب هذه التصريحات، وسلط عليها الضوء بشكل مبالغ به باعتبارها جرائم حرب روسية، إذ قالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس إن العمل جار للتحقق من تفاصيل الهجوم ، وأضافت أن «أي استخدام لمثل هذه الأسلحة سيكون تصعيدًا قاسيًا في هذا الصراع، وسنحاسب بوتين ونظامه جراء أفعالهم». كما أشار المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي إلى أنه كان على علم بالتقارير، ولكن «لا يمكنه تأكيدها في الوقت الحالي».
كما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إن هناك «معلومات موثوقة» تفيد بأن روسيا ربما كانت «تستعد لاستخدام عوامل كيميائية» كجزء من الجهد العسكري لإضعاف المقاومة في مدينة ماريوبول. وفي حديثه مع جيك تابر من»CNN» قال برايس :»كانت هناك معلومات موثوقة متاحة تفيد بأن الروس ربما كانوا يستعدون لاستخدام عوامل كيميائية وغاز مسيل للدموع ممزوجًا بعوامل أخرى، كجزء من جهد القوات المسلحة الروسية لإضعاف الدفاعات وإعاقة العناصر العسكرية والمدنية الأوكرانية المقاومة في ماريوبول». كما تواجه القوات الأوكرانية مشاكل كبيرة في المناطق المحيطة بالعاصمة كييف التي انسحبت منها القوات الروسية مؤخرا، وحذرت السلطات الأوكرانية الناس من الاقتراب مما يقولون إنها ألغام أرضية تم إلقاؤها في خاركيف. وقد تحدث الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي عن «مئات الآلاف من الأشياء الخطرة» بما في ذلك الألغام والقذائف غير المنفجرة التي خلفتها القوات الروسية في مناطق شمال أوكرانيا. واستمر زيلينسكي في القول إن أراضي أوكرانيا هي الآن «واحدة من أكثر المناطق تلوثًا بالألغام في العالم» ودعا إلى اعتبار الوضع جريمة حرب ترتكبها القوات الروسية. وقال «لقد فعلوا كل شيء عن عمد لقتل أو تشويه أكبر عدد ممكن من أبناء شعبنا عندما اجبروا على الانسحاب من أرضنا». وقال اللفتنانت كولونيل نيكولاي أوفشاروك، رئيس وحدة إزالة الألغام في خدمة الطوارئ الحكومية الأوكرانية، إن العبوات كانت عبارة عن ألغام بلاستيكية من طراز PTM-1M التي تفجر باستخدام أجهزة توقيت، والتي سبق وأن استخدمتها القوات السوفييتية على نطاق واسع في أفغانستان، حسبما ذكرت وكالة «رويترز». وقد بدأت المهمة الشنيعة المتمثلة في إخراج جثث الضحايا الأوكرانيين من المقابر الجماعية في بوتشا في ضواحي كييف، وقالت إيرينا فينيديكتوفا، المدعي العام الأوكراني لشبكة «CNN» إن أكثر من 5800 قضية تتعلق بجرائم حرب مزعومة ضد القوات الروسية قيد التحقيق. كما قال فاديم بويشينكو رئيس بلدية ماريوبول في مقابلة عبر الهاتف مع وكالة «أسوشيتد برس» إن عدد القتلى المدنيين في ماريوبول قد يتجاوز العشرة آلاف قتيل، حيث تركت المدينة لأسابيع ترزح تحت ظل الهجمات العسكرية الروسية مع حرمانها من قوافل الإغاثة والمساعدات الإنسانية، الأمر الذي أدى إلى تكدس جثث المدنيين في ماريوبول وهي «مغطاة بالسجاد في الشوارع».
من جانب آخر تداولت وسائل الإعلام قصصا إخبارية عن مسألة النقص الحاد في الأعتدة والأسلحة والمعدات الذي تعاني منه القوات الروسية في أوكرانيا، إذ كتب بيثان ماكيرنان من كييف، وفيرا ميرونوفا من لفيف تقريرا في صحيفة «الغارديان» البريطانية جاء فيه «تم إرسال قذائف آر بي جي وصواريخ مضادة للدبابات، بالإضافة إلى أنظمة إطلاق صواريخ برازيلية التصميم، من العراق إلى روسيا مرورا بإيران عبر معبر الشلامجة الحدودي يوم 26 آذار/مارس، ليتم نقلها بعد ذلك بحريا إلى روسيا. إذ تم شحن الأسلحة والأعتدة على ثلاث سفن، اثنتان ترفعان العلم الروسي والأخرى ترفع العلم الإيراني عبرت بحر قزوين من ميناء بندر أنزالي الإيراني إلى أستراخان، وهي مدينة روسية على دلتا الفولغا». كما نقل التقرير تصريحا لمن وصفه بأنه «أحد قادة الميليشيات الشيعية العراقية» دون ذكر اسمه، حيث قال «لا يهمنا أين تذهب الأسلحة ومنظومات الصواريخ، لأننا لسنا بحاجة إليها في الوقت الحالي، وأن كل ما هو مناهض للولايات المتحدة يجعلنا سعداء.»
كما أشار تقرير «الغارديان» إلى أن الحكومة الإيرانية بدورها قد تبرعت بنظام صاروخي من طراز بافار 373 إيراني الصنع، الشبيه بنظام S-300 الروسي، ونقل التقرير وفقًا لمصدر ساعد في تنظيم عملية النقل أن «استخدام عالم تهريب الأسلحة من شأنه أن يشير إلى تحول جذري في الاستراتيجية الروسية، حيث اضطرت موسكو إلى الاعتماد على طهران، حليفها العسكري في سوريا، بعد العقوبات التي فرضت عليها بعد غزو أوكرانيا». لكن الحكومة العراقية من جانبها نفت ما ورد في تقرير صحيفة «الغارديان» البريطانية بشأن تهريب أسلحة من العراق إلى روسيا، ونقلت قناة «روسيا اليوم» نفي الحكومية العراقية، وقالت المصادر العراقية «كيف نهرب أسلحة إلى روسيا ونحن نستورد منها الأسلحة على مدى عقود؟» كما تساءلت: من يصنع الأسلحة العراق أم روسيا؟ لكن بعض المصادر العراقية أشارت إلى معلومة مفادها «ربما هناك من هرّب أسلحة من العراق إلى دولة مجاورة، لكن لا يوجد أي شيء ممنهج بعلم الحكومة العراقية، وحتى الجماعات الخارجة على القانون لا يمكنها فعل ذلك، فالحدود مؤمنة».
لكن تطورات عسكرية لافتة أخذت بالتصاعد في الأيام الأخيرة، إذ شنت القوات الأوكرانية هجمات داخل الأراضي الروسية. فقد استهدف هجوم أوكراني منشأة تخزين وقود في مقاطعة بيلغو رود الروسية، كما قالت لجنة تحقيق روسية، إن طائرتي هليكوبتر أوكرانيتين انتهكتا المجال الجوي الروسي وشنّتا غارات جوية على مبان سكنية في منطقة بريانسك القريبة من الحدود الأوكرانية الروسية، هذ الأمر دفع موسكو إلى التهديد بقصف مراكز قيادة في كييف ردا على الهجمات الأوكرانية، وقالت وزارة الدفاع الروسية إن عدد وحجم الضربات الصاروخية ضد أهداف في كييف سيزداد ردا على أي هجمات أو تخريب يستهدف الأراضي الروسية، وجاء في بيان الوزارة «سيتم زيادة عدد وحجم الضربات الصاروخية على أهداف في كييف ردا على ارتكاب قوات كييف لعمليات تخريب في الأراضي الروسية».
من جانبها صرحت الجهات الحكومية الأوكرانية يوم الخميس 14 نيسان/ابريل الجاري، أنها استهدفت الطراد الحربي الروسي «موسكفا» بالبحر الأسود، وكان حاكم منطقة أوديسا الأوكرانية، ماكسيم مارشينكو، قد صرح بأن أوكرانيا ضربت الطراد بصاروخين تسببا في وقوع «أضرار جسيمة». لكن وزارة الدفاع الروسية رفضت الاعتراف بالقصة الأوكرانية، وأشارت إلى أن حريقا اندلع على متن الطراد الحربي نتيجة تفجر عتاد حربي مخزن فيه ما استدعى إخلاء طاقم الطراد المكون من أكثر من خمسمئة عسكري من البحرية الروسية. ويرى خبراء عسكريون أنه «سواء حدثت هذه الهجمات بالفعل أم لا، فمن الواضح أن أوكرانيا بدأت تتخذ زمام المبادرة في الحرب وتشن هجمات بطرق مختلفة، غير أن ذلك قد يسرع برد فعل عسكري روسي واسع في شرق البلاد، مما قد يعقد الوضع على الأرض».
زيلنسكي وحلفاؤه يحاولون نقل الحرب إلى الداخل الروسي لاثارة المتاعب للجيش الروسي
كل يوم كذبة وتلفيق وتضخيم والغرب يتلقف اي خبر ويجيره لصالحه والشعب الاوكراني الخاسر الوحيد