لندن- «القدس العربي» – وكالات: شددت أوكرانيا، الثلاثاء، على أن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي هو “الضمانة الحقيقية الوحيدة” لأمنها في وقت يسعى وزراء خارجية الناتو لصد ضغوط كييف الساعية للحصول على دعوة للعضوية قبيل تولي دونالد ترامب السلطة في الولايات المتحدة.
وانطلق بالعاصمة البلجيكية بروكسل، أمس، اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الحلف لمناقشة دعم أوكرانيا والتطورات في الشرق الأوسط.
وأدلى الأمين العام الجديد للحلف، مارك روته، الذي يترأس أول اجتماع وزاري للحلف عقب توليه منصبه، بتصريحات صحافية مع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في مقر الحلف ببروكسل.
وقال روته إن اليوم الأول من الاجتماع سيبحث قضايا تتعلق بمسار الحرب المستمرة في أوكرانيا وزيادة الدعم العسكري المقدم إلى كييف. وأضاف: “نعلم أن الوضع صعب في ساحة المعركة، علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لتقديم المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا”.
وشكر روته الولايات المتحدة والسويد وبريطانيا وإستونيا والنرويج وألمانيا لإعلانها عن حزم دعم جديدة لأوكرانيا، مشيراً إلى أهمية هذه المساعدات مع دخول فصل الشتاء واستمرار الهجمات على البنية التحتية للطاقة.
بدوره، قال بلينكن، الذي يشارك في آخر اجتماع للحلف قبل مغادرة منصبه في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل: “على الحلف أن يكون مستعداً للعام المقبل في مواجهة الحرب المستمرة في أوكرانيا والتهديدات الأخرى”. وأردف: “أعتقد أن هذه لحظة حيوية بالنسبة للتحالف للتأكد من استعداده للعام المقبل”. وتابع: “نعلم جميعاً أن التحالف هو أفضل ضمان ضد الحرب، وأفضل أداة لمنع الصراعات، وأفضل طريقة لضمان أمننا الجماعي”.
وأفاد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في وقت سابق، بأن الحصول على ضمانات أمنية من التحالف الغربي وإمدادات أسلحة أساسية هي شروط مسبقة بالنسبة لكييف قبل الحديث عن وقف القتال من جانبها. وقالت وزارة الخارجية في كييف في بيان: “نحن مقتنعون بأن الضمانة الحقيقية الوحيدة للأمن بالنسبة لأوكرانيا والرادع لأي عدوان روسي آخر ضد أوكرانيا وبلدان أخرى، هي عضوية أوكرانيا الكاملة في الناتو”.
وأكد زيلينسكي، الأحد، بأن كييف تأمل بأن يصدر وزراء خارجية بلدان الناتو المجتمعون في بروكسل مع وزير الخارجية الأوكراني، أندري سيبيغا، “توصيات” لتوجيه دعوة لبلاده للانضمام إلى الحلف. لكنه قال: “لا أوهام لدينا. هناك بلدان مشككة”. وحتى الآن، ترفض الولايات المتحدة وألمانيا انضمام أوكرانيا خشية تسبب ذلك في جر التحالف إلى حرب مع روسيا.
وأفاد دبلوماسيون بأنه مع اقتراب انقضاء ولاية إدارة كل من الرئيس الأمريكي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتس، تأمل كييف بأن تكون لدى وزيري خارجية البلدين فسحة أكبر للتحرك.
لكن مسؤولين أمريكيين يقولون في جلساتهم الخاصة إن إدارة بايدن لن تدعم مساعي أوكرانيا إذ يعتقدون بأن الرئيس المنتخب سيلغي أي عرض من هذا القبيل.
وتجنّب الأمين العام للناتو، مارك روته، الإجابة عن أي أسئلة بشأن عضوية أوكرانيا المحتملة وانعكاساتها على أي اتفاق للسلام.
وحذّر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من أي خطوات لضم أوكرانيا إلى الحلف.
وقال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الثلاثاء، إن “قراراً محتملاً من هذا القبيل غير مقبول بالنسبة لنا نظراً إلى أن الأمر سيشكّل تهديداً لنا”.
طرح مبعوث ترامب الجديد المعني بملف أوكرانيا، كيث كيلوغ، فكرة تخلي أوكرانيا تماماً عن طموحاتها القائمة منذ مدة طويلة بالانضمام إلى الناتو في إطار اتفاق للسلام، مع تقديم ضمانات أمنية لكييف في الوقت ذاته. وحذّر روته الإدارة الأمريكية المقبلة من أن التوصل إلى “اتفاق سيئ” بالنسبة لأوكرانيا يحمل خطر تشجيع خصوم الولايات المتحدة على غرار الصين وكوريا الشمالية على التصرّف بعدوانية أكبر. وقال: “لدى توصلنا إلى اتفاق بشأن أوكرانيا، يتعين بأن يكون اتفاقاً جيداً”.
قوات على الأرض؟
وبينما يبدو دفع أوكرانيا للتقارب مع الحلف أمراً مستبعداً في الوقت الحالي، قال دبلوماسيان غربيان إن النقاشات الأولية بدأت بشأن إن كان من الممكن نشر قوات أوروبية لضمان تطبيق أي وقف لإطلاق النار يتم التوصل إليه في نهاية المطاف.
وقال دبلوماسي أوروبي: “في العديد من البلدان، هناك تفكير جدي بشأن مختلف السيناريوهات المحتملة وكيف يمكننا المساهمة في الضمانات الأمنية”. وأضاف: “يجب أن يكون بإمكاننا التوصل إلى فكرة لإيصالها إلى الولايات المتحدة”.
تتطلع كييف لضمان الحصول على كل الأسلحة التي يمكنها الحصول عليها من إدارة بايدن في ظل المخاوف من إمكانية خفض ترامب المساعدات فور عودته إلى البيت الأبيض.
وأعلنت واشنطن، الإثنين، عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لكييف بقيمة 725 مليون دولار. ودعا وزير الخارجية الأوكراني، سيبيغا، الثلاثاء، بلدان الناتو إلى إرسال 20 نظاماً إضافياً للدفاع الجوي ليكون بإمكان بلاده التصدي للهجمات الروسية على شبكة الطاقة التابعة لها.
وقال للصحافيين في مقر الناتو إن أوكرانيا تحتاج إلى تسليمها “بشكل عاجل أنظمة إضافية من طراز هوك وسام النرويجية المتقدمة وايريس-تي.. سيساعدنا ذلك على تجنّب الانقطاعات في شبكات الطاقة”.
وقال للصحافيين قبيل بدء اجتماع بروكسل: “ندرك بأن الروس يحاولون حرماننا من إنتاج الطاقة، لذا نحتاج إلى مزيد من الدعم”.
ودعت كييف حلفاءها لتزويدها بأنظمة دفاع جوي قادرة على إسقاط صواريخ “أوريشنيك” البالستية التجريبية التي أطلقتها موسكو.
تشمل هذه الأنظمة نظامي “ثاد” الصاروخي المتطور و”آرو” اللذين تطورهما إسرائيل والولايات المتحدة، حسب مسؤولين.
وأفاد دبلوماسيون في الناتو بأنهم يشككون في أن واشنطن ستتحرّك سريعاً لتزويد أوكرانيا بالأنظمة الجديدة، نظراً إلى الوقت الذي استغرقه بايدن لإعطاء الضوء الأخضر لتسليمها نظام “باتريوت” الأقل حداثة.
ميدانياً
وفيما تضغط أوكرانيا على الصعيد الدبلوماسي، تتراجع قواتها على الجبهة الشرقية في مواجهة الهجوم الروسي. وأعلنت روسيا، الثلاثاء، بأنها سيطرت على قريتين أخريين في جنوب شرق أوكرانيا، بينما أكدت كييف بأن قواتها صدّت محاولة روسية للتقدّم عند نهر رئيسي في الشرق.
وفي دونيتسك، قُتل ثلاثة أشخاص بعد قصف مدفعي وهجمات روسية بمسيرات، حسبما أفاد الحاكم المحلي فاديم فيلاشكيني. ويمتد نهر أوسكيل من الحدود الغربية لروسيا ويمر في شمال شرق أوكرانيا، فيما ترسّخ القوات الروسية والأوكرانية حضورها عند أجزاء من ضفتيه.
وقال الجيش الأوكراني في بيان: “نتيجة عملية ناجحة، تم تدمير العدو. الضفة اليمنى لنهر أوسكيل خاضعة لسيطرة قوات الدفاع”. وتحدّث مدونون عسكريون أوكرانيون في الأيام الأخيرة عن تحرّك روسي للتقدم عبر النهر قرب قرية نوفوملينسك في منطقة خاركيف (شمال شرق).
وتتقدّم قوات موسكو في منطقة خاركيف المحاذية لروسيا وتقترب من كوبيانسك التي يمر عبرها نهر أوسكيل. وكان عدد سكان كوبيانسك يبلغ قبل الحرب حوالي 27 ألف نسمة واحتلتها القوات الروسية بعد أيام فقط على إطلاق الكرملين غزوه. واستعادتها أوكرانيا في أيلول/ سبتمبر 2022 في إطار هجوم مباغت استعادت من خلاله أجزاء من منطقة خاركيف.
بالتزامن، أعلنت السلطات المحلية، الثلاثاء، أن الهجمات الروسية على البنى التحتية الأوكرانية أدت إلى انقطاعات في الطاقة في غرب البلاد.