كييف- بوباسنا: قالت أوكرانيا اليوم الجمعة إن قواتها قد تضطر للانسحاب من آخر جيب للمقاومة في لوغانسك لتجنب الأسر مع التقدم السريع الذي تحققه القوات الروسية في الشرق، في تغيير كبير لتطورات الحرب الدائرة منذ ثلاثة أشهر.
وربما يُقرب الانسحاب الأوكراني الرئيس فلاديمير بوتين من هدفه المعلن المتمثل في السيطرة على منطقتي دونيتسك ولوغانسك في شرق أوكرانيا بالكامل.
وحققت القوات الروسية مكاسب ميدانية في المنطقتين اللتين تكونان معا حوض دونباس، بينما قصفت مدنا وبلدات وحولتها لأنقاض.
وقال سيرهي جايداي حاكم منطقة لوغانسك بشرق أوكرانيا إن القوات الروسية دخلت سيفيرودونتسك، أكبر مدينة تسيطر عليها أوكرانيا في منطقة دونباس الشرقية بعد محاولة مستمرة منذ أيام لمحاصرة القوات الأوكرانية في سيفيرودونتسك، التي قال جايداي سابقا إن 90 بالمئة من مبانيها تعرضت للدمار.
وقال جايداي على تليغرام “لن يتمكن الروس من السيطرة على منطقة لوغانسك في الأيام المقبلة كما توقع المحللون”، في إشارة إلى سيفيرودونتسك وليسيتشانسك الواقعة على الجانب الآخر من نهر سفريسكي دونيتس.
وأضاف “سيكون لدينا ما يكفي من القوة والموارد للدفاع عن أنفسنا. ولكن من الممكن أن نتراجع حتى نتجنب تطويقنا”.
وقال وكلاء موسكو الانفصاليون إنهم يسيطرون الآن على ليمان، وهي مركز رئيسي للسكك الحديدية إلى الغرب من سيفيرودونيتسك. وقال مسؤولون أوكرانيون إن روسيا سيطرت على معظم المدينة، لكنهم أضافوا أن القوات الأوكرانية تعرقل التقدم إلى سلوفيانسك، وهي مدينة تبعد نصف ساعة بالسيارة عن ليمان صوب الجنوب الغربي.
وقال المستشار الرئاسي الأوكراني أوليسكي أريستوفيتش الليلة الماضية إن الهجوم المنظم جيدا على ليمان أظهر أن جيش موسكو، الذي تم طرده من العاصمة كييف في مارس آذار، يعمل على تحسين تكتيكاته وعملياته.
ثمن باهظ
قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اليوم الجمعة لتلفزيون بلومبيرغ إن بوتين “يواصل التقدم في دونباس بثمن باهظ عليه وعلى الجيش الروسي”.
وكسبت القوات الروسية أرضا في دونباس بعد اختراق الخطوط الأوكرانية الأسبوع الماضي في مدينة بوباسنا الواقعة جنوبي سيفيرو دونيتسك. وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن القوات البرية الروسية بسطت سيطرتها على عدة قرى شمال غربي بوباسنا.
صارت بوباسنا، التي وصل إليها صحفيو رويترز في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا أمس الخميس، أرضا قاحلة محترقة. وشوهدت جثة منتفخة لرجل في زي عسكري ترقد في فناء.
يأتي التقدم الروسي في الشرق في أعقاب هجوم أوكراني مضاد دفع قوات بوتين للتراجع بعيدا عن خاركيف هذا الشهر. لكن موسكو منعت القوات الأوكرانية من مهاجمة الصفوف الخلفية من خطوط الإمداد الروسية لدونباس.
وقصفت القوات الروسية أمس الخميس أجزاء من مدينة خاركيف نفسها لأول مرة منذ أيام. وقالت السلطات المحلية إن تسعة أشخاص قُتلوا. وينفي الكرملين استهداف المدنيين.
وفي الجنوب، حيث سيطرت موسكو أيضا على مساحات من الأراضي منذ بدء الغزو في 24 فبراير شباط، يعتقد مسؤولون أوكرانيون أن روسيا تهدف إلى فرض حكم دائم.
وقال الجيش الأوكراني إن روسيا تشحن معدات عسكرية من شبه جزيرة القرم لتبني دفاعات استعدادا لهجوم مضاد يحتمل أن تشنه أوكرانيا، وتزرع الألغام على ضفاف خزان ضخم خلف سد على نهر دنيبرو الذي يشكل خطا فاصلا بين القوات.
صعوبة في المغادرة
قال هينادي لاجوتا حاكم منطقة خيرسون، الواقعة شمالي شبه جزيرة القرم، في إفادة صحافية إن القوات الروسية تحصن دفاعاتها في المنطقة وتقصف المناطق التي تسيطر عليها أوكرانيا بشكل يومي.
وأضاف أن الوضع الإنساني حرج في بعض المناطق وأن الناس يواجهون صعوبة بالغة في مغادرة الأراضي المحتلة باستثناء قافلة مؤلفة من 200 سيارة غادرت يوم الأربعاء.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، قال مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إن اتفاقا قد يتم التوصل إليه بحلول يوم الأحد لحظر شحنات النفط الروسي عبر البحر التي تشكل نحو 75 بالمئة من إمدادات التكتل، لكن ليس عبر خطوط الأنابيب، وهو حل وسط لإقناع المجر وبدء جولة جديدة من العقوبات على روسيا.
وانتقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب ألقاه الليلة الماضية الاتحاد الأوروبي بسبب تردده في فرض حظر على واردات الطاقة الروسية، قائلا إن الاتحاد يمول جهود موسكو الحربية بمليار يورو يوميا.
وأضاف “كل يوم من المماطلة أو الضعف أو النزاعات المختلفة أو الاقتراحات ’لتهدئة’ المعتدي على حساب الضحية يعني فقط مقتل المزيد من الأوكرانيين”.
وفي مكالمة هاتفية مع المستشار النمساوي كارل نيهامر، تمسك بوتين بموقفه بأن أزمة الغذاء العالمية الناجمة عن الصراع لا يمكن حلها إلا إذا رفع الغرب العقوبات.
وقال نيهامر، الذي زار روسيا في أبريل نيسان، إن بوتين عبر عن استعداده لمناقشة تبادل الأسرى مع أوكرانيا، لكنه أضاف “هل هو مستعد حقا للتفاوض؟ هذا سؤال معقد”.
وأدى الحصار الذي تفرضه روسيا على الموانئ الأوكرانية إلى توقف شحنات الحبوب، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار العالمية، وخصوصا أن البلدين من مصدري الحبوب الرئيسيين في العالم. وتتهم روسيا أوكرانيا بزرع الألغام في الموانئ، في حين تصف أوكرانيا الموقف الروسي بأنه “ابتزاز”.
وشنت روسيا غزوها لأوكرانيا، الذي تصفه بأنه “عملية عسكرية خاصة” للقضاء على “نازيين” هناك، لأسباب منها منع أوكرانيا من الانضمام لحلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة.
لكن الحرب دفعت السويد وفنلندا، اللتين التزمتا الحياد خلال الحرب الباردة، إلى التقدم بطلب الانضمام لحلف شمال الأطلسي في أكبر تغيير في الوضع الأمني الأوروبي منذ عقود.
لكن عقبة واجهت الدولتين تمثلت في معارضة تركيا العضو في الحلف لانضمامهما إذ تقول إن الدولتين تؤويان أشخاصا مرتبطين بجماعة مسلحة تعتبرها منظمة إرهابية. والتقى دبلوماسيون من السويد وفنلندا بمسؤولين في تركيا يوم الأربعاء في محاولة لحل الخلافات.
وقال مسؤول تركي بارز لرويترز اليوم الجمعة “العملية ليست سهلة” وأضاف أن على السويد وفنلندا اتخاذ خطوات “صعبة” لنيل دعم أنقرة. وتابع قائلا “سنستمر في المزيد من المفاوضات لكن الموعد لا يبدو قريبا جدا”.
(رويترز)
هذا رد عملي على ما جاء في مقال الدكتور فيصل القاسم.
شيء كان في الحسبان منذ زمان