باريس ـ «القدس العربي»: قال الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند مساء أمس الجمعة بعد ثلاثة ايام من الرعب والهجمات خلفت 17 قتيلا و20 جريحا في البلاد، ان «فرنسا تصدت» للهجمات الارهابية لكن «التهديدات التي تستهدفها لم تنته».
واوضح «ان التهديدات ما تزال تستهدف فرنسا التي تمكنت من التصدي وتدرك ان لديها في قواتها الامنية رجالا ونساء شجعانا وابطالا، ادعوكم الى اليقظة والوحدة».
ودعا الرئيس الفرنسي، الفرنسيين إلى «التعبئة والوحدة في وجه أي عمليات إرهابية محتملة، مشددا على «الصرامة» في معاداة السامية والعنصرية وعدم الخلط بين الإرهابيين والديانة الإسلامية.
وأضاف أولاند «يجب أن نكون صارمين في معاداة السامية والعنصرية ويجب ألا نخلط بين الإرهابيين والديانة الإسلامية»، متابعا: «منفذو العمليات الإرهابية (في فرنسا) لا علاقة لهم بالديانة الإسلامية».
من جهته قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس الجمعة إنه يأمل أن يكون التهديد المتعلق بحوادث إطلاق النار في باريس قد انتهى وتعهد بدعم الولايات المتحدة للشعب الفرنسي. وقال أوباما اثناء زيارة لولاية تنيسي «أريد أن يعرف الشعب الفرنسي أن الولايات المتحدة تقف معك اليوم وتقف معك غدا».
وأضاف «في شوارع باريس شهد العالم مرة أخرى ما يمثله الإرهابيون فلا شيء لديهم ليقدمونه سوى الكراهية والمعاناة الإنسانية. نحن نمثل الحرية والأمل والكرامة لجميع البشر. وهذا ما تمثله مدينة باريس للعالم».
وسيتظاهر كبار القادة الاوروبيين في باريس الاحد تضامنا مع فرنسا التي شهدت هجوما داميا على اسبوعية شارلي إيبدو اعقبته عمليتا احتجاز رهائن في باريس انتهتا الجمعة بشكل مأساوي.
وفي حين لا تزال ردود الفعل العالمية على هذه الاحداث غير المسبوقة في باريس تتعاقب، اعلن رئيسا الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والاسباني ماريانو راخوي مشاركتهما في مسيرة «جمهورية» ستضم مئات الاف الفرنسييين المصممين على اثبات وحدة البلاد.
وسيشارك ايضا في هذه المسيرة المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ورئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي ورئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر ورئيس مجلس اوروبا دونالد توسك ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني ورؤساء حكومات الدنمارك وبلجيكا وهولندا ومالطا وفنلندا ولوكسمبورغ تلبية لدعوة الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند.
وبعد يومين على الهجوم الدامي على شارلي ايبدو في باريس وغداة تبادل اطلاق نار في الشارع اسفر عن مقتل شرطية، اخذت عملية مطاردة المشتبه بهم الجمعة منحى مأساويا عندما عمدوا الى احتجاز رهائن في منطقة صناعية شمال شرق باريس وفي متجر يهودي في باريس. وبعد الظهر نفذت قوات الامن هجوما لانهاء عمليتي احتجاز الرهائن فقتل الشقيقان شريف وسعيد كواشي اللذان شنا الهجوم على مقر شارلي ايبدو وامادي كوليبالي الذي تحصن في المتجر اليهودي. وقتل خمسة اشخاص في الهجوم على المتجر اليهودي وكان اربعة جرحى في حالة خطرة الجمعة.
وقال امادي كوليبالي قبل مقتله الجمعة، لتلفزيون فرنسي انه «وافق» تحركه مع الاخوين كواشي.
وفي اتصال بقناة «بي اف ام تي في» الخاصة، قال كوليبالي انه ينتمي الى تنظيم «الدولة الاسلامية».
وفي اتصال منفصل بالقناة ذاتها اكد شريف كواشي انه تم ارساله الى فرنسا بتمويل من تنظيم القاعدة في اليمن.
وكان كوليبالي اتصل بالتلفزيون الجمعة عندما كان يحتجز رهائن.
وبعد اجتماع خلية الازمة في الاليزيه غداة يوم حداد وطني دعا الرئيس فرنسوا اولاند «كل المواطنين» إلى التظاهر الاحد في مسيرات للتنديد بالمجرزة في مقر شارلي ايبدو.
ولم يكف هذا النداء في تبديد الجدل حول مشاركة محتملة للجبهة الوطنية (يمين متطرف) في التظاهرة.
ودانت رئيسة الحزب مارين لوبن التي استقبلها اولاند في الاليزيه كزعماء الاحزاب الاخرى، عدم دعوتها للمشاركة.
وقالت ماري لوبن بعد اللقاء «لم احصل من الرئيس على رفع صريح لمنع حركتنا ونوابها وممثليها من المشاركة وفق ترتيبات تليق بحركتنا وتضمن احترامها في مسيرة الاحد».
ودعا ممثلو الجالية الإسلامية في فرنسا المؤمنين إلى ادانة الإرهاب و«المشاركة باعداد كبيرة إلى التظاهرة الوطنية». وخلال صلاة الجمعة تم تكريم ضحايا الهجوم على شارلي إيبدو في كل المساجد في فرنسا.
واثار الهجوم صدمة في فرنسا والعالم. ورفعت يافطات وكتبت تغريدات «أنا شارلي» تكريما للضحايا الـ12 بينهم ثمانية صحافيين في شارلي ايبدو وشرطيان. وفي بادرة نادرة توجه الرئيس باراك اوباما الخميس إلى السفارة الفرنسية في واشنطن لتوقيع كتاب التعازي تكريما للضحايا.
وامس اشاد تنظيم الدولة الإسلامية وحركة الشباب الصومالية الجمعة بـ«البطلين» اللذين نفذا الهجوم.
ووجهت دعوة لتنظيم مؤتمر دولي حول الإرهاب الاحد في باريس.
من جانبه، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ينس شتولتنبرغ، في معرض تعليقه على الهجوم المسلح الذي استهدف مكتب مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية: «المسلمون هم أكثر المتضررين من الإرهاب الإسلامي، غالبية المسلمين ينددون بالإرهاب. علينا أن نكافح الإرهاب معا».
ودعا شتولتنبرغ في تصريح لصحيفة بيلد الألمانية «المسلمون والمسيحيون على حد سواء إلى الثبات من أجل القيم العالمية» مضيفا: «يمكن النقاش في الأفكار المختلفة، ولكن علينا المساعدة لإزالة الأحكام المسبقة».
إلى ذلك، ذكرت وسائل إعلام إيطالية، أن اجتماعا أمنيا جرى في بلدية العاصمة روما، تمخض عنه قرار بحظر رفع لافتات مناهضة للإسلام، أو تتضمن محتويات سياسية، خلال المبارة التي ستجمع بعد غد الأحد، في العاصمة، فريقي روما ولاتسيو.
كما تقرر خلال الاجتماع نشر 1200 شرطي لضمان الأمن خلال المباراة المرتقبة، التي تجري في إطار مباريات الأسبوع الثامن عشر من دوري الدرجة الأولى، كجزء من التدابير الأمنية المشددة التي تشهدها البلاد، في أعقاب الهجوم الذي استهدف مجلة «شارلي إيبدو».
من جانبها، أطلقت الجمعيات الإسلامية في اسبانيا، مبادرة لاحتواء مخاطر معاداة الإسلام المحتملة «الإسلاموفوبيا»، كردة فعل على الهجوم الذي استهدف مجلة «شارلي إيبدو» الساخرة في العاصمة الفرنسية باريس، الأربعاء الماضي.
وأدانت الجمعيات الإسلامية هجوم باريس، وجددت إدانتها له في خطبة صلاة الجمعة، ظهر أمس، مؤكدةً على أن الدين الإسلامي هو دين السلام، والتعايش المشترك.