لننصت إلى المجتمعات بعيدا عن السياسة التي أماتتها الحكومات العربية وبعيدا عن المجال العام الذي اختزلته وسائل إعلام اللاحقيقة واللامعلومة والضجيج الفاسد للرأي الواحد وبعيدا عن النخب غير الديمقراطية التي لا نملك اليوم فعليا لا أدوات لتغيير قناعاتها ولا ممارساتها.
لننصت إلى المجتمع العربي الذي طويلا ما مارسنا الاستعلاء عليه، تارة باسم أهداف وطنية عليا لم يشترك غير الحكام والنخب المتحالفة معهم في تحديدها، وأخرى باسم قيم أخلاقية وإنسانية سامية تعرف مضامينها وتفرضها الطبقات الوسطى وما فوقها على من هم دونها، وثالثة باسم «الصواب الكامل» الذي يحتكره دوما إما الأقوياء أو المتصارعون على السلطة أو من يدعون حمل «أختام النقاء» لكي يوجهوا إلى المجتمع تصنيفاتهم الفاشية ويحولوا بين الناس وبين التفكير الحر والتعبير الحر عن الرأي ـ فهؤلاء هم المواطنون الشرفاء وغيرهم جميعا ليسوا سوى خونة ومتآمرين، أو هؤلاء هم حزب الله أما البقية فحزب الشيطان، أو هؤلاء هم الثوريون الحق الذين يجب عليهم التوحد والاصطفاف في مواجهة آخرين يسهل للغاية في خطوة تالية تجريدهم من كل قيمة وإخضاعهم لمكارثية العقاب الجماعي والهتافات الثورية.
لننصت إلى المجتمع العربي الذي يتحمل كافة صنوف الاستعلاء هذه، والتي لم تمعن فقط السلطوية بحكامها ونخبها وخدمتهم من الفاشيين في تصديرها إليه بل تحاصره بها أيضا الطبقات الوسطى ومجموعات المكارثيين من حملة أختام النقاء الثوري والديمقراطي، دون أن يفقد كل حيويته أو طاقته على الإبداع والتنقيب عن الجمال والبحث عن مساحات بديلة بعيدا عن جنون المتصارعين على القوة والسلطة. لننصت إلى المجتمع الذي يتحمل الكثير من العصف بحقوق وحريات أفراده وبكرامتهم الإنسانية ويصبر على تجهيل وإفقار وعوز وتكافؤ فرص غائب، بينما يصطدم يوميا بمراكمة الحكام والنخب وبعض الفاشيين للثروة والنفوذ والمكانة وفرص الترقي، دون أن يفقد كل الأمل في غد أفضل أو يتنصل من كامل رغبته في متابعة ما نطرحه عليه كسبل للخروج من أزماته.
لننصت إلى المجتمع العربي لنخرج من مصيدة عليائنا المصطنعة، لنبتعد عن صراعات حكم وسلطة لسنا اليوم بمؤثرين في تفاصيلها أو نتائجها، لنعترف باحتياجنا للتفكير بجدية في البديل الذي نريد طرحه على الناس
لننصت إلى المجتمع العربي الذي نوجه إليه اللوم من عليائنا المصطنعة على تأييده للسلطوية الجديدة أو صمته على مظالمها وانتهاكاتها أو محدودية تضامنه مع دعاة الحقوق والحريات، ولا نتوقف أبدا لنسأل أنفسنا إذا كان ما نقدمه للناس يكفي لإقناعهم بالسير معنا إن كل الطريق أو بعضا منه، ولنسأل أنفسنا أيضا إذا كنا قد أدينا ما علينا من المراجعة والنقد الذاتي والاعتراف بالأخطاء لكي نستعيد ولو القليل من الثقة الشعبية في حديث الديمقراطية. ماذا ترون؟
هل تظنون أن لدينا رؤى بديلة متكاملة للخروج من مأزق غياب الديمقراطية والشروع فورا وبجدية في البناء التعددي؟
هل تعتقدون إننا راكمنا المطلوب من المعارف للاضطلاع بهذا الدور أم تمتلكون شجاعة الإقرار أن تخاذلنا الجماعي يسهم هنا في إطالة أمد غياب الديمقراطية؟
لننصت إلى المجتمع العربي الذي تعيد بعض قطاعاته التفكير وبعمق في قضايا جوهرية كالعلاقة بين الأطر الأخلاقية والدينية وبين الحرية الشخصية، كالإبداع وشروط حدوثه وتحققه وأشكاله التقليدية وغير التقليدية، كقيمة الفن التي يعاد اكتشافها مع فرق موسيقية وصناع مسرح وسينما يخرجون عن المستقر والمتعارف عليه، بينما نحن غارقون في أحاديثنا الرتيبة تارة لتحليل دوافع ومواقف المتصارعين على الحكم والسلطة ونحن لا دور لنا في حسم الصراع وتارة ثانية للمشاركة في عبث الهجاء اللفظي والمادي وفي كافة الاتجاهات وتارة ثالثة للتفكير في إحياء سياسة أميتت ولن تعود إلى الحياة إلا بتقديم المجتمع وحيويته عليها وعلينا.
لننصت إلى المجتمع العربي لنخرج من مصيدة عليائنا المصطنعة، لنبتعد عن صراعات حكم وسلطة لسنا اليوم بمؤثرين في تفاصيلها أو نتائجها، لنعترف باحتياجنا للتفكير بجدية في البديل الذي نريد طرحه على الناس، ولنفعل كل ذلك دون تجاهل لضرورة الدفاع عن الحقوق والحريات والتضامن مع الضحايا.
كاتب من مصر
لننصت إلى المجتمع لكن بأذن ناقدة و نحرص على التنبيه لإخطاء المجتمع. ذلك أن شعار ‘ على خطى الجماهير ‘ هو نفسه الذي تتغنى به الأنظمة السياسية والثقافية الفاسدة. أليس من فساد الرأي مثلا لدى الجماهير الإطاحة بحاكم ثم إخلاء الشارع وتسليم الأمر للوجوه المزمنة ؟ أليس من قلة الحيلة و نقصان العقل التصويت في أول إنتخابات ديموقراطية على لون سياسي واحد بنسبة 100% وهو ما يؤدي لإلغاء نتائج الإنتخابات في أعرق الأنظمة ديموقراطية إستشعارا للحرج؟
يا أستاذي الفاضل، لقد بنى أغلب الفلاسفة، من أفلاطون إلى هابرماس، فلسفتهم السياسية على نقد جذري لعقلية العامة و قدرتها العجيبة على التقلب تبعا البلاغة التي تسحرها وتجردها من العقل لصالح الإنفعالات. ومن ذلك قول سينيكا الروماني بأنه سيتخلى عن الرأي الصح لو تبنته العامة! وقد ورد في الأثر : كما تكونوا يولى عليكم !
2-أين هي العلياء المصطنعة على فرض وجودها؟ الاستكبار الحقيقي ينطلق من قصور العسكر الجهلة والمستبدين الأجلاف الذين وكلتهم الصهيونية والغرب لحكم الأمة المسكينة بالحديد والنار والبراميل المتفجرة والضرائب المتنوعة التي لم تترك غير الهواء الذي يتنفسه الناس دون ضريبة، لكي لا يفتح أحد فمه أو عينيه – مجرد فتح دون احتجاج أو صراخ، أو استغاثة؟ لقد استولى العسكر والمستبدون على كل شيء من جيوب الناس وثروات باطن الأرض، أو بمعني أدق ما تبقى من ثروات باطن الأرض.
لا أحد ينصت في المدينة لصوت الطبقة المسحوقة التي تمثل أكثر من 95% من الشعوب العربية البائسة، فأقل من 5%في المائة من العسكر الجهلة والمستبدين الأجلاف هم الذي يحكمون وينعمون بالامتيازات والأموال الحرام التي يعتصرونها من جيوب المسحوقين. الذين لا يتصارعون على سلطة أو مناصب. الصراع بين الوكلاء وأتباعهم وحدهم.
3-لا أحد ينصت للمجتمع العربي لافي الداخل ولا في الخارج. النبوت هو سيد الموقف، والذين شاركوا في جريمة استدعاء النبوت لا يعترفون بذلك، ويظنون أنهم ضحايا مثل المجتمع التعيس.
لا أظن أن النخب الحالية يمكن أن تغير بينما النخب الحقيقية محجوبة ومحاصرة ومعتقلة وسجينة ومسحوقة مع بقية المسحوقين. بينما تعيش الأقلية المحظوظة في نعيم القوة الغشوم والمال الحرام والكذب البواح!
طيب ركبنا مجسات حساسة وانصتنا, ماذا سنسمع يا استاذ؟
حل معضلة “الإخوان المسلمين” عربياً يتطلب منهم تغيير التسمية الإقصائية المستفزة لتسمية شرعية “المسلمون إخوة” وصولاً لتجنب السياسة والحكم وسرقة أصوات الناخبين المسلمين، وإلتزام روح الإسلام المكتمل غير المجزأ قبل وفاة محمد (ص) وعدم تضييق واسع وعدم تحريف الدين بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة بل يجب أن تكون الوسيلة صحيحة والغاية صحيحة، ويجب إلغاء إتحاد عالمي علماء المسلمين فهو مجرد جمعية لمعارضي أنظمة الحكم العربية ويتموضع بدول أعداء العرب ويجب إلغاء التنظيم الدولي فهو يستهدف مصالح العرب لصالح أعداء العرب
معذرة يبدو أن الجزء التالي من التعليق لم يصل، وها هو:
-أين هي العلياء المصطنعة؟ شعوب بائسة، ونخب مدجنة، لا تنهض إلا لمحاربة الإسلام والحضارة الإسلامية والهتاف للوحشية الاستعمارية والصهيونية، والتخلي عن مروءة الانتماء لعقيدة وأمة أعطت للإنسانية زادا وفكرا وخبرة وثروة يستوعبها الغرب والصهاينة ولا يقرون بقيمتها للأمة أو الشعوب العربية. هذه النخب لم تزل(داخل الحظائر الثقافية أو السياسية أو الاجتماعية) ثم إن هذه النخب تمثل الذراع الفكري والأدبي للعسكري الجاهل، أو المستبد الجلف في تنكيله بالمثقفين الأحرار ، والمهنيين الشرفاء والشعوب المظلومة الصابرة . أليس عجيبا أن تسخر الصهيونية النخبة العربية لتنفيذ مخططها الصهيوني في فلسطين وتأييد حزب العمال الصهيوني (المابام) الذي كان يقوده الإرهابي بن جوريون، تحت لا فتة وحدة الطبقة العاملة في العالم؟