لندن ـ “القدس العربي”:
تحت عنوان “السلام والنفط: نهاية لعبة ترامب في السعودية” كتب تيم ديس في موقع “أويل برايس” قائلا “بات من الواضح بعد عامين ونصف في البيت الأبيض أن علاقات ترامب مع الرياض هي التي تملي سياسته الخارجية. وحتى إن جاءت على حساب إغضاب مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون الذين يريدون إزاحته عن المكتب. وجاء آخر تحرك مؤيد للسعودية يوم الجمعة عندما أعلن عن حالة طوارئ وطنية بسبب التوتر مع إيران ونحى جانبا الإعتراضات من المشرعين لكي ينهي صفقة أسلحة بقيمة 8 مليارات دولار مع السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن. وأعلمت إدارة ترامب اللجان في الكونغرس أنها ستمضي قدما بتنفيذ 22 صفقة سلاح مع الدول الثلاث في الشرق الأوسط مما أدى لردود فعل غاضبة من الحزبين على تجاهله سابقة معروفة وهي قيام الكونغرس بمراجعة صفقات السلاح. ولم يغضب التحرك الكونغرس لأنه تعبير عن سوء استخدام للسلطة بل ولأنه جاء في وقت زاد فيه غضب المشرعين على انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية. فهذه متهمة في عملية قتل مثيرة للجدل للصحافي المعارض والذي كان مقيما في الولايات المتحدة جمال خاشقجي عندما دخل قنصلية بلاده في اسطنبول في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي. وتم تتبع الجريمة إلى ولي العهد محمد بن سلمان الذي وقف معه ترامب، رغم التداعيات السلبية التي خلقتها الجريمة عند الجمهوريين والديمقراطيين وعلى المستوى الدولي. ورفضت الإدارة وقف الدعم للحرب السعودية في اليمن والتي نتج عنها ضحايا مدنيين كثر. كما شددت العائلة المالكة من سيطرتها في الداخل وتبنت حكما ديكتاتوريا من القمة للأسفل يمنع أي تلميح للمعارضة. وفي الشهر الماضي أعدمت السعودية 37 ممن قالت إنهم إرهابيون ومعظمهم مواطنون سعوديون. ونقلت شبكة “سي أن أن” أنه تم صلب واحد منهم وهو عمل إشكالي للمشرعين في الغرب والولايات المتحدة الذين يربطون الدعم العسكري بسجل البلد في مجال حقوق الإنسان. وأدت كل هذه التطورات لزيادة غضب الكونغرس وإصرارا من الرئيس على دعم المملكة. لكن ترامب لا يتعامل مع السعودية كحليف رئيسي في الشرق الأوسط ولكن كجزء مهم من لعبته في الحفاظ على استقرار أسعار النفط، وأهم من ذلك، يرى الرئيس في الرياض جزءا مهما في سياسته لتركيع إيران اقتصاديا ودفعها لطاولة المفاوضات والتفاوض حول مشروعها النووي وصواريخها الباليستية وتأثيرها في الشرق الأوسط. ولو نظرنا إلى تاريخ 40 عاما فالمقامرة التي يقوم بها ترامب قد ترتد عكسا وتقود إلى مواجهة أمريكية- سعودية مع إيران. وهي حرب قد تضرب أسعار النفط العالمي وتضرب النمو الإقتصادي المتباطئ بسبب الحرب التجارية مع الصين. وأكثر من هذا فتحرك ترامب يوم الجمعة يعد تجاهلا للكونغرس الذي أوقف صفقات السلاح للسعودية والإمارات. وقال السناتور الديمقراطي عن ولاية كونيكيكت كريس ميرفي “استخدم الرئيس ترامب هذه الثغرة لمعرفته أن الكونغرس لن يوافق. ولا توجد حالة طارئة لبيع قنابل إلى السعوديين كي يسقطوها على اليمن. وعمل هذا سيديم الكارثة الإنسانية هناك”.
وكان الغضب على صفقة ترامب للسعودية واسعا لدرجة أن أحد كبار المتحمسين لترامب السناتور الجمهوري عن ساوث كارولينا ليندسي غراهام انتقدها. وقال لشبكة “فوكس نيوز” “لدي مشكلة بالعودة والتعامل بشكل عادي مع السعودية”. وقال: “الأردن حليف عظيم والإمارات هي إشكالية في اليمن ولكنها حليف جيد أما السعودية فهي حليف استراتيجي ولكن ولي العهد محمد بن سلمان متورط في جريمة قتل خاشقجي وعمل أشياء تخريبية أخرى ولهذا لا أدعم صفقات السلاح الآن”. ويعلق الكاتب على النقد في داخل الكونغرس قائلا إن نهاية لعبة ترامب تقوم على الغاية تبرر الوسيلة، فهو لا يرى في إيران تهديدا للشرق الأوسط بل تهديدا دوليا بسبب برامجها النووية. ويعتقد أن السعودية القوية رغم قصورها وعيوبها تظل عاملا مضادا للتهديد الإيراني وعامل استقرار لسوق النفط. ويجب على الكونغرس أخذ هذا الموقف بعين الإعتبار رغم ما يبدو من طريقة فوضوية للرئيس في وضع الأمور في نصابها.