تقول الفنانة السورية التشكيلية ماسة أبو جيب إنها عاشت وأسرتها عشرة أعوام في باريس قبل عودتهم النهائية إلى دمشق، وتتابع: «شوارع باريس بحد ذاتها متحف خالد، وأبنيتها وواجهاتها فن معماري عريق» ـ من حوار لها مع منى كيوان مراسلة ـ «المجلة العربية» في دمشق ـ رئيس التحرير محمد بن عبدالله السيف. وتضيف ماسة: «كنا نذهب وأخوتي لزيارة المتاحف والمعارض الفنية، فازدادت حصيلتي البصرية وصُقلت ذائقتي الفنية».
تقول التشكيلية السعودية هنوف محمد عن باريس في حوار لها مع عبد الرحمن الخضيري: «لا يمكن أن أنسى انبهاري الكبير عندما زرتها لأول مرة. كانت المدينة أشبه بمتحف فني عملاق، وهي التي احتضنت أعظم الفنانين. باريس هي بلا منازع مدينة الفن الأولى…».
والشهادات في الجمال الإبداعي لباريس لا تحصى، ولكن ماذا نقول نحن الذين نعيش في باريس من زمان، وحنيننا أبداً للوطن «الأول»؟
بعد شهر العسل، تأتي الألفة، فاللامبالاة!
تتقن باريس فن الاحتفاء بعشاقها. تذهب مثلاً إلى مقهى ومطعم في بولفار سان جرمان (الحي اللاتيني) فترى صورة همنغواي جالساً على مقعد فيه يحتسي البيرة.. في كل مطعم أو حانة مر بها مبدع ترى صورته معلقة على الجدار جالساً على مائدتك اليوم. أما المبدع أوسكار وايلد الذي مات في أحد فنادقها فقد سمي ذلك الشارع على ضفة السين باسمه..
كثير من العرب تأثروا بإقامتهم خلال الدراسة في باريس وكتبوا عنها (رواية «الحي اللاتيني» لسهيل إدريس) والأمثلة تطول.
أما الذين يأتون إلى باريس للإقامة والعمل فيها فيعيشون معها في السنوات الأولى شهر عسل. يطوفون في جمالياتها كشارع الشانزيليزيه (الملقب بأجمل جادة في العالم) ومنطقة مونمارتر والحي اللاتيني وقصر التروكاديرو، وبرج إيفل، ومتحف اللوفر، وسنتر بومبيدو، وغيرها كثير. ولا تنسى باريس أن تضع لوحة تذكارية على كل مبنى أقام فيه مبدع، وقد مررت هذا الصباح أمام مبنى متواضع في الحي اللاتيني عليه لوحة «فاغنر» أقام هنا من سنة كذا إلى ..». هذا طبعاً قبل أن ينتشله من الفقر المعجب الأول به ملك بافاريا لودفيك. ويهديه قصراً في مدينة لوسرن السويسرية زرته أيضاً.
وفي مطعم باريسي عريق قرب (باليه روايال) قرأت لوحة على الجدار تقول: هنا كان يجلس الكسندر دوما. وجاء أحد أبطال المؤلف «الكونت دي مونت كريستو» وجالسني شبحه على الغداء.
الذين يعيشون في باريس أمثالي يعيشون في العام الأول كسياح ويذهبون إلى أمكنتها الشهيرة التي تستحق شهرتها، وما أكثرها. ثم يوماً بعد آخر، يغرق المرء في عمله، ويرتمي مساء متعباً أمام التلفزيون متحولاً إلى ما يدعوه الفرنسيون «سحلية» المقعد! ويفقد عاماً بعد آخر شهوة اكتشاف جماليات باريس الإبداعية التي لا تنضب، لأن الحضارات تسافر إليها من أنحاء العالم كله.
دليلة سياحية أم مقيمة منومة؟
حينما تزور باريس للمرة الأولى صديقة قديمة لي أصير مضطرة للعب دور «الدليل السياحي» وأرافقها إلى جماليات باريس وهي التي تجهل الفرنسية، أكتشف تقصيري مع نفسي في الاحتفاء بحياتي في باريس منذ ثلاثة عقود ونصف. وهكذا اصطحبتها إلى مونمارتر وبرج إيفل وحدائق مونتسوري و»بوت شومون» وشارع التسوق (فوبور دي سانت اونوريه) و»غاليري لافاييت» وسواه من مخازن باريس العريقة التي ينسى المرء فيها متعة التسوق لتأمل جمالياتها الفنية، المعمارية.
ثم اصطحبتها إلى «القصر الكبير» فإلى «القصر الصغير» وإلى ساحة (الفاندوم) وساحة (الفوج) والحي اللاتيني وجماليات أخرى لا تحصى في باريس وضواحيها كما قصر فرساي مثلاً.
وهكذا يعود غرامي بباريس إلى الاستيقاظ كلما لعبت دور الدليل السياحي الذي يتذكر غرامه الأول بباريس.. وأتذكر كيف كنا، زوجي وابني وأنا، نذهب كل يوم أحد إلى غابة بولونيا الباريسية ونستأجر الدراجات الهوائية وندور بها في الغابة الجميلة في قلب باريس..
ولكن حين ترحل صديقتي أعود إلى روتيني اليومي في الدائرة التي أقيم فيها كمعظم العرب العاملين في باريس الذين يعودون مساء في قطار الأنفاق إلى أوكارهم ربما بعد زيارة سريعة إلى (سوبر ماركت) الحي لشراء «العلف»!
الجميلة النرجسية تتقن استعراض سحرها
ثمة كتب كثيرة فرنسية تتحدث عن باريس من زوايا متعددة. أمامي الآن كتاب منها يتحدث عن تاريخ كل مكان سياحي نزوره، فباريس تدرك أن العراقة عنصر أساسي لا يجوز إهماله كما نفعل في الكثير من مدننا العربية حيث نهدم القديم دون أن نلحظ أن التجديد هو المطلوب شرط عدم التخلي عن التراث والعراقة.
وأمامي الآن كتاب اسمه «الكتاب الباريسي الصغير» يتحدث عن تاريخ للأماكن الجميلة كلها التي يزورها السائح وربما المقيم مثل «كاتدرائية نوتردام» التي كتب عنها «فيكتور هوغو» «أحدب نوتردام»، وبرج سان جاك، وحديقة التويلري، ومتحف اللوفر الذي كان قصراً ملكياً، والمحطة «الانفاليد» وتاريخها منذ القرن السابع عشر وبركة «الابريا» وتاريخها مع الإعدام أمامها، والبانتيون (مقبرة العظماء)، ومقبرة «البيرلاشيز»، مشاهير الأدب والفن الذين دفنوا فيها مثل جورج صاند وبعض عشاقها الذين دفنوا حولها!
باريس لا تهدم عتيقها كما نفعل للأسف في الكثير من مدننا العربية، بل تعتز بالعراقة لا بناطحات السحاب شبه المكروهة في باريس، وأحياناً أطل من نافذتي على نهر السين فأرى بردى والفرات ودجلة والنيل.. ومن يستطيع التحكم ببوصلة القلب؟ ومعذرة يا باريس من خيانتي العاطفية لك.. فما زلت مغرمة بدمشق وبيروت وبغداد وعدن و.. و.. ووطني العربي بكل قرية فيه وحبة تراب.
تحية لك أيتها الأديبة المحترمة.
الطابوق طين محروق وف حرارة معدّلة وله أبعاد دقيقة المقاس لم تقتصر بابل أو بغداد على نشر لوحاته في واجهة البايات والدور والأزقة العتيقة والبراطيل والسقايف بل في بعض مدن المنطقة المغاربية أظنك لم تزوريها أنبت شعراء
جيناتهم تتصل بالأندلس.
أما باريس فهي نتاج حضارة سبقتها غرب قوطية.
بناءات لا روح فيها تُشعر الناظر إليها بالوحشة تُحرك فيه ذكريات معاناة أجيال شعوب على أيدي بُنات الإستعمار لم ينشر حضارة إنما الموت كان لغير الفرنسي الذي لم يُبدع أحفاده إلا في الحيلة ليستمر طلاء معمار باريس بفاقة من خدعتهم فرنسا.
أتنقل بين محطات مقالة السيدة النبيلة في معالم باريس المدينة الجميلة ..
أعتقد بان باريس مدينة ملهمة للفنانين التشكيليين ! .. وربما أستطيع أن أعبر عنها بانها متحف كبير في فضاء واسع ! ..
أتذكر زيارتي لباريس ، وكم كنت مسحوراً لما شاهدته من فن تشكيلي ، وتماثيل تنطق بسحر الذوق .. ذوق المبدعين الذين صاغوا وحفروا في الحجر فن خالد يليق بمدينتهم .
كم تمنيت حينها باطلاق سراح تماثيل الحضارات الخمس العراقية لتعود الى الشوارع والمدن من جديد ، ولو تحقق ذلك لما كان لها من منافس …
في محطة دار الاوبرا حيث الملائكة الذهبية فوق الابنية ، وهي تعانق الغيوم .. وكذلك اللوحات الفنية في الكنائس ، وقد وجدت التماثيل معبرة عن الحضارة ، وواضح فيها جرأة الفنان ..
لازال عالقاً في ذاكرتي المقاهي الانيقة والمباني العريقة .
كل شيء ساحر في باريس
تحياتي
نجم الدراجي . بغداد
تحية للسيدةغادة وللجميع
زرت باريس قبل عامين لمدة اسبوع واستمتعت فعلا بكل اجوائها فهي مدينة ليست ككل المدن ولكن المقال يثير شجون واسى وحسرة على مدننا فبصرتنا العزيزة ثغر العراق الباسم كما كانت تسمى فقد احيلت بسمتها الى حزن وكابة منذ السنوات القديمة وليست سنوات حرب ايران وما بعدها فلا قدبمها بقى شاخصا ولا جديدها يستحق النظر
كان بيتنا وانا صغير وقبل ان اذهب للمدرسة اتذكره جيدا هو يقع على ضفة نهر العشار وهي بيوت قديمة تمتاز بطابع خاص ارتاى المتصرف(المحافظ) انذاك ان يفتتح شارع جديد ففتم هدم كل البيوت المطلة على النهر وهذا تم بكل بساطة وبدون اي مراعاة لجمالية المكان. كانت هناك ساعة تسمى ساعة يسميها البصريون ساعة سورين وسورين هذا مصور من اصول ارمنية ممن رمتهم الحرب في احضان البصرة تم هدمها لان الانكليز كانوا بنوها وهناك بيوت الشناشيل المشهورة التي لم يبق منها الا واحد او اثنين
كل شعوب العالم تعتز وتفتخر بحضاراتها التي هي جزء كبير من هوية البلاد . وكما يبدو سيدتي في وصفك لمدينة باريس أنهم يهتموا ويعتنوا بكل زاوية ، وبكل التفاصيل الكبيرة منها والصغيرة ويضيفوا لمسات بسيطة هنا وهناك ، وهذا هو سر جمالها وسحرها ، في المحافظة على روح المدينة التي تحملها المباني التراثية القديمة ، والتي تفتقد اليها المباني الحديثة المتشابهة في الهندسة . إذن هي ثقافة الأنتماء الى الوطن التي تنمو وتكبر مع المواطن في المحافظة على أرث بلاده ليسلمها من بعدهم الى الأجيال المقبلة .
أفانين كبة -كندا
نعم وانا أعيش في لندن وحنيني أبداً لبغداد ودجلتها وخريف بغداد. دفئها يلفني.غريب امر الإنسان وعلاقته بوطنه وانتماؤه لجذوره. تمنياتي
تثير ين في نفسي شجنا، يا سيدتي الكريمة وتاج راسي يا ست الشام، كلما تحدثت عن دمشق مثيرة الاشجان،ومحركة الأوجاع. فكلما ناى بنا البعد عنها كلما تعاظم الجوى والقلب انجوى. ..يتبع
وانا دمشق مثلك في الحنين، وباريسي في المنفى مذ دخلت دمشق في كابوس الوحوش، ولم ينته بعد. يقول جدي أن جدا الأولي حارب جيش نابليون في عكا، ويقول انه كان من بين الذين ناهضوا الجنرال غور و، وساكس بيكو ويضحك كثيرا عندما يقول وكنت من الذين هتفوا :”ديغول خبر دولتك باريس مربط خيلنا”..يتبع
وكلما زارني ضيف مبهر في باريس يطلب مني أن يزور قبر نابليون. وأمام القبر أتذكر كلمات جدي واضحك في سري وأقول باريس باتت مربطي ودمشق حلمي
تحية لك من تونس ولكل رواد بيتك الدافيء