شيدت الصين سورها العظيم من أجل الانعزال عن العالم، وهو تصور دفاعي قديم يلخص فلسفة هذا البلد العملاق من أجل الحفاظ على قيمه وأمنه في مواجهة الآخر. لكن الآن، تشيد الصين أكبر جسر تجاري في العالم يجعلها تتبوأ التجارة العالمية في وقت تتراجع فيه الولايات المتحدة وتتبنى مفهوم السور المغلق.
وكانت المدن الكبرى قديما تشيد الأسوار للحفاظ على أمنها في مواجهة الغزوات الخارجية خاصة تلك القريبة من حدود ثقافات ودول ثالثة، لكن الصين هي الدولة الوحيدة في تاريخ البشرية التي طبقت بناء سور حول مجموع أراضيها، وامتد على مسافة 21 ألف كلم ولم يبق منه سوى 30% حاليا. وبعد الاكتشافات الجغرافية الكبرى وتقدم الأسلحة ومنها المدافع، لم تعد الأسوار تجدي نفعا وبدأ العالم ينفتح على نفسه. والصين، الدولة التي شيدت أكبر سور في تاريخ البشرية هي التي تشيد الآن أكبر جسر تجاري في تاريخ البشرية «طريق الحرير» الذي يعد بداية نهاية الهيمنة الغربية على العالم.
وطريق الحرير ليس بالطريق الجديد بل هو أهم طريق للتجارة العالمية عرفته البشرية قديما وكان ينطلق من الصين عبر طريقين رئيسيين واحد في الشمال وآخر في الجنوب وطرق فرعية كثيرة، وكلها كانت تتجه نحو الغرب، الشرق الأوسط وأوروبا وشمال افريقيا، حيث ساهمت في ازدهار ثقافات وحضارات طيلة قرون من الزمن.
وتعود الصين إلى تراثها وتاريخها من أجل منح نفسها مكانة في مسرح جيوسياسي بإحياء هذ الطريق في وقتنا الراهن وتطويره. وبدأت منذ سنة 2013 رسميا بهيكلة طريق الحرير الجديد الذي يشمل هذه المرة قرابة 70 دولة بشكل مباشر ويمتد إلى باقي الدول بمستويات مختلفة من التأثير. وعمليا، هو يشمل ما يصطلح عليه العالم القديم برمته، مجموع القارة الأسيوية والقارة الافريقية وأوروبا، ويهم أكثر من 30% من الإنتاج العالمي وأكثر من 30% من ساكنة العالم.
ساهمت الصين في هيكلة العالم قديما عبر طريق الحرير وتعيد الآن هيكلته الجديدة عبر الطريق نفسه ولكن بمفاهيم حديثة
وتقبل الدول على المشاركة والمساهمة في هذا الطريق لسببين، الأول هو تولي الصين نفقات هذا الجسر التجاري من تشييد الطرق والمرافئ والموانئ خاصة في الدول الفقيرة، وبالتالي لا تجد هذه الدول نفسها مخنوقة اقتصاديا من طرف المؤسسات المالية الغربية مثل صندوق النقد الدولي، والسبب الثاني هو الاعتقاد في مساهمة هذا الطريق في التقليل من الفوارق الطبقية في الدول المعنية به بعدما نجحت الصين في الرفع من مستوى عيش 850 مليون من ساكنتها وانتشالهم من الفقر في ظرف ثلاثة عقود بينما الدول الغربية وتلك الفقيرة الدائرة في فلكها ومنذ العولمة ساهمت في تعميق الفوارق الطبقية بشكل لافت. وماليا، استثمرت الصين منذ اعتمادها طريق الحرير أكثر من 450 مليار دولار وستتجاوز ألف مليار دولار سنة 2025، ويعد مشروع مارشال الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية لبناء أوروبا الغربية مجرد مشروع قزم أمام طريق الحرير.
وأصبحت الصين الآن تتبوأ العالم تجاريا بعدما كانت صادراتها لا تتعدى 1% من صادرات العالم سنة 1978. وتبقى ريادتها للعالم على جميع المستويات، أي أول قوة في العالم، مسألة عقدين فقط، وترغب في جعل 2047، مئوية تأسيس الحزب الشيوعي، المنعطف للحديث عن القوة العالمية الأولى بدل الولايات المتحدة.
جيوسياسيا، لقد ساهمت الصين في هيكلة العالم قديما عبر طريق الحرير، وتعيد الآن هيكلته الجديدة عبر الطريق نفسه ولكن بمفاهيم حديثة للغاية. ولعل العامل المساعد لها في تحقيق هذا الهدف هو سياسة الولايات المتحدة بعد مجيء الرئيس دونالد ترامب إلى الرئاسة وتصورات جزء من الإدارة الأمريكية بأن مواجهة الصين هو تبني سياسة الانغلاق ودفع الدول الأوروبية إلى عدم تسهيل الاستثمار والتوسع التكنولوجي الصيني كما يحدث الآن في الحرب ضد شركة هواوي والجيل الخامس من الإنترنت والحيلولة دون وصولها إلى مصادر الطاقة والمعادن.
تجري كل هذه التطورات، حيث العالم يتغير، وطريق الحرير الجديد من أبرز معالمه الرئيسية إن لم يكن أهمها. وتستمر شعوب العالم العربي – الأمازيغي في رؤية الصين من خلال المنظار الغربي والأمريكي أساسا بدون بلورة رؤية خاصة بمصالح شعوب المنطقة في علاقتها بالقوة المستقبلية، الصين.
ما تفعله مراكز البحث الاستراتيجي العربي عموما مع بعض الاستثناءات هو نقل ما تنتجه نظيرتها الغربية، وتقتصر الصحافة العربية على نقل مواقف الغرب ضد الصين مثل آراء ومواقف وقرارات ترامب في مواجهة هذا البلد من رسوم وتهديدات بدون اهتمام حقيقي بما يصدر عن الصين. ويكفي أن تسأل صحافيا أو أستاذا جامعيا مختصا في العلاقات الدولية يعمل في صحفية عربية أو جامعة عربية عن مركز للبحث الاستراتيجي الصيني أو كبريات وسائل الإعلام الصينية ليتلعثم في الجواب.
العالم العربي والغربي ليس جزءا من الغرب، وإن كان مرتبطا به اقتصاديا وسياسيا، والتحرر من الرؤية المركزية للغرب لأحداث العالم ومنها الصين يبدأ ببلورة الصحافة ومراكز الأبحاث العربية لخطاب مستقل عن الرؤية الغربية يأخذ في عين الاعتبار مصالح شعوب المنطقة. ومن ضمن الأمثلة، لا يهمنا كثيرا موقف ترامب من شركة هواوي الصينية بقدر ما يهمنا هو كيف جعلت هواوي وشركات صينية أخرى كل مواطن في الشرق الأوسط وشمال افريقيا وخاصة الفقراء قادر على شراء هاتف محمول بثمن رخيص لينخرط في ثورة المعلومات والمساهمة في التغييرات المجتمعية الحالية. تخيلوا لو كان الغرب وحده ينتج الهاتف المحمول والحاسوب، هل كان المواطن العربي والأمازيغي البسيط قادر على شراء هذا المنتوج؟
كا تب مغربي من أسرة «القدس العربي»
“هل كان المواطن العربي والأمازيغي البسيط قادر على شراء هذا المنتوج؟” إهـ
لا يوجد مواطن عربي ولا حتى أمازيغي بالوطن العربي! يوجد مواطن ليبي ومواطن تونسي ومواطن جزائري ومواطن مغربي وووو ولا حول ولا قوة الا بالله
لماذا جلد الذات في صيغة عنوان (أين العرب من هيكلة الصين للعالم جيوسياسيا؟) وما ورد تحته، والأهم هو لماذا؟!
لأنّ تدوين لغة الحذاء على تقصير/فشل/فساد موظف النظام البيروقراطي للأمم المتحدة، بواسطة منتظر الزيدي يوم 14/12/2008 على ممثلي النظام (الأمريكي جورج بوش الإبن، والعراقي نوري المالكي) بسبب تقصيرهم في توفير أبسط خدمات الدولة بكفاءة وجودة مقبولة،
في نفس التوقيت الصين بدأت تطبيق ما تعلمته من حصار العراق بعد 2/8/1990 بخصوص مقايضة مصادر الطاقة مقابل أي صفقة تجارية، بتعميم ذلك من أجل الحصول على عقود تنفيذ مشاريع البنى التحتية في أي دولة بالمقايضة بدل قروض صندوق النقد والبنك الدولي،
الذي أعلن انهيار نظام القروض الربوية والتأمين عليها لرفع المسؤولية عن المسؤول والموظف في دولة الحداثة عام 2008، سبحان الله،
وأضيف العبقرية العراقية كذلك اخترعت عند إعادة إعمار ما تم تدميره في أم المعارك/عاصفة الصحراء عام 1991، نظام البطاقة التموينية من أجل المحافظة على كرامة الإنسان والأسرة والشركة المُنتجة للمُنتجات الإنسانية في الدولة،
ولذلك عندما في عام 2018 في اجتماع نقابة المهندسين العراقية في بغداد، يقول لي رئيس مجلس إدارة شركة، تعمل على تنفيذ مشاريع الإدارة والحوكمة للوصول إلى الحكومة الإليكترونية في العراق،
أن المشكلة التي يواجهها، هو أن ليس هناك موظفين في غرفة واحدة، لتنفيذ نفس الوظيفة، يؤديان نفس الوظيفة بطريقة واحدة؟!
هذه تعني هناك مشكلة في مفهوم معنى التنظيم أو النظام أو البيروقراطية، بين الموظف والمسؤول في الدولة، بعد عام 2003 في العراق،
ومن هنا من المنطقي والموضوعي يظهر شعار (الشّعب يُريد اسقاط النِّظام) في عام 2019، الذي لم يستوعبه المثقف/السياسي/الموظف في النظام البيروقراطي للأمم المتحدة بشكل عام،
والحل الإقتصادي، من وجهة نظري يكون في تطويع الجيل الرابع من آلات الثورة الصناعية، وفق مفهوم الوقف الإسلامي، لتحسين جودة وكفاءة أي خدمات تقدمها الدولة، والتي يعاني الجميع من سوء الخدمات حالياً،
على أن يقترح عملية التطويع الموظف أو المسؤول، الذي له رغبة في زيادة الإيرادات للجميع، بداية منه ثم الإنسان والأسرة والشركة المُنتجة للمُنتجات الإنسانية، ليكون من ضمن الشركاء في أم الشركات،
التي تخصصها تنفيذ مشاريع الأتمتة/الميكنة، من خلال وقف بسطة (صالح)، لإنتاج المُنتج الحلال (أي بلا غش المواصفات التي تم التعاقد عليها تجارياً بوظيفة/مقاولة)، لتوفير ما تحتاجه البطاقة التموينية، من منتجات، لحفظ كرامة الإنسان والأسرة والشركة المُنتجة للمُنتجات الإنسانية، لتكون هي أساس مفهوم حاضنة الإقتصاد الرقمي/الإليكتروني، في أي دولة،
لتكون بعدها قادرة على المنافسة في سوق فلسفة أمريكا (موقع أمازون) أو سوق حكمة الصين (موقع علي بابا)، محلياً ودولياً في أجواء سوق العولمة والإقتصاد الرقمي/الإليكتروني بعد عام 2019.??
??????
تراجع الغرب امر عادي وطبيعي، التاريخ يعلمنا أن للحضارات دورات، واحدة تخبو وأخرى تعلو. الصين كانت حضارة رائدة في الماضي وقام الغرب بتفكيكها في القرن التاسع عشر، وها هي الآن تستعيد كبرياءها التاريخي وتقف ندا للغرب وستنوب عنه في قيادة الإنسانية.
الصين على قمة المكانة التي تستطيع الوصول إليها، تشبه حال اليابان في بداية التسعينات، وعما قريب ستتوقف الآلة الصينية عن النمو المتواصل كما حدث لليابان لأن لديها أيضا مشاكل عظيمة ما تزال في بدايات تأثيرها.
والقرن الحالي سيكون في الغالب قرنا أمريكيا، لا جديد يلوح في الأفق
العرب كانوآ خير أمة والآن العرب للأسف غثاء .