شابة سورية من حلب، تابعت دراستها العليا في جامعة كبيرة في الولايات المتحدة وكانت أطروحتها عني، وهذا سبب مراسلاتنا التي لم تتوقف حتى بعد تخرجها وحصولها على الدكتوراه وعلى مقعد أستاذة جامعية.
أحبت زميلها الأستاذ الجامعي وتزوجا، وكنت سعيدة بنجاحها في الحياة الأكاديمية، وسررت حقاً حين أخبرتني أنها ستعود إلى الوطن سوريا لتعمل وزوجها أستاذين في الجامعات هناك. وكان ذلك قبل عشرة أعوام.
نفروا منه لأنه أسود البشرة!
بعد أشهر من عودتها إلى سوريا كتبت لي لتقول إنها وزوجها سيعودان للتدريس في إحدى جامعات U.S.A.، استغربت ذلك وسألتها في مخابرة هاتفية: ألم تجدا عملاً في سوريا على الرغم من مؤهلاتكما العلمية العالية؟
قالت: وجدنا عملاً، لكن أسرتي نفرت من زوجي لأنه أسود البشرة أفريقي الملامح، ورفضه بعض أساتذة الجامعات! أعترف أنني دهشت. ولم أكن أدري أن بعضنا في عالمنا العربي من «العنصريين» السريين! وأسفت حقاً لذلك.
وكتبت لي بعدها من جامعتها السابقة الأمريكية وقد عادا إلى عملهما، وقالت حزينة لأنها اضطرت لمفارقة وطنها لسواد بشرة زوجها!
قسم خاص بالسود في (الباص)
روى لي زوجي أنه وزميله العراقي في جامعة أمريكية في «ويسكانسن» ـ منذ أكثر من نصف قرن ـ ذهبا مرة لركوب (الباص) ومُنعا من الركوب معاً. تصادف أن زوجي أبيض البشرة وحولوه إلى القسم الخاص بالبيض، أما صديقه العراقي الحميم س.ح. داكن السمرة، فقد اعتبروه زنجياً وفرضوا عليه الجلوس في مقصورة في (الباص) تخص سود البشرة… وهذا الرجل الذي منعوه من الجلوس مع البيض صار فيما بعد ذلك بأعوام (بعد تخرجه وعودته إلى وطنه العربي) شخصية سياسية مهمة في وطنه ويتم استقباله في U.S.A. (كلما زارها لمحادثات) على البساط الأحمر من مدخل الطائرة إلى صالة المطار!! وصارت العنصرية تبدو اليوم ممارسة هزلية لكنها ما زالت تقع أحياناً هنا وهناك!
اتهموها بالسرقة لأنها سوداء البشرة!
قبل الرئيس ترامب، حظيت أمريكا برئيس من أصول زنجية ومسلمة هو «أوباما»، وهو داكن السمرة كما زوجته الجميلة زنجية الملامح. ولكن العنصرية هناك وفي أماكن كثيرة من عالمنا ما تزال متغلغلة في النفوس. وقد تناقلت وكالات الأنباء مؤخراً حكاية المغنية السوداء المشهورة سيزا، التي كانت في أحد حوانيت شركة «سيفورا» لمستحضرات التجميل تتسوق عندما فوجئت بأحد الحراس يعترضها للتأكد من أنها لم تحاول السرقة! وكل ذلك بسبب لون بشرتها. وكان لا بد من ردة فعل (استعراضية) للشركة حيث (طردت الحارس) لكي لا يقاطعها سود البشرة والذين يدعمونهم من أمثالي (بالقرب من بيتي في باريس حانوت كبير لمستحضرات «سيفورا» قررت وجاراتي مقاطعته مثلاً) ولكن تلك الحادثة تشي بأن الكثير من الناس ما زالوا يجدون أسود البشرة غير أهل للثقة انطلاقاً من زمن كانت فيه الولايات المتحدة تحضر بعض الأفريقيين للعمل كعبيد.
لكن الدين الإسلامي قام بالمساواة بين البشر وأعلن أن أكرمنا عند الله أتقانا، منذ قرون بعيدة. فلماذا واجهت تلك الأستاذة الجامعية من أسرتها في حلب نفوراً من زوجها؟
«أميناتا» والتعويض عن سواد بشرتها!
ذكرني بكل ما تقدم فيلم شاهدته البارحة على شاشة التلفزيون، تمثيل ميمي ماتي «الملاك الحارس»، وذلك على القناة 20 الفرنسية. في الفيلم يقع شاب فرنسي بالغ الوسامة والشقرة وزرقة العينين بسوداء البشرة (أميناتا) من السنغال، ويقرر الزواج منها ويصطحبها إلى قريته الفرنسية. وهناك تلقى العداوة من الجميع، وبالذات من أمه التي تكيد لها ويحاول أحد أبناء القرية اغتصابها، أي أن الجميع يحاول أن يحملها على العودة إلى السنغال. ولكن أميناتا تواجه كل شيء بالطيبة النموذجية الخارقة المخالفة للطبائع البشرة، كأن عليها التعويض عن سواد بشرتها بالتخلي عن ردود الفعل البشرية الإنسانية الطبيعية، وعليها أن تكون ملاكاً ليتقبلها مجتمع البيض، (الشرير) بحقها، لمجرد اختلاف لون بشرتها.. بل إننا في أحد مشاهد الفيلم نراها تمسك بأفعى لإنقاذ طفل منه رغم خوفها! كأن أسود البشرة عليه أن يمسك بالأفاعي وينقذ حياة الأبيض ليتمكن من قبوله.
استفزني تجريدها من إنسانيتها
بذريعة امتداح إنسانية «أميناتا»، شعرت بأن الفيلم يجردها من ردود الفعل الإنسانية التي هي حكر على (البيض) ولا يسمح «لأميناتا» بالغضب مهما تمت الإساءة إليها!
وفوق ذلك، نجد في مشهد زواجها من الحبيب الفرنسي، والذي يقطعه حضور رجل أسود البشرة من بلدها (أحضرته أم العاشق الفرنسي لإفساد الزواج)، نجد في قوله إن أسرته دفعت مالاً هو ثمن زواجه بها ـ إساءة لها ولشعبها وتقاليدهم حين تزعم أحداث الفيلم أن المرأة سوداء البشرة تبيعها أسرتها وتتقاضى ثمنها مقابل (الزواج!!) ـ تلميح إلى الدين الإسلامي؟؟
خاتمة تلفيقية لا تمس جوهر القضية
يتم اختتام الفيلم بزواج أميناتا من حبيبــــها الفـــرنسي، وتحضر أسرتها من السنغال للاحتفال و(حماتها) المقبلة تعتذر منها.
وذكرني ذلك الفيـــــلم بالأستاذة الجامعــــية الســـورية الحلبية، حيث الخاتمة لعلاقتها مع أسرتها واقعية: اضطرت لمغادرة الوطـــن مع زوجها أسود البشرة أفريقي الملامح للعودة إلى التدريس في جامعة أمريكية بدلاً من أن يكسب وطننا سوريا المزيد من الأساتذة اللامعين.
ولعل على كل منا أن يتساءل: هل يرضى ضمناً بزواج أخته أو ابنته من أسود البشرة أفريقي الملامح أم لا؟
وهل نحن أيضاً كعرب لا نخلو من العنصرية؟
الشكر للاديبة العزيزة التي أثارت نقطة مهمة جدا يكاد يتغافل عنها الغالبية من أفراد الشعوب العربية بل والإسلامية وهي العنصرية ضد الغير .
شاهدت فيلما أمريكيا منذ أكثر من ثلاث عقود عن العنصرية التي يعانيها السود بالولايات المتحدة الأمريكية موضوع الفيلم يدور حول امرأة زنجية تزوجت من رجل أمريكي أبيض مات بعد ذلك مخلفا صبية بيضاء وجميلة.بدأت المشككة عندما بدأت الفتاة تكبر وتندمج في المجتمع الأمريكي.تطرد من عملها وتتوتر علاقاتها الإجتماعية عندما يعرف أن أم الفتاة زنجيه ويصفونها انها سوداء كما فعل صديقها رغم بياضها بسبب لون أمها مما اضطر البنت للتبرؤ من أمها ومطالبتا بأن تبقى بعيدة عنها حتى تعيش بسلام.
أنطلق أنا من تجربتي مع العنصرية ببلدي، منذ كنت حديث السن أدرس بالمدرسة ونظرا لسمرة بشرتي كان مدرسا للفرنسية صف ابتدائي وهو مغربي يناديني داخل القسم بلو نوار وليس باسمي وأستاذ آخر للغة العربية بصف ثانوي يناديني بلكحل أي الأسود وكنت أتألم من ذلك ويؤثر في نفسيتي ومعنويتي لأن تصرف كهذا يأتي للأسف من أساتذة ينعتون بأساتذة التربية والتعليم ومربوا أجيال.
فؤاد المعاني
تحية لك اخي فؤاد انعشت ذاكرتي بذكرك للفيلم
.
الامريكي اعتقد ان عنوانه سراب الحياة و كان
.
من بطولة مارلين مونرو شكرا على تعليقك
.
تحياتي
استكمالا للجزء المتبقي من فضلكم الكريم،وأعتذر على الإطالة.
مشكلة السورية الأستاذة الجامعية التي ارتبطت بإفريقي ذو البشرة السوداء من نفس المستوى هي غريبة نوعا ما بالنسبة لي فالمشكلة ليست محصورة في عائلة الزوجة بل في عينة محدودة من المجتمع السوري وليس كل المجتمع وهم أساتذة بالجامعة السورية الذين رفضوا الزوج للون بشرته مما دفع الزوجين الذين لم يطيقا البقاء بهذا البلد بسب هذه العنصرية الشوفينية إلى العودة للإقامة بأمريكا وربما يرجع لحقد طائفي معروفة بسورية وكان أحد الأسباب في دمار سوريا وخرابها كشف عن معادن وبواطن بعض النخب السياسية والفنية بسوريا أو ما يسمون بالعنصريين السريين كما قلت سيدي الفاضلة كنا نظن أنهم وطنيون عروبيون وإذا هم طائفيين بامتياز (بدون تعميمم) أيدوا بشار الطاغية في جرائمه وخياناته.
أخي فؤاد نحمد الله الذي جعلنا كلنا من آدم ..وآدم من تراب…وجعل مقياس التمييز بيننا هي التقوى. .والفعل الحسن الذي فيه خير للناس. ..وجعل الأنانية والعنصرية والتمييز على أساس العرق واللون من أخلاق الجاهلية. ..وأفعال شياطين الإنس. …واحييك ببيتين من الشعر لم أعد أتذكر قائلهما …وهما :
أعلم أن المسك لاشيء مثله…وإن اللفت حمل بدرهم. .
وإن سواد العين لاشك نورها….وإن بياضها لاشيء فاعلم. ..
مع كامل الشكر والتقدير.
كلام فيه الكثير من جوانب الصحة…ففي المجتمعات العربية بالشرط الأوسط والخليج الكثير من العنصرية ضد المختلفين من غير أوروبا وأمريكا..كما أنه في البلاد المغاربية لم ينس بد كيف تم إدخال لملايين الأفارقة الى دول المنطقة عبر مختلف الحقب ليصبحوا مواطنين.. مثلما سمح للسلطان العلوي إسماعيل بتأسيس جيش من الزنوج الأفارقة سماه جيش البخارى…وليصبحوا بعد ذلك مواطنين بالملايين في بلاد المغرب الكبير..وهي أقوال عنصرية مقيتة تسمع إلى اليوم….غير مكرر المقال،المرجو النشر وشكرا.
تحية للجميع مرة اخرى
من يريد ان يعرف عنصريتنا اتجاه الاخرين ممن لونهم اسود فلنتعمق بلغتنا واستخداماتها فعبارة (سود الله وجهك وبيض الله وجهك) ومن المفارقات العجيبة ولا يمكنني وصف مشاعر هؤلاء الناس وهم احدى الفرق الغنائية البصرية التي كانت تغني لصدام والعراق ايام الحرب العراقية الايرانية وكانوا اغلبهم من ذوي البشرة السوداء وهم يرددون (جملة بيضة وجوهنا) بمعنى وجوهنا بيضاء
Naila
شكرا لأصدق قائلة°
كنز العروبة: نائلة°!
يتبع
بركات ربي والرسول*
عليك أو للعائلة°
*صلى عليك الله يا سيدي يا رسول الله وعلى آل بيتك الطاهرين وسلم وبارك
و انا بدوري ابارك للسيدة نايلة .. هنية لك يا اختي .. اثنين من أولياء الله الصالحين يباركون لك الليلة
.
اللهم صلي و سلم على حبيبي و قرة عيني محمد .. اللهم بارك في نائلة و عائلتها … اللهم آمين.
ابن الوليد
مامعنى ابن الوليد؟
اراك في طفولة متأخرة.حسبك!
صباح الخير والفل والوردوالياسمين لك أختي غادة السمان وللجميع. موضوع مهم جداً لأنه بصراحة نحن العرب لدينا عنصرية ويجب أن نعي ذلك ونتخلى عنها. بالنسبة لسؤالك الأخير فقد فكرت به سابقا والجواب بكل بساطة إذا أرادت ابنتي (أو وحدة من أقربائي) مثلا أن تتزوج شاب ملون أو داكن البشرة كالأفريقيين سأوافق بكل تأكيد اللهم المهم كيف شخصية هذا الشاب محبتها له وعلاقتهما معاً كيف نشأت وكيف تبدو. عذرا للتأخر ولإختصار حيث بدأنا وزوحتي وسنونتي الصغيرة إجازتنا الصيفية. مع خالص محبتي وتحياتي للجميع.
ابن الوليد كدون كيشوت
في الزيف ينبهران والصوت
بهما طواحين الهواء قضت
أسطورة المخيال والزفت
ليس كدون كيشوت … ربما دون خوان ..