أيها المواطن الأردني: «لا تغضب… انتخب»

التشكيك بخيار إجراء الانتخابات النيابية مرحليا في الأردن غير مفيد إطلاقا حتى وإن كانت تلك الانتخابات الوشيكة دون مستوى الطموح أو لا تملأ بعد الفراغات الناتجة عن أسئلة المواطنين العالقة.
خياران لا ثالث لهما أمام الجمهور في التعاطي والاشتباك.
الخيار الأول هو الاسترسال في ممارسة الارتكاء على كنبة السلبية والعدمية والإصرار بلا تجربة مباشرة على التشكيك بنتائج الانتخابات قبل أن تنتهي.
وبالتالي التسلية بسمعة تلك الانتخابات قبل الخوض في تفاصيلها وانتحال صفة السلبية مجددا بمعنى تشويه كل شيء مسبقا والحديث عن عزوف شعبي عارم وعدم اهتمام ولا مبالاة ومرشحين بلا ثقل اجتماعي.
هذا يبقى خيارا طبعا لكن تستفيد منه فقط هيئة تشخيص مصلحة الدولة والناس التي تمثل التيارات المحافظة أو تلك الهيئة التي تتقمص دوما فكر الوصاية على الأردنيين فتدعي أن الانتخابات لا تناسبهم فيما قوى الأمر الواقع كما يسميها كثيرون هي التي تنتعش عندما يعزف المواطن عن الانتخابات.
التشكيك المسبق غير مقبول ليس لأن الانتخابات المستجدة هي الأولى بعد مسار تحديث المنظومة السياسية وليس لأنها ستكون انتخابات مثالية بل لأنها محطة بكل حال تختبر المشاركة والفعالية والإيجابية حتى ولو مع نسبة ضئيلة من التغيير المأمول فبعض الشيء أفضل من عدمه.
الخيار الثاني منح عملية التنظير الرسمي للانتخابات فرصة لالتقاط الإيجابية هنا أو هناك بمعنى التوقف عن العدمية والإحباط وإظهار قدر من التفاهم وبدلا من الجلوس في منطقة التردد والتشكيك الرد على كل النظريات والسيناريوهات المحبطة بالذهاب إلى صندوق الاقتراع.
الغاضبون، المهمشون أو الذين يزعمون الإقصاء بإمكانهم التحرك إيجابيا للاختيار من أفضل الموجودين من المرشحين وبناء الأمل ولو من قطعة صغيرة حتى تصبح مسارات التحديث منهجية وبرامجية وفيها تجربة أولى متعثرة ثم ثانية أقل تعثرا وثالثة بنسبة أفضل من الفعالية.
الغاضب والمحتقن والرافض والمعارض عليه أن يقول اليوم للسلطة ما يريده بدعم خيارات المرشحين الأفضل.

أنصار الحق الفلسطيني وأعداء الكيان الإسرائيلي وهم الأغلبية الساحقة من الشعب الأردني يستطيعون التعبير عن مواقفهم الشريفة بالتوجه المكثف إلى صناديق الاقتراع والتصويت

من المعيب القول والاعتقاد بأن أكثر من 1000 مرشح حتى الآن جميعهم سيئون أو «لا يصلحون» ومهندسون… هذا التعميم الأفقي عدمي بامتياز ولا يعكس الوقائع ومع أن المشرعين المخضرمين والقدامى الذين اختبرهم الشعب سابقا انسحب جزء كبير منهم من المواجهة الانتخابية إلا أن استصلاح بعض المرشحين من أصحاب القيم والمواقف عملية منطقية تشبه الاستصلاح في الأراضي الزراعية.
ثمة مرشحون في الأحزاب وخارجها يمثلون قامات وطنية الرهان عليها وعلى منحها فرصة التمثيل أفضل من حيث الفرصة من كل الاحتمالات السلبية المعاكسة التي ستنتهي بخدمة الإطار الرجعي حتى عند المرجعيات، كما ستنتهي بتنشيط قوى الأمر الواقع الكلاسيكية التي تزعم دوما بأن الديمقراطية والانتخاب الحر لا يناسبان الشعب الأردني.
على الشعب واجب إثبات عكس تلك النظرية البائسة ونضم صوتنا إلى الصارخين لاستغلال الفرصة واستثمار فيما يمكن من مساحات في انتخابات 10 أيلول المقبل والتي نأمل علنا أن لا تعبث بها الأصابع تدخلا أو توجيها خصوصا بعد الاقتراع والفرز.
نضم صوتنا للداعين إلى منح مسار تحديث المنظومة السياسية فرصة بعيدا عن التردد والتشكيك.
المعلمون مثلا وهم أصحاب مظلومية وحق بعد قمع قطاع عريض ومحترم من نقابتهم والرد على من ظلمهم يكون بالذهاب الى الصناديق وبكثافة لاختيار ممثلين لهم من زملائهم ورفعهم إلى مقاعد مجلس النواب القادم.
الحراكيون المحتقنون والغاضبون لديهم فرصة مماثلة للاستثمار في الأصوات البرلمانية أو المرشحة الحرة بدلا من الصياح في الشوارع وعلى الدواوين وانتظار الحاكم الإداري بدون سبب واضح لا بل نشطاء الحراك الشعبي الغاضبون تحديدا يمكنهم مقايضة مرشحين يتأملون فيهم الخير وعقد صفقة معهم قبل الاقتراع.
أنصار الحق الفلسطيني وأعداء الكيان الإسرائيلي وهم الأغلبية الساحقة من الشعب الأردني يستطيعون التعبير عن مواقفهم الشريفة بالتوجه المكثف إلى صناديق الاقتراع والتصويت حتى لطوفان الأقصى ولأهل غزة عبر اختيار مرشحين يتأملون فيهم تصويب المسيرة وتعديل الصورة.
من العبث القول بأن ذلك غير مؤثر كما أنه من العبث القول بأن هؤلاء المرشحين غير موجودين فتلك مزايدة مرفوضة على مئات المرشحين الذين قرروا خوض غمار العمل العام.
كل من لا يشعر بالعدالة والإنصاف أو يتحفظ على أداء الحكومة أو يحتفظ بتصور سلبي عن تزوير الانتخابات والعبث فيها لديه فرصة مؤكدة اليوم للمشاركة والتأثير والتفويض والضغط على القوائم الحزبية بعد منحها الأصوات والأفضلية ثم مراقبتها ومساءلتها في الأداء لا بل معاقبتها انتخابيا في الانتخابات التي تلي المقبلة إذا لم تفلح.
نعرف بأن النواقص لا يستهان بها وأن سمعة مصداقية العملية الانتخابية فيها ضرر.
نعرف بأن مسار التحديث يعتبره البعض حمال أوجه، وأن غالبية الأحزاب الجديدة غير جاهزة بعد.
لكن إشعال شمعة أفضل من الاسترخاء في الظلام…لا تغضب..».انتخب».

إعلامي أردني من أسرة «القدس العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية