إلى جانب مشاكل تنشأ عن بث مقابلة واسعة مع شاهدة مركزية في محاكمة قيد الإجراء، كانت يفترض أن تطير أقوال هداسا كلاين في “همكور” السقف. كلاين، التي كانت أكثر بكثير من اليد اليمنى لارنون ميلتشن في إسرائيل (ولاحقاً لجيمس باكر)، عملت على محاولة فاشلة لإشباع شهية عائلة نتنياهو التي لا تكل ولا تمل، من الدلال والهدايا. عملياً، وهذا هو أحد الأسباب التي جعلت هذا التقرير الصحافي مهماً، رغم انتهاء شهادة كلاين منذ زمن بعيد، فإن الكثير من التفاصيل التي روتها لكاميرا رفيف دروكر، لم تندرج في لائحة الاتهام على الإطلاق. ما وصل إلى عتبة هيئة القضاة لم يكن الصورة الكاملة ولا حتى نصفها.
لكن السقف يجلس مرتاحاً في مكانه. فهو ينجو من الكارثة الأكبر في تاريخ الدولة ومذبحة اليهود الأفظع منذ المحرقة. السقف ينجو من الـ 101 مخطوف ومخطوفة يذوون في أنفاق غزة، وينجو من المقاتلين الذين يسقطون في المعركة، والمواطنين والمواطنات الذين يقتلون بالصواريخ، وينجو من تطبيع الحرب الأهلية لاعتبارات تافهة ومعروفة أيضاً كمسرحية عبث “بانتظار الرد”. وبالتالي، بدأت قصص أخرى من القضية عند النسخ، وربما تنتهي عندما يواصل أبناء أحفاد رجال الاحتياط انتظار المساواة في العبء. عاصفة في كأس شمبانيا من النوع الذي تأخذه زوجة رئيس الوزراء في مشربيتها إلى بيتها، حسب كلاين.
وعليه، بالمناسبة، من ينبغي لهم أن يكونوا في حرج ليسوا عائلة نتنياهو فقط، بل جهاز الإنفاذ والمحكمة. ملف الهدايا، حيث لا يكاد يكون خلاف حول الحقائق بل حول تفسيرها القانوني، يبدو حدثاً لامعاً بقدر وقاحته وجسارته الظاهرة. من تحقيق الشرطة عبر النيابة العامة للدولة والمستشار القانوني للحكومة في حينه وحتى سلوك هيئة القضاة في محكمة الآلاف (الذي سمي هكذا على اسم آلاف السنين التي سيستغرق إنهاؤه): لا يطاق أنهم يحاولون منذ سبع سنوات حسم ما إذا كان مليارديراً صاحب مصالح، يفتح خط توريد من الهدايا لرئيس الوزراء وعائلته، هو حدث جنائي أو لا.
يجب أن تثير شهادة كلاين اعتراضاً قاطعاً على نية رئيس الوزراء (التي من المتوقع أن تصبح طلباً رسمياً) تأجيل بدء شهادته بعد شهر. هذا هو الوضع الذي يتيحه القانون لرئيس وزراء يواصل تولي منصبه في ظل المحاكمة، ويفتح أبواب الجحيم على إسرائيل، ويفسد ويدمر مؤسساتها، ويشق الجمهور ويخلق تدهوراً وصل حتى شفا حرب أهلية. بالطبع، تآكل مكانة إسرائيل لدرجة حرب في سبع جبهات في ظل أزمة داخلية عميقة وصادمة، هو نتيجة مباشرة لدولة تمزقت على خلفية سلوك سياسي ساحق، وتحقيقات إهمالية ومحاكمة لا تنتهي.
شهادة نتنياهو حدث أساسي في القدرة على تسريع المحاكمة نحو الاستنفاد (مثلاً، في صفقة قضائية أو حتى عفو، خيار على الوطنيين الحقيقيين أن يفكروا به، وبالفعل الناس يموتون)، وبقوتها أن تدفع قدماً بتحرير إسرائيل من عبء يهدد بتقويضها بقدر لا يقل عن الصواريخ والمُسيرات. وعليه، مع كل الاحترام لحاجة نتنياهو إلى الاستعداد (قلت إنه لن تكون مشكلة، إذن لا توجد مشكلة) أو الاحتماء (حقاً؟)، مسموح الأمل في أن يفهم القضاة على الأقل بأن إنهاء المحاكمة لا يمكنها أن تنتظر نهاية الحرب: نهاية المحاكمة هي نهاية الحرب.
عيناب شيف
يديعوت أحرونوت 4/11/2024