أيهما سيلد الآخر… دولة «داعش» أم يهودية إسرائيل؟

مصالح الأردن ودول الاعتدال العربي وتحديدا الدول «السنية» محشورة بين ثلاثة قوى متطرفة تستخدم الدين وتسعى للصراع على أساس ديني.
هذه الزاوية في تحليل المشهد العربي كانت على نحو أو آخر محصلة نهائية ليس فقط لموجات الربيع العربي وتداعياتها بقدر ما هي ثمرة لاحتلال الأمريكيين للعراق وإخراجه عن السكة مع مفارقة غاية في الغرابة وتتمثل في أن كل ذلك تم وأنجز في الواقع بمال عربي ووسط حالة تواطؤ غريبة للنظام الرسمي العربي مع إيذاء النفس والذات.
هي بالمحصلة ثمرة للأداء الإسرائيلي المتواصل الذي تمكن من خدمة وإسناد التفكير الطائفي في المنطقة وسط بحر من الإحباط والعجز على مستوى كل الدول والقوة الفاعلة في المجتمعات العربية حتى بدأت النخب العربية تتعامل مع «يهودية دولة إسرائيل» وكأنها حقيقة فاعلة سيهضمها المجتمع في نهاية الأمر.
بطبيعة الحال وبكل الأحوال تحول إسرائيل لدولة يهودية يساعدها في الإفلات من معركة الديمغرافية ويتطلب دوما وجود مواجهات طائفية في المنطقة وولادة دول مشوهة على أساس ديني أو طائفي.
اتفق مع ما قاله سياسي أردني كبير من وزن طاهر المصري لأحد سفراء الدول الغربية حول إصرار الغرب على التساهل مع مشروع يهودية إسرائيل باعتباره مشروعا غير جدي وهو أمر يعني بأن جيلنا المقبل قد يشهد هذه الدولة على أساس ديني ليتحول مسار الصراع برمته في المنطقة إلى المساحة الدينية مما يعني تلقائيا الغرق في الفوضى والظلام لسنوات طويلة أيضا.
النظام العربي المعتدل البائس يتعامل مع مسار الأحداث بردود فعل حاليا وهو محاط بكل الأحوال بثلاثة مشاريع تؤسس لإطالة أمد الاحتقان والصراع الديني.
إيران بمشروعها الذي يتغاضى عن الطائفية في اليمن والعراق وداعش التي ترتكب تصرفات بات يعرفها الضمير البشري ويسجلها على الإسلام والمسلمين ومشروع يهودية الدولة.
يهودية الدولة تحديدا تخلق مبررا للإرهاب على أساس طائفي وديني مستقبلا وتحرج الدول المعتدلة وتدعم الموتورين المتشددين من أهل السنة.
ونزعم في السياق ان أوروبا لا تنتبه لمسألتين في غاية الأهمية:
يهودية الدولة مشروع أخطر بكثير مما يبدو ومما تدعيه إسرائيل ويطيل عمر الإرهاب وهو مشروع جدي تماما وطويل الأمد وقد ينمو كالخيار المهرمن في الظل حتى يصبح سقف الحوار على تفاصيله وليس على جوهره.
ضغوط أوروبا تحت عنوان استقرار المنطقة لا تأخذ بالاعتبار خطورة هذه الاتجاهات الدينية في الصراع والانقسام وتجازف بمصالح النظام الرسمي السني المعتدل في مصر والسعودية والأردن ومنظومة دول الخليج.
وفي هذا السياق لابد من التحدث مع الدول المعتدلة الحليفة لأوروبا بلغة أكثر وضوحا في ملف الإصلاح مع الانتباه لأن لا تتخذ هذه الدول الحرب على الإرهاب ذريعة لتكريس الفساد والاستبداد والاعتداء على حقوق الإنسان لأن حماقات الاستبداد والفساد من الأسباب الرئيسية للتطرف في منطقتنا.
سعدت شخصيا بما قيل لوزير خارجية هولندا وهو يزور عمان عن خطورة غياب عملية سلام وعدم ولادة دولة فلسطينية حقيقية حيث انها تنحصر في أنها تمنع أبناء المنطقة من التفكير والتنمية والخيال والإبداع.
وبالتالي تعوق الاستقرار وتخدم التطرف وإسرائيل بموقفها الحالي ضد مشروع الدولة الفلسطينية تجازف بمستقبل أجيال كاملة لا زالت تؤمن بأن قضية فلسطين هي أساس كل شيء. بالتالي لابد لأوروبا ان تفهم ذاك جيدا فلن تنعم المنطقة بالاستقرار ولا أوروبا بالاسترخاء ما لم تسحب كل الذرائع ويرى الفلسطيني والمواطن العربي ان دولة فلسطينية ولدت ويعيشها أولادها بكرامه وتملك مقومات الاستمرار.
لذلك دولة فلسطين حاجة كونية أمنية وليس فقط حاجة عربية ومن يريد إحتواء الإرهاب فعلا عليه ان يعمل على خطين متوازيين …إسرائيل أولا كمنتج أساسي لكل تصنيع الإرهاب وثنائية الفساد والاستبداد ثانيا.
دون ذلك نقترح على الأوروبيين التوقف عن الاستطلاع والمراجعة وسنبقى معهم ندور في نفس الدائرة المغلقة وستستمر أوروبا كما هي الآن في الواقع قلقة من جنوب المتوسط ومترددة وفي بعض الأحيان تساهم في تصدير «إرهابيين» لمنطقة تعج أصلا بهم.
لافت جدا ان أوروبا لم تعد هدفا للإرهاب فقط بل مصنعا له حيث يوجد اليوم أكثر من 1700 إرهابي في العراق وسورية حضروا من الغرب ومن القارات الخمس بسبب مغامرات أجهزتها الأمنية التي حاولت التركيز على المعلومة ونسبت القيم فحضنت متشددين من منتجي الأفكار الظلامية. ويبقى سؤالنا المركزي الحائر: أيهما ولد أو سيلد الآخر …دولة داعش أم إسرائيل اليهودية؟

٭ مدير مكتب «القدس العربي» في الاردن

بسام البدارين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول زياد العلي:

    بل السؤال الذي يجب ان يطرح ايضا ويضاف الى ما ذكر
    من يحاسب قوات التحالف التي تقصف بالدرونز كل من اليمن وافغانستان وباكستان وبدل ان تستهدف الرهابيين فانها تقتل اناس ابرياء لا ناقة لهم بالارهاب ولا جمل؟؟؟
    انهم يتدربون على قتل المسلمين الابرياء في هذه الدول بدون رقيب ولا حسيب

  2. يقول عبد الكريم البيضاوي. السويد:

    فقط أن مفاتيح الحل في الشرق الأوسط ليست في يد الأوروبيين, الأوروبيون كانوا ولايزالون أتباعا بدرجات متفاوتة. يسمح للأوروبيين التدخل في البؤر النائية في إفريقيا حفاظا على مصالح بعض دولها كفرنسا في عدد من الدول الأفريقية لكن لمشاكل العرب وهمومهم عنوان آخر. كانت فرنسا في ظروف سابقة تغرد خارج السرب وتحاول فرض نفسها كقوة تتمتع بقرارها الخاص متبعة سياسة الجنزال ديغول بعد الإستقلال والتحرر من الإحتلال النازي, لكن قواعد السياسة تتغير بتغير المصالح, فرنسا اليوم مع أخواتها , التصريحات أو الإعترافات مؤخرا تبقى دون جدوى مادامت الخطط السياسية للمنطقة ترسم على الجهة الأخرى من الأطلنطي.

  3. يقول ابراهيم بن عمر:

    كلام بسام جاء في الصميم ولكن مصيبتنا في الدول العربية التي لم تعد تهتم بقضية فلسطين وتركت الامر للسلطة التي تعمل بطريقة ايضا غبية او قل انها تتعامل مع اسراءيل للمحافظة على امنها وليس لانشاء دولة مستقلة وايضا الدول الاوروبية وامريكا لا تسعى لاقامة دولة لانها واقعة تحت ضغط اللوبي الصهيوني فلا تستطيع الاتفاق على ان الدولة الفلسطينية هي حق لهم ويجب تاءمينها لهم ولاءن الدول الاسلامية والعربية التي يعتقدون انها تستطيع التاءثير لا تمارس شيء من الدبلوماسية على الدول الاوروبية لانشغالها بامور اخرى ختى انها لا تهم شعوبها الفقيرة من مساكن وزواج ومساكن ولذلك فاءمريكا واسراءيل تتشاركان في محاولة تشويه الاسلام والقتل للابرياء كما تقول في باكستان وافغانستان واليمن لانهم يدربون جنودهم على القتل واستعمال الطاءرات بدون طيار بحجة القاعدة وتاءمين الامن الامريكي وهي التي انشاءت القاعدة وداعش لتشويه صورة الاسلام وبرغم انفاق كل هذه الاموال سيكون حسرة عليها وعلى من يساعدها لان الحق سينتصر على الباطل التي تدعمه امريكا والصهيونية في نهاية الامر 0

إشترك في قائمتنا البريدية