أي جدول أعمال لمؤتمر القمة العربي المقبل؟

سيجتمع الشهر المقبل رؤساء الأقطار العربية في مؤتمر قمة جديد في الجزائر، فهل سيعكس واضعو جدول الأعمال نبض الشارع العربي، ومتطلبات المشهد العربي الجماعي الحالي، وتعقيدات العصر الذي نعيش، لتناقش القضايا المحورية الجوهرية، وليس القضايا الهامشية المظهرية العابرة؟ بل هل سيعي القادة المجتمعون ثقل المسؤوليات الملقاة على عاتقهم، ويأخذون المواقف والقرارات الحكيمة الشجاعة المستقلة عن كل تدخل خارجي، التي تحتم أخذها ظروف الوطن العربي كله، ولا تستثني أحداً؟ هناك أربعة عناوين رئيسية تحتاج لمناقشتها بعمق ومسؤولية واتخاذ قرارات قومية ملتزمة لمواجهتها.
أولاً، هناك الاستباحة المخجلة الخطرة من قبل بعض الدول والكيانات الإقليمية غير العربية لثروات الوطن العربي، ولاستقلاله الوطني والقومي ولأمنه الداخلي، ولكل مكونات ثقافة شعوبه. وتأخذ تلك الاستباحة أشكالاً لا تحصى من الابتزازات الاقتصادية والمالية، ومن إذكاء الصراعات الطائفية، ومن مساعدات مبطنة مالية ولوجستية للجماعات الإرهابية المجنونة، ومن تأجيج لحملات إعلامية مركزة واستعمالات خبيثة لوسائل التواصل، موجهة للداخل ليس بقصد حل مشاكله وإنما بقصد تمزيقه وإدخاله في دوامة خلافات ومماحكات لا تنتهي. سنحتاج إلى أعطاء أولوية قصوى لمواجهة الاستباحات الأمريكية والإقليمية والصهيونية التابعة لها، وأولوية قومية لمساندة معنوية ومالية ولوجستية لأي قطر أو نظام أو شعب عربي يقف في وجه تلك الاستباحات.

علل حلت بالنظام الإقليمي العربي القومي، منها التكالب لإضعاف الجامعة العربية، وتمزيق التكتلات الوحدوية الجزئية مثل مجلس التعاون الخليجي أو الاتحاد المغاربي

ثانياً، هناك صور الضعف الشديد والعلل الكثيرة التي حلت بالنظام الإقليمي العربي القومي، وفي مقدمتها التكالب الخبيث لإضعاف الجامعة العربية، وتمزيق التكتلات الوحدوية الجزئية مثل مجلس التعاون الخليجي أو الاتحاد العربي المغاربي. لا بد هنا من إصلاحات للبعض، ومحاولات جادة لمنع الانقسامات العبثية بين البعض الآخر، ودعم حقيقي لكل خطوة وحدوية، جزئية أو شاملة، رسمية أو مدنية. ومن أجل القيام بذلك يحتاج المؤتمرون لأفكار علماء السياسة والاجتماع والاقتصاد ولبحوث مراكز متخصصة ليقدموا مقترحات علمية موضوعية عقلانية محددة. لقد نجحت قوى الاستعمار وبعض قوى الداخل في تمزيق أفكار ومؤسسات العمل القومي الواحد وحفر ثغرات في جميعها، مما يستدعي عملاً جماعياً لإبطال تلك النجاحات التي تريد إبقاء هذه الأمة ضعيفة وخارج التاريخ والعصر.
ثالثاً، هناك المطالب الإنسانية الديمقراطية والمعيشية العادلة التي طرحتها الملايين من أفراد الشعوب العربية، إبان الحراكات الجماهيرية الأخيرة، ستكون كارثة لو تعامل القادة مع تلك الشعارات كظاهرة مؤقتة عابرة. إن مطالب مثل الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية لا يمكن أن تكون عابرة، ويحتاج المجتمعون أن يتباحثوا بشأن التعامل معها بعقلانية وروح إنسانية مسؤولة، وبتعاون وتكاتف حتى لا تنفجر في وجه الجميع في المستقبل، وحتى لا يستعملها، من لا يريدون الخير لهذه الأمة، كنشاطات مبعثرة تائهة تمنع انتقال المجتمعات العربية بصورة سلمية إلى ديمقراطية سياسية واقتصادية عادلة.
رابعاً، هناك تراجع كبير في قيم وأخلاقيات وعلاقات البشر، بسبب تراجعات كبرى في حضارة الغرب المهيمنة على العالم. هذا موضوع له انعكاساته وتأثيراته الكبيرة في الأمة العربية أيضاً. ولأهميته وتعقيداته سنحتاج لمقال خاص به في الأيام القليلة المقبلة.
كاتب بحريني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول خالد:

    اعتقد ان القمه العربيه ستفشل في مهمة حل اي من مشاكل الامه وذالك بسبب غياب احد اهم مراكز الثقل العربي والوعي السياسي عن هذه القمه وهو غياب سوريه البلد العربي الذي مانفك يدافع عن مصالح العرب وعن قضاياهم المصيريه وعلى راسها القضية الفلسطينيه

    1. يقول حمداني:

      نظام دموي و قاتل وحشي للسوريين و مخرب لحضارة الشام .صحيح دافع عن مصالح العرب ولكن الفاشيين منهم و المماتعين و الفرس.كم هي ذاكرتكم قصيرة يا من ينادون عليه للرجوع

  2. يقول الغريب:

    اضعاف الجامعة العربية وتمزيق التكتلات الوحدوية مثل مجلس التعاون الخليجي والاتحاد المغاربي . وانفجار الانظمة في سوريا وليبيا واليمن وتونس والسودان وغيرها,وانقطاع سلسلة ( شعرة ) معاوية بين الشعوب والحكام لرفض الاخرين للديمقراطية وحقوق الانسان كلها تحتاج الى اصلاحات جادة وعميقة قبل زوال هذه الجامعة من الوجود

  3. يقول أيمن:

    تبعات جائحة كورونا و الحرب الروسية الأوكرانية هذه الأخيرة بالوكالة عن الحلف الأطلسي و إنعكاساتها الجيوسياسية و الإقتصادية و الأمنية على المنطقة بما في ذلك الأزمات الداخلية التي تنخر الجسد العربي و تذكي التفرقة بينهم في ليبيا و اليمن و سوريا إلى جانب الوضع الهش في لبنان و العراق و العلاقات المتوثرة بين بعض الدول العربية فيما بينها إلى جانب خطوات التطبيع أحادية الجانب التي اضعفت الموقف العربي في دعم القضية الفلسطينية كلها تحديات ستكون أمام قمة الجزائر التي ستكون صعبة و حاسمة و مصيرية لهذا التجمع و مخطئ من يعتقد أن القمة من أجل الجزائر بل القمة من أجل الجميع

  4. يقول علي الجزائري:

    لا يمكن لعاقل (سياسي محنك ) عرض أو تسريب نقاط جدول أعمال القمة العربية في الجزائر لعدة اعتبارات ..هناك جواسيس كثر ..احذروهم ..((زيتنا في بيتنا)).

إشترك في قائمتنا البريدية