أي رهان لزيارة ماكرون المرتقبة إلى الجزائر؟

حجم الخط
16

باريس- “القدس العربي”: تأمل باريس والجزائر في طي صفحة سلسلة من سوء التفاهم والتوترات خلال الأشهر القليلة الماضية، خلال الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من الخميس حتى السبت إلى الجزائر، وتعد الزيارة الرسمية الثانية له إلى هذا البلد منذ وصوله قصر الإليزيه في مايو عام 2017.

يقول قصر الإليزيه إن هذه الزيارة “ستساعد في تعميق العلاقات الثنائية التي تتطلع إلى المستقبل، لتعزيز التّعاون الفرنسي- الجزائري في مواجهة القضايا الإقليمية ومواصلة العمل على معالجة الذاكرة”. “فصحيح أن هناك علاقة تبدو مميزة بين رئيسي البلدين، إيمانويل ماكرون وعبد المجيد تبّون، إلا أن هذه العلاقة تحتاج إلى أن تنعكس بالإيجاب على العلاقات الدبلوماسية بين بلديهما التي هي دون المستوى المطلوب”، كما يقول لـ”القدس العربي” الصحافي والمحلل السياسي علاء الدين بونجار.

تأتي الزيارة في ظل بوادر تهدئة بعد شهور من التوتر على خلفية تصريحات الرئيس التي نقلتها صحيفة “لوموند” والتي اتهم فيها النظام “السياسي العسكري” الجزائري بأنه بُني على “ريع مرتبط بالذاكرة”، كما شكك في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي.

ملفات حساسة تفرض نفسها على الزيارة، في مقدمتها موضوع التأشيرات التي تمنحها فرنسا والتي انخفضت بنسبة 50 في المئة بالنسبة للجزائريين، الأمر الذي يثير غضباً متصاعداً في صفوفهم. فقبل نحو عام، لجأت باريس إلى خطوة تخفيض عدد التأشيرات الممنوحة إلى مواطني الجزائر والمغرب وتونس بسبب رفض حكومات هذه البلدان الثلاثة تشجيع عودة المهاجرين غير النظاميين. “فالجزائر تنتظر رداً واضحاً من فرنسا، بل موقفاً إيجابياً منها، بخصوص هذه المسألة التي تثير أكثر فأكثر الغضب حيالها”، كما يقول المحلل الصحافي فيصل مطاوي لـ”القدس العربي”.

موضوع الغاز الجزائري سيكون على الطاولة أيضا، في ظل صعوبات الإمداد على خلفية الحرب في أوكرانيا. فمنذ الحرب هناك والتهديدات المعلقة على إمدادات الغاز الروسي، لجأت أوروبا إلى الدول الأخرى المنتجة للطاقة لتأمين إمداداتها. وباتت الجزائر في مركز رقعة الشطرنج للطاقة. فبعد زيارة المستشار الألماني شولتز في شهر فبراير إليها، وزيارة رئيس مجلس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي إليها في شهري أبريل ثم يوليو، أتى الدور على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

في الـ19 من شهر يوليو، تم توقيع عقد نفط وغاز بقيمة أربعة مليارات دولار على مدى خمسة وعشرين عاما بين شركة “سوناطراك” الجزائرية وشركة توتال إنرجي الفرنسية وشركة إيني الإيطالية وشركة كونتيننتال بتروليوم الأمريكية. خلال المؤتمر الصحافي الذي أعقب التصديق على هذا العقد المهم لمستقبل الطاقة في أوروبا، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة سوناطراك عن إمكانية إبرام عقود أخرى قبل نهاية العام الجاري.

مسألة الذاكرة تبقى هي الأخرى في قلب التوترات بين باريس والجزائر، على الرغم من الخطوات التي اتخذت بخصوصها خلال الفترة الرئاسية الأولى لإيمانويل ماكرون، بما في ذلك إشارات الاعتراف بالجرائم التي ارتُكبت خلال الحرب الجزائرية، مثل اغتيال المحامي والزعيم السياسي للحركة الوطنية الجزائرية علي بومنجل أو مقتل موريس أودين، عالم الرياضيات الشيوعي المناهض للاستعمار الذي اغتيل على يد مظليين من الجيش الفرنسي. ناهيك عن تقديم المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا، بتكليف من الرئيس ماكرون، لتقرير أوصي بجملة من المبادرات الجديدة التي يمكن أن تتخذها السلطات في باريس لتنفيذ “مصالحة تذكارية”.

بالإضافة إلى المواضيع سابقة الذكر، ستكون القضايا الإفريقية حاضرة كذلك خلال هذه مباحثات ماكرون- تبون، لا سيما ليبيا، التي تواجه انسداداً سياسياً غير مسبوق، أو منطقة الساحل، وبشكل خاص دولة مالي، التي تقيم الجزائر معها علاقات جيدة، على عكس علاقتها مع فرنسا والتي تمر حالياً بأسوأ أوقاتها منذ استقلالها عنها. وهنا، يرى الصحافي علاء الدين بونجار أن “زيارة ماكرون للجزائر تندرج كذلك ضمن مساعيه لإعادة إحياء الشراكة بين باريس ومستعمراتها الإغريقية السابقة، والتي تدهورت كثيراً”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Ahmed HANAFI اسبانيا:

    يبدو أن ما ورد في المقال بخصوص النتائج المرتقبة للزيارة يجانب الواقع. ما يهم النظام الجزايري قبل كل شيء، في علاقاته بفرنسا تحديدا، ليس هو الوضع في ليبيا أو مالي أو فلسطين أو سوريا أو … او …، وليس هو الغاز او الذاكرة أو الفيزا ، ما يهمها أن لا تنضاف فرنسا إلى اللائحة، أقصد لايحة الدول الأوربية التي قالت بشكل رسمي وصريح، الحل الأمثل والأكثر واقعية بالنسبة لقضية الصحراء هو الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب.

  2. يقول محي الدين احمد علي:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . هذا الماكرون ماذا يريد من الجزائر

  3. يقول المقريني:

    فرنسا ليست الا فنانة غريبة الاطوار تتقن فن الرقص على الاوتار .

  4. يقول مغربي صحراوي:

    من مصلحة أوروبا إستمرار الصراع العبثي بين المغرب والجزائر يعرفون كذالك أن هذا الصراع لا يجب أن يتحول لحرب لأنها ستهددهم كذالك بنسب مختلفة لذالك هم يتبادلون الأدوار علينا في كل مرة

  5. يقول ش.س.:

    ليس من أجل سواد عيون الجزائريين طبعا، فلولا النفط والغاز الجزائريين لما بادر ماكرون بهذه الزيارة “الودية” إلى الجزائر بعد أن أدرك شُح المصادر الأساسية من روسيا

  6. يقول ميساء فلسطين:

    فرنسا كالثعلب الماكر لا يرجى منه خير يا طير ?

  7. يقول ميساء فلسطين:

    لا رهان ولا هم يحزنون، فرنسا الوجه الاستعماري القديم الجديد تلهث وراء مصالحها فقط كما كانت تفعل دائما مع شمال أفريقيا ?

  8. يقول أمين الجزائر:

    غير مرحب بك في الجزائر بلد الاحرار ، إن شاء الله الاستقلال ،” دولة مدنية “

  9. يقول loco:

    على ضوء تطورات الحرب الروسية الاوكرانية اصبحت الجزائر في موضع قوة في ما يخص امدادات الغاز للدول الاوروبية فمن الغير المستبعد ان تقوم فرنسا بقلب موقفها من الصحراء الغربية و تدعو الى تنظيم استفتاء حر و نزيه في الصحراء الغربية حسب لوائح الامم المتحدة و الاتحاد الافريقي اللذان يعتبران هده القضية قضية تصفية استعمار

    1. يقول ابن الوليد. المانيا.:

      لا اظن صراحة .. و قوة الجزائر الزائدة لتصدير الغاز
      هي كمية أربعة مليار متر مكعب لا غير .. كما أوضحنا سابقا
      و هي المتوفر عليها الآن … في انتظار إنشاء بنية
      تحتية جديدة في كثير من الوقت.
      .
      لكن .. هناك الأنبوب المغلق .. و هو جاهز أن يشتغل فورا ..
      و هذا أمر سيكون فوق طاولة النقاش .. و ربما الضغط أيضا.
      و باسم أروبا.

    2. يقول حسان الميغ:

      لا يمكن لفرنسا أن تضع كامل بيضها في سلة واحدة. ستظل تقول للجزائر الكلام الذي يعجبها وستفعل نفس الشيء مع المغرب، باريس لا يمكنها أن تغامر بخسارة أي طرف من الطرفين المتصارعين. فلديها مع كل جهة من الجهتين مصالح عديدة.

    3. يقول فريد:

      الطاقة الإنتاجية الجزائرية للغاز محدودة وليس بإمكانها إستغلال الخطوط الثلاثة المتجهة صوب أروبا: الجزائر أغلقت الأنبوب المار من المغرب لأنه ليس في مقدورها إستغلال ثلاثة خطوط في آن واحد

  10. يقول محمد:

    الصحراء الغربية تحررها زنود مقاتليها

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية