إثيوبيا تعلن انتهاء الملء الثاني لسد النهضة والسودان يرفض فرض الأمر الواقع

عمار عوض
حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: أعلنت إثيوبيا، الإثنين، الانتهاء من الملء الثاني لبحيرة سد النهضة، ما دفع السودان إلى تجديد موقفه برفض الإجراءات الأحادية وسياسات فرض الأمر الواقع.
وأعلن وزير الري الأثيوبي، سيشلي بيكلي، عبر صفحة وزارة الخارجية اكتمال الملء الثاني، وقال «تم الانتهاء من الملء للسنة الثانية في سد النهضة، وتدفق الماء إلى قمة السد. مبروك للأثيوبيين وأصدقاء إثيوبيا هذه النتيجة تعني أن لدينا ما يكفي من المياه لتشغيل توربينين».
وتابع: «كمية المطر التي تهطل هذا العام هائلة، مما يعني أنه يمكننا أن نفهم مدى عظمة نعمة الخالق وكيف يساعدنا. شكرا على ذلك. لقد قمنا بالكثير من العمل هذا العام للوصول إلى هذه النقطة. نحن نعمل بجد لإنتاج التوربينات القادمة وسنكون قادرين على إكمال ذلك في الأشهر المقبلة».
وبث، التلفزيون الإثيوبي صورا للسد، كما نشرت وكالة الأنباء الإثيوبية، فيديو جديدا يظهر الانتهاء من المرحلة الثانية من التعبئة الأولية.
وتظهر الصور دنو مستوى ارتفاع المياه من الممر الأوسط، وهو ما يعني أن مرحلة التجاوز هي إيذان باستكمال التعبئة، كما تظهر الصور استمرار تدفق المياه من الممرين السفليين. وقد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في إثيوبيا فيديوهات تظهر عمالا في مشروع سد النهضة، وهم يجوبون موقع الإنشاءات احتفالا باستكمال التعبئة.
وسارعت وزارة الري السودانية إلى إصدار بيانا عقب الإعلان الإثيوبي، بساعات.
وقالت الوزارة: «أعلنت السلطات الاثيوبية اليوم (أمس) عن اكتمال ملء سد النهضة لهذا الموسم في اجراء آحادي الجانب للعام الثاني على التوالي وردا على هذا الإعلان، تجدد وزارة الري والموارد المائية، موقفها الثابت برفض السودان للإجراءات الأحادية الجانب من الجارة إثيوبيا وسياسات فرض الأمر الواقع وتجاهل المصالح المشروعة والمخاوف الجدية لشركائها في النهر».

«مواصلة التفاوض»

وأكدت أن «البديل الأفضل لهذا النهج الاثيوبي الذي لن يؤدي إلا إلى الإضرار بالعلاقات التاريخية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين، هو مواصلة التفاوض، بنية حسنة، للتوصل لاتفاق قانوني ملزم وشامل يحافظ على مصالح كل الأطراف ويخاطب مخاوفها، وبالذات التشغيل الآمن لسد الروصيرص».
وشددت على «إيمانها بأن الوقت لم يفت بعد، وأن التوصل للاتفاق المرجو، ضروري جدا وممكن ومتاح، إذا توفرت الإرادة السياسية».
وطمأنت السودانيين بأن «الجهات المسؤولة قد عكفت منذ أشهر على التحسب واتخاذ الإجراءات الفنية والإدارية المناسبة للحد من الآثار السلبية الفعلية والمحتملة للملء الأحادي الجانب للعام الثاني على التوالي، بكلفة اقتصادية واجتماعية باهظة يتكبدها مواطنونا في عجز إمدادات الكهرباء وإمدادات مياه الشرب، ولو لا التحوطات الفنية بتغيير نظم التشغيل في خزاني الروصيرص وجبل أولياء لكانت النتائج كارثية لجهة توفير المناسيب المطلوبة لمحطات مياه الشرب ولتوليد الكهرباء».

الخرطوم تتمسك بالتفاوض للتوصل لاتفاق قانوني ملزم يضمن مصالح الجميع

وكانت الوزارة قد أعلنت، عن «زيادة متوقعة في إيراد النيل الأزرق نتيجة للإمطار الغزيرة في الهضبة الإثيوبية».
وحسب بيان أصدره، معتصم العوض محمد، مدير الإدارة العامة للخزانات «سوف تكون هناك زيادة تدريجية لمناسيب مياه النيل الأزرق جنوب خزان الروصيرص وشماله حتى الخرطوم».
ودعا، «المواطنين القاطنين على جانبي النيل الأزرق إلى اتخاذ الحيطة والحذر حفاظا على الأرواح والممتلكات».
وهذا الإعلان جاء عكس ما حذرت منه إدارة سد الروصيرص في السودان، يوم السبت الماضي، من تعرض السد للخطر، بسبب انخفاض كميات المياه الواردة إليه من النيل الأزرق، في وقت تقول فيه إثيوبيا أنها تتجهز لمواجهة فيضانات خطيرة.
وأكدت إدارة السد «استمرار انخفاض المياه الواردة إليه بنسبة 50٪، مشددة على ضرورة إنجاز المفاوضات مع إثيوبيا بخصوص سد النهضة بسرعة للوصول إلى اتفاق يحمي السدود القائمة على النيل من خطر انخفاض مناسيب المياه فيها».

توقع فيضانات

مصدر أوروبي مطلع في العاصمة أديس أبابا، قال لـ«القدس العربي» : «حسنا فعل السودان بتصحيح المعلومات لمواطنيه بدلا من المناورة السياسية التي قام بها قبل يومين، إذ حذر من انخفاض إيراد النهر بنسبة 50٪، لأن الصحيح أن فيضانات كبيرة جدا ستجتاح السودان تبدأ في الاسبوع الأول من أغسطس/ أب».
وتابع، دون ذكر هويته: «الفيضان الذي يتوقع أن يضرب السودان ويحدث خسائر لمواطنيه، هو نتيجة الأمطار الغزيرة التي هبطت في الهضبة الاثيوبية، ما جعل الملء الثاني وفق القصور الذي لازم بناء الممر الأوسط يكتمل في الأسبوع الثالث من شهر يوليو/تموز بدلا من الأسبوع الرابع من شهر آب/ أغسطس».
وزاد «إثيوبيا وفق متابعتي لم تستطع حجز كل الكمية المقررة. وهذا الواقع لازمته أخطاء مركبة من وزارة الري السودانية ستكون نتائجها كارثية، والتي تتمثل في ملء السودان لبحيرة سد الروصيرص ضمن تدابيره الداخلية بمقدار 1.6 مليار متر مكعب، لذا لن يكون بمقدار الخرطوم سوى فتح جميع البوابات في سد الروصيرص لتمرير كمية المياه الهائلة التي ستقدم من الهضبة الاثيوبية ولقصور الإنشاءات في سد النهضة ستقوم بتمرير المياه إلى السودان». وأردف قائلا «الخطأ الثاني في الخرطوم هو التدابير الخاصة لبحيرة سد جبل أولياء على النيل الأبيض حيث نسبة الأمطار تضاعف حجم إيراده الضعفين ما سيولد آثارا مدمرة هو الآخر والمستفيد من ذلك مصر التي سيأتيها كل فيوض المياه من النيل الأزرق والأبيض».
ولفت إلى أن «إثيوبيا تتوقع هي الأخرى حدوث فيضانات هائلة ومدمرة في شهر أيلول/ سبتمبر، لكنهم يقولون إنهم بدأوا في التحسب لها بإجراءات تحد من الدمار والخسائر التي يمكن أن تنتج عنها».
وكانت أديس أبابا تصر على تنفيذ ملء ثانٍ لسد النهضة بالمياه في يوليو/تموز الجاري وأغسطس/آب المقبل حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد الذي تقيمه على النيل الأزرق الرافد الرئيس لنهر النيل، في حين تتمسك مصر والسودان بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي ملزم، للحفاظ على سلامة منشآتهما المائية وضمان استمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه النيل وهي 55.5 مليار متر مكعب و18.5 مليار على الترتيب.
وفي 8 يوليو/تموز الجاري خلص مجلس الأمن الدولي إلى ضرورة إعادة مفاوضات سد النهضة تحت رعاية الاتحاد الافريقي بشكل مكثف، لتوقيع اتفاق قانوني ملزم يلبي احتياجات الدول الثلاث. والسبت أعلن السودان تخزين 1.6 مليار متر مكعب من المياه، لتأمين المستويات في نهر النيل والنيل الأبيض تحسبا للملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي.
وتتبادل مصر والسودان مع إثيوبيا اتهامات بالمسؤولية عن تعثر مفاوضات حول السد يرعاها الاتحاد الافريقي منذ أشهر ضمن مسار تفاوضي بدأ قبل نحو 10 سنوات.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية