غزة ـ “القدس العربي”: لا تقتصر إجراءات الهدوء التي تسعى دولة الاحتلال لاتخاذها خلال الفترة المقبلة، وتعتمد على تحسين الوضع الاقتصادي، بهدف مرور زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بلا توتر، على الضفة الغربية فقط، إذ تتجه أيضا لإنجاز الأمر بآليات متشابهة مع قطاع غزة، الجبهة التي أنذرت مؤخرا بالتصعيد، في حال استمرت الهجمات ضد القدس والمسجد الأقصى.
تصاريح للعمال
ومن باب “الحزم الاقتصادية” تريد سلطات الاحتلال المحافظة على حالة الهدوء القائمة حاليا مع “جبهة غزة”، بالإضافة إلى حزم أخرى مماثلة، كشفت عن نيتها إقرارها للضفة الغربية، على أمل أن تمر زيارة بايدن المقررة الشهر المقبل، بدون توتر ميداني يذكر.
وفي هذا السياق، كشف النقاب عن قيام حكومة تل أبيب باتخاذ قرار يقضي بزيادة حصة تصاريح العمال الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية بنحو20 ألف تصريح.
وجاء القرار بعد أسبوع تقريبا، من قرار مماثل أعلنه رئيس الوزراء نفتالي بينيت، يقضي بزيادة حصة تصاريح عمال غزة بثلاثة آلاف تصريح جديد.
ويتردد في إسرائيل، أن جيش الاحتلال، الجهة التي تملك حق إصدار التصاريح والموافقة عليها، اتخذت القرار بزيادة عدد العمال الذين يدخلون إلى مناطق الخط الأخضر بطريقة قانونية من خلال امتلاك تصاريح والخضوع للرقابة والإشراف، بهدف المحافظة على الهدوء، حيث سيعمل على تقليل عدد العمال الذين لا يملكون تصاريح، لكون العامل الذي يدخل بالطرق الرسمية، يخضع لفحص أمني قبل حصوله على التصريح.
وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أن جيش الاحتلال سيرفع بهذه الموافقة عدد العمال الفلسطينيين القادمين من الضفة الغربية من 100 ألف إلى 120 ألف عامل، وذلك بهدف تقليل فرص وقوع العمليات.
وأوضحت الصحيفة أن موجة العمليات الأخيرة التي انطلقت من الضفة الغربية، باستغلال فتحات الجدار الفاصل، أجبرت المؤسسة الأمنية على إعادة حساب مساحة التماس التي تفصل إسرائيل عن الأراضي الفلسطينية في الضفة، حيث تقرر زيادة حصة العمال الفلسطينيين بمقدار 20 ألف عامل.
وبحسب الصحيفة فقد أصدر رئيس أركان الجيش تعليمات مشددة بوضع مئات الجنود على الجدار الفاصل وسد الثغرات من خلال الأدوات الهندسية.
ووفق الصحيفة، فإن زيادة كانت بأكثر من 10 % في عدد العمال الذين يحملون تصاريح ويدخلون لإسرائيل عبر المعابر الرسمية خلال الشهرين الماضيين.
ويوضح التقرير العبري، أن اتفاقا بين الجيش وجهاز الأمن العام “الشاباك” سيتم بموجبه تغيير الشروط الخاصة بالحصول على تصريح عمل، حيث كان في السابق يسمح لمن هم فوق 22 عامًا ومن المتزوجين الحصول على مثل هذا التصريح بعد التدقيق الأمني، علاوة على إزالة أي ملفات أمنية قديمة، كانت تحول دون حصول بعض العمال على التصاريح، بسبب مخالفات صغيرة مضى عليها 10 أو 20 عامًا.
وفي غزة يترقب أن تقوم سلطات الاحتلال بإصدار ثلاثة آلاف تصريح جديد لعمال غزة، وهي خطوات ربطتها سابقا خلال الاتصالات مع الوسطاء، باستمرار حالة الهدوء، ووعدت بأن يصل العدد إلى 30 ألف تصريح.
وستكون سلطات الاحتلال في حال أنجزت الثلاثة آلاف تصريح جديد، قد أصدرت 15 ألف تصريح، وهو ما يمثل نصف العدد الذي وعدت به، وهو العدد الأكبر من التصاريح الصادرة لعمال غزيين منذ أن فرضت سلطات الاحتلال حصارا مشددا على القطاع قبل 15 عاما.
وبالعادة تقوم سلطات الاحتلال بالذهاب نحو الحلول الاقتصادية، على أمل حل مشاكل التوتر القائمة في المناطق الفلسطينية، رغم أن هذه الخطط أثبتت فشلها في مرات سابقة، في حال لم تكن مرتبطة بإجراءات ميدانية على الأرض، توقف بموجبها دولة الاحتلال هجماتها ضد المناطق الفلسطينية، وتحديدا ضد مدينة القدس والمسجد الأقصى، إلى جانب وقف هجمات الاستيطان والمستوطنين.
تأجيل هجمات عسكرية
وضمن خطط إسرائيل للحفاظ على الهدوء، كشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي، عن قرار اتخذ بتأجيل هدم منزل منفذ “عملية ديزنغوف” الشهيد رعد خازم، منعا لوقوع صدامات واشتباكات، يسقط خلالها شهداء فلسطينيون، وهو أمر من شأنه أن يثير اضطرابات وردود فعل قبيل زيارة الرئيس الأمريكي.
وبحسب الإذاعة، فإنه سيتم تأجيل عملية الهدم إلى ما بعد هذه الزيارة، بهدف الحفاظ على حالة الهدوء.
ومنزل الشهيد رعد قاسم يقع في مخيم جنين، وفي كل مرة يقتحم فيها جيش الاحتلال المخيم، تقع اشتباكات مسلحة، يسقط خلالها شهداء، كما سقط في أحد الاقتحامات ضابط إسرائيلي بنيران المقاومة.
وكانت معلومات أكدت أن حركة الجهاد الإسلامي، التي استضافت لقاء لقيادة الفصائل في غزة مساء الإثنين، لمناقشة الأوضاع الميدانية في الضفة، في ظل تصاعد الهجمات، أنذرت من مغبة استمرار الهجمات ضد مخيم جنين، بهدف تصفية ناشطيها هناك.
وقد قررت قيادة الفصائل إعطاء مهلة جديدة لوسطاء التهدئة، لوحت بالتصعيد، بسبب إخلال دولة الاحتلال بالتعهدات التي قطعتها خلال الفترة الماضية، وتحديدا في فترة التوتر التي سبقت وأعقبت “مسيرة الأعلام” نهايات الشهر الماضي، حيث نقلوا وقتها تعهدا إسرائيليا بوقف التصعيد الحاصل في القدس والضفة.
وأكدت في بيان لها أنها تتابع ما يجري في القدس والضفة الغربية والأغوار من استيطان وتهويد ومصادرة أراض ، وجرائم الإعدام الميداني والقتل التي تتم بدم بارد، مشددة على موقفها الرافض لمحاولات الاحتلال الاستفراد بأهالي الضفة، والقدس “من خلال مواصلة عدوانه وجرائمه التي تتخذ من صمت وعجز المجتمع الدولي غطاءً للتمادي في كل هذه الجرائم والاعتداءات”.
استمرار اللقاءات الأمريكية
والجدير بالذكر أن الوفد الأمريكي برئاسة مساعدة وزيرة الخارجية باربرا ليف، الذي يعقد لقاءات مع مسؤولين في رام الله وتل أبيب، تحضيرا لزيارة بايدن، طلب من الطرفين اتخاذ خطوات سريعة لتهدئة الأمور، بما في ذلك الخلافات السياسية، بهدف ضمان عدم فشل الزيارة قبل بدئها.
وفي دلالة على ذلك، طالب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، خلال استقباله في مكتبه بمدينة رام الله، باربرا ليف، ونائبها هادي عمرو، الإدارة الأمريكية بـ “التدخل لوقف كافة محاولات إسرائيل لتهويد مدينة القدس وتقسيم المسجد الأقصى”.
وجدد تأكيده على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع، وبذل كافة الجهود لإزالة العقبات أمام هذا الحل وعلى رأسها الاستيطان. وأكد على أهمية إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، بالإضافة إلى رفع منظمة التحرير الفلسطينية عن القائمة الأمريكية للإرهاب، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، والإعلان عن أن منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية شريك في السلام.
كما طالب رئيس الوزراء بأهمية تدخل الإدارة الأمريكية لوقف كافة الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب، ووقف كافة محاولات إسرائيل لتهويد مدينة القدس وتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا
يشار إلى أن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، كان قد التقى مجددا في مكتبه بمدينة رام الله، مع الوفد الأمريكي برئاسة مساعدة وزير الخارجية، حيث تم التشاور خلال اللقاء الذي يأتي ضمن سلسلة لقاءات تحضيرا لزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لفلسطين، حول آخر التطورات والتحضيرات لهذه الزيارة.
وهذه هي المرة الثانية التي يلتقي فيها الشيخ بالوفد، بعد اللقاء الذي عقده الوفد مع الرئيس محمود عباس ليل السبت الماضي.
وخلال اللقاءات شددت المسؤولة الأمريكية على ضرورة الحفاظ على إنجاح زيارة بايدن، من خلال “حلول اقتصادية” دون الحديث في هذه المرحلة عن حلول سياسية جذرية للصراع، بسبب “هشاشة” الحكومة الإسرائيلية، حسب ما أبلغت به المسؤولين الفلسطينيين.
ويتردد أن الإدارة الأمريكية ستتخذ خطوة مماثلة لخطوة الاتحاد الأوروبي، تشمل الإعلان خلال الزيارة عن مساعدات مالية للجانب الفلسطيني، في ظل عدم قيامها باتخاذ خطوات سياسية، مثل إعادة فتح القنصلية المغلفة، والسماح من جديد بفتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن.
والمعروف أن المساعدات المالية التي كانت تقدمها الإدارة الأمريكية للجانب الفلسطيني، توقفت منذ عام 2018، بقرار من الإدارة السابقة.