الجزائر ـ ‘القدس العربي’: أسدل أمس الأول الستار رسميا عن المؤتمر الخامس لحركة مجتمع السلم الجزائرية، بانتخاب عبد الرزاق مقري رئيسا جديدا للحركة خلفا لأبي جرة سلطاني الذي تولى هذا المنصب لولايتين متتاليتين، وفاز مقري أمام منافسه عبد الرحمن سعيدي في مفاجأة لم تكن متوقعة.
المؤتمر اختتم كالعادة بالإعلان عن نتيجة الانتخابات التي تمت داخل مجلس الشورى لاختيار رئيس جديد للحركة، وجاءت النتيجة في صالح عبد الرزاق مقري على حساب عبد الرحمن سعيدي، رغم أن التوجه العام قبل الانتخاب كان يعطي الفوز لسعيدي على حساب منافسه عبد الرزاق مقري.
وقال عبد الرحمن سعيدي في اتصال مع ‘القدس العربي ‘ إنه يتمنى حظا سعيدا لعبد الرزاق مقري الذي أصبح الرئيس الجديد للحركة، مشيرا إلى أن الأمور سارت بينهما في ظروف جيدة، وأن التنافس كان على أساس الخيارات، دون أن تقع بينهما أي تلاسنات أو تجاوزات لفظية.
وأشار إلى أن الذي حدث هو أن بعضا من أعضاء المجلس الشوري أساؤوا إليه، وأنه لم يشأ أن يفوت الأمر دون أن يضع النقاط على الحروف، مؤكدا على أنه لا يريد استخدام لفظ الخيانة، لكن هناك من أساء له وللحركة بتصرفات كان يعتقد أنها بعيدة عمن يفترض أنهم يؤمنون بالمشروع وبالأفكار، وعمن كان يعتبرهم من المقربين إليه، والذين شوهوا الصورة الجمالية للمؤتمر، على حد قوله.
وأكد عبد الرحمن سعيدي على أنه لن يقبل بأي منصب مسؤولية، وأن وضعه في المستقبل سيكون في العضوية وفي الحرية، أي أنه سيبقى عضوا في الحركة ولن يغادرها نحو حزب آخر، وأنه سيبقى حرا بعيدا عن أي قيود.
أما فيما يتعلق بمستقبل الحركة التي أسسها الراحل محفوظ نحناح، أكد سعيدي على أن هناك خيارا وشعارا طالما رفعا وطرحا في وقت سابق، والآن حان الوقت لنراهما في التطبيق وفي الميدان، وسنرى إن كانا سيتجهان لخدمة الحركة والوطن أم لا، ثم يمكن بعد ذلك الحكم عليهما، وذلك في إشارة إلى أن مقري كان دائما يدفع بالحركة نحو المعارضة، والابتعاد كليا عن السلطة، وأنه كان وراء قرار انسحاب الحزب من الحكومة في أعقاب الانتخابات البرلمانية التي جرت العام الماضي.
وفي المقابل قالت مصادر من داخل المجلس الشوري لـ’القدس العربي’ إن ما حدث هو أن عددا من أعضاء المجلس كانوا يقولون لسعيدي إنهم معه وسيصوتون عليه، لكنهم كانوا متفقين من وراء ظهره مع مقري، وأنهم عندما حان وقت التصويت انتخبوا مقري، وأشارت إلى أن ‘الخطأ’ الذي ارتكبه سعيدي هو أنه اعتمد على الإقناع والفكرة والمشروع، في حين أنه كان عليه أن يعد الأعضاء الذين كان يريد أصواتهم بمناصب في القيادة الجديدة، لكنه تصور أن المشروع والخيار السياسي كاف لجعل أعضاء المجلس يصوتون لصالحه، في حين أن الكثير من هؤلاء كانت لهم حسابات أخرى، وهذا خير دليل على التحولات التي وقعت داخل ‘إخوان الجزائر’.
ويمثل مقري التيار المعارض داخل الحركة، وكان دائما هو الصوت الأكثر معارضة منذ عهد محفوظ نحناح، ويتذكر الكثيرون عندما أدلى بتصريحات صحافية سنة 1999 بعد حرمان نحناح من الترشح للانتخابات الرئاسية، والتي أكد فيها على أن الحركة لن تساند المرشح عبد العزيز بوتفليقة، لكنها في الأخير ساندته، وانتخب بوتفليقة رئيسا، وأصبحت الحركة من أكثر مسانديه، إلى غاية 2012 عندما قررت الحركة بـ’تحريض’ من عبد الرزاق مقري مغادرة الحكومة وعدم العودة إليها.
ورغم أن عبد الرزاق مقري حقق حلمه بالوصول إلى رئاسة حركة مجتمع السلم إلا أنه ورث حركة مفككة ومشتتة وأنهكتها الانشقاقات التي عرفتها خلال الفترة التي تولى فيها أبو جرة سلطاني قيادتها، كما أن التذبذب في القرارات والخيارات زاد من الفتور في أوساط أبناء الحركة، وهو ما يزيد في ثقل المسؤولية الملقاة على عاتق الرئيس الجديد لـ’إخوان الجزائر’.