طالبت مؤسسات حقوقية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بضرورة وقف كافة أشكال الضرائب والجمارك المفروضة على السلع والخدمات المقدمة للمواطنين في المحافظات الجنوبية الواردة إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم جنوب القطاع، وذلك بعد فرض حكومة رام الله ضرائب على البضائع الواردة لغزة، بالإضافة إلى ضرائب حكومة غزة. وأثار قرار الحكومتين فرض ضرائب على السلع الواردة إلى القطاع، استياء وغضب المواطنين الذين يعانون أصلا من تردي ظروفهم المعيشية والغلاء وانعدام فرص العمل.
كما عبر عدد من التجار عن بالغ غضبهم من قرار حكومة غزة فرض مزيد من الضرائب على السلع الواردة من الضفة الغربية، وأوقف العاملون على معبر كرم أبو سالم التجاري إدخال عدد من الشاحنات المحملة بالبضائع، بعد رفض التجار دفع الرسوم الإضافية المستحقة عليهم، واصفين هذه الخطوة بغير القانونية.
وقالت وزارة الاقتصاد في غزة في تصريحات صحافية، إن سبب فرض حكومة غزة الضرائب، هو محاولات حماية المنتجات المحلية من بدائلها المستوردة، حيث جاء القرار بعد أن تشكلت لجنة من قبل الوزارة والقطاع الخاص، ممثلة بالاتحاد العام للصناعات الفلسطينية والغرف التجارية، لإجراء دراسة لحماية المنتجات المحلية التي لها بدائل في القطاع، وبعد اجتماعات عدة تبين وجود منتجات في غزة ذات قدرة تنافسية عالية استوجبت تدخل الحكومة لحمايتها. وأشارت الوزارة إلى أنه وبعد عدة توصيات، أوعزت الحكومة لوزارة المالية في غزة بفرض ضرائب على السلع التي يوجد بغزة بدائل عنها، وهذا القرار معمول به في جميع دول العالم بهدف حماية المنتجات المحلية.
في سياق ذلك استنكرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان إصدار وزارة المالية بغزة قراراً يقضي بفرض ضرائب جديدة على عدد من منتجات الضفة الغربية، معتبرةً أن القرار يشكل مخالفة للقانون الفلسطيني، وتجاوزاً لأبسط القواعد في العلاقة بين أجزاء الوطن الواحد، كما دعت الهيئة الجهات التنفيذية في القطاع إلى إلغاء هذا القرار، ومحاسبة المسؤولين عن إصداره وتنفيذه.
إلى ذلك شدد رئيس جمعية رجال الأعمال في غزة علي الحايك، على ضرورة رفع الضرائب المزدوجة المفروضة من رام الله في ظل الأزمة المالية التي تخنق القطاع، موضحاً أنه لا يجوز أن يخضع المواطن للتجاذبات السياسية ويجب حمايته، وهذا يستوجب العمل وفق القانون الذي يجرم ازدواجية الضرائب.
ووفق وزارة المالية في غزة، فإن حكومة رام الله رفضت كل الوساطات التي تدخلت لحل إشكالية الازدواج الضريبي، ضاربة بعرض الحائط القانون وخصوصية غزة المحاصرة وأبسط قواعد العلاقة بين أجزاء الوطن الواحد، وتمادت بأكثر من ذلك عبر استثناء تجار غزة من قرار الإعفاء الضريبي الخاص بالدقيق. وقال رئيس دائرة التخطيط والسياسات في وزارة الاقتصاد في غزة أسامة نوفل إن قرار وزارة الاقتصاد في غزة بالرغم من انتقاده من قبل بعض التجار والمواطنين، جاء لحماية المنتجات المحلية من المنافسة لها، موضحاً أن وزارة المالية في غزة بصدد فرض مزيد من الضرائب على العديد من السلع الأخرى الواردة إلى غزة.
وقال نوفل لـ«القدس العربي» أن القرار جاء بعد فرض حكومة رام الله ضرائب على منتجات تستوردها الضفة من غزة ومنها منتجات بلاستيكية وأثاث خشبي، في حين شملت الضرائب التي فرضتها حكومة غزة أصنافا معينة، منها المياه المعدنية والمشروبات الغازية.
ولفت إلى أن الإجراءات التي تعمل عليها وزارة الاقتصاد بغزة، تصب في صالح المواطن وتدعم الاقتصاد في القطاع، خاصة وأن الخطوة جاءت بالتوافق مع القطاع الخاص ومع الهيئات والاتحادات ذات العلاقة في الشأن الاقتصادي للتعامل مع تداعيات أزمة الغلاء العالمي وحماية المنتج المحلي.
من جهته أكد المختص في الشأن الاقتصادي ماهر الطباع أن المواطن في غزة يعتبر المتضرر الأول من خطوة إزدواجية الضرائب التي تتبعها الحكومة في غزة والضفة، والتي تأتي في ظل استمرار الحصار وارتفاع معدلات الفقر والبطالة في صفوف الغزيين.
وقال الطباع لـ«القدس العربي» أن الوضع الحالي يتطلب وبشكل عاجل إنهاء الانقسام الفلسطيني، وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني وفق رؤية وطنية مشتركة يجتمع عليها الكل الوطني، منوهاً إلى أن حالة الانقسام ألقت بظلالها على كافة البنى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في غزة.
وطالب الجهات الحكومية للطرفين، بالوفاء بمسؤولياتهما تجاه المواطنين وفقاً للقانون، بما في ذلك وقف الجباية والضرائب غير القانونية، ودعم مشروعات الشباب والعاطلين عن العمل، ومنحها التسهيلات اللازمة إلى جانب إعطاء أولوية لإعادة الإعمار وتقديم الدعم الإنساني لسكان القطاع.
يذكر أن ما يزيد عن مليوني مواطن في قطاع غزة، يعيشون تحت وطأة الظروف المعيشية القاسية، في ظل انعدام الأمن الغذائي والخدمات الأساسية، كالانقطاع المستمر في التيار الكهربائي وتلوث المياه، وإغلاق المعابر وتقييد حركة مرور الأشخاص وتراجع المؤسسات التعليمية، نتيجة قصفها خلال جولات التصعيد المتتالية على القطاع.