واشنطن ـ «القدس العربي»: أدانت المنظمات التقدمية في الولايات المتحدة بشدة الهجمات التي شنتها وزارة الخزانة الأمريكية والسلطات الكندية على شبكة «صامدون» التي تدعم الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. ووصفت المنظمات، ومن بينها «طريق الحرية» و«لجنة مناهضة الحرب» تلك الهجمات بأنها محاولة لتجريم التضامن مع القضية الفلسطينية، معتبرة أن الادعاءات التي قدمها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة، والتي تصف «صامدون» بأنها «جمعية خيرية وهمية» ليست إلا جزءاً من مخطط أوسع لاستهداف منظمات التحرر الوطني.
وأوضحت المنظمات أن هذه الهجمات تأتي في إطار مجموعة من القوانين القمعية التي وضعتها الحكومة الأمريكية، والتي تصنّف الحركات التحررية، سواء في فلسطين أو في دول أخرى، ضمن «الإرهاب». وذكرت أن جميع الحركات التي تسعى إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين تُدرج تقريباً على قائمة المنظمات الإرهابية لوزارة الخارجية الأمريكية. وأكدت أن مثل هذه السياسات تؤدي إلى قمع التضامن مع الشعوب المظلومة ومحاولة جعل هذا التضامن جريمة يعاقب عليها القانون.
كما انتقدت المنظمات قانون مكافحة الإرهاب وعقوبة الإعدام الفعّالة لعام 1996 الذي يمكن أن يؤدي إلى فرض عقوبات قاسية على الأشخاص الذين يُتهمون بتقديم «دعم مادي للإرهاب» معتبرة أن هذا الإطار القانوني يهدف إلى قمع الحريات وتكميم الأفواه.
وفي بيان لـ«طريق الحرية» شددت المنظمة على أن هذه القوانين تشوه الحقيقة من خلال تصنيف مناضلي الحرية إرهابيين، بينما يُفلت من العقاب أولئك الذين يرتكبون الفظائع الحقيقية. وأشارت إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل هما المسؤولتان عن استشهاد آلاف الأشخاص في غزة، من بينهم عدد كبير من الأطفال، مؤكدة أن تلك الأعمال تشكل جرائم حرب يجب محاسبة مرتكبيها.
كما استذكرت المنظمة الهجمات التي تعرض لها نشطاء السلام والتضامن الدولي عام 2010 عندما شنت وزارة العدل الأمريكية حملة ضدهم، شملت مداهمات نفذها مكتب التحقيقات الفيدرالي واستدعاءات من هيئة محلفين كبرى.
وأكدت أن هذه الهجمات على الحقوق الديمقراطية قد تم التصدي لها بنجاح من خلال حملة جماهيرية.
واختتمت منظمة «طريق الحرية» بيانها بتأكيد مواصلتها التنظيم والدعم للقضية الفلسطينية، ودعت جميع القوى التقدمية والمدافعين عن الحريات المدنية للوقوف مع «صامدون» في وجه القمع السياسي. كما شددت على ضرورة عدم التعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي أو فرقة العمل المشتركة لمكافحة الإرهاب، مؤكدة أنه لا توجد أي فائدة من هذا التعاون.
وأكدت المنظمة أنها ستواصل نضالها حتى تتحرر فلسطين بالكامل، وأنها ستظل تقف إلى جانب كل من يواجهون القمع السياسي في مسيرتهم نحو التحرر.
وأصدرت لجنة مناهضة الحرب في شيكاغو بيانًا قويًا يُدين تصنيف منظمة «صامدون: شبكة التضامن مع الأسرى الفلسطينيين» ككيان خاضع للعقوبات من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية.
وأكد البيان أن هذا التصنيف جاء بالتعاون مع حكومة كندا، وهو خطوة تُعدّ قمعًا واضحًا للتضامن مع القضية الفلسطينية، في وقت تتزايد فيه الانتهاكات الإسرائيلية.
ووفقًا للجنة، فإن التصنيف يهدف إلى تشويه صورة «صامدون» بوصفها «جمعية خيرية وهمية» وهو وصف تراه اللجنة استهدافًا صارخًا لنشاطات التضامن الفلسطيني. ويأتي هذا في ظل تصاعد التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية، حيث أشار البيان إلى الجرائم التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، بما في ذلك حرق فلسطينيين أحياء في مستشفى الأقصى، وتدمير قرى جنوب لبنان، وقصف سوريا.
كما نددت اللجنة بما وصفته بـ«التواطؤ» بين الولايات المتحدة وكندا في هذه التصنيفات، والتي اعتبرتها خطوة غير قانونية ضمن جهود قمع النشطاء الفلسطينيين. وأوضح البيان أن العالم لم يعد يستطيع تجاهل القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن النظام الدولي الذي تسعى الولايات المتحدة لفرضه يناقض بشكل صارخ دعمها المتواصل لإسرائيل التي تواصل انتهاك القانون الدولي يوميًا.
وانتقد البيان بشدة الحملة الأمريكية الأخيرة التي تزامنت مع عملية طوفان الأقصى، حيث طالت الناشطين الفلسطينيين في الولايات المتحدة، وتمثلت في مضايقات عديدة شملت تفتيش منازلهم، والتحقيق معهم في المدارس والمطارات، وإعاقة حياتهم اليومية.
وأكدت أن هذه الإجراءات القمعية تأتي في إطار محاولة إسكات الأصوات المناهضة للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل. وأضاف البيان: «معارضة الإبادة الجماعية ليست جريمة، والتضامن مع الشعوب المضطهدة ليس جريمة».
وطالب البيان بإلغاء فوري لهذا التصنيف ووضع حد لما وصفه بـ«الحرب القانونية» على المنظمات التي تسعى إلى تحقيق العدالة لفلسطين. وختمت اللجنة بيانها بشعارات داعمة للحرية الفلسطينية، مؤكدة أن الهجوم على أي منظمة تدافع عن فلسطين هو هجوم على جميع الأصوات المناصرة للعدالة.
وفي سياق متصل، في السادس عشر من تشرين الأول/اكتوبر، ورغم اعتراضات الطلاب، اعتمدت كلية بيزلي للقانون بجامعة تيمبل سياسات مناهضة للاحتجاجات فرضتها رابطة المحامين الأمريكية.
وكانت رابطة المحامين الأمريكية قد اعتمدت في ربيع 2024 تفويضًا يجبر جميع كليات الحقوق على تبني سياسات مصممة لمنع الاحتجاجات الطلابية التي اندلعت منذ السابع من أكتوبر 2023.
وفي حين شهدت الحركة الطلابية مؤخرًا ارتفاعًا كجزء من الحركة الأوسع المؤيدة لفلسطين، فإن احتجاجات طلاب القانون التي أثارت قلق رابطة المحامين الأمريكية تشمل أيضًا النشاطات المؤيدة للحريات السياسية والاجتماعية.
وقال نشطاء إن هذا التعدي على الحق في الاحتجاج تتم صياغته بلغة حول حماية حرية التعبير وتنوع الفكر، حيث تصف رابطة المحامين الأمريكية هذا التفويض الجديد بأنه حماية لحقوق حرية التعبير لمؤيدي إسرائيل، الذين كانوا هدفًا للاحتجاجات الطلابية. ويطالب تفويض نقابة المحامين كليات الحقوق بتمرير سياسات تحظر «التعطيل» وتضع معايير صارمة وغير محددة للقبول.
فعلى سبيل المثال، غيرت كلية الحقوق بجامعة تيمبل سياستها من أجل إبعاد الاعتماد عن معيار يحظر فقط الإزعاج غير المعقول إلى معيار يحظر الإزعاج «الكبير» ويفرض حظراً شاملاً على الطلاب من التصرف على عكس الأوامر الصادرة عن الإدارة. وقد تبنت كلية الحقوق بجامعة تيمبل قواعد أخرى للامتثال لقواعد رابطة المحامين الأمريكية الجديدة بشأن الأماكن المقبولة للاحتجاج، بما في ذلك تقييد الاحتجاجات في «المناطق المشتركة والأحداث العامة» حيث كانت هناك في السابق اختبارات موضوعية لمعقولية الاحتجاج المزعج وملاءمة الموقع والوقت، والآن أصبحت القاعدة ضد الاحتجاج نفسه.
وكتب أنصار حركة طلاب القانون بجامعة تيمبل من أجل العدالة في فلسطين تعليقات ضد السياسة الجديدة، ورفضت رابطة طلاب القانون بجامعة تيمبل السياسة، وأعادتها إلى واضعي القواعد للمراجعة. ورفض واضعو القواعد مراجعة قانون السلوك الجديد، ومثل كليات الحقوق في جميع أنحاء البلاد، تبنت كلية الحقوق بجامعة تيمبل قواعد رابطة المحامين الأمريكية المناهضة لحرية التعبير.