إدعموا نتنياهو

حجم الخط
0

‘لا شيء أسهل من الهجوم على بنيامين نتنياهو، فهو في الحقيقة يستدعي هذا الهجوم بسلوكه المتردد الذي يحتمل معنيين، مع مؤثرات التخويف و’إعتمدوا علي’. ويقول كُتاب الاعمدة الصحفية الذين يهاجمونه: لماذا لا نهاجمه ونسقط قناع الهزل عن وجهه. لأن الفضل الوحيد الذي يمكن أن ينسب اليه هو أنه أفضل من نفتالي بينيت، وماذا في ذلك؟ إن الجميع هناك يحركهم القصد نفسه وهو إبقاء الوضع الراهن على حاله والقاء التهمة على محمود عباس.
أنا أرى أن هذه الاستراتيجية مخطئة وكل ذلك لأنه لا أحد من مؤيدي تغيير موقف اسرائيل من الفلسطينيين سيتوصل الى الحكم في المستقبل القريب. صحيح أنه لو كان نتنياهو عضو كنيست عاديا في أحد احزاب اليمين، فلا شك في أنه كان سيتحدى بكامل قوته رئيس الوزراء الذي يؤيد فكرة الدولتين ويعبر عن استعداد لابقاء مستوطنات في الدولة الفلسطينية. لكن نتنياهو رئيس وزراء يتعرض لضغوط كبيرة جدا من كل اتجاه. فمن الوجهة السياسية المتفائلة تُستعمل ضغوط من الولايات المتحدة واوروبا وعدد من الدول العربية. ومن الوجهة الاقتصادية ايضا تُسمع مطالب التوصل الى تسوية. أما من الوجهة السياسية المتشائمة فان بيته الطبيعي، أي الليكود، يدير له ظهره بواسطة اعضاء الحزب المتدينين القوميين الحريديين، في حين يخشى اعضاء الكنيست الدفاع عنه ما عدا تساحي هنغبي الذي هو أكثر ذكاءا من جماعة ايكونس الكين ريغف بينيت.
وأشعر في هذه الحال أنه يجب على مؤيدي التسوية واجب واحد فقط هو انشاء جبهة واسعة برلمانية وجماهيرية تضغط على نتنياهو لكن تدعمه سياسيا ايضا اذا عمل بحسب مصالح الدولة الحقيقية. لن يكون نتنياهو أول من يغير المواقف بسبب ضغط الازمان، فأنا أتذكر اسحق رابين في آخر ولايته الاولى لرئاسة الوزراء يتضاحك ردا على استعمال مصطلح ‘شعب فلسطيني’. وحينما بلغ رابين الى الحكم في 1992 اعترف بالشعب الفلسطيني وممثليه وقام بعمل شجاع لم ينجح نجاحا حسنا بسبب اغتياله ايضا.
وماذا عن مناحيم بيغن المرشد العقائدي لحركته؟ فهل كان يحلم بيغن في يوم ما بأنه سيكون رئيس الوزراء الاسرائيلي الاول الذي ينشيء علاقات بدولة عربية ويعترف بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة؟ وماذا عن اهود اولمرت؟ حينما تحمل فقط المسؤولية الرئيسة عن وجود الدولة جعل في مقدمة اهتماماته احراز اتفاق سلام مع الفلسطينيين. ويُتذكر الكلام الذي وجهه الى نتنياهو حينما كان هذا رئيس وزراء وقال فيه إنه ليست له سبيل اخرى. وماذا عن اهود باراك الذي مضى الى كامب ديفيد؟ واريئيل شارون الذي أخلى غوش قطيف؟ ونتنياهو نفسه الذي وقع على اتفاق الخليل؟ تُبين الحقائق أن كل زعيم تحمل المسؤولية عن مصير الدولة غير موقفه بسبب ضغط الواقع.
ولذلك ينبغي بدء حملة دعائية عامة واسعة بواسطة الانترنت وكل قناة ممكنة للضغط على نتنياهو لقبول اقتراحات جون كيري. فهو يسير سيرا متعثرا وهو يأمل أن يخرج عباس له حبات الكستناء من النار ويعود آنذاك كخبير استراتيجية كبير الى معسكر مؤيديه، وهو يتمسك بذرائع مختلفة عجيبة يبرز منها تمسكه الوسواسي بطلب أن يعترف العرب بأن اسرائيل دولة يهودية. لكن لا احتمال لحدوث ذلك، فليس لهذا الطلب ايضا تسويغ قيمي. نشرت الجامعة العربية في 2002 وثيقة تؤيد تطبيع العلاقات باسرائيل واعلان انهاء الصراع. توجد فيها في الحقيقة عناصر لا تستطيع اسرائيل قبولها لكن من المدهش أنه لم يستجب أحد من رؤساء الوزراء لهذا التحدي الكبير.
أنا من ‘أنصار’ نتنياهو كالكُتاب الذين يهاجمونه بالضبط لكنه اليوم في مقام بت القرار، وينبغي انشاء جبهة ايجابية كبيرة في مواجهة جبهة الرفض التي أخذت تنشأ.

هآرتس 3/2/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية