يسعى الجيش التركي إلى تعزيز أمن طريقM4 من خلال إنشاء نقطة مراقبة ذاتية في النقاط الاستراتيجية والحاكمة في الممر الأمني بعرض 12 كم على طول الطريق الممتد من الترنبة غرب سراقب إلى أرض الحمرا في الريف الشرقي لمحافظة اللاذقية.
وأنشأ الجيش التركي، في 26 آذار (مارس) نقطة مراقبة جديدة في مدرسة قرية الكفير قرب طريق M4 جنوب مدينة جسر الشغور.
وتعتمد تركيا على قواتها لفرض أمن الطريق تدريجيا، من دون ايكال المهمة إلى الجبهة “الوطنية للتحرير”. ونشرت في 23 آذار (مارس) ثلاث نقاط مراقبة جديدة غرب مدينة جسر الشغور، هي الزعينية وبداما والناجية، وتشير التموضعات إلى الرغبة التركية في التمركز على النقاط الحاكمة للطرق والمفارق الواصلة بين طريقM4 الجديد والطريق القديم وهما يمتدان بتقارب كبير في أغلب الأحيان، وتبلغ أبعد مسافة بينهما في محافظة إدلب 3كم و3كم في اللاذقية.
فنقطة الناجية تتحكم بعقدة الجسور المؤدية إلى كنسبا جنوبا والطريق المتفرع المؤدي إلى اليونسية التفاحية شمالا بالقرب من الحدود السورية التركية. واتخذت القوات التركية من جبل البرناص المشرف على طريقM4 نقطة مراقبة، وهو يتحكم بعقدة الطرق الزراعية في جبل التفاحية ويواجه نقاط سيطرة النظام.
وتقع نقطة بداما الصغيرة، على الكتف الأيسر من الطريق بين جسر الشغور واللاذقية، أعلى تلة ترصد منطقة الفيلات (مزارع الحلبية) وبداما الصغيرة وبلدة بداما وتتحكم بالطريق الصاعد إلى الحنبوشية والحدود التركية ومعبر عين البيضا الإنساني هناك، وعدد كبير من مخيمات النزوح في منطقة بداما.
وأقامت القوات التركية بلدة الغسانية نقطة مؤقتة، وتتموقع الغسانية إلى الجنوب من طريقM4 ومنها تتفرع الطرق الواصلة إلى السرمانية وحللوز وسهل الغاب، وأحد طرق جبل الكبانة الاستراتيجي الذي تتحصن به فصائل المعارضة وبات العقدة الأبرز في الصراع العسكري شمال غرب سوريا، بعد خسارة المعارضة لجيب بلدة اللطامنة في آب (أغسطس) 2019.
وفي 18 آذار(مارس) ثبتت تركيا نقطة في تلة الكفير الاستراتيجية بالقرب من بلدة بسنقول والتي ترصد طريقM4 بين أريحا ومحمبل، وهي أعلى المرتفعات في المنطقة وتشرف على ريف إدلب الغربي وسهل الروج، وترصد أجزاء كبيرة من سكة القطار، وصولا إلى سفوح الجبل الوسطاني.
في وقت سابق، أعادت القوات التركية انتشارها بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ حسب البرتوكول الإضافي “اتفاق موسكو” الذي وقعه الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب اردوغان في 5 آذار (مارس) فنقلت عتادها العسكري من بلدتي بنش وسرمين إلى حدود النيرب الواقعة على M4 شرقي إدلب.
وتعتبر منطقة النيرب ومحيطها مركز ثقل عسكري كبير للغاية، حيث نشر الجيش التركي نقاطه ابتداء من مفرق معارة عليا غرب سراقب، إلى نقطة مزرعة حميشو قرب الترنية (انتشرت في 2 آذار/مارس) وأقامت عدة نقاط أخرى قريبة من بعضها في مدينة الألعاب في منتزه الرابية وعلى مدخل بلدة النيرب الواقعة على طريقM4 ونقطة في معسكر الشبيبة ومعمل قرميد أريحا التابع لمؤسسة الإسكان العسكري.
وفي الخط الخلفي المحاذي لطريق حلب -اللاذقية تتمركز عشرات النقاط الصغيرة من قرية أفس إلى بلدات بنش وسرمين والطرق الفرعية وخصوصا القريبة من الطريق، حيث تنتشر 16 نقطة تركية بين منطقة النيرب وقميناس من مختلف الجهات، على اعتبار أن ذلك الطريق هو صمام أمان حماية الطريق الدولي وفي الوقت نفسه هو جدار حماية ناري في وجه النظام في حال تقدم للسيطرة على مدينة إدلب.
ودفع الجيش التركي بتعزيزات جديدة إلى النقاط المحدثة في الزعينية ـ كما وضع نقطة مراقبة في بلدة فريكة، عالية الأهمية، والتي تبعد عن مدينة جسر الشغور 6 كم، وتشكل عقدة الطرق الأهم في منطقة جسر الشغور على طريق M4 فهي امتداد طريق سهل الغاب الشرقي التي تسيطر فصائل المعارضة على أجزاء منه، ومنها يتفرع الطريق إلى بحيرة زيزون الواصل إلى جبل الزاوية، والطريق المؤدي إلى قرقور ومناطق سيطرة النظام في جورين (طريق الغاب الغربي).
وأفاد مصدر عسكري في منطقة سهل الغاب لـ “القدس العربي” أن القوات التركية استطلعت موقعا في قرية بلدة الزيارة شمالي سهل الغاب. وتعتزم إنشاء نقطة مراقبة جديدة في مبنى التنمية الريفية شمال البلدة، علماً أنها جنوب حدود الممر الأمني الذي نص عليه اتفاق موسكو.
تعزيز الدفاعات الجوية
أرسلت تركيا ثلاث منظومات دفاعات جوية، أتلغان التركية، وحيصار، وهوك. وطورت وزارة الدفاع التركية منظومة محلية الصنع لإطلاق صواريخ ستنجر FIM-92G.
وتحمل المنصة ثمانية صواريخ حرارية موجهة بالأشعة تحت الحمراء قصيرة المدى. وتمتلك تركيا قرابة 100 منظومة منها، أدخلت الخدمة رسميا في الجيش التركي في 2012. وتعتبر المنظومة خفيفة وسهلة التنقل، تستخدم لحماية الوحدات المتنقلة والقوافل العسكرية.
وفي 27 آذار (مارس) أدخل الجيش التركي منظومة هوك للدفاع الجوي على الأقل. وتعتبر هوك من أقدم منظومات الدفاع الجوي الأمريكي، طورت على عدة مراحل. وتمتلك هوك (MIMi-23 Hawk) مقدرة ردع جوي عالية، فمداها الفعلي يصل إلى 40 كم، ويزن الرأس المتفجر للصاروخ المطور 74 كغ، ويضم 14000 شظية، سرعة تشظيها تصل إلى2000 م/ثا ما يرفع دقة الإصابة في الهدف إلى نسبة تتجاوز 90 في المئة. ولدى المنظومة إمكانية إطلاق صاروخ واحد كل ثلاث ثواني، وتتألف من تسعة صواريخ تحمل كل ثلاثة منها عربة إطلاق. وتشكل المنظومة خطر اً حقيقيا على المقاتلات الروسية في مطار حميميم العسكري، إذ يكفي مداها لإغلاق المطار نظرياً، إلا أنه يستبعد أن تتطور الأمور على هذا النحو. ويبقى الهدف الأساسي من المنظومة هو فرض حظر طيران النظام السوري فوق سماء إدلب في حال انهيار الاتفاق.
ويعتقد أن تركيا ستدفع بمنظومة حصارA وحصارO التركيتين إلى داخل الحدود السورية، حسب تلميحات سابقة أفصح عنها رئيس الصناعات الدفاعية، إسماعيل ديمير، مطلع الشهر الماضي. خص بها موقع التلفزيون الرسمي التركي ” TRT Haber” مشيرا إلى امتلاك تركيا أسلحة جو-جو أسقطت إحدى الطائرات في سوريا. ويبلغ مدى الصواريخ في حصار A 15كم وحصارO 25 كم، وطورت المنظومات للتعامل مع الطيران المروحي والحربي والطائرات المسيرة بدون طيار. لكن لم يتوضح فيما إذا كانت تركيا قد أدخلت المنظومتين إلى شمال سوريا حتى الآن.
على صعيد متصل، نشرت القوات التركية راجمات صواريخ بعيد المدى في مناطق التماس وجبل الزاوية، من طراز “KASIRGA” وهو راجمة تركية الصنع، يبلغ مدى الصاروخ فيها 120كم.
وتتحمل أنقرة عبء فتح الطريق، ومحاولة تأمينه وإعادة الحركة التجارية عليه، وضمان إبعاد الفصائل المتطرفة إلى خارج الممر الأمني والمحدد بستة كيلومترات على جانبي الطريق. ورغم الجهود الكبيرة التي تقوم بها، فمن الصعوبة تأمين الطريق بشكل كبير حتى لو نشرت جنودها ومقاتلي الوطنية للتحرير على كامل الطريق، فلن تساعد الجغرافيا على تأمين الطريق بشكل نهائي وستبقى الفصائل الرافضة لفتح الطريق وتسيير الدوريات الروسية قادرة على استهداف الدوريات وتخريب اتفاق موسكو. لذلك يتوجب على تركيا البحث في حل نهائي يؤمن سلامة جنودها، ولا يفسح للمتطرفين تكرار سيناريو استهداف العربات التركية وقتل الجنود كما حصل في 19 آذار (مارس) أن يتكرر.