مشهدان بالغا القسوة خلال الأيام القليلة الماضية لعملية إذلال غير مسبوقة، مورست على أنظمتنا العربية، وهما دليل على القاع الذي وصلت إليه هذه الأنظمة في مشوار سقوطها نحو الهاوية، لكن السؤال الكبير يظل مفتوحاً: ما أسباب قبول هذه الأنظمة بهذه الدرجة من الإذلال والابتزاز؟
المشهد الأول هو عملية الإذلال التي مورست من قبل الولايات المتحدة على النظام في السودان، وحجم الازدراء الذي مارسه الرئيس دونالد ترامب عندما اختصر احتفالية التطبيع بمكالمة هاتفية مع نتنياهو، أبلغه فيها بأن الخرطوم وافقت على الإملاءات الأمريكية، وفي اليوم التالي يتم رفع السودان عن «القوائم السوداء» كثمن للانحناء أمام الإسرائيليين. ومن نافلة القول هنا طبعاً التذكير بأن الرئيس عمر البشير ونظامه، قاوما كل الإملاءات الأمريكية على السودان، ورفضاها طيلة عقود وليس لسنوات فقط، ما يعني أن قول (لا) للأمريكيين أمر ممكن، والتحول الوحيد الذي حصل حتى يتغير الموقف السوداني هو، أن النخبة الحاكمة تغيرت وصار لها مصلحة في دعم أمريكي يُبقيها في الحكم، وهذا الدعم لن يستفيد منه المواطن شيئاً، وإنما سيجد نفسه يعيش في ظل نظام متسلط جديد مدعوم من واشنطن.
أما المشهد الثاني فهو البيان الرسمي الفرنسي، الذي يطلب من الدول العربية أن تتحرك لعدم مقاطعة المنتجات الفرنسية، وذلك بالتزامن مع تغريدة بالعربية للرئيس ماكرون يؤكد فيها عدم التراجع عن إساءاته، والمفارقة هنا هو أن فرنسا التي أساءت للعرب بدلاً من أن تعتذر، أو حتى تصمت على الأقل، تطالب الأنظمة العربية بأن تتحرك لوقف أي احتجاج أو مقاطعة لمنتجاتها. البيان الفرنسي هو قمة الصلف والعنجهية، ويحمل أعلى درجات الإذلال للأنظمة العربية، فهو لا يتضمن استخفافاً بالغضب الشعبي العربي فقط، وانما يطلب من الدول العربية أن تقوم بقمع شعوبها وأن تمنعهم من الاحتجاج السلمي، المتمثل في حملات تدعو لمقاطعة المنتجات الفرنسية. وهذا البيان دليل على حجم المهانة والاستخفاف التي تتعامل به فرنسا مع دولنا العربية.
وقف النزيف الحالي للكرامة العربية، يحتاج الى تحول ديمقراطي حقيقي، وحاكم يخشى أبناء شعبه أكثر مما يخشى ترامب وماكرون
والسؤال ليس: لماذا تتعامل معنا الدول الغربية بهذه الطريقة، لأن أي دولة تستطيع أن تهيمن ستفعل ذلك، من دون تردد، لكن السؤال الأصح هو: لماذا وصلت أنظمتنا العربية الى هذا الدرك الأسفل من انعدام الكرامة والقبول بالإذلال؟ الاجابة على السؤال بسيطة وواضحة، وهي أن الأنظمة التي وصلت إلى الحكم بإرادة شعوبها لا يمكن أن تقبل المهانة ولا الإذلال، وتتمتع دوماً باستقلالية وتعكس إرادة الشارع، بينما النظام السياسي، الذي يغتصب السلطة بقوة القهر والاستبداد والتسلط، يخشى من غضب ترامب وماكرون وغيرهما، ويخاف على كرسيه، ولا يكترث بالشارع.
الأنظمة الديمقراطية المنتخبة لا تنحني أمام ضغوط الخارج، أما الحاكم الذي جاء على ظهر الدبابة أو بواسطة القمع والاستبداد وتخويف الناس، فإنه يبحث على الدوام عن أي شرعية، أو دعم من الخارج. والأمثلة على هذه النظرية كثيرة أبرزها التباين في المواقف المصرية بين عام 2012 واليوم، رغم أن مصر هي ذاتها بإمكاناتها وشعبها لم تتغير، لكن الرئيس المنتخب استطاع أن يوقف العدوان الإسرائيلي على غزة سنة 2012، بينما لم يصدر اليوم ولو مجرد بيان تنديد واستنكار لإساءات ماكرون. المشكلة الأساس لدولنا العربية تتمثل في غياب الديمقراطية، وحقوق الانسان، وتهميش الناس، وهو ما يجعل الأنظمة العربية أقرب لواشنطن وباريس منها الى شعوبها وشوارعها، كما أن الحاكم العربي لا يكترث للناس في بلده لأنهم ببساطة بلا أصوات انتخابية، ولم يسبق أن شاهدوا صناديق اقتراع.
وقف النزيف الحالي للكرامة العربية، يحتاج الى تحول ديمقراطي حقيقي، ويحتاج الى أنظمة تمثل شعوبها في دولنا العربية، ويحتاج الى حاكم يخشى أبناء شعبه أكثر مما يخشى ترامب وماكرون، ويحسب ألف حساب لصناديق الاقتراع، وما لم يحدث ذلك فعلى العرب أن ينتظروا مزيداً من ازدراء العالم بهم وبدينهم ورموزهم.
كاتب فلسطيني
السبب الوحيد هو أن هذه الأنظمة ذليلة بالأساس! لكن صمت شعوبهم فرعنهم!! ولا حول ولا قوة الا بالله
*للأسف معظم حكام العرب همهم الأول
والأخير (الكرسي)..؟؟؟
على الشعوب العربية التحرك ومقاطعة
المنتج (الفرنسي) وهذا أضعف الايمان.
حسبنا الله ونعم الوكيل.
يا سيدي هناك معادلة بسيطة مفادها ان كل من يحترم نفسه يحترمه الاخرون على الرغم منهم فانظمتنا قد بلغت من الانحدار والانحطاط والتردي ما لم تعرفه المراحل التاريخية السابقة في جغرافية العرب المنكوبة والمسلوبة والمستباحة فهؤلاء لا يمتلكون جينات العزة والكرامة ولو كانوا عكس دلك لانتفضوا في مواقف كثيرة اهانهم الغرب فيها بشكل كبير فكم سمعنا من ترامب كلاما هزليا ضد حكام الخليج واعتبرهم بقرات حلوبة فهل كانت هناك ردات فعل على هدا الاستهزاء المدل؟ لا تستغرب يا سيدي فالكل يرى اوضاعنا المزرية على صعيد العالم ولكن قبل لوم الاخرين يجب لوم حكامنا وانفسنا فنحن من ساهم في هده المرحلة بشكل كبير فكما تكونوا يولى عليكم.
شكرًا أخي محمد عايش، هناك نشاعد أخرى أيضًا ومنها الإحتلال الروسي الإيراني لسوريا والإحتلال الإيراني الأمريكي للعراق والإسرائيلي طبعًا والنظام المصري والإماراتي والسعودي التي تخضع لإملأت واشنطن …. للأسف الربيع العربي كان يحمل هذه الرغبة في التحول المناسب لكن قوى الإستبداد والإحتلال تحكم قبضتها على الشعوب العربية. ولكن إلى متى !
صدقت أ.محمد لافض فوك أشرت إلى الحقيقة دون مواربة .
الانظمة التي ترضى الخنوع والرضوخ والذل على نفسها وتقبلها من باب اولى على شعوبها، انظمة لا تستحق الحياة ولا شعوبها ايضا، فالواقع يجسد حديث الرسول عليه السلام بوصف دقيق وهو الغثاء كغثاء السيل بسبب تمسكنا بالدنيا وفائها، فسلط الله علينا الوباء والغلاء والفناء وبدل من طلب المغفرة والعفو من الله ، نطلبة من ترمب وماكرون وغيرهم من اسياد العالم بنظرهم ونظرنا نحن للاسف فهم اولياء النعمة كما عودتنا انظمتنا بأننا شعوب نتجوز علينا الصدقة والزكاة زكات اوساخهم فهم الاسياد ونحن العبيد فمن المستحيل ان يعتذر السيد من العبد. عموما قالها سيدنا عمر:”نحن قوم اعزنا الله بالاسلام فأن ابتغينا العزة بغيره اذلنا الله”
هكذا ربتنا الانظمة المستبدة، والقائمة على التمسك بالكرسي مهما بلغ الثمن حتى لو قتل ثلاثة ارباع الشعب ويبقى الكرسي فلا مانع، لقد ربتنا تلك الانظمة على على قشور الاسلام من خلال مشايخ السلطة القذرين الذين يتاجرون بالدين من اجل الدنيا، كمنصب او مال وما اضعفنا نحن العرب امام كلاهما. بالمحصلة العلة في نظام التشغيل فهو فاسد ووسخ وبوصلته باتجاه الغرب ورضاهم.