في ضوء تقدم الاتصالات لاتفاق السلام التاريخي مع السعودية، يسرع جهاز الأمن الإسرائيلي فحص معانيه. رغم الفرصة الهائلة الكامنة في الاتفاق، يتضح من التفاصيل المعروفة الآن بأن أحد مقتضياته هو توريد سلاح متطور للسعوديين. وهذا يضعضع التفوق النوعي لإسرائيل، والأخطر أنه يمس بـ “عقيدة بيغن”؛ أي يسمح لدولة في المنطقة بأن تضع يدها على سلاح نووي.
من جهة، تعد فضائل الصفقة هائلة والسياق الإيراني للصفقة دراماتيكياً. لإسرائيل مصلحة واضحة في خلق جبهة مع دول المنطقة (وعلى رأسها السعودية) ضد النووي الإيراني، فما بالك أنه اتفاق سينطوي على حلف دفاع أمريكي مع السعودية، وستزيد الولايات المتحدة (مرة أخرى) دورها في المنطقة في إطاره.
من جهة أخرى، مع أن السعوديين يطلبون الإذن لبرنامج نووي لأغراض مدنية، لكنهم يصرحون بأنه إذا حازت إيران النووي العسكري، فسيتزودون به أيضاً. إذا ما سمحت إسرائيل للسعودية بوضع يدها على برنامج نووي، فلن يكون مستبعداً أن تطلق هذه الخطوة سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط كله.
مسؤولون كبار في جهاز الأمن قالوا في الأيام الأخيرة إنه رغم التخوف الشديد، في ضوء الفضائل والفرص الهائلة الكامنة في الاتفاق المتحقق مع السعودية، ثمة حاجة على الأقل إلى مراجعة عميقة وجذرية. فالهدف هو محاولة تحديد المخاطر وإيجاد صيغة من جهة لا تسمح للسعودية بالتقدم في اتجاه النووي، ومن جهة أخرى تعطيها إحساساً بأنها في الطريق إلى هناك. بتعابير أخرى، أن تشعر وكأنها مع، لكن أن تسير وهي لا.
بخلاف اتفاقات إبراهيم التي بلورها نتنياهو دون مشاركة جهاز الأمن، تقدر أوساط جهاز الأمن هذه المرة وتأمل في أن يكون للموقف الأمني وزن عظيم. لكن هناك محافل في جهاز الأمن تخشى من ألا يعطى للتوصية الوزن المناسب، لأن نتنياهو يعلق على الاتفاق مع السعودية آمالاً عظيمة لدرجة إخراجه من الوحل العميق الذي يغرق فيه منذ أن بدأت حكومته محاولاتها لتمرير الإصلاح القضائي.
بعد أشهر منع فيها نتنياهو عن وزير دفاعه يوآف غالنت اللقاء مع كبار مسؤولي الإدارة الأمريكية في واشنطن، سيسافر غالنت بعد نحو أسبوعين إلى واشنطن وسيلتقي وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستين.
وسيكون الاتفاق مع السعودية أحد مواضيع الحديث المركزية، إلى جانب التحول النووي الإيراني.
تعي واشنطن المخاوف من الاتفاق في الرأي العام الأمريكي، وتأمل في تهدئة الخواطر من خلال إذن خارجي من حكومة نتنياهو. تعول إدارة بايدن على نتنياهو بأن يزود ختم الحلال في الكونغرس ويشرعن الصفقة في نظر الأغلبية الجمهورية لمجلس النواب. ربما تمارس إدارة بايدن ضغوطاً شديدة على إسرائيل لشرعنة الصفقة.
لم يبق سوى الأمل بأن يعطي نتنياهو وزناً مناسباً لموقف جهاز الأمن، ويتخذ قراراته لاعتبارات موضوعية فقط. فللاتفاق مع السعودية معان أمنية يمكنها أن تؤثر دراماتيكياً على مستقبل بل حتى على وجود إسرائيل في الشرق الأوسط.
ليلاخ شوفال
إسرائيل اليوم 4/10/2023