جريمة شرف، كيف تجتمع الكلمتان؟ يا لها من كلمة صغيرة، كلمة الشرف تراق لها دماء كثيرة، وطبعاً كلها دماء نساء، فالمجتمع يقول إنه لا «مطهر» له من الرجس الذي يصنعه الرجل سوى دم امرأة، والبعض الشائع من القراءات الدينية تقول إن أعظم المفاسد من النساء، وإن النار ستمتلئ بهن، وإنهن أشد مفاتن الدنيا، وإنهن ينقلبن إلى مخلوقات دنسة بليدة الحس إبان محيضهن وبعد وضعهن، فمن سيكون أفضل ترشيحاً لغسل خطايا المجتمع سواهن؟
منذ بداية البشرية المدنية، ومع دخول الأديان الذكورية، بداية من تلك الرومانية والإغريقية والمصرية وغيرها، شكلت النساء الأضحية الأمثل، تقتل على مذابح الآلهة، تغرق في الأنهار فداء للخصوبة، توأد حين تشح الموارد، تعزل حين يكون الخيار بينها وبين أخيها: تعليمه قبل تعليمها، حياته قبل حياتها، تأمين سكنه قبل تأمين سكنها، صور مختلفة ومتفاوتة من القتل المادي والمعنوي، كانت خلالها المرأة الأضحية الأمثل، الأجمل، الأكثر رومانسية، وهل من رومانسية أعظم من قتل امرأة فداء لشرف رجل؟
في بلداننا التي يتصور فيها الرجال المهزوزون أن شرفهم موشوم على أجساد نساء عائلاتهم، أن سمعتهم تهتز إذا ذُكرت أسماء «إناثهم» أو إذا ما عُرفت صورهن أو سُمعت أصواتهن، في مجتمعاتنا التي يحصر فيها الرجال المتشككون في ذكورتهم سمعتهم في جوف أجساد نسائهم معلقة على قطعة جلد غير حقيقية صُنعت وبُجلت من خلال روايات أسطورية، في عقولنا التي تعتقد أن الثواب في الجنس والعقاب في الجنس والجنة ستمتلئ جنساً، وحق الرجل ينحصر في الجنس، وواجب المرأة ينحصر في الجنس.. يصبح شرف العائلة كله معلقاً بالجنس كذلك، شرف يرى أن الجنس فحولة إن تباهى به الرجل، وأنه فضيحة إن اصطيدت به امرأة، فأي غباء أشد من ذلك؟
قتلت إسراء، ومئات الآلاف من «الإسراءات» تعنف وتعذب وتحبس وتقتل كل يوم، لماذا؟ لأن الرجل الشرقي المهزوم لا يصبح فحلاً إلا على «أنثاه»، لأن الشرف والعزة والسمعة ضائعة منذ زمن في هذا المكان من الأرض، فحاكها الرجل «مبادئ» لا ترتسم سوى على جسد المرأة، أقصى ما يستطيع أن يتحكم به ويمارس عنفه عليه، مثلما حاك كل الأكاذيب الأخرى التي أصبحت اليوم وقائع حقيقية مقدسة.
إن قصص قتل النساء ليست قصص عنف ضد المرأة فقط، بل هي قصص تشير إلى هشاشة «الروح الذكورية» بالدرجة الأولى. ومَن أذلُّ ممن يعتقد أن شرفه هو قطرة دم، وأن سمعته هي جسد إنسان آخر؟ لربما الرجل ضحية ظروفه، ومجتمعه، وعاداته وتقاليده الراسخة، وبعض من قراءاته الدينية التي صنعته ولياً دائماً على إناثه وحملته الذنب الأخروي لهن، لا أدري ولا يهم، يبقى أن المرأة هي الضحية النهائية، هي التي تدفع ثمن الضعف النفسي واهتزاز الشخصية وانحراف التوجيه المجتمعي وذكورية القراءات الدينية، لتصبح هي في النهاية هدف التنفيس ومحمل الآلام والنواقص، وليتحول جسدها إلى ساحة الحرب الأخيرة التي يمارس عليه «الذكر» بطولاته الفارغة تنفيساً وإثباتاً لذات مهزوزة أصلاً.
لم يعد هناك مجال للمواربة، المرأة إنسان حر مثل الرجل تماماً، حرة أن تصيب وأن تخطئ، حرة أن تتبع العادات والتقاليد والتعاليم الدينية أو لا تتبع، حرة أن تتصرف بما يوصلها الجنة أو لا تفعل، أفعالها لها وتبعاتها عليها، وحياتها يجب أن تبقى لها وحدها دون تعريضها باستمرار إلى حرقة عدسة المجتمع الذكوري المكبرة التي تعد عليها خطواتها وأنفاسها وتحملها كل شرور وخطايا الذكور في عائلتها والتي لا يغسلها سوى دمائها. كفانا خوفاً وكلاماً عن طبيعة المجتمع واحترام العادات. المجتمع الذي تقتل فيه النساء يحتاج إلى أن يغير طبيعته الموبوءة كاملة، والعادات التي تبرر سفك الدماء أو أي صورة عنف أخرى ضد المرأة هي عادات مختلة تحتاج إلى أن تدفن عميقاً في تراب صحرائنا العربية، علها تتحول إلى سماد نافع ينمو منه شيء أخضر مستقبلي يطري شيئاً من جفاف حياتنا. رحمك الله يا إسراء، وأدخل قاتلك فسيح الجحيم الدنيوي قبل الأخروي.
تأملك استاذة ابتهال في الربط بين نقيضين “الشرف”و”الجريمة” يختزل القصة او المأساة النسوية برمتها ؛بل يختزل ميثولوجيا الشرق الاوسط في قتل مردوخ للأم تعامة وشقها نصفين وبناء السماء والارض بشقيها …الخ الاسطورة.
كم هو قبيح وقميئ هذا السلوك المتجرد من كل القيم الانسانية الذي يمارسه بعض الذكور في البلاد العربية ؛هذا الذكر الذي ” يتعرف على ” كل نساء الارض بكل شرف ! وتجرّم اخته او او …لو شربت فنجان قهوة مع رجل آخر !
الى الان لااستوعب حجم الفصام لدى هؤلاء القوم . وماعلاقة كيان مستقل عنه تماما دنيويا اخرويا بشرفه !.
نجحت حملة مناصرة و انصاف اسراء غريب في كشف جزء من حقيقة خلفية قتل النساء في فلسطين وتواطؤ الشرطة وفساد معهد الطب العدلي الفلسطيني وتقاريرة الكاذبة والمضللة بمايتعلق باسباب وفاة النساء..اكثر من 20 امرأ ة قتلت عام 2019في مناطق سلطة اوسلو…لايجب اهمال التحقيق الحقيقي والجذري في مقتل عشرات النساء وتزوير معهد الطب الشرعي تقارير اسباب الوفاة لتبرأة ساحة القتلة والمجرمين.الطبيب الشرعي الفاسد اللذي زَّيف اسباب الوفاة يُّعتبر مجرم ويجب محاكمتة والتحقيق من جديد في جميع ملفات قتل النساء وتقارير الطب الشرعي الفلسطيني.محاولة لفلفة جريمة قتل إسراء غريب فتحت ملف فساد وغياب الاخلاق المهنية في معهد الطب الشرعي والعدلي الفلسطيني وعلية ترتب القول انه لا بد من اعادة فتح ملفات قتل النساء وغيرها من ملفات ارتبطت بتقارير غير دقيقة وغير صحيحة اصدرها معهد الطب الشرعي.
أشكرك أستاذة نائلة على التتبع…أما بالنسبة إلى المرتكز في تعليقي السابق فهو تحكيم منطق العلم في تناول أو دراسة الظواهر الإجتماعية. ..فالدارس في هذا المجال ليست سلطة للاتهام المجرد أو المرتكز على خلفية الكره او النفور من الدين أو غيره. ..كما أنه ليس متصيدا للفرص. .ومستغلا لأية حادثة أو واقعية لينبري في ترديد لازمة مكررة تجاوزها الفكر المادي في أعتى قلاعه الالحادية. …؛ ولكن يجب أن يكون موضوعيا ومحايدا. ..وساعيا على الدوام إلى الإستناد على الاحصائيات الرقمية الدقيقة…فيعرف تحديدا عدد الجرائم المرتكبة في مجتمعاتنا بداعي الدفاع عن الشرف. ..والدافع الحقيقي اليها. …هل هي القبائلية والعشائرية التي يرفضها الدين نفسه….أم الفهم الخاطىء للدين. ..علما بأن الإسلام يحرم تحريما قطعيا أن يتولى أي أحد معاقبة الناس بنفسه خارج إرادة السلطة القائمة في البلد. …
شكراً أختي ابتهال على الوضوح في طرح هذا الوضوع المهم. ورحمك الله يا إسراء غريب.
كم من إمرأة ستقع ضحية حتى نتخلص من هذا الضياع الإجتماعي والفشل الفكري والحضاري الذي وقعنا ولم نعد نرى طريق الخلاص منه.
من المعروف في علم الصحافة, الحالة الفردية لها تأثير قوي على الناس وفعل إعلامي قوي, ومن محاسن ذلك أن الناس عادة تتعلم تحسين مستوى حياتها لشدة تأثير ذلك عليهم.
لكن للأسف نجد في المقابل, أنه في حالة الضحايا التي تحصل بشكل جماعي فإن التأثير ليس قوياً كما هو في الحالة الفردية. كما يحصل بما تفعله الأنظمة العربيةالإستبداية. فمثلاً النظام السوري فعل أقسى أنواع الأفعال الشنيعة ضد المرأة وكانت المرأة السورية من أول ضحايا هذا النظام البشع, كالقتل والإعتصاب والتعذيب ومختلف الطرق لإذلال المعتقلين. ومع ذلك يصور نفسه بشار الأسد في الإعلام كرجل عصري, والعجيب تسانده زوجته في ذلك ونساء كثيرات فنانات!, رغم كل هذه البشاعة والجرائم التي ارتكبها. وهن سيقفن ضد جريمة إسراء غريب وفاعليها بكل تأكيد!.
نحن بأمس الحاجة إلى التغيير , وأعتقد بالتحرر التكاملي أي معاً السياسي والإجتماعي والفكري والثقافي والفردي … وبشكل تطويري. وطبعاً الأمل كبير أنه مهما طال الظلام فالصبح قادم لامحالة.
لا توجد جريمة شرف في الدين الاسلامي حتى نناقشها. ومن يقتل بحجة الشرف يطبق عليه الحد. الخلل موجود في التشريع القضائي العلماني الذي يعطي القاتل ظروف التخفيف بحجة الدفاع عن الشرف. فهنا ينبغي ان نناقش في اطار القانون الوضعي وليسالتشريع
أترحم على السيدة الفلسطينية إسراء على الجريمة المروعة المرتكبة في حقها ومن طرف أسرتها بسبب الشرف كما قيل لمرافقتها لخطيبها وهذا يجعلني أتسائل هل ذلك التعذيب الذي تعرضت له المرحومة لمرافقة بريئة للخطيب أم هناك ما هو أشد من ذلك وفي كلتا الحالتين أنا ضد التعذيب والقتل وهذا لا يعني أني ضد الغيرة على الشرف المستمدة من تقاليدنا وثقافتنا الإسلامية لكن عندما يقع المحظور ليس هناك سوى اللجوء للقانون المتعامل به ومحاولة لملمة الموضوع لأن في الحقيقة مس شرف أي عائلة الذي يصل لهتك العرض شيء قاس جدا وليس بالسهل .
حرة إيه يا دكتورة.هل نترك بناتنا بدون تربية بدون توجيه وتوعية ليعيشوا على البوهيمية لا يعرفون الحلال من الحرام تخرج البنت متى شائت وتعود متى شائت وتصطحب الشباب هذا لا يصح يا دكتورة.هذا يعني خراب البيوت وخروج عن ضوابط الحرية.