إسرائيل: المعركة ستنتقل إلى لبنان وقد تنضم إيران إليها.. والسنوار يبعث برسائله

حجم الخط
0

إليكم الأخبار نستهلها بالموجز: ليس لإسرائيل أو الولايات المتحدة خطة مرتبة في حالة عدم وجود صفقة مخطوفين. هذا واضح تماماً بالنسبة للأمريكيين. الأربعاء، حين رفضت حماس مقترح إسرائيل/الرئيس بايدن، قال الأمريكيون للسنوار وماذا بعد؟ وعندها أعلنوا أن هناك ما يمكن الحديث فيه. هذا موضوع ثابت في واشنطن، التعلق التام بالاتفاق مع حماس. وقال لي السفير الأمريكي في إسرائيل في مقابلة معه، إن الصفقة هي المسار الوحيد للمضي إلى الأمام. يريد البيت الأبيض أن تتوقف النار، وكل ما تبقى ثانوي.

ليس هذا سلوكاً إمبريالياً، لكن بعد أن أعطوا إسناداً على مدى نحو نصف سنة، وهو زمن أكثر بكثير مما تلقته إسرائيل من واشنطن في كل حرب أخرى في الماضي، فإن للرئيس بايدن اعتبارات سياسية. وثمة مشكلة أحد وهي أن ليس للولايات المتحدة – حتى دون صلة بالانتخابات – أي استراتيجية بعيدة المدى للتصدي لإيران وحلفائها في المنطقة. “تحدث برقة وخذ معك عصا غليظة”، قال الرئيس تيدي روزفيلت. أما باقي الجملة، فهو معروف أقل: “ستصل بعيداً هكذا”. الولايات المتحدة لن تصل بعيداً في الشرق الأوسط فقط مع حديث رقيق ومناشد إلى صفقة وتطبيع وسلام.

بمقابل الولايات المتحدة، تتظاهر إسرائيل وكأن لها إمكانيتين: استمرار الحرب و”النصر المطلق” الذي يطل ظاهراً حسب نهج بيبي وتساحي هنغبي، أو صفقة إعادة المخطوفين. من جهة، هناك مؤيدو الصفقة، ومن جهة أخرى رجال رئيس الوزراء نتنياهو. في أكثر من مفهوم، هذا جدال نظري. حماس نفسها تعطي انطباعاً بأنها ليست مستعجلة للصفقة. نشرت “وول ستريت جورنال” هذا الأسبوع رسائل أطلقها السنوار من مكان اختبائه. وهذه جسدت إيمانه بانتصار حماس في الحرب، وأن الضحايا الفلسطينيين “سيضخون دماً في عروق الأمة بحيث تتسامى إلى عظمة المجد والشرف”. جنون في ذروته. من اكتسب لقب “جزار خان يونس” لم يكسبه عبثاً.

بالتوازي، لا يوجد في الجانب الإسرائيلي مؤشرات على تفكير حقيقي في بديل بعيد المدى. فما هي “العصا الغليظة” خاصتنا؟ مثلاً، كيف سيعرف الانتصار في قطاع غزة. ألن يعلن مثل هذا الانتصار إلا بعد تصفية السنوار وشركائه؟ وثمة سؤال فوري أكثر: إذا واصل حزب الله إطلاق النار في الشمال، وأخرجت إسرائيل إلى حرب أوسع، كيف سيتواصل القتال المكثف في الجنوب؟ هذا سؤال جوهري. إذا شرع الجيش الإسرائيلي في حملة مع دخول بري إلى لبنان وتلقى حزب الله ضربة قاسية، فهل سيوقف نصر الله النار بعدها ويقطع الرابط بين غزة ولبنان؟

القصة كبيرة: ساحة المعركة الأساس تنتقل من الجنوب إلى الشمال. غالنت هو الذي يوجه المنظومة شمالاً. هو وجهاز الأمن مصممان على محاولة إعادة السكان إلى الشمال، قبل بدء السنة الدراسية. هذا يستدعي محاولة عنيدة، عسكرية أو غيرها، لوقف نار حزب الله. وهاكم ثلاث إمكانيات:

الإمكانية الأولى لا يستطيبها الجيش، وهي إيقاف الحرب في الجنوب، فيوقف حزب الله النار في الشمال “وهدوء بهدوء”. أو بتسوية ما وهي خدعة “انسحاب قوات حزب الله لثمانية كيلومترات”. وتطلع نتنياهو، على مدى الحرب، إلى هذا الوضع، وأعرب عن مخاوف هائلة من حرب مع حزب الله، بما في ذلك بمحادثات أجراها بعد قرار الكابنت في 11 أكتوبر عدم شن هجوم مفاجئ على حزب الله. قرار اتخذ بخلاف موقف رئيس الأركان ووزير الدفاع. المشكلة أنه لا مؤشر لوقف الحرب في الجنوب، بوقف يسمح لحزب الله بالنزول عن الشجرة. يمكن إعلان النصر في الحرب من طرف واحد، ثم الإنهاء. فهل سيكون هذا كافياً لنصر الله؟ ليس مؤكداً.

الإمكانية الثانية هي اتفاق في الجنوب، بما في ذلك إعادة المخطوفين واستغلال النافذة الزمنية للمبادرة إلى حملة عسكرية في لبنان، تفرض تطبيق قرار 1701 وإبعاد حزب الله عن الحدود. الجيش يرغب في هذه الإمكانية، لأن الصفقة ستفرغ القوات من الجنوب. احتمالية تحقق هذه الإمكانية متدن؛ فمن يوقف الحرب في الجنوب لا يفعل هذا كي يبدأ بالإجمال حرباً أشد في الشمال.

الإمكانية الثالثة، وهي التي تبدو الأكثر معقولية، أنه لن يكون اتفاق في الجنوب، لكن الحرب ستنتهي هناك عملياً. الجيش الإسرائيلي ينقل القوات والمقدرات إلى الشمال، ويتطلع إلى حملة مركزة تضرب حزب الله وتبعده عن الحدود. هذا تحد حاد، وخلاصته في السؤال التالي: هل ستكون التسوية التي ستتحقق بعد هذه الحملة، أفضل من كل تسوية محدودة اليوم؟ ينبغي إيضاح المعاني: في مثل هذه الحملة، سيطلق حزب الله آلاف الصواريخ الثقيلة والدقيقة نسبياً في كل أرجاء الشمال، انتهاء بحيفا. وحتى عندما يلجم الطرفان، إسرائيل ونصر الله، نفسيهما، ستشهد إسرائيل دماراً لم تشهده من قبل. تقدر محافل استخبارات بأن إيران ستميل إلى الانضمام وتهاجم إسرائيل في حرب واسعة مع حزب الله. “إذا افترضنا الآن انضمام حزب الله إذا ما هاجمنا إيران، فآخر التقديرات أن إيران ستنضم إذا ما هاجمت إسرائيل حزب الله عميقاً. وثمة تحديات مادية: ثمة منشورات حول تأخير الولايات المتحدة وصول الذخائر إلى إسرائيل. أفترض أنها قنابل لأزمة حول الحرب في لبنان.

إرخاء الحزام

انتبهوا لما يحصل هنا، حقاً: إنهاء الحرب في الجنوب ليس قضية بالنسبة لكبار مسؤولي جهاز الأمن. فمنذ أكثر من شهر والجيش يقول للكابنت بأن هزيمة الذراع العسكري لحماس قريبة جداً. فقد فقدت المنظمة أكثر من ثلث قوتها القتالية؛ أي نحو 15 ألفاً من رجالها، حسب تقدير الجيش. نحو 60 في المئة من بنية حماس التحتية العسكرية دمرت. لم يعد لحماس قدرة على إصدار هجوم يقترب من حجوم 7 أكتوبر. كتائب رفح على شفا التفكك. عملت قوات الجيش الأسبوع الماضي في قلب النصيرات، بكثافة وبمفاجأة، وفي قلب منطقة مبنية لم يكن لها تجسيد لسيطرة عسكرية إسرائيلية. حققت إسرائيل إنجازاً تكتيكياً مبهراً، يقول مصدر أمني كبير في محادثات مغلقة، “لكن لا يهم كم إنجازات تكتيكية نحقق، يجب أن يكون هناك هدف استراتيجي واضح، وإلا سننتقل من نقطة إلى أخرى دون حسم”.

يعتقد الجيش الإسرائيلي بأن الإنجاز التكتيكي الممتاز للفرق في قطاع غزة يسمح لإسرائيل “بالانتقال إلى مرحلة أخرى”، وفي واقع الأمر لإنهاء الحرب في الجنوب من خلال اتفاق لإعادة المخطوفين. المصلحة الإسرائيلية حسب جهاز الأمن مثلما هي حسب الأغلبية المطلقة لدى هيئة الأركان، هي الاعتراف بأن إسرائيل هزمت حماس، والانتقال إلى مرحلة “القتال”. “في إطار صفقة، لا حاجة للتخوف من القول: هذه نهاية الحرب”، تقول محافل أمنية، “نهاية الحرب ليست نهاية القتال. المعلومات الاستخبارية ستواصل تدفقها، وكذا أيضاً إمكانية الهجوم من جواً وبراً. ستكون هناك شرعية تامة للعمل حتى بعد نهاية الحرب إذا ما حاولت حماس العمل ضدنا. ونعرف بالطبع أنهم سيحاولون ذلك”.

لا يوجد أي محفل في الساحة السياسية –لبيد، غانتس، غالنت وبالتأكيد نتنياهو – مستعد لقول أمور واضحة في موضوع نهاية الحرب. نجح رئيس الوزراء في تحويل هذه المسألة إلى الوصية الـ 11: لن تنته الحرب قبل النصر المطلق الذي لا يعرفه على الإطلاق. لكن من خلف الكواليس، تبدو الساحة السياسية مختلفة تماماً. الموضوع أنها تخشى رد فعل الجمهور، وتخشى بث الريح في أشرعة حماس، وأساساً تخاف من أن تدين آلة السم كل قول يدعو إلى وجوب إنهاء الحرب.

نداف ايال
يديعوت أحرونوت 14/6/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية