إسرائيل بشأن “الأقصى”: سنعيد مقدسات الشعب اليهودي ونحفظها من “عبث المسلمين”

حجم الخط
0

إن فكرة إقامة كنيس في جبل البيت (الحرم) ليست جديدة ولا هي فكرة بن غفير، بل لها أساس وتطلعات، وإن كان بن غفير هو الذي رفع (مرة أخرى) العلم، بطريقته المحددة وبتوقيته غير الناجح. 

لولا هذا لاخترنا بحث الفكرة بشكل موضوعي، زمانياً ومكانياً، وليس بشكل ذاتي متعلق ببن غفير، الذي جعل نفسه علماً أحمر على الملأ في تصريحاته المتعلقة بالجبل. إن امكانية إقامة كنيس في المكان الأكثر قدسية للشعب اليهودي، طرحها أناس وحاخامات بعيدون عن بن غفير وآرائه، بعد المشرق عن المغرب. 

فقد طرحها الجانب اليهودي في أواخر مؤتمر كامب ديفيد 2000، وأُدرجت في خطة “دار السلام” لزعيم “مبام” الراحل يعقوب حزان، وذكرها محرر جبل البيت موتي غور من قادة حزب العمل، في أحاديث أجراها أواخر أيامه. وحتى الحاخام يهودا عميطال، زعيم “ميماد”، الحزب الديني المعتدل، عُني بذلك، وكذا الحاخامان الرئيسيان شلومو غورين ومردخاي إلياهو، والحاخام الرئيس لـحيفا شآر يشوف كوهين.  

وهم الوضع الراهن 

يجدر بالذكر مرة أخرى أن الوضع الراهن المقدس في الجبل، الذي يزعم أنه تأذى الآن، يعد وهماً؛ فالمسلمون نفذوا فيه سلسلة من العمليات المضادة وتغييرات جوهرية، تناولناها هنا غير مرة: بناء ثلاثة مساجد إضافية، وتغيير في أزمنة ومناطق الزيارة لليهود هناك، وغيرها. بعد خمسين سنة فقط، جاء التغيير من الجانب اليهودي. والمسلمون، وإن لم يوافقوا عليه، سلموا به: صلوات صامتة، مرتين في اليوم شرقي الجبل، بإشراف وبإذن الشرطة. 

غير أن الخطاب المشوه في موضوع إقامة الكنيست في الجبل لا يرتبط فقط ببن غفير، الذي يجدر به أن يحفظ مشورة كهيلت عن ظهر قلب “لكل زمن ووقت، لكل شيء تحت السماء”، بل والحقيقة الأساس أيضاً التي تخفيها إسرائيل منذ سنوات طويلة: في 1967 قدمت دولة اليهود في جبل البيت تنازلاً هائلاً، عظيماً ولا يصدق. أخذت المكان الأكثر قدسية لليهود وأودعته في أيدي دين منافس، الإسلام، الذي بالنسبة له هو المكان الثابت في قدسيته، وذلك في ظل مس شديد بحقوق اليهود هناك. هذا الحدث، الذي -وهو الأمر المفهوم أكثر من أي شيء آخر- تحول ليكون لسبب ما مفهوماً من تلقاء ذاته. لا شيء يشبه من حيث العلاقات بين الأديان في العالم تنازلاً من هذا النوع أو بمثل هذا الحجم. ومن هنا ينشأ دائماً خطاب حول الجبل، الذي دار فقط وحصرياً حول قدسية المكان للمسلمين. 

كان في مركزه سؤال واحد ووحيد: بأي قدر تراعي فيه إسرائيل وتحترم هذه القدسية؟ لذا اختفت على نحو شبه تام تقريباً قدسية المكان للدين وللشعب اليهودي، وسلسلة تغييرات جوهرية نفذها المسلمون، وليس اليهود، على الوضع الراهن، وكلها في صالح الجانب اليهودي، مثل فرية الدم الكاذبة القائلة “الأقصى في خطر” ونتائجها – العمليات الإرهابية. 

إن البحث في “هل كنيس في الجبل أو لا كنيس في الجبل؟”، ومتى وكيف، كان يمكن له أن يوازن قليلاً من الخطاب حول الجبل. لكن حقيقة أن بن غفير يتصدره، لا تجديه نفعاً ولا تدفعه قدماً.

نداف شرغاي

إسرائيل اليوم 28/8/2024

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية