إسرائيل بقراءتها “لاهاي”: من أصدر أمر الحفاظ على الدليل الشاهد على ارتكاب الإبادة؟

حجم الخط
0

موشيه غورلي

ابتهاجنا بنتائج محكمة العدل الدولية في لاهاي مبالغ فيه. صحيح أن النتائج كان يمكن أن تكون أسوأ، لكن سرورنا بعدم حدوث الأسوأ، أمر مبالغ فيه. إسرائيل نجحت، بجهود قانونية رائعة، في وقف إصدار أمر بوقف الحرب، وهي اليوم تتفاخر بهذا النجاح يمثل كل شيء، لكن الأمر ليس هكذا.

هذا لأن الحقيقة الأساسية لا يمكن إلغاؤها أو طمسها. فمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وهي المؤسسة القضائية الأكثر أهمية في الأمم المتحدة، أصدرت أوامر مؤقتة ضد إسرائيل في إطار دعوى ارتكاب إبادة جماعية، بأغلبية الجميع؛ 15 ضد واحد أو اثنين، حيث انضمت القاضية الأمريكية إلى رأي الأغلبية.

انضمت إسرائيل إلى النادي المشكوك فيه المكون من روسيا والصرب وميانمار، بمجرد إصدار أوامر تدور حول شك قضاة المحكمة واشتباههم وخوفهم بأن إسرائيل قريبة من هذه الأفعال الفظيعة. تكمن خسارة إسرائيل في مجرد القرار بأن للمحكمة صلاحية النظر في الدعوى التي قدمتها جنوب إفريقيا. وبهذا، فقد جررنا من ممر الصلاحيات إلى قاعة الجوهر. ومقارنة مع القانون الجنائي العادي، لم ننجح في إبعاد التهمة، ودخلنا إلى ساحة الأدلة. نجحنا في منع إصدار أمر لوقف القتال، لكننا لم ننجح في إلغاء مناقشة الدعوى. أحد الأوامر التي صدرت أول أمس، أمر إسرائيل بالحفاظ وعدم تدمير الأدلة التي قد تشهد على ارتكاب الإبادة الجماعية. من الذي أصدر مثل هذا الأمر؟

في إطار القرار الصادر، تم اقتباس كبار قادة الدولة: الرئيس، ورئيس الحكومة، ووزراء كبار. بعض المهرجين مثل عميحاي إلياهو ونسيم فاتوري وتالي غوتلب، بقوا في الخارج هذه المرة. بهذا المعنى، حصلنا على هدية مهمة قبل اتخاذ القرار الحاسم في الملف الرئيسي: من الأفضل كم الأفواه. المطلوب من المستشارة القانونية للحكومة التي استيقظت بشكل متأخر جداً، التشدد مع الذين يثرثرون بالتحريض والحث على الإبادة بأنواعها. حتى القاضي الذي عينته إسرائيل، أهارون براك، انضم إلى هذا الأمر.

في هذه الأثناء، الدليل الوحيد على نية إسرائيل ارتكاب إبادة جماعية هو تصريحات القادة الكبار. من العماليق وحتى القنبلة النووية، من التسوية وحتى نفي وجود أشخاص غير مشاركين. انضم براك لرأي الأغلبية في أمرين – أحدهما يدعو إلى الامتناع عن التحريض على الإبادة الجماعية، والآخر يدعو إلى إرسال المساعدات الإنسانية. من غير المستبعد أن براك نجح في إقناع بعض القضاة بالامتناع عن إصدار أمر بوقف القتال مقابل انضمامه لهذين الأمرين. صفقات من هذا النوع سائدة في الهيئات القضائية.

معظم الأوامر التي صدرت ضد إسرائيل هي أوامر عامة وتخضع لتقديراتها، لكن لها أهمية قبل الحسم في القضية النهائية. بهذا المعنى، لم توقف هذه الأوامر إسرائيل عن مواصلة قتالها، لكن ربما تقيده وتخضعه لقواعد القانون الدولي. إذا شئتم، فإنها ساهمت هنا في تعزيز “تقنين” الحرب. خط دفاع إسرائيل الأساسي أنها ليست بحاجة إلى هذا التذكير، لأنها تحرص على قوانين الحرب: استخدام القوة طبقاً للمراقبة القضائية، وممرات التزويد الإنسانية وبالطبع نفي الأعمال التي يعتبرها الميثاق نية للإبادة الجماعية والعرقية أو الدينية، أو جزء منها. الوضع الإسرائيلي حظي بذكر هامشي فقط: دعوة القضاة لإطلاق سراح المخطوفين. لهذه الدعوة أهمية لإسرائيل في حالة أرادت ربط واشتراط التزامها بإطلاق سراح المخطوفين. بالطبع، الأمر الأهم هو الأمر الذي لم يصدر، الأمر بوقف القتال، الأمر الذي يعزز ادعاء إسرائيل بحقها في الدفاع عن النفس وبشرعية ردها على المذبحة التي ارتكبت ضد مواطنيها واختطافهم.

 يديعوت أحرنوت/ كلكليست 28/1/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية