غزة– «القدس العربي» : رغم تواصل عمليات القتل الإسرائيلية الممنهجة ضد اهالي قطاع غزة، في اليوم الـ 16 للعدوان، وفاقت فيه أعداد الشهداء الـ 670 شهيدا، وذلك بعد ارتكاب مجزرة أخرى في شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع، في ظل الجهود الجارية من أطراف دولية لإبرام اتفاق تهدئة، ساد ارتياح كبير الاوساط الشعبية والسياسية في غزة، عقب خطاب الرئيس محمود عباس وتبني القيادة الفلسطينية في رام الله مطالب المقاومة لقبول اتفاق وقف إطلاق النار.
وعاش قطاع غزة ليلة ساخنة جراء استمرار القصف المدفعي الإسرائيلي على الأطراف الشرقية خان يونس، وتحديدا على بلدة خزاعة الحدودية. وقضى جراء القصف العشوائي وسقط نحو عشرين شهيدا، وعشرات الجرحى، ولاقت الطواقم الطبية صعوبات بالغة في انتشال الجرحى والشهداء من تلك المنطقة. وتشير مصادر محلية أن هناك جثث ضحايا لا تزال تحت ركام المنازل التي دمرتها الصواريخ، وأنه يصعب إخراجها في ظل الهجمات الإسرائيلية.
وقالت حركة حماس أن ما أقدمت عليه قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق البلدة يعد «جريمة حرب». وأكدت أن الاحتلال سيدفع ثمن هذه الجريمة.
وشابه القصف على بلدة الخزاعة شرق خان يونس حادثة مجزرة الشجاعية التي اقترفتها قوات الاحتلال قبل أيام وراح ضحيتها أكثر من 60 شهيدا، واضطرت أعداد إضافية أخرى من السكان للقرار من منازلها ليلا تحت وطأة القصف من تلك المناطق الحدودية، وكذلك من بلدة بيت حانون شمال غزة إلى «مراكز الإيواء».
ويناشد سكان بلدة خزاعة منظمة الصليب الأحمر الدولية التدخل لإجلائهم من منازلهم، خاصة في ظل حصار مطبق تحكمه قوات الاحتلال على مداخل البلدة.
كذلك استشهد 15 مواطنا في الساعات الأولى من صباح أمس الأربعاء، بينهم أطفال في عمليات قصف جوي نفذتها المقاتلات الحربية الإسرائيلية، وتضاعف هذا العدد بعد ساعات العصر، مع مواصلة سقوط الضحايا.
وكان من بين الشهداء طفل قضى وأصيب معه أربعة آخرين، عند استهداف الاحتلال لعربة يجرها حمار في القرية البدوية شمال قطاع غزة، كما تم انتشال جثمان مسن استشهد خلال قصف مدفعي لعدد من المنازل شمال القطاع، كذلك كان من بين الشهداء الجدد مواطنا قضى في غارة على حي الزيتون، أسفرت عن إصابة 31 بجروح، واثنان أيضا قضيا وأخرجا من تحت الركام جراء استهدفا منزلهم في منطقة المغراقة وسط القطاع، واستشهد أربعة مواطنين آخرين في قصف استهدف بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، كما استشهد رجل مسن في حي الشجاعية واثنان من أفراد عائلته في قصف استهدف منزلهم.
كذلك استشهد أحد قياديي سرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي في قصف استهداف منزله في بلدة جباليا. وقالت مصادر طبية أن حصيلة العدوان المتواصل لليوم السادس عشر يفوق 670 شهيدا و4200 جريح.
وتشارك في القصف المكثف على قطاع غزة الطائرات الحربية التي لا تفارق أجواء القطاع، والدبابات المتمركزة على الحدود الشرقية والشمالية، والبوارج الحربية المنتشرة على طول الساحل.
واستهدفت عمليات القصف الممنهجة في مناطق اخرى منازل المواطنين، من بينها منزل القيادي في حركة حماس نزار عوض الله في مدينة غزة، كما واصلت استهداف المساجد والأراضي الزراعية. وتوقفت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة عن العمل، جراء استهدافها في القصف المدفعي، ونفاد الوقود المخصص لتشغيلها، وهو ما سيؤدي إلى مضاعفة معاناة السكان، خاصة وان التيار الكهربائي يصل بمعدل أربع ساعات يوميا.
وفي إسرائيل زعم مصدر سياسي أن بلاده تريد تحقيق أهداف العملية العسكرية في قطاع غزة، كذلك زعم شيمون بيريس الرئيس الإسرائيلي المنتهية ولايته أن سلاح الجو خلال المعركة الحالية لا يلقي القنابل عشوائيا، وإنما يقوم بذلك بـ «شكل مدروس».
غير أن أعداد الضحايا من المدنيين خاصة الأطفال والنساء وكبار السن يفضح ادعاءات الرئيس الإسرائيلي، اذ تؤكد الاحصائيات أن غالبية الضحايا من المدنيين.
من جهتها واصلت فصائل المقاومة الفلسطينية هجماتها ضد قوات الاحتلال، وأعلنت كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس عن استهداف ناقلة جند للاحتلال الإسرائيلي بقذيفة «تاندوم» والاشتباك مع الجنود الذين كانوا فيها شرق حي التفاح .
وأوضح بيان للقسام أن عناصرها خرجت من خلف قوة من جيش الاحتلال واستهدفت ناقلة جند بقذيفة، مؤكدة أن عناصرها اشتبكوا مع الجنود وأوقعوا بينهم قتلى وجرحى. واعترفت اسرائيل امس بمقتل جنديين وجرح عدد في معارك أمس الأول.. وبذلك يرتفع عدد قتلى الجيش الاسرائيلي حتى يوم امس الأول الى 30 بينهم ضابط كبير. وقال الناطق العسكري الاسرائيلي أن عشرين جنديا اخرين أصيبوا بجراح بينهم 3 بجراح خطيرة، وتسعة بجراح متوسطة، وثمانية بجراح خفيفة.
كذلك أعلنت كتائب القسام عن إطلاق العديد من الصواريخ على بلدات إسرائيلية ومدن في منطقة المركز، وتبنت سرايا القدس الجناح المسلح للجهاد الإسلامي عمليات مشابهة. وأطلقت الفصائل صواريخ وأخرى مضادة للدروع على البلدات الإسرائيلية القريبة من الحدود، إضافة إلى استهداف القوات المتوغلة.
وقال الناطق العسكري أن مسلحين من غزة أطلقوا عدة صواريخ في اتجاه مدينتي أشكلون وسديروت وعدة تجمعات سكنية أخرى في المنطقة المحيطة بقطاع غزة. واضاف أن منظومة «القبة الحديدية» اعترضت ثلاثة عشر صاروخاً، مشيرا إلى أن عاملاً أجنبياً قتل جراء سقوط صاروخ أطلقه مسلحون من غزة في اتجاه إحدى القرى المتاخمة للحدود.
يأتي ذلك كله في خضم الاتصالات والتحركات الدولية الرامية لإبرام تهدئة تنهي الحرب ويعلن بموجبها وقفا لإطلاق النار. فقد قام وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بزيارة أمس إلى إسرائيل قادما من العاصمة المصرية القاهرة، وسبقه اليها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لنفس الغرض.
الى ذلك لاقى خطاب الرئيس محمود عباس وكذلك بيان القيادة الفلسطينية ارتياحا وقبولا في الاوساط الشعبية والسياية في القطاع، خاصة أنه انطوى على تحول كبير عن التصريحات الأولى التي أطلقها الرئيس بعد أيام من الحرب.
وظهرت حالة القبول هذه على الفور على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وفي أحاديث الاهالي، التي رأت أنه رغم تأخر لغة الخطاب هذا، إلا أن تطور الموقف بهذا الشكل أفضل من بقاء المواقف السياسية الفلسطينية متباعدة.
كذلك رحبت حركة حماس على لسان الدكتور سامي أبو زهري، الناطق باسمها ببيان اللجنة التنفيذية الذي تبنى مطالب المقاومة، وقال أن هذا «يسهم في توحيد الموقف الفلسطيني ويقطع الطريق أمام بعض المحاولات الإقليمية والدولية المراهنة على تقسيم الموقف الفلسطيني».
ودعا الناطق باسم حماس اهالي الضفة والقدس إلى «هبة عارمة للتأكيد أننا شعب واحد ولن نسمح بالاستفراد بأي جزء منه».
أشرف الهور