الناصرة- “القدس العربي”: أدانت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني المحتل، مجازر جيش الاحتلال في جنين ومخيمها، منذ فجر أمس الإثنين، داعية لتنظيم وقفات كفاحية مساندة.
وقالت المتابعة في بيان صحافي “إن هذه المجازر هي عقلية الاحتلال والمؤسسة الحاكمة، ولم تتوقف على مدى عشرات السنين، إلا أنها تشهد تصعيداً خطيراً على كافة الصعد، ومعها جرائم المستوطنين، الذين ما كانوا سيتجرأون بهذا الإرهاب لولا مساندة حكومتهم وجيشهم”. كما أدانت المتابعة الصمت الدولي إزاء التصعيد الإسرائيلي، بما في ذلك استعمال القصف الجوي لمناطق مأهولة بالسكان، بشكل محرّم دوليًا، غير مبرر إلا بجبن الاحتلال وجيشه. وأكدت أن “حكومة الاحتلال تصعد جرائمها مستغلة سكوت العالم على جرائمها ضد شعبنا، وضد الإنسانية”.
وجاء في البيان “ندعو جماهير شعبنا إلى حراك شعبي ووقفات مساندة لجنين وشعبنا الفلسطيني في سائر أنحاء الضفة والقدس المحتلة، وقطاع غزة الذي يئن تحت الحصار”.
وكانت بلدات عربية داخل اراضي 48 قد شهدت مساء أمس وقفات احتجاحية تكافلية مع مخيم حنين.
وأدانت الحركة الإسلامية والقائمة العربية الموحدة العدوان الإسرائيلي على جنين، وحذرتا حكومةَ نتنياهو- سموتريتش- بن غفير المتطرفة من الاستمرار في العدوان أو توسيعه، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تدهور أخطر على أمن الناس والمنطقة كلها، وسقوط المزيد من الضحايا الأبرياء، وتصعيد أوسع قد يشعل حربًا في المنطقة.
وأكدت الحركة الإسلامية والموحدة في بيان على أن مَن يحكم إسرائيل اليوم هم مجموعة من اليمينيين المتطرفين والمستوطنين الخطيرين، الذين اشترطوا في اتفاقاتهم الائتلافية تنفيذ جميع مخططاتهم الاستيطانية والعدوانية بحق أهلنا في الضفة والقطاع والمسجد الأقصى المبارك، وهو ما بدأنا نلمس تنفيذه على أرض الواقع منذ اعتلت هذه الحكومة الخطيرة الحكم. وأضافتا أن جميع هذه المخططات والحملات العدوانية ستتحطّم أمام أسطورة الصمود الفلسطيني المؤمن بحقّه بالعيش في حرية واستقلال.
واتّهمت الحركة الإسلامية والموحدة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بأنها تستخدم دماء الفلسطينيين الآمنين للتهرّب من أزماتها السياسية وتراجع شعبيتها ولصرف أنظار الشارع الإسرائيلي عن المظاهرات والحراك الشعبي الواسع ضدها احتجاجًا على التعديلات القضائية الدكتاتورية التي تحاول فرضها، وأضافتا أن نتنياهو يحاول استعادة استمالة الجمهور اليميني المتطرف عن طريق الإيغال في دماء الفلسطينيين وعن طريق التطرّف أكثر من بن غفير وسموتريتش اللذين أصبحا بوصلة توجّه نتنياهو وكل حكومته المتطرفة.
اتّهمت الحركة الإسلامية والموحدة الحكومة الإسرائيلية باستخدام دماء الفلسطينيين الآمنين للتهرّب من أزماتها السياسية وتراجع شعبيتها ولصرف أنظار الشارع الإسرائيلي عن المظاهرات والحراك الشعبي الواسع ضدها
وختمت الحركة الإسلامية والموحدة بيانهما بأنه لن ينعم أي أحد بالأمن والسلام دون الحل العادل والشامل بإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس إلى جانب إسرائيل.
وتتهم صحيفة هارتس العبرية، في افتتاحيتها اليوم، حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو، بخلط الأوراق طمعا بتحسين شعببتها وكسب نقاط سياسية تزامنا مع تجدد الاحتجاحات ضدها على خلفية الشروع في تشريع قوانين تعتبرها المعارضة انقلابا على النظام السيايي.
وتؤكد هآرتس أن المؤسسة الأمنية كانت ترغب بأن تواصل حملات المداهمات والاعتقال تباعا لكن الحكومة رغبت بحملة واسعة دفعة واحدة لاعتبارات سياسية داخلية. ويؤكد محللها العسكري عاموس هارئيل وجود هوة بين الحملة التي يسوقها المستوى السياسي ويبالغ في قوتها وجدواها وبين حقيقة الحملة على أرض الواقع كما يريدها جيش الاحتلال. ويشدد هارئيل أن الحملة على جنين لن تغير الواقع مثلما لم تغير الواقع الحرب الأخيرة على غزة. وانضم له مستشاران سابقان للأمن القومي الجنرال في الاحتياط غيورا ايلاند ومئير بن شبات وهما ينبهان الى محدودية جدوى مثل الحملة وخطورة استمرارها من ناحية أمن الجنود المشاركين فيها. كما تبعهما عدد من المعلقين الإسرائيليين ممن يحذرون من استمرار فقدان الأفق السياسي ومن انهيار السلطة الفلسطينية.
هآرتس: المؤسسة الأمنية كانت ترغب بأن تواصل حملات المداهمات والاعتقال تباعا لكن الحكومة رغبت بحملة واسعة دفعة واحدة لاعتبارات سياسية داخلية
في المقابل، تشارك أوساط من الصحافة العبرية في شيطنة مخيم جنين وتضخيم قدراته العسكرية لاعبة دور البوق الدعائي. وذهب المحلل الإسرائيلي بن ظرور يميني مجددا لاستعداء الأهالي على شباب المقاومة. وقال في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت اليوم إن أحوالهم ستتحسن عندما يدركون أن عدونا واحد وهو الشباب الإرهابيبن”.
بالتزامن مع مشاهد التدمير والتهجير، تصعد إسرائيل الرسمية معركتها على الرواية أمام العالم وأمام الفلسطينيين والإسرائيليين، زاعمة أنها خرجت للدفاع عن نفسها وسط استخدام مفرط لصور الصاروخ البدائي الذي أطلق من مخيم جنين نحو بلدة إسرائيلية قبل نحو أسبوعين.
كما تصعد إسرائيل معركتها على وعي الفلسطينيين باستخدام القوة المفرطة واستنساخ عمليات تدمير مخيم جنين خلال حملة السور الواقي عام 2002 ومن خلال حشد قوات وجرافات عملاقة وعدم التورع عن غارات جوية على أهداف داخل مخيم مزدحم جدا.
معركة الوعي ليست جديدة، فطالما كرس الاحتلال الكثير من الطاقات لها وأفرط في استخدامها رئيس حكومته الراحل أرئيل شارون الذي صب حمم نيران قواته ضد الفلسطينيين في الوطن وخارجه بهدف كسر إرادتهم للابد. ووصف هذه النظرية وزير الأمن الأسبق موشيه ياعلون في كتاب مذكراته (طريق طويل كريق قصير) حينما قال إن ما لا يتأتى بالقوة يتاتى بالمزيد منها. لكن ياعلون عاد في السنوات الأخيرة هو الآخر يدعو للبحث عن حل سياسي للصراع الذي يتجه أكثر فاكثر ليكون دينيا أيضا وبلقانيا بمعنى اختلاط ملايين الفلسطينيين بملايين اليهود داخل بقعة صغيرة يؤدي بالضرورة لحالة احتراب ودائرة دم مفرغة أكثر مما هو حاصل اليوم. كما ينبه العقلاء وهم قلائل في إسرائيل بأن الزمن الذي عمل ذات مرة لصالح إسرائيل لم يعد لها بل صار عليها في ظل التورط السريع نحو واقع ثنائي القومية يهدد بإنهاء المشروع الصهيوني من ناحية توقف إسرائيل عن كونها يهودية وديموقراطية. حتى الآن تبقى عمليات التكافل الفلسطيني مع مخيم جنين أقل من المستحق ومع ذلك يبقى وجود ملايين الفلسطينيبن فوق ترابهم مكسبا استراتيجيا لا يمكن للاحتلال الذي ستبقى مقاومتهم له قائمة في معركة مر وفر الى طالما استمر هذا الاستعمار الاستيطاني وحتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.