ماذا تنال المرأة في الجنة؟ يُتداول هذا السؤال كثيراً في الأوساط النسائية، وتتمازح حوله النساء مراراً بالإشارة إلى اضطرارهن للبقاء مع ذات الأزواج «الدنيويين» مجدداً في الجنة. إلا أن لهذه الفكرة بعداً جدياً نفسياً وحياتياً آخر لا أدل عليه من ذلك الخبر الذي نشر في إحدى الجرائد العربية، مشيراً إلى أن زوجة طلبت الطلاق من زوجها رغم تقدمهما في السن؛ وذلك حتى لا تبعث وهي على ذمته ثم تجبر على البقاء معه في الجنة. أولاً: الحاجة الماسة لوعود واضحة بالإثابة هي ظاهرة إنسانية مهمة وعميقة الدلالة تجاه طريقة تفكيرنا وبدائية مقاييسنا للأمور. وثانياً: غياب الخطاب «الإثابي» للمرأة أو ظهوره، إن ظهر، على استحياء ودون وضوح أو دلالات مباشرة، لهو مؤشر على ثانوية مركز المرأة في الخطاب الديني. المهم أن يقتنع الرجل، إقناع المرأة تحصيل حاصل.
إن الحاجة الإنسانية لوعد واضح بالإثابة هو دليل على بدائية التعامل الإنساني مع موضوع الأخلاق في الحياة وفيما بعدها. هذبت بعض الشعوب هذه الحاجة الإنسانية مغيرة خطاب الإثابة لتبعده عن الماديات وتقربه من الإشباع النفسي والروحي، ففي الكنفوشية والتاوية والبوذية مثلاً، يتعامل الخطاب الفلسفي الديني مع الحاجة النفسية للوصول إلى المعرفة وللحد من الرغبات والشهوات عن طريق ممارسة صارمة من تهذيب النفس والتحكم في شهواتها، وفي الوقت ذاته عن طريق تحديد هدف معرفي أسمى، أي أن يكون الهدف الديني ليس عبادة إله، ولكن الوصول إلى معرفة كونية توضح الهدف من وجود الإنسان الدنيوية ودوره المنفرد في هذه الحياة.
إلا أن أغلبية جيدة من البشر على الأرض تحتاج إلى محفز مادي للسير على الخط الأخلاقي «الصحيح»، حسب تعريف كل دين لهذا الخط، وهو ما يتناقض بحد ذاته مع المعنى العميق للأخلاق، فهل أنت فعلاً إنسان أخلاقي إذا كنت ملتزماً فقط رغبة في إثابة أو خوف من عقاب؟ هل، إذا ما أزيل الثواب والعقاب من المعادلة، ستعود عن التزامك الديني؟ كيف يمكن تقييم إيمانك وإخلاصك واستحقاقك للثواب إذا كان ما تأتيه كله هو طمعاً في ذلك الثواب عوضاً عن التزام اقتناعي حقيقي بالفكرة الأخلاقية التي تمارسها؟ أعني هنا، هل يستحق الإنسان الملتزم أخلاقياً الإثابة حتى ولو أتى التزامه طمعاً في المتع النهائية لا اقتناعاً بالمنظومة الأخلاقية؟ وإن كان لا يستحق الإثابة إلا عن اقتناع، فما ذنبه إن لم يقتنع فعلياً وداخلياً بهذه المنظومة؟ سؤالي المعقد الأخير المتناقض هو إذن: هل يحرم الإنسان الثواب إذا كان غير مقتنع بالمنظومة الأخلاقية لكنه منفذ لها؟ هل يستحق الإثابة فعلياً إذا كان ينفذ ميكانياً أوامر المنظومة دون قناعة حقيقية؟
إلا أن إشكالية المرأة تأخذ بعداً أعمق وأكثر تعقيداً، فالمرأة في الخطاب الديني الحالي ليست لديها وعود واضحة بالإثابة، مطلوب عليها أن ترغب في ثواب لا تعرف تفاصيله. بعض الفقهاء ذهب إلى أن الامتناع عن تفصيل إثابة المرأة يتأتى من احترام لطبيعتها التي يجب أن تعف عن تفصيل المتع الجسدية، ولا أدري إن كانت هذه الحجة تمدح المرأة أم تذم الرجل، كما أن البعض الآخر يذهب إلى وقوع عملية تغير لنفسية المرأة حين الوصول للجنة حتى تعود ترغب في هذا الزوج الذي لا ترغبه في الحياة الدنيا، وحتى تختفي بوادر الغيرة بسبب من تجمع حور عين لا تعد ولا تحصى حول زوجها، وحتى تنتهي أي رغبة لها في إنسان آخر غير زوجها، أي أنه سيعاد برمجة المرأة تماماً لتتناسب مع معطيات القراءة الدينية للجنة وإثابة الرجل فيها، بحيث تصاغ إثابة المرأة طبقاً لإثابة الرجل، وتعاد برمجة قلبها ونفسها وتفكيرها ليناسبوا جميعاً مفهوم إثابة هذا الرجل ورغباته وشهواته، فلم تعد تشعر أو تغار أو تعترض أو تحزن من كل ما سيأتيه هذا الزوج في الجنة. خطاب غريب، غريب جداً.
لو كان لك، سيدتي المرأة، اختيار الآن لأن تعاد برمجة نفسيتك لتتفادي الشعور بآلام الدنيا، لكي لا تعودي تغاري على زوجك المحلل له ثلاث زوجات غيرك، وزواجات عرفي ومتعة ومسيار وغيرها، لأن تحبي زوجك وترغبيه رغم كل ما ينفرك في الواقع منه، هل سترغبين في ذلك؟ هل ستختارين أن تضعي نفسك تحت جهاز يعيد برمجتك ويصنع لك نفساً وروحاً غيرهما اللذين لديك؟ شخصياً، أنا أود أن أكون أنا، أشعر وأتألم وأختار بإرادة حرة، أرغب وأنفر دون أي برمجة تحيل مشاعري إلى نبضات ميكانيكية، قد تكون مريحة، لكنها ليست حقيقية، هي ليست أنا. على الخطاب الديني الحالي أن يتغير، أن يخاطب المرأة على أنها إنسان حقيقي لا ثانوي الوجود، مستحق لدرجة حقيقية وقوية من الإقناع، على هذا الخطاب أن يحكيها بقلبها ونفسها وروحها الحقيقية لا بوعود بإعادة برمجة لكي تبتلع ابتلاعاً ما هي غير قادرة على هضمه في هذه الحياة الدنيا. الخطاب الديني العادل (أنا هنا وخلال كل المقال أتحدث عن القراءات الإنسانية لا النصوص المقدسة في حد ذاتها) لا يفترض أن يعد المرأة براحة عن طريق تغيير قلبها ومشاعرها وتحويلها إلى شخص آلي آخر، بل يعدها بالراحة والسعادة لما هي عليه بنفسها وحقيقتها، يقول لها إنها تستحق كما هي لا كما ستكون عليه لاحقاً بعد إعادة البرمجة، يسعدها مرة وفق رغباتها وتوجهاتها الحقيقية لا مواءمة مع رغبات وتوجهات الذكور حولها. مرة يكون الخطاب الإثابي لها وحولها، مرة فقط.
اتوجه لتحية الاخت غادة على النقاط المميزة التي عرضتها في استدلالها خصوصا و أنني متخصص في اللغة العربية و خريج جامعة دمشق و اؤكد ان جميع التقاط اللغوية في كلمة زوج و في ان العرب تستعمل التذكير لجمع النساء و الرجال صحيحة مئة في المئة و انحني لقامتها العلمية الرفيعة متمنيا على الاخت نائلة ان توضح رأيها في النقاط اللغوية اللتي استدلت بها الاستاذة غادة على الخطاب القرآني في النعيم و الجحيم استعمل الصيغة المذكرة و قصد جمع الدكتور و الاناث كما هي لغة العرب راجيا الا تغضب علي الاخت العزيزة نائلة لانني ارى ان الحق العلمي مع الاخت غادة و انها امتازت بالدقة العلمية و الادب الجم اللاذع و كل الشكر ل د. ابتهال ان تسببت لنا تعرف على قلم مجدد في الشريعة الاسلامية كقلم الاخت غادة و اتمنى عليك الاخت غادة ان تكتب عمودا اسبوعيا فما تمتلكينه آسر و نادر
صباح الخير :
متأكد من انك قرأت تعليقي الاول استاذ الخطيب الذي تسبب في “تسونامي “التعليقات والردود ؟ ووجدت ضمير “هو ” يستحق “فارمانات “لغوية ؟
كل الشكر والتقدير اخي الياس على ثنائك الجميل وانه لكرم منك ان تتابعنا تشرفت بمتابعتك وارجو ان شاء الله ان اكتب قريبا ريثما تصبح الكتابة مسموحة لي فانا بحسب القانون الان ممنوعة من الكتابة ولكني اغامر واخرق وان شاء الله ساخرق فالتمرد على الظلم امر من اوامر العلي القدير في الكتاب العزيز
غادة
الشاي المنعنغ المغربي ليس له مثيل في مشارق الأرض ومغاربها…أخي ابن الوليد. ..وهو أول شيء يطلبه السياح بمجرد وصولهم الى هنا. ..ولعلك تذكر كيف تهجم أسراب النحل على كوب الشاي بمجرد وضعه على طاولة المقهى. ..وتتكاثر إلى درجة تجعل محاولة إبعادها. ..مغامرة غير محمودة العواقب. ..!!!! أما كعب الغزال فهو تحفة في الشكل والذوق. …وتحياتي إلى غادة ونائلة. …والنقاش سينتهي حتما بروح رياضية عالية رغم قوة المواجهة التي عكست حبا للمعرفة بشكل أساسي.. ..وشكرا
تحياتي اليك استاذنا الفاضل مغربي وحقا وضدقا انا اعشق المغرب العربي عشقا متطرفا واراه بلاد الحوريات وجنات لا تشبهها جنات وتعجيني جدا الطبيعة المغاربية المرنة والضاهرة لثقافات عديدة اما العمران فحدث ولا حرج اظن ان المغرب رغم انه صغير المساحة نسبة الى دول شمال افريقية لكن به مواصفات ثقافية وتاريخية تجعله الدولة الاجمل في عيني دعاؤك استاذي ان يرفع الحظر عن باسبوري لازور جنات تجري من تحتها الانهار بلاد المغرب اجمل واعرق ما اشرقت عليه الشمس في العالم العربي تقبل مودتي واحترامي
اخيرا :
* استعمت الى الرابط الذي نسخ والصق بصوت الشيخ ابن عثيمين وهو يشرح كتابا ( متن من متون التفسير )
* ابن عثيمين رحمه الله قالهم مشتغلون بالنعيم كافتضاض الابكار ووضح الكاف للتشبيه وليست للحصر والمعنى اانهم مشتغلون بكل انواع النعيم التي منها افتضاض الابكار !! وليست حصرا افتضاض الابكار (وراجعي ما بعثتيه ) وغيرها من الوان النعيم لان كلمة شغل عامة تنتظم كل انواع النعيم وهو ما لا تريدين الاعتراف به!
* اخيرا الاية قالت اصحاب الجنة وهذه تشمل الرجال والنساء في شغل فاكهون هم وازواجهم اي هم وازواجهم في نعيم فهل ذكرت اصحاب الجنة دون ازواجهم !! حتى تسوقيها دليلا على تنعم الرجل دون المراة وهل كلمة اصحاب تدل على الذكور فقط في لغة العرب ام على الاناث والذكور معا
اولا مساء الخير سيدة نائلة هل اذا اختلف معك احد تتهمينه انه يؤيد فلان او علنتان فقط لانه متخصص ! انا كقارئة لي الحق ان اؤيد من اشاء واعارض من اريد فهل تريدين اجباري على تبني نقلك الغير دقيق والا فانا منحازة للاستاذة غادة فقط لانها متخصصة يعني اما ان اؤيدك واما انا منحازة ما هذه الطريقة في اعتبار الناس قطيعا ليس من حقهم ان يختاررو ما يجدونه عقلانيا من الاراء !
ثانيا انا فتحت الرابط وقرات ما بعثتيه وفعلا كما قالت الاستاذة الفاضلة غادة هناك رايان وحضرتك لماذا اقتصرت على تفعيل راي واحد ؟ هل هذه امانة ام اقتصار على المناسب لذوقك !
اخيرا سيدة نائلة الحمد لله انني تاخرت في الرد فقد كنت مشغولة بعائلتي لاقرا رد الاخت غادة برابطها الذي انتقد صحة الرواية في حين ان رابطك نقل فعلا دون توثيق ويعلم كثير من المسلمين والعرب ان كتاب الطبري وكتاب ابن كثير فيها اسرائيليات كثيره لهذا التقل عشوائيا عنهما ليس دقيقا تفضلي اتمنى ان لا اكون ازعجتك وانا قلت رايي فقط فهل انا مخطئة في ان النقل يجب ان يكون موثقا !!!تصبحين على خير فابني يبكي !
أخ ابن الوليد …
بريق لتاي وصل بالنعناع مع كعب لغزال ومقروط دزيري ؛مارأيك ..زيادة الخير خيرين .
يومك سعيد .
أشكرك أختي غادة. ..وأختي نائلة. ..وأشعر بالفخر لوصول المرأة العربية إلى هذا المستوى المعرفي المتميز الذي ظهرا جليا في تعليق الاختين منهجا ومضمونا. ..واتمنى ان تزورا المغرب في أية فرصة سانحة للإطلاع عن كثب على طبيعته ومعالمه. ..وبالمناسبة أشير أختي غادة بأن مساحة المغرب ليست صغيرة وأنها تفوق باضعاف مساحة سوريا. .والعراق..مثلا وشكرا للجميع.
استاذ مغربي :
هواء المغرب ليس بالبعيد عني سيدي الفاضل ؛ اتمنى زيارة كل شبر فيها … ففيها أحبة افتقدهم و اتمنى ان يجمعني الله بهم .
احب مدينة طنجة لكثرة ماقرأت عنها وعن تراثها العريق ومقاهيها التاريخية … كل المغرب قريب الى قلبي .
تقبل فائق امتناني وتقديري .
وا فرحتاه … و اخيرا ردوا على دعوتي … بعد أن امتعونا بنقاش ثقافي عالي … و ترقب و اعصاب ليست للقلوب الهشة …
.
يا اختي نايلة و اختي غادة … كما نقول بالعامية … “انتما ( انتمتا ?) على الراس و العين … مرحبا بكم في بلكم ..
.
و ان شاء الله قد يتحقق هذا فعلا ..
.
شكرا لكما (لكمتا ?) و ان شاء الله ما تحرمونا في المستقبل من هكذا نقاشات…