إعلام السيسي و”جمهورية” السعودية الشقيقة

مسكينة العشائر الأردنية، حتى فيصل المقداد، يتحدث عنها وبإسمها.. هذا ما ظهر في ثنايا الحديث المتذاكي الذي أدلى به الوزير الفعلي للخارجية السورية فيصل المقداد لمحطة «الميادين»، وهو يقرر فجأة ودون سابق إنذار «خداع الأردنيين» وإمتداح الجيش العربي الأردني، نظرا «لدوره في تأمين حماية سورية»، كما يوجه الشكر للعشائر الأردنية البطلة على موقفها الذي لم يحدده.
ببساطة يمكن إلتقاط المقداد «إبن درعا» البار الذي لا يستطيع عمليا زيارة بلدته الأصلية اليوم وهو يقول لعشائر الشمال الأردنية في مدنية الرمثا بانه إبنهم، فعشائر الحدود منقسمة ما بين الرمثا وقراها ودرعا وقراها.
لا أعتقد شخصيا بان أبناء العشائر الأردنية يؤيدون نظام بشار الأسد بكل الأحوال، ولا أعتقد أن «حيلة» إبنهم المزعزم تنطلي عليهم، فعدد الذين يتحدث بإسم هذه العشائر الوفية المحترمة في «الداخل الأردني» أصلا يفيض عن الحاجة، خصوصا من تلك النخب التي تحملها العشائر إلى البرلمان أو الوزارة في عمان العاصمة ولا تتعرف على العشيرة إلا عند الإنتخابات.
مسكينة عشائر الأردن لإن بهجت سليمان السفير المغرور والمناكف ما غيره ظل يخطب بإسمها ويوجه لها التحية تلو الأخرى بإعتبارها الإمتداد الطبيعي لسورية الصامدة، كلما قال شيئا ضد الدولة الأردنية أو حاول المناكفة.

إبن درعا البار

دليلي على أن عشائر الأردن صدقت «عمو سليمان» هو أن قرار طرده من عمان إتخذ بطرفة عين وبجرة قلم ولم أشاهد أي مسيرة في مضارب أي عشيرة أردنية تتحشد إحتجاجا على طرد ممثل النظام السوري…على العكس تماما كسر الشعب الأردني عشرات الجرار خلف السفير الذي غادرنا بدون رغبة في عودته لا منا نحن في الشعب الأردني ولا حتى من نظامه.
على «الميادين» نفسها ظهر بهجت سليمان وهو يوجه التحية «للشعب الأردني» الذي يقف مع الرئيس بشار الأسد في كذبة جديدة لا يرد عليها إلا الصندوق الذي خصصه السفير نفسه للأشقاء العرب في الإنتخابات والذي لم توجد فيه ولا ورقة واحدة.
بكل الأحوال بدا فيصل المقداد «طريفا جدا» على «الميادين» وهو يستذكر أنه «إبن عشائر درعا» قبل توجيه التحية للعشائر الأردنية ولولا أن البعض يراقب محطة «الميادين» من باب «إعرف عدوك» لما علم الناس بالمقداد ولا بنظامه وأقصد الناس في الأردن.
أخونا الإبن البار لدرعا لم يتذكرها إطلاقا عندما كانت قراها تقصف بالبراميل المتفجرة وتختفي عن بكرة أبيها لإن أحد رجال بندر بن سلطان إختبأ في أحد أزقتها.. لم يتذكرها عندما خاطب ضابط المخابرات الشهير الذي قامت الثورة بسببه

حفلة تضليل «المنار»

الزائر المستكشف لمحطة «إن بي إيه» اللبنانية التي تمثل حركة أمل يلحظ الفارق الكبير في تغطية الأخبار والتقارير قياسا بحفلة التضليل التي تمارسها محطة «المنار»، وهي تصر على التعامل مع معركة سورية بإعتبارها معركة الشعب اللبناني، فيما تبدو على المحطة المنافسة عناصر الإستقرار الذهني والخط التحريري الواضح والغياب الكبير لأي «تعبير طائفي».
أزمة «المنار»، كما يؤكد صديق مطلع هي من أزمة حزب الله والفكرة بالنسبة لجمهور الحزب باتت تركز على مفارقة لا يمكن رصدها إلا في الحالة السورية الغريبة، حيث يحرر حزب الله ومقاتلوه المناطق بالدم ويتحمل كلفة تاريخية نظير هذه المشاركة، فيما يكتفي الجيش النظامي بإلتقاط «الصور» في المناطق التي إنتصر فيها حزب الله للتو بعدما ينشغل الحزب بمراسم تشييع ضحاياه، فيما تحضر كاميرات التلفزيون الرسمي لتحكي للمشاهدين كيف إنتشر جيش بشار الأسد.
يعني عمليا ناس يموتون وغيرهم يتصورون وهي مفارقة عبرت بتقديري عن نفسها بالأزمة التي حصلت بين وزارة الإعلام السورية ومحطتي «المنار» و»الميادين» عندما منعتا من التصوير في المدن والقرى التي يتم «تحريرها من الإرهاب».
بهذا المعنى- يبدو لي- أن وجهة النظر التي سمعتها من الشيخ أحمد الحريري دقيقة وصحيحة فحزب الله تورط فعلا في كمين نصب له بعناية عندما دخل المواجهة بروح عقائدية وطائفية لمقابلة «داعش والغبراء» – عفوا أقصد داعش والنصرة وهو مكسب أعد بعناية للتخلص من العقائدين من الجهتين، خصوصا أولئك الذين لم يسبق لهم أن اطلقوا ولو رصاصة على إسرائيل من الذين يجزون الرقاب بإسم ألله أو أحبابهم في حزب الله الذين توقفوا عن إطلاق الرصاص تجاه إسرائيل ووضعوا بنادقهم في جيبة بشار الأسد.

السلام الجمهوري السعودي

لا اعرف سببا من أي نوع يدفع مذيعا مصريا في ظهره سبعة آلاف سنة من الحضارة لإرتداء زي لا يمثله وله أصحابه، مثل الـ»دشداشة» والغترة الحمراء خلال إستعراضه في برنامج نفاقي بإمتياز لأعلام الدول التي دعمت الجنرال عبد الفتاح السيسي.
كنت أفضل أن يظهر زميلنا على شاشة «أو تي في» مرتديا زي «توت عنخ أمون» مثلا أو «جلابية» صعيدية مع تلك القبعة الجميلة التي إرتداها أحمد فؤاد نجم عندما إستضافته محطة «المستقبل».
لغة الشاب على الشاشة ومهنيته تعرقلتا بوضوح وهو يحاول تقديم الإمتنان للدول التي ساندت مصر الجديدة، وبدا واضحا ان الكوفية الحمراء التي يلبسها حجبت عنه حتى الرؤية العقلية فالدشاديش لها أصحابها بكل الأحوال.
صاحبنا «أخطأ» مع كل الدول التي حاول الثناء عليها، فقد طلب من المشاهدين الإستماع «للسلام الجمهوري» للمملكة العربية السعودية.. لا أعرف كيف ربط بين مفردتي «مملكة وجمهورية».
لاحقا فضح المذيع السفارة الأردنية في القاهرة عندما قال: ذهبنا لمقر السفارة للحصول على علم كبير للأردن ولم نوفق فإشترينا نسخة العلم المعروضة من أحد المحلات.. هنا العلم الأردني كان بالمقلوب وفجأة تحول السلام الملكي الأردني إلى نشيد وطني وجمهوري. ثم إكتشفنا أن علم دولة الإمارات بالمقلوب أيضا.
يقول لي صديق عائد من القاهرة للتو إن النظام الجديد لم يفلح بعد بإصلاح الإشارات الضوئية التي تقول الشرطة إن الأخوان المسلمين حطموها وإشارة المذيع إياه عن السلام الجمهوري السعودي «فأل شر» ألله لا يسمح ولا يقدر.

مدير مكتب «القدس العربي» في عمان

بسام البدارين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    أعجبني تعبيرك ياأستاذ بسام عن :
    ان حزب الله ينشغل بمراسيم تشيع قتلاه
    ويأتي التلفزيون السوري لتصوير انتصار جيش الأسد

    أعتقد ان خسائر حزب ايران مهولة بالأعداد والأموال
    فكل قتيل منهم يدفع لأهله قرابة 50 ألف دولار
    هذا عدا الاعاقات وكذلك تجفيف مصادر الأموال

    ان حزب ايران ماضي للنهاية بدون توقف لأنه اذا توقف انتهى

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول سامح // الامارات:

    * الحمد لله لا أشاهد لا ( الميادين ) و ( المنار ) ولا أية محطة أسدية .
    * إعلام ( مضلل ) بامتياز ويحرف الحقائق ويستهبل على خلق الله ؟؟؟!!!
    * طرد السفير السوري ( الشبيح ) من عمان أبسط معظم الشعب الأردني الأبي
    المساند للثورة السورية الباسلة .
    * كلام الأخ ( بسام ) عن تضحيات ( حزب الله ) في سوريا وإكتفاء
    الجيش الأسدي بأخذ ( الصور ) والتباهي بالنصر .. يذكرني
    بالمثل العربي ( الصيت لأبو زيد والعمل لذياب ) ؟؟؟!!!
    * أوافق تماما أنّ ( حزب الله) وقع بالفخ وسقط ( بالمحرقة السورية )
    برضاه أو غصبا عنه ومجبرا أخاك لا بطل .
    شكرا والشكر موصول للإخ الكاتب ( بسام ) .

  3. يقول aziz maoc:

    الكروي داود النرويج vs سامح // الامارات

  4. يقول علي /قطر:

    كلام سليم

  5. يقول ابراهيم:

    فآل خير انشالله قريبا جدا

  6. يقول ابو عبد الرحمن:

    كلام جميل ومقالة رائعة ومعبرة عن الحال الإقليمي بكل تفاصيله الساخرة وانتقاء موفق للكلمات والعبارات

إشترك في قائمتنا البريدية