إعلام الكوشير وشالوم المساخر!

حجم الخط
11

ردّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره برتبة مستشار جاريد كوشنر عبارة «شرق أوسط جديد» في وصفهما للمشهد الذي سيتشكّل إثر توقيع الإمارات والبحرين على اتفاقيتي تطبيع مع إسرائيل، وقد يكون هذا الوصف صحيحا، ظاهريا على الأقل، فقد شهدنا، وقبل أن يدشّن ترامب حفل التوقيع يوم الثلاثاء 15 أيلول/سبتمبر، إحساسا بنوع من الهزّة الأرضية السياسية شقّت العالم العربي، وارتفاعاً لمدّ التطبيع، يبشّرنا الرئيس الأمريكي أنه سيشمل ست أو سبع دول عربية أخرى، فهل يعني توسّع الصدع «التطبيعي» إلى «ثقب أسود» ودخول العالم العربي رسميّا «العصر الإسرائيلي»؟
لا يتعلّق الأمر بالتخلّي عن الفلسطينيين فحسب، الذين اعتبروا ما يحصل خيانة، بل بالأحرى باتجاه عربيّ متسارع للانخراط تحت الراية الإسرائيلية، ولدى كل دولة تنخرط، أو تريد الانخراط، في هذا المشروع، تبريراتها القديمة والجديدة، وفيما تتعرّض بعض الدول لضغوط شديدة واضحة، كما هو حال السودان، الموضوعة تحت قائمة الإرهاب، والمطلوب منها تسديد مئات الملايين لأمريكا، والمتأثرة بالنفوذ الإماراتي الكبير داخل قياداتها العسكرية والمدنية، فإن هناك بعض الدول الأخرى، كما هو حال النظام السوري، الذي قمع شعبه عشرات السنين تحت راية الممانعة والعداء للصهيونية، والذي أرسل مؤخرا إشارات لعل وعسى يعفيه الصعود إلى القاطرة الإسرائيلية من الجرائم الإنسانية الرهيبة التي ارتكبها، ويبادل التطبيع مع إسرائيل بتطبيع العالم علاقاته معه.
بسبب نفوذها السياسي والماليّ والعسكري والإعلامي، ستكون الإمارات مثالا عربيا ستحتذي خطواته دول وجهات سياسية عربية أخرى، ويمكن ملاحظة عناصر واضحة في السيناريو الإماراتي الذي دخل، بداية، من أبواب الرياضة والسياحة و«التسامح» الديني ومحاربة كورونا.
بعد إعلان الاتفاق بدأت أبو ظبي باستخدام آلتها الإعلامية الكبيرة، فشهدنا كما غير معهود من التنظيرات والمساجلات والآراء التي انخرط فيها كتاب إماراتيون وعرب كثيرون، فنشرت جريدة إماراتية رئيسية مقالا لوزير الخارجية عبد الله بن زايد بعنوان «بيس»… «شلوم»… «سلام» ونشرت أخرى مقالات رأي بعناوين مثل: «من جعلهم أوصياء علينا؟» و«سلام الشجعان» ونشر موقع إلكتروني مقالات بعناوين مثل: «الإمارات ومفهوم السلام التقدمي» و«حصر العداء في أهله» وتقدّم مجمل هذه الآراء مديحا للسلام مع إسرائيل وهجاء واضحا أو مبطنا للفلسطينيين.
استخدام الآلة الإعلامية الإماراتية، وتوابعها في العواصم العربية، وافتتاح خطّ نشر مقالات لإماراتيين بالعبرية في صحف إسرائيلية، يشبه في فعله، القرار الإماراتي الذي فرض على الفنادق تحضير اللحم الكوشير (الحلال على الطريقة اليهودية)، وبذلك يتحوّل الإعلام الإماراتي والعربيّ المنخرط في إهابه كله إعلام الكوشير المحضّر خصيصا على مذاق وشريعة الدولة الإسرائيلية.
يتميّز الخطاب السياسي الكوشير بقدرة كبيرة على التخفّي والتنكر بأقلام كتاب عرب، غير أن الحقيقة القادرة على التخفي في أبواب التنظير والمساجلات، لا تلبث أن تظهر على حقيقتها حين يقوم بعض المدوّنين والمروّجين غير المتملكين لآلة البلاغة والدبلوماسية، كما رأينا في بعض الكتابات البذيئة جدا الموجهة ضد الفلسطينيين ونخبهم السياسية، ولعلّ أغنية «خذني زيارة لتل أبيب» هي إحدى الأمثلة التي تكشف إعلام الكوشير وتظهر طبيعته المثيرة للسخرية، فقد تعاون الشاعر والمغني على إظهار أن أهم ما في أمر «السلام» هو «زيارة تل أبيب» واصفا نفسه بأنه «بدوي ونهجي رهيب».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول كمال - نيويورك:

    أنا فقدت الأمل من هكذا أعراب تطعن في الظهر دائما.. لكم الله يا فلسطينيين. جف حبر التمني..فليكتب القدر ما يشاء !
    لولا وعد الله و رسوله الصادق لكفرت.

  2. يقول زياد:

    فليفعلوا ماشاؤ هم ارادوا والله يريد وكلمة العدل ستحدث ونقطة على السطر

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    ” فقد تعاون الشاعر والمغني على إظهار أن أهم ما في أمر «السلام» هو «زيارة تل أبيب» واصفا نفسه بأنه «بدوي ونهجي رهيب» ” إهـ
    البدوي لا يقبل الذل ولا العار, ولا أن يبيع عروبته! أليس هؤلاء البدو من هزموا الفرس في موقعة ذي قار؟
    نهج البدوي الصدق والشرف, وليس الخيانة والغدر!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم رأي القدس اليوم عنوانه،(إعلام الكوشير وشالوم المساخر!)
    الكوشير هو الطعام الحلال المذبوح على طريقة الشريعة اليهودية وينطبق عليه (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) ولذلك فهو حلال كذلك للمسلمين . وبما أن اليهود لا يثقون في ذبائح المسلمين فإن الطريقة المثلى عند ابن زايد ستكون استقدام حاخام يهودي لكل مسلخ
    اماراتي حتى لا يتردد اليهود في زيارة الامارات والأكل من “كوشيرها” والتمتع ب”مساخر” ابن زايد في تسارعه وهرولته المجنونة وعشقه الأرعن ل”نتنياهو”
    ترامب لا يتنبأ من فراغ بان٦ او ٧ دول عربية ستلحق بعربة التطبيع مع إسرائيل وذكر منها السعودية. وزعماء هذه الدول همهم الأهم هو الاحتفاظ بالكرسي؛ فابن سلمان مثلا، يتيقن بأن دعم ترامب ونتنياهو له في جريمة خاشوقجي هو الذي حماه من السقوط المريع نظرا لبشاعة جريمته التي هزت الضمير العالمي.واما السودان فإن وجوده على قائمة الإرهاب يؤرقه ولا مخرج له إلا باللحاق بقطار “الشلوم” ؛ وأما الأسد فإن جرائمه ومذابحه الوحشية ضد شعبه ازكمت أنوف احرار العالم .وهو يرى أن لا مخرج له إلا بركوب عربة ابن زايد في التطبيع مع إسرائيل .والآخرون كل له مشاكله وأمامه اغراءات ترامب ليجد له
    مقعدا في قطار “الشلوم” المنطلق بسرعة.

  5. يقول مازن امريكا:

    لنكن أكثر وضوحاَ وننظر للصورة على حقيقتها ودون إلتباس! منذ متى هذه الدويلات المهرولةالى احضان الصهاينة كانت تقف بجانب الفلسطينيين في معركتهم التحررية ،ألم يدنس المسجد الأقصى امام اعينهم وكل يوم ولم يهتز بهم اي شعور ،الم يروا كيف يُقتل الفلسطيني أمام اعينهم ولم يوقظ ضميرهم اي حدث ، بل اذكر ان فضائياتهم تنعت الشهيد بالمقتول ، هم فقط يتاجرون بمصالحهم الضيقة الفئوية ، ولا يوجد بدمهم قطرة واحدة من العروبة ، ربما يوجد هناك صهاينة اقل وطئ من مؤامراتهم المشبوهة ، وضميره يحركه احياناً لقول الحقيقة ويعترف بالحق ، هذا الزمن الردئ الذي وصلت اليه هذه الأمة ، ولن تقوم هذه الأمة بين الأمم حتى تتغير وتغير واقعها المؤلم ، البوصلة عبثت بكل الإتجهات فلم نعد نعلم من هو الصديق من العدو ، ولا الأخ من الغريب

  6. يقول سامح //الأردن:

    *من الآخر :- ما دام اتفاقيات الخيانة والعار
    بعيدة عن (الشعوب العربية) ستبقى بلا قيمة.
    حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من خان الأمة.

  7. يقول بلحرمة محمد:

    لا بد للمرء ان يرجع قليلا الى الوراء ليعرف طبيعة هده المشيخات وادوارها في الجغرافيا العربية فهي لم تكن يوما في الجانب العربي وعلى راسه القضية الفلسطينية بل كانت تابعة بطريقة عمياء للغرب بقيادة الولايات المتحدة فهي مشيخات وظيفية انشئت من لدن الاستعمار البريطاني لاضعاف العالم العربي وتشتيته وتقسيمه فمن الطبيعي ان نرى هده المشاهد المدلة والمهينة لاناس يسمون زورا وبهتانا عربا ومسلمين انخرطوا بصفة الخدم والعبيد في اللعبة الصهيوامريكية والغربية ولعل ما وقع للعراق وسوريا وليبيا واليمن يوضح ان هده المشيخات اخطر حتى كيان الارهاب الصهيونية نظرا لطبيعتها العدوانية وسياساتها المدمرة والتي تملى عليها من صناع القرار في واشنطن وتل ابيب وباريس ولندن.

  8. يقول سوري:

    اخترع العرب البوصلة اليوم فقدوها

  9. يقول Abo Khalil:

    شعب الجبارين الصامد علي ارضه قادر علي قهر هولاء الخونه واعوانهم باذن الله. الامل في الله اولا” ثم في الاعتماد علي النفس و علي الشعوب العربيه و الإسلاميه. ولا اقول الحكومات العرببه .بدون استثناء فكلها دكتاتوريه فاسده.

  10. يقول احمد:

    هكذا تتضح الامور لكل من له بصيرة ان الاتكال على القومية لا يحقق الا الهزيمة تلو الهزيمة فان اردنا النصر ان نتكل على الله وحده قال تعالى ” ولقد نصركم الله ببدر وانتم اذلة “

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية