إعلان الأردن استعادة الباقورة والغمر يفاجئ إسرائيل و«حلفاءها» العرب

بسام البدارين
حجم الخط
7

عمان ـ «القدس العربي»: في ما يشبه الصدمة، وفي مشهد اشتاق له الأردنيون كثيرا، ترتب السيناريو الخاص به كالآتي: استعداد قانوني ودبلوماسي بدون ضجيج أو تصريحات، أعقبه قرار عميق بوقف تأجير الأراضي لإسرائيل، ثم مذكرات وصلت صباح الأحد إلى حكومة إسرائيل، ولقاء ملكي بعد نحو ثلاث ساعات فقط مع نخب سياسية سبقته تغريدة ملكية تعلن النبأ السار، كما تعلن بأن إسرائيل أُبلغت رسميا على أساس أن المملكة لا ترغب بتأجير أراضيها لـ 25 عاما أخرى.
تلك صورة تكمل بناء النموذج الجديد الذي يريده الملك عبد الله الثاني، وهو يعلن بأن السيادة على أراضي الباقورة كانت وستبقى أردنية.
ومثل إعلان الملك صدمة لصحافة اليمين الإسرائيلي بقراره الخاص بملف الباقورة والغمر، سياسيا وعمليا، ولها ما يبررها؛ لأن الجملة التكتيكية الأردنية هنا لا تقف فقط عند رسائل أعمق وأشمل من مسألة الباقورة نفسها بقدر ما توحي ضمنيا بصحوة أو عودة لخيارات الدولة الأردنية في الاشتباك.

اشتباك مع سيناريوهات عالمية وإقليمية… ورسائل رسمية وأهلية ترفض استخدام المخيّمات

ويبقى السؤال: ما هي خلفيات هذه الخطوة الأردنية تجاه اليمين الإسرائيلي؟ ثم ما هي التداعيات والنتائج المحتملة؟
قد لا تكون الإجابة حمالة أوجه؛ لأن آخر تقارير العمق الاستخباري في السفارة الأمريكية بالعاصمة عمان تحدثت مرات عدة مؤخرا عن الرغبة الإسرائيلية في توتير الأجواء في مخيمات اللاجئين في الأردن، تمهيدا – على الأرجح – لأجندة تسترسل في مضايقة المملكة والتحرش بها حتى تقبل تداعيات خطرة لما يسمى بـ«صفقة القرن».
وتجمعت لدى «القدس العربي» معلومات موثقة تؤشر إلى نوايا العبث بورقة المخيمات. ولدى المخيمات نفسها رسالة قوية إلى أي محاولة للفتنة بينها وبين الدولة الأردنية، عبرت عنها في بيان مثّل أهلها، ونشر في صحيفة «الرأي» الحكومية، أمس الإثنين، وأعلن الوقوف خلف الملك عبد الله الثاني وحكومة الأردن، ليس في مسألة الباقورة فقط، ولكن في التصدي للمؤامرات على الشعبين.
بمعنى آخر، فإن مضمون ومنطوق قرار الملك في خصوص الباقورة يحاول لفت نظر الجميع إلى أن العبث في الداخل الأردني خط أحمر تماما، ولا بد من الرد عليه.
وليس سرا في السياق نفسه هنا، بأن ما يقال في الغرف المغلقة وخارجها في الأردن ضد ترتيبات «صفقة القرن» هو نفسه؛ ففي كل اللقاءات والاجتماعات يصر الأردن على رفض أي نقاش حول الكونفدرالية قبل قيام الدولة الفلسطينية، وعلى دوره في الوصاية على مقدسات القدس.
ومن ثم، يصبح قرار الباقورة أكثر من صرخة، بل رسالة تعلن الاستعداد للاشتباك، في ظرف إقليمي واقتصادي حساس وخطير، ضد كل السيناريوهات الإسرائيلية والأمريكية والعربية التي تحاول السطو على الدور الأردني. وهو اشتباك يقول فيه الأردن، سياسيا، بأن مشروعا وضعه دوما على الحافة لن يؤدي لخسارة الأردنيين فقط.
وتلك صحوة مطلوبة وبعمق لإعادة الاعتبار للدور الأردني الذي تجاهله التحالف السعودي مع اليمين الإسرائيلي طوال العامين الماضيين. وهي مطلوبة أيضا لإعادة توقيت الساعة وضبطها في عمق الشارع الأردني نفسه المغرق اليوم في التساؤلات الحائرة، والباحث بلهفة عن جرعة ارتفاع في معنوياته، والمحتقن في الوقت نفسه اقتصاديا وماليا.
وانطوت الخطوة على رسالتين في غاية الأهمية؛ تتمثل الأولى منهما في عنصر التوقيت والمباغتة، والثانية في علاقة مباشرة بإحياء مهارة التدبير السياسي والبيروقراطي الأردني.
من جهتها توترت صحافة إسرائيل واستغربت وشعرت بعنصر المباغتة، وحليف التيار السعودي الجديد بنيامين نتنياهو لم يكن أمامه إلا الإقرار بالمذكرات الأردنية القانونية التي وصلته، ثم الإعلان عن رغبته بالتفاوض مع الأردن، حيث ينتهي عقد التأجير بين الجانبين في العام المقبل.
ومن اللافت جدا هنا أن حكومة الأردن كانت جاهزة أيضا لعملية التفاوض؛ ففي مقر رئاسة الوزراء، وبقيادة الدكتور عمر الرزاز، توفرت الجاهزية تماما لكل سيناريو محتمل.
وجمعت أوراق ملف التفاوض وارتسمت الفرضيات بأوامر مباشرة من القصر الملكي قبل نحو شهرين على الأقل من الإعلان، وبحرفية عادت لأروقة الدولة الأردنية، وهنا سمح للمعارضة والشارع بالتعبير والتشكل للمطالبة بعودة السيادة الأردنية على أراضي الباقورة والغمر ضمن سياق زخم شعبي يساند القرار السياسي.
عمليا، كانت المفاجأة الإسرائيلية هنا في محلها؛ لأن قرار ملك الأردن المباغت يقول لنتنياهو ضمنيا إنه لا يستطيع استقبال الدبلوماسي الإسرائيلي القاتل في حادثة السفارة الشهيرة والاحتفاء به، ثم لا يستطيع التنكر للوصاية الهاشمية وتوقع التصفيق له أو السكوت عن تصرفاته، بالمقابل، أردنيا.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سوري:

    نحيي خطوة العاهل الاردني الملك عبد الله بن الحسين فنتن ياهو لا يفهم الا لغة الحزم، والدول العربية التي ( تستوطي حيط الأردن وتتأمر عليه وعلى الفلسطينيين) لتغهم الرسالة

  2. يقول خلود حازم:

    حكومة إسرائيل وفي تعليقها على قرار الأردن عدم تجديد الملحقين، أقرت بالسيادة الأردنية الكاملة على الباقورة والغمر وفق ما نصت المعاهدة. والأردن بقراره هذا التزم بنص المعاهدة أيضا، ولا يعقل من الناحية المنطقية أن تعترض إسرائيل على قرار أردني يمثل التزاما صريحا بجوهر المعاهدة، وإلا فقدت سردياتها”المزعومة” عن التزامها بالسلام مع الأردن وحرصها على المعاهدة.

  3. يقول رعد نجم:

    إن فهم إسرائيل للسلام مع جيرانها، ينطوي على مفهوم مخادع عنوانه مكاسب دائمة للكيان المحتل، بدون أن يرتب ذلك التزامات عليها.

  4. يقول هايل جهاد:

    الباقورة والغمر مهمتان لإسرائيل من الناحية الاقتصادية والزراعية،وفي تاريخها الاحتلالي لم تتعود إسرائيل عن التخلي عن أراض احتلتها، إلا إذا كان ذلك يخدم مصالحها على المدى البعيد.
    ما كانت تخطط له حكومة إسرائيل هو تجديد اتفاق الباقورة والغمر لتكريس أمر واقع، تنتفي معه السيادة الأردنية الكاملة بعد خمسين عاما على المنطقتين.
    قرار جلالة الملك الحكيم والشجاع باغت إسرائيل؛ فمن ردود الفعل الأولية، يبدو أن ساسة إسرائيل كانوا على قناعة بأن الأردن سيمرر فترة الإخطار، بما يسمح بتجديد التعاقد تلقائيا.

  5. يقول محمد كرموش:

    ما جاء في المقال صحيح تماما والحقيقة اسرائيل لأنها أصبحت تدرك بأن الأردن لن يقبل بأقل مما أعلنه الملك بوضوح، وشجاعة بدأت ماكينتها الإعلامية تشير إلى أدوات الضغط التي بحوزتها لإرغام الأردن على التراجع عن قراره أو القبول بترتيبات تكرس الوضع القائم.
    بدأنا نسمع عن حصة الأردن بالمياه والتلويح بقطعها، وتعطيل مشروع قناة البحرين، المعطل أصلا بقرار إسرائيلي. ومن غير المستبعد أن تستخدم إسرائيل ورقة الوصاية على المقدسات خلال مرحلة المشاورات المتوقعة في الفترة المقبلة.
    لكن كل ما تفكر فيه إسرائيل من أوراق ضغط هي قضايا منصوص عليها في معاهدة وادي عربة، وسيغدو سلوكها في حال أقدمت على ذلك خرقا لنصوص المعاهدة التي تدعي التمسك بها.

  6. يقول Dania fars:

    موقف الأردن لن يكون ضعيفا أبدا، بل على العكس إسرائيل هي من تضع نفسها في موقف محرج.
    المعاهدة التزام بين طرفين، والأردن تصرف على هذا النحو فكيف ستتصرف إسرائيل؟

  7. يقول رائد زكارنه:

    الف تحيه للاردن مليكا وشعبا. حمي الله الاردن

إشترك في قائمتنا البريدية