«إعلان مشترك» ينص على «إقامة علاقات أخوية كاملة» و«الاستئناف الفوري» للاتصالات الرسمية بين المسؤولين الإسرائيليين ونظرائهم المغاربة

الطاهر الطويل
حجم الخط
0

الرباط ـ «القدس العربي» : اكتست الزيارة الرسمية التي قام بها وفدان إسرائيلي وأمريكي إلى المغرب، أول أمس، طابعين، أولهما سياسي يتمثل في تكريس التطبيع بين تل أبيب والرباط، وإعلان واشنطن عزمها فتح قنصلية لها في مدينة الداخلة في الصحراء المغربية، والثاني اقتصادي بالتوقيع على عدد من الاتفاقات.
ووقع المغرب مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل على إعلان مشترك، وجرى التوقيع مساء الثلاثاء أمام العاهل المغربي من طرف رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، والمستشار الرئيسي لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية جاريد كوشنر، ومستشار الأمن القومي لدولة إسرائيل مئير بن شبات.
الإعلان المشترك الذي اطلعت «القدس العربي» على نصه الكامل، أفاد أن الرباط وتل أبيب تعتزمان الاستئناف الفوري للاتصالات الرسمية الكاملة بين المسؤولين الإسرائيليين ونظرائهم المغاربة، وإعادة مكتبي الاتصال في العاصمتين، وإقامة علاقات أخوية ودبلوماسية كاملة. كما نص الإعلان على تشجيع تعاون ثنائي اقتصادي دينامي وخلاق، وكذا الترخيص للرحلات الجوية المباشرة بين المغرب وإسرائيل، بما في ذلك بواسطة شركات الطيران الإسرائيلية والمغربية، مع تخويل حقوق استعمال المجال الجوي، بالإضافة إلى مواصلة التعاون في مجالات التجارة، والمالية والاستثمار، والابتكار والتكنولوجيا، والطيران المدني، والتأشيرات والخدمات القنصلية، والسياحة، والماء والفلاحة والأمن الغذائي، والتنمية، والطاقة والمواصلات السلكية واللاسلكية، وغيرها من القطاعات وفق ما سيتم الاتفاق بشأنه.

عهد جديد

وقالت الدول الثلاث إن الإعلان المشترك جاء تماشياً مع الاتصال الهاتفي بين العاهل المغربي محمد السادس والرئيس دونالد ترامب، في 10 كانون الأول/ ديسمبر، وكذا استناداً إلى البيانين التاريخيين الصادرين في اليوم نفسه من قبلهما ومن قبل رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتانياهو، الذي أعلن فيه عن تدشين عهد جديد في العلاقات بين الرباط وتل أبيب.
وثمّن الإعلان المرسوم الذي أصدرته واشنطن، حيث «تعترف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على كامل إقليم الصحراء الغربية، وتجدد دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي الجاد والواقعي وذي المصداقية، باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع حول جهة الصحراء الغربية».
وأضاف أنه «تيسيرًا للعمل من أجل بلوغ هذه الغاية، ستشجع الولايات المتحدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع المغرب، بما في ذلك في إقليم الصحراء الغربية، وستقوم، لهذا الغرض، بفتح قنصلية في جهة الصحراء الغربية، في مدينة الداخلة، من أجل تعزيز الفرص الاقتصادية والاستثمارية لفائدة المنطقة».
وذكّر الإعلان بوجهات النظر المتبادلة خلال الاتصال نفسه بين الملك محمد السادس والرئيس دونالد ترامب، بشأن الوضع الراهن في منطقة الشرق الأوسط، والذي جدد خلاله العاهل المغربي موقف بلاده المتوازن والثابت بخصوص القضية الفلسطينية والموقف المعبر عنه في ما يخص أهمية المحافظة على الطابع الخاص لمدينة القدس المقدسة بالنسبة للديانات السماوية الثلاث ومكانة الملك نفسه كرئيس للجنة القدس.
كما استحضر الإعلان المشترك، بنوع من الاعتراف «الدور التاريخي الذي ما فتئ ينهض به المغرب في التقريب بين شعوب المنطقة ودعم السلام والاستقرار بالشرق الأوسط، مؤكدًا على الروابط الخاصة التي تجمع بين الملك محمد السادس والجالية اليهودية المغربية المقيمة في المغرب وفي جميع أنحاء العالم بما في ذلك إسرائيل».
ونصّت الرباط وتل أبيب على أهمية إقامة علاقات دبلوماسية سلمية وودية كاملة من مصلحة للدولتين معاً؛ وهو ما من شأنه أن يخدم قضية السلام في المنطقة، ويساهم في تحسين الأمن الإقليمي، ويفتح آفاقاً جديدة للمنطقة برمتها، وفق ما جاء في الإعلان المشترك.
والتزمت البلدان الثلاثة الموقعة على الإعلان المشترك بالاحترام الكامل للعناصر المتضمنة فيه، والنهوض بها والدفاع عنها، وقيام كل طرف بالتنفيذ الكامل لالتزاماته وتحديد مزيد من الخطوات، وذلك قبل متم شهر كانون الثاني/ يناير المقبل، بالإضافة إلى التصرف وفق هذا الإعلان على المستويات الثنائية والإقليمية ومتعددة الأطراف.

اتفاقيات

في السياق نفسه، وقعت المملكة المغربية ودولة إسرائيل، الثلاثاء في الرباط، على اتفاقيات في مجالات متعددة، خلال زيارة الوفد الأمريكي – الإسرائيلي عالي المستوى. وفي التفاصيل الذي أوردتها وكالة الأنباء المغربية، يتعلق الأمر باتفاق حول الإعفاء من إجراءات التأشيرة بالنسبة لحاملي الجوازات الدبلوماسية وجوازات الخدمة، وقعه الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج محسن الجزولي، والمدير العام لوكالة السكان والهجرة شلومو مور يوسف.
كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم في مجال الطيران المدني، وقعها المدير العام للطيران المدني في وزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد التضامني زكرياء بلغازي، ومدير وكالة الطيران المدني الإسرائيلي جويل فيلدسكوه.
واعتباراً لأهمية تأمين رحلات طيران مباشرة بين إسرائيل والمغرب، يلتزم الطرفان بإجراء مناقشات لإبرام اتفاق حول الخدمات الجوية.
وتم التوقيع أيضاً على مذكرة تفاهم حول الابتكار وتطوير الموارد المائية، وتنص على التعاون التقني في مجال تدبير وتهيئة الماء، وقعها المدير العام للماء في وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء حمو بنسعدوت، والمدير العام لوزارة الموارد المائية في إسرائيل يشيزكيل ليفشيتز.
وتنص مذكرة تفاهم للتعاون في مجال المالية والاستثمار، التي وقعها المدير العام لمديرية الجمارك والضرائب غير المباشرة بوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة نبيل لخضر، وكبيرة الاقتصاديين وزيرة المالية في إسرائيل شيرا غرينبرغ، على إنعاش العلاقات الاقتصادية بين البلدين من خلال التجارة والاستثمار.
وتنص مذكرة التفاهم هذه أيضاً على التفاوض حول اتفاقيات أخرى تؤطر هذه العلاقات، ويتعلق الأمر باتفاقية تجنب الازدواج الضريبي واتفاقية إنعاش وحماية الاستثمارات واتفاقية المساعدة الجمركية.
على صعيد آخر، وقعت المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية، أول أمس الثلاثاء في الرباط، اتفاقين للتعاون موجهين لإنعاش الاستثمارات في المغرب وإفريقيا، وذلك خلال زيارة الوفد الأمريكي -الاسرائيلي عالي المستوى.
ويهم الاتفاق الأول، وهو عبارة عن مذكرة تفاهم بين حكومة المملكة المغربية وشركة تمويل التنمية الدولية للولايات المتحدة الأمريكية وقعها وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة المغربي محمد بنشعبون والرئيس المدير العام للشركة الأمريكية آدام سيث بويلر.
وتنص مذكرة التفاهم هاته على تقديم دعم مالي وتقني لمشاريع الاستثمار الخاصة بمبلغ مالي يبلغ 3 ملايير دولار أمريكي، في المغرب وبلدان إفريقيا جنوب الصحراء، بتنسيق مع شركاء مغاربة.
أما الاتفاق الثاني، الذي وقعه محسن الجزولي، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج وأدام سيث بويلر، فهو عبارة عن إعلان نوايا بين حكومة المملكة المغربية وحكومة الولايات المتحدة، ممثلة من طرف شركة تمويل التنمية الدولية للولايات المتحدة الأمريكية بخصوص المبادرة الأمريكية «ازدهار إفريقيا».
وتعرب الحكومة المغربية، من خلال إعلان النوايا هذا، عن دعمها للمبادرة الأمريكية «ازدهار إفريقيا» إذ سيتم افتتاح فرع للوكالة بسفارة الولايات المتحدة في الرباط، من أجل تسهيل ولوج المستثمرين الأمريكيين والتعاون المشترك لصالح إفريقيا.

كوشنر يشيد

وأعرب المستشار الرئيسي لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية، جاريد كوشنر، عن امتنانه للعاهل المغربي محمد السادس «على قيادته المتبصرة، التي تضع المغرب والمنطقة برمتها على مسار واعد للغاية».
وخلال لقاء صحافي عقب حفل التوقيع أمام العاهل المغربي على إعلان مشترك بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، ذكّر كوشنر أن المغرب يعدّ أحد «أقدم وأوثق» شركاء الولايات المتحدة، مبرزاً أن البلدين اللذين احتفلا مؤخراً بالذكرى السنوية الـ 243 لاعتراف المغرب بالولايات المتحدة في عام 1777 تجمعهما علاقات «أقوى من أي وقت مضى». وشدد على أنه «لن يغيب عن بالنا أبداً أن المغرب كان أول بلد يعترف بالولايات المتحدة».
وبخصوص قضية الصحراء المغربية، سجل كوشنر أن كل الإدارات الأمريكية، منذ إدارة الرئيس بيل كلينتون، أكدت دعمها للمبادرة المغربية «الجادة وذات المصداقية والواقعية» للحكم الذاتي في الصحراء.
وأضاف أن الرئيس ترامب، بإعلانه اعترافه بسيادة المغرب على الصحراء «يرفض الوضع الراهن الذي لا يصب في مصلحة أحد، واختار التوجه نحو حل عادل ودائم ومقبول من الأطراف، حل هادف ينطوي على فرص أكبر لتحسين المعيش اليومي للناس».
وأكد كوشنر أن «حكماً ذاتياً فعلياً» هو «الخيار الوحيد الممكن» مجدداً دعوة بلاده لجميع الأطراف إلى «العمل بشكل بناء مع الأمم المتحدة من أجل المضي قدماً في عملية التفاوض».
من جهة أخرى، أعرب المسؤول الأمريكي عن تطلعه «بفارغ الصبر» إلى افتتاح قنصلية أمريكية في مدينة الداخلة «للدفع بالجهود الدبلوماسية وجني ثمار جهود المغرب الملموسة لفائدة الأقاليم الجنوبية». واعتبر كوشنر أن الوقت قد حان لوضع المنطقة بأسرها على «درب تحول فعلي نحو مزيد من السلام والاستقرار والرخاء».
وأعرب مستشار الأمن القومي لدولة إسرائيل، مئير بن شبات، باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن «عميق تقديره» للعاهل المغربي محمد السادس على «قيادته الشجاعة ورؤيته المتبصرة» معبراً عن «فخره بوجوده في المغرب على رأس وفد إسرائيلي رسمي لإقامة علاقات مع المغرب».
وأضاف أن «الأواصر التي تجمع القصر الملكي والمغاربة قاطبة باليهود المغاربة ستشكل جسراً بين البلدين، وإحدى دعائم السلام بين الشعبين».
وأعرب بن شبات عن تأثره البالغ بهذه الزيارة إلى بلد وُلد فيه والداه وأشقاؤه «وآلاف اليهود من أصل مغربي» مبرزاً أن عادات اليهود المغاربة وتقاليدهم «متجذرة» في إسرائيل عبر الأجيال الحالية.
واعتبر أن «الإمكانات غير محدودة» للتعاون مع المغرب في مجالات الطيران، والإبداع، والعلوم، والصحة، والفلاحة، ومجالات كثيرة أخرى.وفي كلمة بالمناسبة، أبرز وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، أن زيارة الوفد الأمريكي الإسرائيلي تشكل «حدثاً تاريخياً وهاماً».ولفت إلى أن هذه الزيارة تأتي في إطار تنفيذ عناصر المكالمة التي تمت بين الملك محمد السادس والرئيس دونالد ترامب، التي تضمنت «إعلانات تاريخية وهامة» بشأن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، والتطورات في الشرق الأوسط وإعادة إحياء آليات التعاون بين المملكة المغربية ودولة إسرائيل.
وقال الوزير إن الإعلان المشترك الذي تم التوقيع عليه أمام العاهل المغربي سيشكل خارطة الطريق التي ستشتغل عليها الدول الثلاث، سواء فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية أو بالعلاقات المغربية الإسرائيلية أو بإحلال الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية