تونس – “القدس العربي”:
أمام أحد مراكز الاقتراع بالعاصمة التونسية، يبذل لسعد (36 عاما) جهدا كبيرا لإقناع مرافقيه بضرورة التصويت لصالح قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى أن البلاد تحتاج لـ”رئيس نظيف”، فيما يخيّر مُعز ولطيفة (زوجان) التصويت لصالح نبيل القروي، الذي يصفانه بـ”مناصر الفقراء”.
ويؤكد لسعد لـ”القدس العربي” أنه ينتظر منذ الساعة السابعة صباحا مع عدد من أصحابه أمام مركز الاقترع كي يتمكنوا من المشاركة في التصويت، ويضيف: “بصراحة، لا أفهم كثيرا ما يقوله قيس سعيّد، ولكن أعتقد أنه الأفضل لتونس، فهو أستاذ قانون ويفهم في الدستور، وهو إنسان نظيف و”يعرف ربّي” وهو يشبه الرئيس السابق منصف المرزوقي، الذي صوت له في الانتخابات السابقة، لكنه لم ينجح للأسف”، فيما يطلق مرافقه خميّس (41 عاما) على سعيّد لقب “غاندي تونس”.
لكن مُعز يرى أن سعيد لا يمتلك خبرة كبيرة في مجال السياسة، رغم أنه يقر بسجله العلمي ونظافة يده، ويقول لـ”القدس العربي”: “نبيل القروي لديه علاقات دولية كثيرة، كما أنه ساعد عددا كبيرا من الناس من خلال أعماله الخيرية”، قبل أن تقاطعه زوجته بقولها وهي تضحك: “أنا أفضل صاحب قناة العائلة (نسمة).. هي تقدّم مسلسلات تركية جميلة”، كما يرفض الاثنان الاتهامات الموجّهة للقروي (الذي يشبّه نفسه بالأم تيريزا)، والمتعلقة بالفساد، والتي اعتبرا أنها محاولة من خصومه “الإسلاميين” لتشويه صورته.
وكان القضاء أفرج أخيرا عن القروي، الذي يواجه تهما تتعلق بالتهرب الضريبي وتبييض الأموال، وهو ما ينفيه القروي مشيرا إلى أنه يستخدم علاقاته الدولية وشركاته في الخارج في التسويق لصورة بلاده في العالم.
ويشارك، اليوم الأحد، أكثر من سبعة ملايين تونسي في التصويت لكل من أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد ورجل الأعمال نبيل القروي، اللذين ينتنافسان في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية بعد تفوقهما على 24 مرشحا آخرين شاركوا في الدور الأول، وهو ما شكل مفاجأة كبيرة لعدد من المراقبين.
حملة مُغرضة
وأصدرت هيئة الانتخابات بلاغا فندت فيه “الحملة المغرضة التي تُدار على مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص التشكيك في صحة أرقام بطاقات تعريف المسجلين، وتلفت الانتباه إلى أن نفس الحملة قد تم تداولها سابقا وبنفس الطريقة، بما يبرز أنها ترمي إلى ثني الناخبات والناخبين عن ممارسة حقهم في الاقتراع للدور الثاني للانتخابات الرئاسية”.
ودعت وسائل الإعلام إلى “تعميم المعلومة الصحيحة، وتهيب بالناخبات والناخبين لعدم الوقوع في مثل هذه المغالطات، والإقبال على صناديق الاقتراع لممارسة حقهم وواجبهم”.
https://www.facebook.com/isietn/posts/2528735747204215
كما نفى الأمين العام لاتحاد الشغل، نور الدين الطبّوبي، شائعات تحدثت عن سحب الاتحاد لمراقبيه من مراكز الاقتراع، مشيرا إلى أن مراقبيه “موزعون في مراكزهم، لكن تم منعهم في بعض الجهات من طرف مسؤولين من هيئة الانتخابات بتعلّة السماح فقط لملاحظي المترشحين للرئاسة، لكن تم تجاوز هذا الإشكال منذ الصباح”، مبررا العدد القليل لمراقبي الاتحاد بـ”ضعف ميزانية الاتحاد مقارنة بما تحصل عليه منظمات المجتمع المدني من تمويلات أجنبية لتكثيف تواجد مراقبيها في كامل تراب الجمهورية”.
https://www.facebook.com/ugtt.page.officielle/posts/3247475911993478
غياب المراقبين
وتشير بعض الإحصاءات غير الرسمية إلى أن نسبة التصويت في الانتخابات الرئاسية خلال ساعات الصباح الأولى لم تتجاوز 7 في المئة وهي نسبة متواضعة، لكن يتوقّع أن تتصاعد لمرات عدة في ساعات بعد الظهر، نظرا لأن أغلب المصوتين حتى الآن هم من الشيوخ، فيما يفضّل الشباب المشاركة متأخرا، وهذا ما حدث خلال الدور الأول، فضلا عن الانتخابات البرلمانية.
كما رصدرت المنظمات المدنية المختصة في مراقبة الانتخابات تجاوزات عدة، حيث تحدّثت منظمة “عتيد” عن غياب “شبه كلي” لمراقبي المجتمع المدني واتحاد الشغل.
وفي بيان أصدره، استنكر مرصد “شاهد” قيام ممثلي هيئة الانتخابات بـ”حرمان ممثلي بقية المترشحين للرئاسية في الدور الأول من دخول مراكز الاقتراع للقيام بعملية الملاحظة ضمانا لشفافية ونزاهة العملية الانتخابية وتمكينا من معاينة المخالفات والتجاوزات المرتكبة، حتى يتمكن بقية المترشحين للدور الأول من الطعن عند الاقتضاء تلاؤما مع أحكام الفصل 147 من القانون الانتخابي التي اقتضت فتح الطعون بالنسبة للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية للمترشّحين الذين شاركوا في الدورة الأولى، فضلا عن غياب ونقص في ممثلي المترشحين في عدد كبير من مكاتب الاقتراع مما قد يفتح المجال للتشكيك في سير عملية الاقتراع”.
ودعا المرصد هيئة الانتخابات إلى “التدخل الفوري والإذن لرؤساء مراكز ومكاتب الاقتراع بقبول ممثلي المترشحين للرئاسية في الدور الأول المعتمدين من ملاحظة الاقتراع في الدور الثاني، كما يدعو كل منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال ملاحظة الانتخابات وكل مراقبي الهيئة إلى العمل المشترك والناجع لإنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي الهام”.
https://www.facebook.com/observatoire.chahed/posts/2766639390025803
كما قام عناصر الأمن بإيقاف إحدى الناخبات في مركز اقتراع في منطقة الدندان، التابعة لولاية منوبة، المتاخمة للعاصمة، بعدما قامت بتصوير ورقة الاقتراع، حيث تم حجز هاتفها بعد تحرير محضر ضدها.
ويعاقب القانون الانتخابي (الفصل 160) “كل من تعمد القيام داخل مركز أو مكتب الاقتراع أو بمحيطه خرق سريّة الاقتراع أو المس بنزاهته أو الحيلولة دون إجراء الاقتراع”، بالسجن لمدة عام وبغرامة مالية تبلغ 1000 دينار (350 دولارا).
يُذكر أن كلا المرشّحين، قيس سعيد ونبيل القروي، تعهدا خلال مناظرة تلفزيونية جمعتهما أخيرا، بعدم السماح للسياح الإسرائيليين بدخول تونس، فضلا عن دعوتهما لتجريم التطبيع مع إسرائيل.