قبل هذه المجموعة، تضمنت إصدارات الشاعرة المغربية إكرام عبدي 3 مجموعات في الشعر: «لن أقايض النوارس»، 2003؛ «يدثرني الغامض فيك»، 2011؛ و«قصاصات غيم»، 2014. وفي المقالة «سوف نضطر للكذب»، 2004؛ و«مقالات في حالة حداد»، 2009؛ فضلاً عن كتاب عن الأطفال بعنوان «عربة الحلم»، 2014. وسبق أن فازت عبدي بـ«الجائزة الأولى للشعر» التي تمنحها جمعية ملتقى الإبداع النسائي في فاس، سنة 2000؛ كما حازت من منتدى أصيلة على جائزة بلند الحيدري للشعر، سنة 2008. على صعيد المقال والمشاركات في الشأن العام، السياسي والاجتماعي والثقافي، نشرت عبدي في صحف ودوريات متعددة، مثل «الاتحاد الاشتراكي»، «العلم»، «الثقافة المغربية»، «العربي» الكويتية، و«الشرق الأوسط».
مجموعتها الجديدة «وعتمتك وسعتْ كلّ شيء» تتضمن 76 قصيدة قصيرة إجمالاً، تتوزع على 4 أبواب مما تسميه «ما راودني…»: في الصباح، الليل، الشجر، والمطر؛ والعناوين، عموماً، تعكس الحالات الشعورية والوجدانية والذهنية والجسدية التي تسعى القصيدة إلى صياغة تجلياتها: قلق، اطمئنان، غرور، ملل، عَمَى، أرق، حزن، شوق، عناد، زهو، خيبة، شغف، عبور، اكتمال، كثافة، خذلان، غربة، لؤم، غيرة، مَسّ… وعبدي، في هذه المجموعة أيضاً، لا تغادر منطقة أثيرة لديها تجمع بين العاطفي والحسي، الواقعي والمجازي، الكبرياء الأنثوية العامة والجرح النرجسي الذاتي؛ ولا تتخلى، في ذلك كله، عن لغة حارّة دافقة الدلالة وعالية الإيحاء ولصيقة باليومي من دون تنازل عن شعرية المفردة وثراء المعجم.
هنا فقرات من «قطّ ليلي»، القصيدة الطويلة الوحيدة ضمن المجموعة:
«في بلّور الليل
صادفني قطّ وحيدٌ
مشينا معاً خطواتنا قبل الطريق
مشينا نقتفي ظلّنا المرسوم
نغازل مشيتنا
لمْ يأخذنا الفضولُ
لمعرفة متى النهاية..
أو من أين يأتي طريقٌ
لن يقودنا إلى أيّ مكان.
أليفَيْن نمضي
فوق ظلّ غيمة
تسحب خلسة كلّ عربة تحت خطونا.
إمشِ الهويني
دعنا نُصخْ السمع لحديث خطونا
ولذاكرة من عبروا من هنا
يؤلمني وجعهم أنينهم
أحلم برقصة زوربا
بمطر خفيف
نغسل به حزننا الشفيف
وأحزاناً أخرى رماها آخرون
لا نعرفهم
من نوافذ قلقهم».
فضاءات، عمّان 2024